الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ النَّذْرِ فِي مَكَانِهِ، (إنْ أَطْلَقَ وَوَجَدَ رُفْقَةً) ، وَإِنْ كَانَ الْمَنْذُورُ أَوْ الَّذِي حَنِثَ فِيهِ حَجًّا فَلَا يُعَجِّلُ الْإِحْرَامَ بِهِ مِنْ وَقْتِهِ، بَلْ يُؤَخِّرُهُ لِأَشْهُرِهِ ثُمَّ يُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ تَعْجِيلًا إنْ كَانَ يَصِلُ فِي عَامِهِ كَالْمِصْرِيِّ، وَإِلَّا فَفِي الْوَقْتِ الَّذِي إذَا خَرَجَ مِنْهُ وَصَلَ فِي عَامِهِ لِمَكَّةَ. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(لَا الْحَجِّ) فَلَا يُعَجِّلُهُ وَقْتَ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ إنْ أَطْلَقَ وَإِذَا لَمْ يُعَجِّلْهُ (فَلِأَشْهُرِهِ) أَيْ الْحَجِّ الَّتِي مَبْدَؤُهَا شَوَّالٌ فَلْيُعَجِّلْهُ أَوَّلَهَا فِي مَكَان، (إنْ كَانَ يَصِلُ) لِمَكَّةَ مِنْ عَامِهِ كَالْمِصْرِيِّ (وَإِلَّا) يَصِلْ بِأَنْ كَانَ بَعِيدًا (فَالْوَقْتُ) : أَيْ فَيُحْرِمُ مِنْ الْوَقْتِ (الَّذِي) إذَا خَرَجَ فِيهِ (يَصِلُ فِيهِ) مِنْ لِمَكَّةَ عَامَهُ، (وَأَخَّرَهُ) أَيْ الْإِحْرَامَ (فِي) نَذْرِ (الْمَشْيِ) أَوْ الْحِنْثِ بِهِ (لِلْمِيقَاتِ) الْمَكَانِيِّ وَالزَّمَانِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ صَدْرَ الْحَاصِلِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا لَا يَلْزَمُ مِنْ النَّذْرِ بِقَوْلِهِ:
(وَلَا يَلْزَمُ) النَّذْرُ (بِمُبَاحٍ) نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ لَآكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ لَيَطَأَن زَوْجَتَهُ. (أَوْ مَكْرُوهٍ) : نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ، أَوْ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا لِأُصَلِّيَن رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ فَرْضِ الْعَصْرِ أَوْ الصُّبْحِ، أَوْ لَأَقْرَأَن فِي السِّرِّيَّةِ بِالْجَهْرِ أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ بِهِ مَا نُدِبَ. وَنَذْرُ الْحَرَامِ حَرَامٌ قَطْعًا وَكَذَا الْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَقِيلَ. يُكْرَهُ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْإِقْدَامُ عَلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ.
(وَلَا) يَلْزَمُ النَّذْرُ (بِمَا لِي فِي الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا) أَوْ رُكْنِهَا، (أَوْ) نَذْرُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [ثُمَّ يُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ تَعْجِيلًا] : أَيْ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ السَّفَرُ بِأَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَوَجَدَ الرُّفْقَةَ هَكَذَا. يَنْبَغِي لِأَنَّهُ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .
قَوْلُهُ: [وَأَخَّرَهُ أَيْ الْإِحْرَامَ] إلَخْ: أَيْ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ قَدْ عُلِمَتْ مِنْ الشَّارِحِ.
[مَالًا يَلْزَم مِنْ النَّذْر الْمُبَاح وَالْمَكْرُوه]
قَوْلُهُ: [وَكَذَا الْمُبَاحُ وَالْمَكْرُوهُ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ] : أَيْ لِأَنَّ فِيهِ تَغْيِيرًا لِمَعَالِمِ الشَّرِيعَةِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يُكْرَهُ] : وَبَقِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ تَبَعِيَّتُهُ لِلْمَنْذُورِ حُرْمَةً وَكَرَاهَةً وَإِبَاحَةً.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَلْزَمُهُ النَّذْرُ بِمَالِيٍّ] إلَخْ: أَيْ حَيْثُ أَرَادَ صَرْفَهُ فِي بِنَائِهَا أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ لُزُومِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ. وَإِنَّمَا كَانَ النَّذْرُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا لَا تُنْقَضُ فَتُبْنَى كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَأَمَّا إنْ
(هَدْيٍ) بِلَفْظِهِ أَوْ بَدَنَةٍ بِلَفْظِهَا (لِغَيْرِ مَكَّةَ) كَالْمَدِينَةِ وَقَبْرِهِ عليه الصلاة والسلام فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا ذَبْحُهُ بِمَحِلِّهِ؛ لِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ لِغَيْرِ مَكَّةَ مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَغْيِيرِ مَعَالِمِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ.
فَلَوْ نَذَرَ حَيَوَانًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةِ هَدْيٍ وَلَا بَدَنَةٍ لِنَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ فَلَا يَبْعَثُهُ وَلْيَذْبَحْهُ بِمَوْضِعِهِ. وَلَوْ نَذَرَ جِنْسَ مَا لَا يُهْدَى كَالدَّرَاهِمِ وَالثِّيَابِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْفُقَرَاءَ الْمُلَازِمِينَ بِذَلِكَ الْمَحِلِّ لَزِمَ بَعْثُهُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ.
(أَوْ) نَذْرِ (مَالِ فُلَانٍ) فَلَا يَلْزَمُ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ: إنْ مَلَكْتُهُ) ، فَإِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
أَرَادَ صَرْفَهُ فِي كِسْوَتِهَا وَطِيبِهَا لَزِمَهُ ثُلُثُ مَالِهِ لِلْحَجَبَةِ يَصْرِفُونَهُ فِيهَا إنْ احْتَاجَتْ، فَإِنْ لَمْ تَحْتَجْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ حَيْثُ شَاءَ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ فِي الْكَعْبَةِ أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ بِتَشْدِيدِهِ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَنْ عَمَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان، وَأَمَّا إذَا قُيِّدَ بِأَنْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ فِي مُدَّةِ كَذَا وَفِي بَلَدِ كَذَا فِي كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ مَثَلًا، أَوْ صَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاء أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، فَقَوْلَانِ. قِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ أَوْ يَسْتَفِيدُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ هَذَا الْبَلَدِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْقِيَاسُ، وَلِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّوَابُ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ يَمِينًا، فَإِنْ كَانَتْ نَذْرًا بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ أَسْتَفِيدُهُ، فَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ جَمِيعِ مَا يَكْتَسِبُهُ بَعْدُ، وَهَذَا مَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمَدْفُوعَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ كَ لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ عَلَى فُلَانٍ بِكُلِّ مَا أَكْتَسِبُهُ أَوْ إنْ فَعَلْت فَكُلُّ مَا أَكْتَسِبُهُ لِفُلَانٍ لَزِمَهُ جَمِيعُ مَا يَكْتَسِبُهُ عَيَّنَ زَمَانًا أَوْ مَكَانًا أَوْ لَا، كَانَتْ الصِّيغَةُ نَذْرًا أَوْ يَمِينًا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا سَوْقُ الْهَدَايَا لِغَيْرِ مَكَّةَ ضَلَالٌ وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَبِهِ قَالَ أَشْهَبُ، جَوَازُ ذَلِكَ لِأَنَّ إطْعَامَ الْمَسَاكِينِ بِأَيِّ بَلَدٍ طَاعَةٌ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَبْعَثُهُ وَلْيَذْبَحْهُ بِمَوْضِعِهِ] : وَأَمَّا نَحْوُ الشَّمْعِ لِلْأَوْلِيَاءِ فَلَا يَلْزَمُ إلَّا أَنْ يُقْصَدَ بِهِ الِاسْتِصْبَاحُ لِمَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ بِهَا، وَلَا يَلْزَمُ نَذْرُ كِسْوَةِ الْقُبُورِ وَهُوَ
نَوَى ذَلِكَ لَزِمَهُ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ (كَعَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ) لَمْ يَلْزَمْ بِهِ شَيْءٌ، (إنْ لَمْ يَلْفِظْ بِالْهَدْيِ أَوْ يَنْوِهِ أَوْ يَذْكُرْ) حَالَ قَوْلِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ نَحْرُ فُلَانٍ (مَقَامَ إبْرَاهِيمَ) ، أَيْ قِصَّتُهُ مَعَ وَلَدِهِ، فَإِنْ تَلَفَّظَ بِالْهَدْيِ: كَعَلَيَّ هَدْيُ فُلَانٍ أَوْ ابْنِي أَوْ نَوَى الْهَدْيَ أَوْ ذَكَرَ مَقَامَ إبْرَاهِيمَ عليه السلام (فَهَدْيٌ) يَلْزَمُهُ.
(وَلَا) يَلْزَمُ نَذْرُ (الْحَفَاءِ أَوْ الْحَبْوِ) كَأَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَكَّةَ حَافِيًا أَوْ حَبْوًا (بَلْ يَمْشِي) إلَيْهَا (مُنْتَعِلًا وَنُدِبَ) لَهُ (هَدْيٌ، وَلَغَا) بِالْفَتْحِ فِعْلٌ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ: أَيْ بَطَلَ قَوْلُهُ لِلَّهِ عَلَيَّ الْمَسِيرُ أَوْ الذَّهَابُ أَوْ الرُّكُوبُ لِمَكَّةَ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ) بِذَلِكَ (نُسُكًا) حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، (فَ) يَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ وَ (يَرْكَبُ) جَوَازًا (وَ) لَغَا (مُطْلَقُ الْمَشْيِ) إنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِمَكَّةَ وَلَا الْبَيْتِ وَنَحْوِهِمَا لَفْظًا وَلَا نِيَّةً كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ مَشْيٌ، أَوْ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَعَلَيَّ مَشْيٌ (كَعَلَيَّ مَشْيٌ لِمَسْجِدٍ) سَمَّاهُ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ كَالْأَزْهَرِ، فَإِنَّهُ يُلْغَى وَلَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ (إلَّا الْقَرِيبَ جِدًّا) بِأَنْ يَكُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ فَدُونٍ (فَقَوْلَانِ) بِلُزُومِ الْإِتْيَانِ إلَيْهِ لِصَلَاةٍ أَوْ اعْتِكَافٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
مِنْ الْبِدَعِ وَضَيَاعِ الْمَالِ فِيمَا لَا يَعْنِي خُصُوصًا لَطْخُ الْفِضَّةِ عَلَى الْأَبْوَابِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا يَضُرُّ قَصْدُ زِيَارَةِ وَلِيٍّ وَاسْتِصْحَابُ شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ مَعَهُ لِيُذْبَحَ هُنَاكَ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى فُقَرَاءِ الْمَحَلِّ مِنْ غَيْرِ نَذْرٍ وَلَا تَعْيِينٍ فِيمَا يَظْهَرُ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [أَيْ قِصَّتُهُ مَعَ وَلَدِهِ] : هَكَذَا قِيلَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِمَقَامِ إبْرَاهِيمَ مَقَامُ الصَّلَاةِ وَهُوَ عِنْدَ الْحِجْرِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَهَدْيٌ يَلْزَمُهُ] : مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مَحِلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَنْذُورُ نَحْرُهُ حُرًّا وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَإِنْ كَانَ مَلَكَهُ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَعَبْدُ الْغَيْرِ دَاخِلٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ أَنَّ الْحُرَّ لَا يُمْلَكُ فَلَا عِوَضَ لَهُ بِخِلَافِ الْقِنِّ فَيَخْرُجُ عِوَضُهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَغَا] إلَخْ: إنَّمَا أَلْغَى لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِالْمَشْيِ.
قَوْلُهُ: [وَلَغَا مُطْلَقُ الْمَشْيِ] : أَيْ لِأَنَّ الْمَشْيَ بِانْفِرَادِهِ لَا طَاعَةَ فِيهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَلْزَمَهُ أَشْهَبُ الْمَشْيَ لِمَكَّةَ.
قَوْلُهُ: [غَيْرَ الثَّلَاثَةِ] : أَيْ لِخَبَرِ: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ
وَعَدَمِ لُزُومِهِ (أَوْ لِلْمَدِينَةِ) فَيُلْغِي نَذْرَ الْمَشْيِ أَوْ الْإِتْيَانَ إلَيْهَا، (أَوْ) الْمَشْيُ أَوْ الْإِتْيَانُ إلَى (أَيْلَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ. وَيُقَالُ: إيلِيَاءُ بِالْمَدِّ، وَقَدْ يُقْصَرُ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَيُلْغَى (إنْ لَمْ يَنْوِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا) أَوْ اعْتِكَافًا (بِمَسْجِدَيْهِمَا أَوْ يُسَمِّيهِمَا) أَيْ الْمَسْجِدَيْنِ كَعَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ أَوْ سَمَّى الْمَسْجِدَ لَزِمَهُ الذَّهَابُ وَحِينَئِذٍ (فَيَرْكَبُ) وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ (إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْأَفْضَلِ) مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ أَمْكِنَتِهَا وَنَذَرَ الْإِتْيَانَ لِلْمَفْضُولِ فَلَا يَلْزَمُهُ.
(وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ) مِنْ مَكَّةَ وَمَسْجِدُهَا أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، (فَمَكَّةُ) تَلِيهَا فِي الْفَضْلِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ مَفْضُولٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
مَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَالْمَسْجِدُ الْأَقْصَى» .
قَوْلُهُ: [أَيْ الْمَسْجِدَيْنِ] : أَيْ لَا الْبَلَدَيْنِ وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الْبَلَدَيْنِ أَوْ نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْبَلَدَيْنِ دُونَ الْمَسْجِدَيْنِ فَلَا تَلْزَمُ.
قَوْلُهُ: [وَالْمَدِينَةُ أَفْضَلُ] : لِمَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ: «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» ، وَلِمَا وَرَدَ فِي دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُمَّ كَمَا أَخْرَجَتْنِي مِنْ أَحَبِّ الْبِلَادِ إلَيَّ فَأَسْكِنِّي فِي أَحَبِّ الْبِلَادِ إلَيْك» ؛ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «رَمَضَانُ بِالْمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الصاوي]
الْبُلْدَانِ، وَجُمُعَةٌ بِالْمَدِينَةِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ جُمُعَةٍ فِيمَا سِوَاهَا مِنْ الْبُلْدَانِ» (اهـ. مِنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ)، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ: إنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ؛ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي غَيْرِ الْبُقْعَةِ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا هِيَ فَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ بِقَاعِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ حَتَّى الْكَعْبَةِ وَالْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَاللَّوْحِ وَالْقَلَمِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَيَلِيهَا الْكَعْبَةُ، فَالْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَدِينَةِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الْمَسْجِدَانِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْكَعْبَةِ وَالْقَبْرِ الشَّرِيفِ فَمَسْجِدُ الْمَدِينَةِ وَمَا زِيدَ فِي مَسْجِدِهِ الشَّرِيفِ حُكْمُ مَسْجِدِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ. خَاتِمَةٌ:
عَدَمُ الْمُجَاوَرَةِ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ، قَالَ مَالِكٌ: الْقُفُولُ أَيْ الرُّجُوعُ أَفْضَلُ مِنْ الْجِوَارِ، وَأَمَّا الْمَدِينَةُ فَالْمُجَاوَرَةُ بِهَا مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ، فَلِذَلِكَ اخْتَارَ مَالِكٌ التَّوَطُّنَ بِهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى.