الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعِصْمَةِ فَسَادٌ لِأَمْرٍ ظَهَرَ أَوْ حَدَثٍ. (لَا أَبُ سَفِيهٍ) فَلَا يُخَالِعُ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، (وَ) لَا (سَيِّدُ) عَبْدٍ (بَالِغٍ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا، لَا بِيَدِ الْأَبِ وَالسَّيِّدِ فَأَوْلَى غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ.
(وَنَفَذَ
خُلْعُ الْمَرِيضِ)
مَرَضًا مَخُوفًا وَهُوَ مَا الشَّأْنُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا فِي الْمَوْتِ، لَا نَحْوَ رَمَدٍ أَوْ خَفِيفِ صُدَاعٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:" وَنَفَذَ " إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِ وَارِثٍ. (وَتَرِثُهُ) زَوْجَتُهُ الْمُخَالَعَةُ فِي مَرَضِهِ إنْ مَاتَ مِنْهُ، وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ (دُونَهَا) : أَيْ فَلَا يَرِثُهَا هُوَ إنْ مَاتَتْ فِي مَرَضِهِ قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً حَالَ الْخُلْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَسْقَطَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ، (كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ بِمَرَضِ مَوْتٍ) : أَيْ مَخُوفٍ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ دُونَ أَنْ يَرِثَهَا، وَلَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً أَيْضًا، (وَلَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ) : أَيْ فِي الْمَرَضِ تَعَمُّدًا مِنْهَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَدَخَلَتْهَا قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَتَرِثُهُ دُونَهَا. (أَوْ) وَلَوْ (أَسْلَمَتْ) زَوْجَتُهُ الْكِتَابِيَّةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، (أَوْ عَتَقَتْ) زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ (فِيهِ) : أَيْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، فَإِنَّهَا تَرِثُهُ دُونَهَا، (أَوْ) وَلَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَالِغٍ] : حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ الشَّارِحِ.
[خُلْعُ الْمَرِيضِ]
قَوْلُهُ: [وَتَرِثُهُ زَوْجَتُهُ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ إرْثِهَا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ لِكَوْنِهَا طَالِبَةً لِلْفِرَاقِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ فَلَا يَرِثُهَا هُوَ] : أَيْ وَلَوْ مَاتَتْ يَوْمَ الْخُلْعِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ.
قَوْلُهُ: [دُونَ أَنْ يَرِثَهَا] : أَيْ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ أَحْنَثَتْهُ فِيهِ] : أَيْ فَلَا يَرِثُهَا فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوْ الرَّجْعِيِّ إنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَوْ كَانَ تَعْلِيقُهُ الطَّلَاقَ فِي الصِّحَّةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ وَلَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ الْكِتَابِيَّةُ] إلَخْ: أَيْ الْمُطَلَّقَةُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الْمُحْنِثَةُ لَهُ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ.
خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ وَ (تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) وَلَوْ أَزْوَاجًا (وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا) كَثِيرَةً كُلٌّ مِنْهُمْ طَلَّقَهَا بِمَرَضِ مَوْتِهِ. (وَالْإِقْرَارُ بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ (فِيهِ) : أَيْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِأَنْ أَخْبَرَ فِي مَرَضِهِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا سَابِقًا (كَإِنْشَائِهِ) فِي مَرَضِهِ فَتَرِثُهُ وَلَا يَرِثُهَا إنْ كَانَ طَلَّقَهَا بَائِنًا عَلَى دَعْوَاهُ، أَوْ رَجْعِيًّا وَخَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِلَّا وَرِثَهَا أَيْضًا، وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْنَادِهِ الطَّلَاقَ لِزَمَنِ صِحَّتِهِ.
(وَالْعِدَّةُ) تَبْدَأُ (مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ) بِالطَّلَاقِ لَا مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي أُسْنِدَ إلَيْهِ الطَّلَاقُ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا، وَالْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ أَرَّخَتْهُ الْبَيِّنَةُ وَلَا إرْثَ إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى مُقْتَضَى تَارِيخِهَا أَوْ كَانَ بَائِنًا (وَإِنَّمَا يَنْقَطِعُ إرْثُهَا مِنْهُ بِصِحَّةٍ) مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ (بِبَيِّنَةٍ) أَيْ ظَاهِرَةٍ.
(وَلَا يَجُوزُ خُلْعُ) الزَّوْجَةِ (الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تُخَالِعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ] : مُبَالَغَةٌ فِي إرْثِهَا.
قَوْلُهُ: [وَوَرِثَتْ أَزْوَاجًا كَثِيرَةً] : مِنْ ذَلِكَ اللُّغْزِ الْمَشْهُورِ، امْرَأَةٌ وَرِثَتْ ثَلَاثَةَ أَزْوَاجٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَطِئَهَا اثْنَانِ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَتُصَوَّرُ بِمَرْأَةٍ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ مَرِيضٍ فَطَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ، فَوَفَّتْ الْعِدَّةَ قَبْلَ مَوْتِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، فَفِي يَوْمِ وَضْعِ حَمْلِهَا وَطِئَهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْوَضْعِ، فَوَضَعَتْ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَعَقَدَ عَلَيْهَا شَخْصٌ فِيهِ وَوَطِئَهَا وَمَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ هُوَ وَالْمَرِيضُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ] : أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مُنْذُ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَيُعْمَلُ عَلَى مَا أَرَّخَتْ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَرِيضِ بِأَنَّهُ طَلَّقَ فِي زَمَانٍ سَابِقٍ عَلَى مَرَضِهِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، فَكَإِنْشَاءِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ لَا يُعْتَبَرُ تَارِيخُ الْبَيِّنَةِ فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ، وَلَوْ طَالَ وَتَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا، وَابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ يَوْمِ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ مِنْ تَارِيخِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: [بِصِحَّةٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ] إلَخْ: أَيْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ.
زَوْجَهَا، وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِإِعَانَتِهِ لَهَا عَلَى الْحَرَامِ، وَيَنْفُذُ الطَّلَاقُ وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ صَحِيحًا، وَلَوْ مَاتَتْ فِي عِدَّتِهَا، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ (إنْ زَادَ) الْخُلْعُ (عَلَى إرْثِهِ مِنْهَا) لَوْ مَاتَتْ بِأَنْ كَانَ إرْثُهُ مِنْهَا عَشَرَةً وَخَالَعَتْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ، وَأَوْلَى لَوْ خَالَعَتْهُ بِجَمِيعِ مَالِهَا، فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِقَدْرِ إرْثِهِ فَأَقَلَّ جَازَ وَلَا يَتَوَارَثَانِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُهُ كَمَا قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ.
(وَرُدَّ الزَّائِدُ) عَلَى إرْثِهِ مِنْهَا (وَاعْتُبِرَ) الزَّائِدُ عَلَى إرْثِهِ (يَوْمَ مَوْتِهَا) لَا يَوْمَ الْخُلْعِ، وَحِينَئِذٍ فَيُوقَفُ جَمِيعُ الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ إلَى يَوْمِ الْمَوْتِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ إرْثِهِ فَأَقَلَّ اسْتَقَلَّ بِهِ الزَّوْجُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ رَدَّ مَا زَادَ عَلَى إرْثِهِ، فَإِنْ صَحَّتْ مِنْ مَرَضِهَا تَمَّ الْخُلْعُ وَأَخَذَ جَمِيعَ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ، وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ مَالِهَا (وَلَا تَوَارُثَ) بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(وَإِنْ) وَكَّلَ الزَّوْجُ وَكِيلًا عَلَى خُلْعِهَا وَ (نَقَصَ وَكِيلُهُ عَمَّا سَمَّاهُ) لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُخَالِعَهَا بِعَشْرَةٍ فَخَالَعَهَا بِخَمْسَةٍ، (أَوْ) نَقَصَ (عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَ) الزَّوْجُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ بِأَنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ شَيْئًا (أَوْ) أَطْلَقَ (لَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ بِأَنْ قَالَ لَهَا: إنْ أَتَيْتِينِي بِمَالٍ أَوْ بِمَا أُخَالِعُك بِهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ (لَمْ يَلْزَمْهُ) الْخُلْعُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ.
(إلَّا أَنْ يُتِمَّ) - بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ - أَيْ إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْوَكِيلُ فِي الْأُولَى مَا سَمَّاهُ لَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ خُلْعَ الْمِثْلِ، وَتُتَمِّمُ الزَّوْجَةُ فِي الثَّالِثَةِ خُلْعَ الْمِثْلِ. وَلَوْ زَادَ الْوَكِيلُ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ أَوْ عَلَى خُلْعِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لَهُ فَاللُّزُومُ ظَاهِرٌ بِالْأَوْلَى.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُهُ] : أَيْ لِأَنَّ كَلَامَ مَالِكٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ خَالَعَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا وَهَذَا بِعَيْنِهِ تَقْيِيدُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
قَوْلُهُ: [يَوْمَ مَوْتِهَا] : أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ.
قَوْلُهُ: [رَدَّ مَا زَادَ عَلَى إرْثِهِ] : أَيْ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا حَيْثُ كَانَ زَائِدًا.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ] : أَيْ مَاتَتْ قَبْلَ الصِّحَّةِ أَوْ بَعْدَهَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ أَمْ لَا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ.