الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ
وَأَسْبَابُهَا ثَلَاثَةٌ: نِكَاحٌ، وَقَرَابَةٌ خَاصَّةٌ، وَمِلْكٌ.
وَأَقْوَى أَسْبَابِهَا النِّكَاحُ، وَلِذَا بَدَأَ بِهِ فَقَالَ:
(تَجِبُ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ) : حُرَّةً أَوْ أَمَةً بُوِّئَتْ الْأَمَةُ بَيْتًا
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ]
[أَسْبَابُ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ] [
نَفَقَة النِّكَاح وَشُرُوطهَا]
بَابٌ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّفَقَاتِ، وَالنَّفَقَةُ مُطْلَقًا - كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَا بِهِ قَوَامٌ مُعْتَادٌ حَالَ الْآدَمِيِّ دُونَ سَرَفٍ، فَأَخْرَجَ مَا بِهِ قَوَامٌ مُعْتَادٌ غَيْرَ الْآدَمِيِّ، كَالتِّبْنِ لِلْبَهَائِمِ وَأَخْرَجَ أَيْضًا مَا لَيْسَ بِمُعْتَادٍ فِي قُوتِ الْآدَمِيِّ كَالْحَلْوَى وَالْفَوَاكِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ دُونَ سَرَفٍ: مَا كَانَ سَرَفًا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَفَقَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ، وَالْمُرَادُ بِالسَّرَفِ الزَّائِدُ عَلَى الْعَادَةِ بَيْنَ النَّاسِ بِأَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْبَغِي، وَالتَّبْذِيرُ صَرْفُ الشَّيْءِ فِيمَا لَا يَنْبَغِي.
قَوْلُهُ: [عَلَى الْغَيْرِ] : أَيْ لَا عَلَى النَّفْسِ، لِأَنَّ وُجُوبَ حِفْظِ النَّفْسِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ وَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ لَبَابٍ يَخُصُّهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَسْبَابُهَا ثَلَاثَةٌ] : أَيْ الَّتِي تَعْرِضُ لَهَا هُنَا وَإِلَّا فَأَسْبَابُهَا أَرْبَعَةٌ، وَالرَّابِعُ الِالْتِزَامُ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِأَنَّ مُرَادَهُ بَيَانُ مَا يَجِبُ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ.
قَوْلُهُ: [وَأَقْوَى أَسْبَابِهَا النِّكَاحُ] : إنَّمَا كَانَ أَيْ الْأَسْبَابُ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُوسِرِ بِمُضِيِّ زَمَنِهِ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ أَمْ لَا، بِخِلَافِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ تَسْقُطُ أَيْضًا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ عَاقِلًا أَوْ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ: [الْمُطِيقَةُ لِلْوَطْءِ] إلَخْ: شُرُوعٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ الْمَقَامِ وَأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا دُعِيَتْ لِلدُّخُولِ، وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ مُطِيقَةً وَلَا الزَّوْجُ بَالِغًا،
مَعَ زَوْجِهَا أَمْ لَا، (عَلَى) الزَّوْجِ (الْبَالِغِ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا. وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ؛ كَصَدَقَةٍ وَنَحْوِهَا إلَّا لِعُرْفٍ - كَمَا تَقَدَّمَ - (الْمُوسِرُ) بِهَا عَلَى قَدْرِ حَالِهِ كَمَا يَأْتِي، (إنْ دَخَلَ بِهَا وَمَكَّنَتْهُ) مِنْ نَفْسِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا، لَا إنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ (أَوْ) لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَ (دَعَتْهُ) هِيَ أَوْ مُجْبِرُهَا أَوْ وَكِيلُهَا (لَهُ) أَيْ لِلدُّخُولِ، وَلَوْ عِنْدَ غَيْرِ حَاكِمٍ، (وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا) : أَيْ الزَّوْجَيْنِ (مُشْرِفًا) عَلَى الْمَوْتِ عِنْدَ الدُّعَاءِ إلَى الدُّخُولِ، وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَإِنْ دَخَلَ فَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَلَوْ حَالَ الْإِشْرَافِ.
وَلَا نَفَقَةَ لِغَيْرِ مُطِيقَةٍ وَلَوْ دَخَلَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ لَزِمَهُ النَّفَقَةُ إنْ كَانَ بَالِغًا، وَلَا عَلَى صَبِيٍّ وَلَوْ دَخَلَ وَافْتَضَّهَا لِأَنَّ وَطْأَهُ كَلَا وَطْءٍ. وَاَلَّذِي قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ: أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا
ــ
[حاشية الصاوي]
إلَى آخَرِ الشُّرُوطِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى الزَّوْجِ الْبَالِغِ] : سَيَأْتِي مُحْتَرِزُهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا عَلَى صَبِيٍّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لِعَرْفٍ] : أَيْ أَوْ شَرَطَ فَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهَا مِنْ خَرَاجِهِ أَوْ كَسْبِهِ، أَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ عَمِلَ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ] : أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَفِي زَمَنِ الِامْتِنَاعِ لَا نَفَقَةَ لَهَا لِأَنَّهَا تُعَدُّ نَاشِزًا.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا] إلَخْ: أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا وَاخْتُلِفَ فِي الشَّدِيدِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ صَاحِبُهُ حَدَّ السِّيَاقِ، فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْوُجُوبُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ.
قَوْلُهُ: [وَاَلَّذِي قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ] إلَخْ: حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ جَعَلَ السَّلَامَةَ مِنْ الْإِشْرَافِ، وَبُلُوغِ الزَّوْجِ، وَإِطَاقَةِ الزَّوْجَةِ لِلْوَطْءِ شُرُوطًا فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، حَيْثُ دُعِيَتْ لِلدُّخُولِ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ فَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ لَهَا، وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَجَعَلَ اللَّقَانِيُّ الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِلْمَرْأَةِ مُطْلَقًا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا
دُعِيَ لِلدُّخُولِ، وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ هَذِهِ الشُّرُوطِ، وَاسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ - قَالَهُ الْمُحَشِّي.
وَبَيَّنَ النَّفَقَةَ بِقَوْلِهِ:
(مِنْ قُوتٍ) : وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ مِنْ خُبْزٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقُوتِ غَالِبِ السُّودَانِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى مَجْرَى عَادَةِ أَهْلِ مَحِلِّهِمْ، (وَإِدَامٍ) : مِنْ أَدْهَانٍ أَوْ مَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا عَلَى مُقْتَضَى عَادَتِهِمْ، (وَإِنْ) كَانَتْ (أَكُولَةً) فَيَلْزَمُهُ شِبَعُهَا. (وَكِسْوَةٌ وَمَسْكَنٌ، بِالْعَادَةِ) : رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ، فَلَا يُجَابُ لِأَنْقَصَ مِنْهَا إنْ قَدَرَ، وَلَا تُجَابُ الْمَرْأَةُ لِأَكْثَرَ إنْ طَلَبَتْهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَوْ دُعِيَتْ لِلدُّخُولِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُعَضِّدْهُ بِنَقْلٍ، قَالَ (بْن) : الظَّاهِرُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ قَالَهُ الْمُحَشِّي، فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّرُوطَ الْمَخْصُوصَةَ بِالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ ثَلَاثَةٌ: وَهِيَ إطَاقَةُ الزَّوْجَةِ، وَبُلُوغُ الزَّوْجِ، وَعَدَمُ الْإِشْرَافِ لِأَحَدِهِمَا، وَأَمَّا الْيَسَارُ وَالتَّمْكِينُ فَهُمَا عَامَّانِ فِي الدُّخُولِ وَالدَّعْوَى اتِّفَاقًا، لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ النَّاشِزُ فَلَا يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، سَوَاءٌ كَانَ نُشُوزُهَا بِالْفِعْلِ كَمَنْ مَنَعَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ بِالْعَزْمِ، كَمَنْ قَالَتْ لَهُ عِنْدَ الدَّعْوَى اُدْخُلْ وَلَكِنْ لَا أُمَكِّنُك فَلْيُفْهَمْ.
قَوْلُهُ: [كَقُوتِ غَالِبِ السُّودَانِ] : رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: " أَوْ غَيْرِهِ " فَإِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ السَّوِيقَ بَدَلَ الْخُبْزِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرِهِ] : أَيْ كَبَاقِي الْحُبُوبِ الْمُقْتَاتَةِ، وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ.
قَوْلُهُ: [فَيَلْزَمُهُ شِبَعُهَا] : أَيْ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ كِفَايَتُهَا أَوْ يُطَلِّقُهَا، لَكِنْ يُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَهَا غَيْرَ أَكُولَةٍ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى بِالْوَسَطِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِطَعَامِهِ فَوَجَدَهُ أَكُولًا، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ الْخِيَارُ فِي إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ وَفَسْخِهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تُجَابُ الْمَرْأَةُ لِأَكْثَرَ] : الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِيَّةِ الَّتِي لَا تُجَابُ لَهَا هِيَ طَلَبُهَا لِحَالَةِ الْأَغْنِيَاءِ فَلَا يُنَافَى أَنَّهُ إذَا كَانَ غَنِيًّا وَهِيَ فَقِيرَةٌ يَلْزَمُهُ رَفْعُهَا لِحَالٍ وَسَطٍ.
وَتُعْتَبَرُ الْعَادَةُ (بِقَدْرِ وُسْعِهِ) : أَيْ الزَّوْجِ، (وَحَالِهَا) : أَيْ الزَّوْجَةِ؛ فَإِنْ كَانَ غَنِيًّا رَفَعَهَا عَنْ الْفُقَرَاءِ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لَزِمَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا نَفَقَةً مُعْتَبِرًا فِيهَا حَالَهَا مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى. فَلَيْسَ عَلَى الْمُوسِرِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْفَقِيرَةِ مَا يُسَاوِي نَفَقَةَ الْغَنِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي مِنْ غَيْرِ الْمُتَّسَعِ فِي الْغَنِيَّةِ نَفَقَةُ الْفَقِيرَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهَا عَنْ حَالِ الْفَقِيرَةِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ، (وَحَالِ الْبَلَدِ) : فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهُمْ أَكْلَ الذُّرَةِ فَلَا تُجَابُ إلَى طَلَبِ أَكْلِ الْقَمْحِ، (وَ) حَالِ (الْبَدْوِ) وَالْحَضَرِ؛ فَإِذَا كَانَتْ عَادَةُ الْبَدْوِ عَدَمَ الْخُبْزِ فَلَا تُجَابُ إلَى الْخُبْزِ، وَكَذَا فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ، (وَ) حَالِ (السَّفَرِ) فَإِذَا كَانَتْ الْعَادَةُ فِيهِ أَكْلَ الْخُبْزِ الْيَابِسِ فَلَا تُجَابُ إلَى خِلَافِهِ. (وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ مَا تَقْوَى بِهِ) عَلَى الرَّضَاعِ مِنْ نَحْوِ الْأَدْهَانِ. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ:" بِالْعَادَةِ " قَوْلَهُ: (إلَّا قَلِيلَةَ الْأَكْلِ وَالْمَرِيضَةِ) إذَا قَلَّ أَكْلُهَا (فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا قَدْرُ أَكْلِهَا) لَا الْمُعْتَادُ لِلنَّاسِ، (إلَّا أَنْ يُقَرَّرَ لَهَا شَيْءٌ) عِنْدَ حَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ مَا قَرَّرَ أَيْ قَدَّرَ لَهَا.
(لَا فَاكِهَةٌ وَدَوَاءٌ) لِمَرَضٍ أَوْ جُرْحٍ، (وَأُجْرَةُ حَمَّامٍ أَوْ) أُجْرَةُ (طَبِيبٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ جُنُبًا، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا تَغْتَسِلُ بِهِ، أَوْ كَانَ بَارِدًا يَضُرُّ بِهَا فِي الشِّتَاءِ مَثَلًا، وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا تُسَخِّنُهُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتُزَادُ الْمُرْضِعُ] : مَحَلُّ لُزُومِ ذَلِكَ الزَّائِدِ إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً، أَمَّا لَوْ كَانَ وَلَدُهَا رِقًّا فَالزَّائِدُ عَلَى سَيِّدِهَا كَأُجْرَةِ الْقَابِلَةِ.
قَوْلُ: [لَا الْمُعْتَادُ لِلنَّاسِ] : أَيْ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ طَعَامًا كَامِلًا تَأْكُلُ مِنْهُ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا، وَتَصْرِفُ الْبَاقِيَ مِنْهُ فِي مَصَالِحِهَا، خِلَافًا لِأَبِي عِمْرَانَ، وَكَذَلِكَ لَوْ زَادَ أَكْلُهَا بِالْمَرَضِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ.
قَوْلُ: [عِنْدَ حَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ] : أَيْ كَحَنَفِيٍّ، وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ فَلَا يَرَى الْحُكْمَ بِتَقْرِيرِ النَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُدْخِلُ الْمُسْتَقْبَلَاتِ عِنْدَهُ.
قَوْلُهُ: [فَيَلْزَمُهُ مَا قَرَّرَ] : أَيْ بِاتِّفَاقِ أَبِي عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ وَتَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَتْ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تَكُونَ جُنُبًا] : أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجَنَابَةُ مِنْهُ، بَلْ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ زِنًا وَلَا غَرَابَةَ فِي إلْزَامِهِ الْمَاءَ لِغُسْلِهَا مِنْ الزِّنَا، فَإِنَّ النَّفَقَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ،
الْحَمَّامِ لِتَوَقُّفِ إزَالَةِ الْجَنَابَةِ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ (حَرِيرٌ) وَلَوْ اعْتَادَهُ قَوْمٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. (وَ) لَا (ثَوْبُ مَخْرَجٍ) .
وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةُ بِالْعَادَةِ (فَيُفْرَضُ) لَهَا (الْمَاءُ) لِلشُّرْبِ وَالْغُسْلِ، وَغَسْلِ الثَّوْبِ وَالْإِنَاءِ وَالْيَدِ وَالْوُضُوءِ (وَالزَّيْتُ) لِلْأَدْهَانِ وَالْأَكْلِ، (وَالْوَقُودُ) مِنْ حَطَبٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْعَادَةِ، (وَمُصْلِحُ طَعَامٍ) مِنْ مِلْحٍ وَبَصَلٍ وَأَبْزَارٍ (وَلَحْمٌ الْمَرَّةُ فَالْمَرَّةِ) فِي الْجُمُعَةِ عَلَى مُقْتَضَى الْحَالِ لَا كُلَّ يَوْمٍ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْفَقِيرِ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ فَعَلَى حَسَبِ قُدْرَتِهِ (وَحَصِيرٌ) لِفَرْشِهَا.
(وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ) لِحُرَّةٍ وَلَوْ مُطْلَقَةً لِأَنَّهَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْوَلَدِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَاعْتَمَدَ ذَلِكَ فِي الْحَاشِيَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْجَنَابَةِ، بَلْ الْغُسْلُ الْمَطْلُوبُ وَاجِبًا أَوْ غَيْرَهُ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ اعْتَادَهُ قَوْمٌ عَلَى الْمَذْهَبِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَ شَأْنُهَا لُبْسَهُ، فَإِذَا تَزَوَّجَ إنْسَانٌ مِنْ شَأْنِهِ لُبْسُ الْحَرِيرِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلْبَاسُهَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِلُبْسِهِ أَمْ لَا، كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَمِثْلُ الْحَرِيرِ الْخَزُّ، وَانْظُرْ هَلْ إذَا شُرِطَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ يَلْزَمُ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُنَافِي الْعَقْدَ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا ثَوْبَ مَخْرَجٍ] : أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِالتَّزْيِيرَةِ وَلَوْ جَرَتْ بِهَا الْعَادَةُ، وَالظَّاهِرُ: إلَّا لِشَرْطٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَحْمٌ] : قَالَ بَعْضُهُمْ أَيْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ لَا مِنْ الطَّيْرِ وَالسَّمَكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُعْتَادًا فَيَجْرِي عَلَى الْعَادَةِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى مُقْتَضَى الْحَالِ] : أَيْ فَيُفْرَضُ فِي حَقِّ الْقَادِرِ ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فِي الْجُمُعَةِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، وَفِي حَقِّ الْمُتَوَسِّطِ مَرَّتَانِ فِي الْجُمُعَةِ، وَفِي حَقِّ الْمُنْحَطِّ مَرَّةٌ فِي الْجُمُعَةِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ.
قَوْلُهُ: [فَعَلَى حَسَبِ قُدْرَتِهِ] : أَيْ وَلَوْ فِي الشَّهْرِ مَرَّةٌ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَحَصِيرٌ] : أَيْ مِنْ سَمُرٍ أَوْ غَيْرِهِ.
قَوْله: [لِفِرَاشِهَا] : أَيْ لِتَكُونَ هِيَ الْفِرَاشُ أَوْ تُوضَعُ تَحْتَ الْفِرَاشِ.
قَوْلُهُ: [وَأُجْرَةُ قَابِلَةٍ] إلَخْ: الْقَابِلَةُ هِيَ الَّتِي تُوَلِّدُ النِّسَاءَ وَأُجْرَتُهَا لَازِمَةٌ لِلزَّوْجِ
(وَزِينَةٌ تَسْتَضِرُّ) الزَّوْجَةُ (بِتَرْكِهَا كَكُحْلٍ وَدُهْنٍ) مِنْ زَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعْتَادَيْنِ) لَا غَيْرِ مُعْتَادَيْنِ، وَلَا غَيْرِ مَا يَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا (وَمَشْطٌ) بِفَتْحِ الْمِيمِ: مَا يُخَمَّرُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ دُهْنٍ وَحِنَّاءٍ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا الْمُشْطُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْآلَةُ كَالْمُكْحَلَةِ فَلَا تَلْزَمُهُ.
(وَ) يَلْزَمُهُ (إخْدَامُ الْأَهْلِ) لِلْإِخْدَامِ، لَا غَيْرُ أَهْلِ الْإِخْدَامِ، (وَإِنْ) كَانَ الْإِخْدَامُ لَهَا (بِكِرَاءٍ) وَلَوْ تَخْدُمُهَا (أَوْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ) ، حَيْثُ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، (وَقَضَى لَهَا) عِنْدَ التَّنَازُعِ مَعَ الزَّوْجِ (بِخَادِمِهَا) الَّتِي تَخْدُمُهَا بِشِرَاءٍ أَوْ كِرَاءٍ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِهَا، (إلَّا لِرِيبَةٍ) فِي خَادِمِهَا تَضُرُّ بِالزَّوْجِ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى الْمَشْهُورِ حَيْثُ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَلَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا، وَلَوْ نَزَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا، وَأَمَّا الَّتِي وَلَدُهَا رَقِيقٌ فَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لَازِمَةٌ لِسَيِّدِهِ قَوْلًا وَاحِدًا كَأُجْرَةِ رَضَاعِهِ، وَيَجِبُ لَهَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ كَالْفِرَاخِ وَالْحُلْبَةِ وَالْعَسَلِ، وَمَا يُصْنَعُ مِنْ الْمُفْتِقَةِ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ.
قَوْلُهُ: [تَسْتَضِرُّ الزَّوْجَةُ بِتَرْكِهَا] : أَيْ يَحْصُلُ لَهَا الشُّعْثُ عِنْدَ تَرْكِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمَرَضُ لِأَجْلِهَا.
قَوْلُهُ: [مُعْتَادَيْنِ] : الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ هَذَا تَمْثِيلٌ لِلزِّينَةِ الَّتِي تَسْتَضِرُّ بِتَرْكِهَا وَلَا تَسْتَضِرُّ إلَّا إذَا كَانَ مُعْتَادًا.
قَوْلُهُ: [بِالضَّمِّ وَهُوَ الْآلَةُ] : أَيْ عَلَى مَا لِلنَّوَوِيِّ وَهُوَ خِلَافُ قَاعِدَةِ أَنَّ اسْمَ الْآلَةِ مَكْسُورٌ، غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْقَامُوسِ قَالَ الْمُشْطُ مُثَلَّثَةٌ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَ الْإِخْدَامُ لَهَا بِكِرَاءٍ] : أَيْ هَذَا إنْ كَانَ بِشِرَاءٍ، بَلْ وَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِخِدْمَتِهَا إلَّا إذَا حَصَلَ التَّمْلِيكُ بِالصِّيغَةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ] : أَيْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ؛ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِخْدَامِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَيْهِ لِذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِذَا تَنَازَعَا فِي كَوْنِهَا أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ أَوْ لَيْسَتْ أَهْلًا، فَهَلْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ؟ قَوْلَانِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فِي الدِّينِ] : أَيْ بِأَنْ كَانَتْ يَخْشَى مِنْهَا الْإِتْيَانَ بِرِجَالٍ لِلْمَرْأَةِ
(وَإِلَّا) تَكُنْ الزَّوْجَةُ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ (فَعَلَيْهَا) الْخِدْمَةُ فِي أُمُورٍ خَاصَّةٍ (نَحْوِ الْعَجْنِ وَالطَّبْخِ وَالْكَنْسِ) لِمَحِلِّ النَّوْمِ وَنَحْوِهِ، (وَالْغُسْلِ) لِثَوْبِهِ وَالْإِنَاءِ وَالْفُرُشِ وَطَيِّهِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ غَالِبِ النَّاسِ.
(لَا) يَلْزَمُهَا (الطَّحْنُ وَالنَّسْجُ وَالْغَزْلُ) وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا هُوَ حِرْفَةٌ لِلِاكْتِسَابِ عَادَةً، فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ لَهَا.
(وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (التَّمَتُّعُ) أَيْ الِانْتِفَاعُ (بِشَوْرَتِهَا) بِفَتْحِ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ: مَا تَجَهَّزَتْ بِهِ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ مِنْ فُرُشٍ وَغِطَاءٍ وَآنِيَةٍ، فَيَسْتَعْمِلُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ. (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (مَنْعُهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ (مِنْ كَبَيْعِهَا) وَهِبَتِهَا وَالتَّصَدُّقِ بِهَا لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِذَلِكَ، وَهُوَ حَقٌّ لَهُ بِهِ. وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يَرَى أَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ الزَّوْجِ انْتِفَاعًا تَامًّا كَالْأَرْبَعِ سِنِينَ وَنَحْوِهَا،
ــ
[حاشية الصاوي]
يُفْسِدُونَهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ الدُّنْيَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ يَخْشَى مِنْهَا السَّرِقَةَ مِنْ مَصَالِحِ الْبَيْتِ.
قَوْلُهُ: [فِي أُمُورٍ خَاصَّةٍ] : أَيْ لَهَا وَلَهُ لَا لِضُيُوفِهِ وَلَا لِأَوْلَادِهِ وَلَا لِعَبِيدِهِ وَأَبَوَيْهِ.
قَوْلُهُ: [لِثَوْبِهِ] : أَيْ أَوْ ثَوْبِهَا قَالَ، بَعْضُهُمْ إنْ غَسَلَ ثِيَابَهُ وَثِيَابَهَا يَنْبَغِي جَرَيَانُهُ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَقَالَ الْأَبِيُّ إنَّ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
قَوْلُهُ: [لَا يَلْزَمُهَا الطَّحْنُ] إلَخْ: أَيْ بِاتِّفَاقٍ وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ نِسَاءِ بَلَدِهَا جَارِيَةً بِذَلِكَ، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ شَيْءٌ فِي الْخِدْمَةِ مُطْلَقًا، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يَخْدُمَهَا أَوْ يَأْتِيَ بِخَادِمٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَهْلًا لِلْإِخْدَامِ. تَنْبِيهٌ
فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ لُزُومِ خِيَاطَةِ ثَوْبِهِ، وَثَوْبِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَإِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ لَزِمَهَا وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: [بِفَتْحِ الشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ] : أَيْ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهِيَ الْجَمَالُ.
قَوْلُهُ: [وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ] : مُرَادُهُ بِهِ ابْنُ زَرْبٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
قَوْلُهُ: [كَالْأَرْبَعِ سِنِينَ] : أَيْ وَمَا دُونَ ذَلِكَ فَهُوَ قَلِيلٌ.
فَلَهَا التَّصَرُّفُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ.
(كَأَكْلٍ نَحْوِ الثُّومِ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ (وَلَا يَلْزَمُهُ) إذَا خَلَقَتْ شَوْرَتُهَا (بَدَلُهَا) إلَّا الْغِطَاءَ وَالْفُرُشَ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ عَادَةً.
(وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنْ يَدْخُلُوا لَهَا) ، وَكَذَا الْأَجْدَادُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةُ مِنْ النَّسَبِ، بِخِلَافِ الْأَبَوَيْنِ وَمَا بَعْدَهُمَا مِنْ الرَّضَاعِ فَلَهُ الْمَنْعُ مِنْهُ.
(وَحُنِّثَ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ: أَيْ قَضَى بِتَحْنِيثِهِ (إنْ حَلَفَ) عَلَى الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَقَطْ أَنْ لَا يَدْخُلُوا لَهَا، (كَحَلِفِهِ أَنْ لَا تَزُورَ وَالِدِيهَا) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ (إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً وَلَوْ شَابَّةً) ، وَالْأَصْلُ الْأَمَانَةُ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهَا وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا أَوْ بِزِيَارَتِهَا بِالْفِعْلِ، لَا بِمُجَرَّدِ يَمِينِهِ وَلَا بِمُجَرَّدِ الْحُكْمِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ] : أَيْ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ هِبَةِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِهَا، لَا فِي خُصُوصِ جِهَازِهَا بِهِ، وَمَحَلُّ مَنْعِهَا مِنْ بَيْعِهَا ابْتِدَاءً إنْ دَخَلَتْ لَهُ بَعْدَ قَبْضِ مَهْرِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا وَجَهَّزَتْ مِنْ مَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَيْعِهَا، وَإِنَّمَا لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهَا إذَا تَبَرَّعَتْ بِزَائِدِ ثُلُثِهَا كَسَائِرِ أَمْوَالِهَا.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ] : أَيْ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ مَعَهَا أَوْ يَكُنْ فَاقِدَ الشَّمِّ، وَأَمَّا هِيَ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَأْكُلْهُ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ شُرْبِ النُّشُوقِ وَالدُّخَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَلْزَمُهُ إذَا خَلَقَتْ شَوْرَتُهَا بَدَلُهَا] : أَيْ فَلَوْ جَدَّدَ شَيْئًا فِي الْمَنْزِلِ بَدَلَ شَوْرَتِهَا وَطَلَّقَهَا فَلَا يُقْضَى لَهَا بِأَخْذِهِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ شَابَّةً] : رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ: لَا يَحْنَثُ فِي الشَّابَّةِ إذَا حَلَفَ لَا تَخْرُجُ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الشَّابَّةِ الْمَأْمُونَةِ، وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ الْمَأْمُونَةُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يَقْضِي بِخُرُوجِهَا شَابَّةً أَوْ مُتَجَالَّةً.
قَوْلُهُ: [وَلَا بِمُجَرَّدِ الْحُكْمِ] : أَيْ فَإِذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِدُخُولِهِمْ لَهَا فَلَا يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، بَلْ حَتَّى يَدْخُلُوا بِالْفِعْلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي زِيَارَتِهَا.
(لَا إنْ حَلَفَ) عَلَيْهَا (أَنْ لَا تَخْرُجَ) ، وَأَطْلَقَ لَفْظًا وَنِيَّةً فَلَا يُقْضَى بِتَحْنِيثِهِ وَخُرُوجِهَا وَلَوْ لِأَبَوَيْهَا (وَقُضِيَ لِلصِّغَارِ) مِنْ أَوْلَادِهَا بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا (كُلَّ يَوْمٍ) مَرَّةً لِتَتَفَقَّدَ حَالَهُمْ، (وَلِلْكِبَارِ) مِنْهُمْ (كُلَّ جُمُعَةٍ) مَرَّةً (كَالْوَلَدَيْنِ) يَقْضِي لَهُمَا كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، (وَمَعَ أَمِينَةٍ) مِنْ جِهَتِهِ (إنْ اتَّهَمَهُمَا) بِإِفْسَادِهَا عَلَيْهِ، وَلَا يَقْضِي لِأَخٍ وَعَمٍّ وَخَالٍ.
(وَلِلشَّرِيفَةِ) أَيْ ذَاتِ الْقَدْرِ: ضِدِّ الْوَضِيعَةِ، (الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَ أَقَارِبِهِ) وَلَوْ الْأَبَوَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهَا بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى حَالِهَا وَالتَّكَلُّمِ فِيهَا، (إلَّا لِشَرْطٍ) عِنْدَ الْعَقْدِ أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُمْ، فَلَيْسَ لَهَا امْتِنَاعٌ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمْ الضَّرَرُ أَوْ الِاطِّلَاعُ عَلَى عَوْرَاتِهَا، وَأَمَّا الْوَضِيعَةُ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ حُصُولِ ضَرَرٍ، وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الِامْتِنَاعِ قَوْلَهُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأَطْلَقَ] : أَشَارَ بَعْضُهُمْ لِلْفَرْقِ بَيْنَ حَالِ التَّخْصِيصِ وَحَالِ الْإِطْلَاقِ، بِأَنَّهُ فِي حَالِ التَّخْصِيصِ يَظْهَرُ مِنْهُ قَصْدُ الضَّرَرِ فَلِذَا حَنِثَ، بِخِلَافِ حَالِ الْإِطْلَاقِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَفْظًا وَنِيَّةً، أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ لَفْظًا وَخَصَّصَ نِيَّةً فَحُكْمُهُ كَالتَّخْصِيصِ لَفْظًا فَيَحْنَثُ لِظُهُورِ قَصْدِ الضَّرَرِ.
قَوْلُهُ: [وَمَعَ أَمِينَةٍ] إلَخْ: قَالَ (عب) وَأُجْرَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ عَلَى الظَّاهِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ لِأَنَّ زِيَارَتَهُمَا لَهَا لِمَنْفَعَتِهِمَا، وَقَدْ تَوَقَّفَتْ عَلَى الْأَمِينَةِ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمَا، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ ضَرَرُ الْأَبَوَيْنِ: بِبَيِّنَةٍ فَأُجْرَةُ الْأَمِينَةِ عَلَيْهِمَا، لِأَنَّهُمَا ظَالِمَانِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَقَدْ انْتَفَعَا بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ مُجَرَّدُ اتِّهَامٍ مِنْ الزَّوْجِ، فَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ (عب) لِانْتِفَاعِهِ بِالْحِفْظِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَقْضِي لِأَخٍ وَعَمٍّ وَخَالٍ] : أَيْ فَلَهُ مَنْعُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَّهِمْهُمْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمْ وَعَلَيْهِ فَيُمَكَّنُونَ مِنْ زِيَارَتِهَا فِي كُلِّ جُمُعَتَيْنِ أَوْ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [الِامْتِنَاعُ مِنْ السُّكْنَى] : أَيْ وَلَوْ بَعْدَ رِضَاهَا ابْتِدَاءً بِسُكْنَاهَا مَعَهُمْ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ الضَّرَرُ لَهَا بِالْمُشَاجَرَةِ وَنَحْوِهِ، كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَانْظُرْ هَلْ لَهَا الِامْتِنَاعُ