الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْمَوَالِي وَنَحْوِهِمْ، وَالْمَالَ احْتِرَازًا مِنْ الْفَقِيرِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا، وَلِذَا قَالَ:(الدِّينُ) : أَيْ التَّدَيُّنُ أَيْ كَوْنُهُ ذَا دِيَانَةٍ احْتِرَازًا مِنْ أَهْلِ الْفُسُوقِ كَالزُّنَاةِ وَالشِّرِّيبِينَ وَنَحْوِهِمْ. (وَالْحَالُ) : أَيْ السَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلرَّدِّ، لَا بِمَعْنَى الْحَسَبِ وَالنَّسَبِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ. (كَالْحُرِّيَّةِ عَلَى الْأَوْجَهِ) مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ وَسَحْنُونٍ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَرَجَّحَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ بَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَبِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْعَبْدِ يَتَزَوَّجُ الْحُرَّةَ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، وَالْمُقَابِلُ لَهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ لَكِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، وَلَيْسَ بِنَصٍّ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّيْخِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ وَلَا يَذْكُرَ التَّأْوِيلَيْنِ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ لِكَوْنِ الْمُقَابِلِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْجُوحٌ فِي الْغَايَةِ، وَقَوْلُنَا:" عَلَى الْأَوْجَهِ " فِيهِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَابِلَ لَهُ وَجْهٌ. وَلَا وَجْهَ لَهُ وَغَايَةُ؛ مَا يُجَابُ: أَنَّ هَذِهِ صِيغَةٌ قُصِدَ بِهَا التَّرْجِيحُ لَا التَّفَاضُلُ.
(وَلَهَا) : أَيْ لِلزَّوْجَةِ (وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُهَا) : أَيْ الْكَفَاءَةِ وَالرِّضَا بِعَدَمِهَا،
ــ
[حاشية الصاوي]
[الْكَفَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ فِي النِّكَاحِ]
قَوْلُهُ: [وَالرَّاجِحُ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ] إلَخْ: الْحَاصِلُ أَنَّ الْأَوْصَافَ الَّتِي اعْتَبَرُوهَا وِفَاقًا وَخِلَافًا سِتَّةٌ أَشَارَ لَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
نَسَبٌ وَدِينٌ صَنْعَةٌ حُرِّيَّةٌ
…
فَقْدُ الْعُيُوبِ وَفِي الْيَسَارِ تَرَدُّدُ
(اهـ) . فَإِنْ سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِي تِلْكَ السِّتَّةِ فَلَا خِلَافَ فِي كَفَاءَتِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهَا وَهِيَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الدِّينِ وَالْحَالِ وَالْحُرِّيَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْمُمَاثَلَةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَمَتَى سَاوَاهَا الرَّجُلُ فِي تِلْكَ الثَّلَاثَةِ كَانَ كُفْئًا.
قَوْلُهُ: [لَا بِمَعْنَى الْحَسَبِ] إلَخْ: الْحَسَبُ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالْعِلْمِ.
قَوْلُهُ: [لِخَبَرِ بَرِيرَةَ] : وَهِيَ جَارِيَةُ عَائِشَةَ وَكَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِمُغِيثٍ وَكَانَ عَبْدًا.
قَوْلُهُ: [حِينَ عَتَقَتْ] : أَيْ أَعْتَقَتْهَا عَائِشَةُ وَالْحَالُ أَنَّ زَوْجَهَا بَاقٍ عَلَى الرِّقِّ.
وَالتَّزْوِيجُ بِفَاسِقٍ أَوْ مَعْيُوبٍ أَوْ عَبْدٍ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا وَعَلَى الْحَاكِمِ مَنْعُ مَنْ رَضِيَ مِنْهُمَا. وَلَيْسَ لِلْأَبِ جَبْرُ الْبِكْرِ عَلَى فَاسِقٍ أَوْ ذِي عَيْبٍ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا الْفَاسِقُ أَوْ ذُو الْعَيْبِ أَوْ الْعَبْدُ فَلَهَا وَلِلْوَلِيِّ الرَّدُّ وَالْفَسْخُ. وَقِيلَ: إنَّ تَزْوِيجَ الْفَاسِقِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَيَتَعَيَّنُ فَسْخُهُ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: لَيْسَ الْعَبْدُ كُفْءً وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ.
وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْكَفَاءَةَ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ، (فَالْمَوْلَى) : أَيْ الْعَتِيقُ وَمَجْهُولُ النَّسَبِ، (وَغَيْرُ الشَّرِيفِ) وَهُوَ الدَّنِيءُ فِي نَفْسِهِ كالمسلماني أَوْ فِي حِرْفَتِهِ كَالزَّبَّالِ وَالْحَمَّارِ وَالْحَلَّاقِ، (وَالْأَقَلِّ جَاهًا) أَيْ قَدْرًا كَالْجَاهِلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَالِمِ أَوْ الْمَأْمُورِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمِيرِ وَكَذَا الْفَقِيرُ (كُفْءٌ) لِلْحُرَّةِ أَصَالَةً الشَّرِيفَةِ ذَاتِ الْجَاهِ، الْغَنِيَّةِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّسَبِ وَالْحَسَبِ وَالْمَالِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَيْسَ لِلْأُمِّ كَلَامٌ) مَعَ الْأَبِ، هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَوْ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالتَّزْوِيجُ بِفَاسِقٍ] : أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فِي الْكَفَاءَةِ، فَإِذَا أَسْقَطَا حَقَّهُمَا مِنْهَا وَزُوِّجَهَا فَاسِقٌ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ إنَّ تَزْوِيجَ الْفَاسِقِ غَيْرُ صَحِيحٍ] : حَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا نَقَلَهُ (ح) وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ مَنْعُ تَزْوِيجِهَا مِنْ الْفَاسِقِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهَا وَلِلْوَلِيِّ الرِّضَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْفَاسِقِ مَمْنُوعَةٌ وَهَجْرُهُ وَاجِبٌ شَرْعًا، فَكَيْفَ بِخُلْطَةِ النِّكَاحِ، فَإِذَا وَقَعَ وَتَزَوَّجَهَا فَفِي الْعَقْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: لُزُومُ فَسْخِهِ بِفَسَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ، الثَّانِي: أَنَّهُ صَحِيحٌ وَشَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ، الثَّالِثُ لِأَصْبَغَ: إنْ كَانَ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ، رَدَّهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ وَظَاهِرُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الرَّاجِحُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ، وَاَلَّذِي قَرَّرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْقَوْلُ بِالصِّحَّةِ الَّذِي شَهَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ. قَوْلُهُ:[لَيْسَ الْعَبْدُ كُفْئًا وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ] : أَيْ إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِهِ رَاضِيَةً عَالِمَةً هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ.
قَوْلُهُ: [لِلْحُرَّةِ أَصَالَةً] إلَخْ: رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: فَالْمَوْلَى وَغَيْرُ الشَّرِيفِ إلَخْ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ تَأَمَّلْ.