الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: (مِنْ خِنْزِيرٍ) إجْمَاعًا، (وَحُمُرٍ أَهْلِيَّةٍ وَإِنْ بَعْدَ تَوَحُّشٍ) مِنْهَا بِأَنْ نَفَرَتْ وَلَحِقَتْ بِالْوَحْشِ نَظَرًا لِأَصْلِهَا، وَأَمَّا الْحُمُرُ الْوَحْشِيَّةُ أَصَالَةً فَتَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ لِأَنَّهَا صَيْدٌ (وَبَغْلٍ وَفَرَسٍ) لَا تَعْمَلُ فِيهِمَا ذَكَاةٌ.
(وَ
ذَكَاةُ الْجَنِينِ)
الْحَيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَمَاتَ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ هِيَ (ذَكَاةُ أُمِّهِ) : فَيُؤْكَلُ بِسَبَبِهَا. وَتُحِلُّهُ الطَّهَارَةُ بِشَرْطَيْنِ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ:
(إنْ تَمَّ خَلْقُهُ) أَيْ اسْتَوَى وَلَوْ كَانَ نَاقِصَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ خِلْقَةً، (وَنَبَتَ شَعْرُهُ) أَيْ شَعْرُ جَسَدِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَكَامَلْ وَلَا يَكْفِي شَعْرُ رَأْسِهِ أَوْ عَيْنِهِ.
وَكَذَا الْبَيْضُ يَكُونُ طَاهِرًا يُؤْكَلُ إنْ أُخْرِجَ بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ بِلَا ذَكَاةٍ.
(فَإِنْ خَرَجَ) الْجَنِينُ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ (حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً (لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةٍ إلَّا أَنْ يُبَادَرَ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ: أَيْ إلَّا أَنْ يُسَارِعَ إلَيْهِ بِالذَّكَاةِ، (فَيَفُوتَ) بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ حَيَاتَهُ حِينَئِذٍ كَلَا حَيَاةٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَبَغْلٍ وَفَرَسٍ] إلَخْ: أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ وَحْشِيَّةً وَإِلَّا عَمِلَتْ فِيهَا اتِّفَاقًا، وَعَدَمُ عَمَلِ الذَّكَاةِ فِي الْبِغَالِ وَالْخَيْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالْكَرَاهَةِ فِي الْبِغَالِ وَالْخَيْلِ وَالْإِبَاحَةِ فِي الْخَيْلِ فَتَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ.
[ذكاة الْجَنِين]
قَوْلُهُ: [فَيُؤْكَلُ بِسَبَبِهَا] : وَاخْتُلِفَ فِي الْمَشِيمَةِ وِعَائِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قِيلَ: لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: تُؤْكَلُ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: تَبَعٌ لِلْوَلَدِ إنْ أُكِلَ أُكِلَتْ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: [وَنَبْتُ شَعْرِهِ] : عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَادَةً مِنْ خَلْقِهِ نَبَاتُ شَعْرِهِ أَوْ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ.
قَوْلُهُ: [بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَكَامَلْ فَلَيْسَ كَالْجَنِينِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ بِلَا ذَكَاةٍ] : أَيْ فَلَا يُؤْكَلُ بَيْضُهَا وَلَوْ كَانَ مُتَكَامِلًا.
قَوْلُهُ: [حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً] : أَيْ مُحَقَّقَةً أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا.
وَكَأَنَّهُ خَرَجَ مَيِّتًا بِذَكَاةِ أُمِّهِ.
(وَذُكِّيَ) الْجَنِينُ (الْمُزْلَقُ) : أَيْ الْمُسْقَطُ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ (إنْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ) بَعْدَ إسْقَاطِهِ وَقَبْلَ ذَبْحِهِ، (وَتَمَّ) خَلْقُهُ (بِشَعْرٍ) لِجَسَدِهِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ حَيَاتُهُ أَوْ تَحَقَّقَتْ وَلَكِنْ لَمْ يَتِمَّ خَلْقُهُ (أَوْ لَمْ يَنْبُتْ) شَعْرُهُ (لَمْ تَعْمَلْ) الذَّكَاةُ (فِيهِ) فَيَكُونُ مَيْتَةً نَجَسًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا كَانَتْ الذَّكَاةُ سَبَبًا فِي إبَاحَةِ أَكْلِ الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ سَائِرَ الْمُبَاحَاتِ بَعْدَهَا قَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ حَيًّا بَعْدَ ذَكَاةِ أُمِّهِ؛ إمَّا أَنْ تَكُونَ حَيَاتُهُ مَرْجُوًّا بَقَاؤُهَا، أَوْ مَشْكُوكًا فِي بَقَائِهَا، أَوْ مَيْئُوسًا مِنْ بَقَائِهَا. فَفِي الْأَوَّلَيْنِ: تَجِبُ ذَكَاتُهُ وَلَا يُؤْكَلُ إذَا مَاتَ بِدُونِهَا، وَفِي الثَّالِثِ: تَنْدُبُ ذَكَاتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ:(إلَّا أَنْ يُبَادِرَ فَيَفُوتَ) خَاصٌّ بِالْمَيْئُوسِ مِنْهُ، فَتَعَجُّلُ مَوْتِهِ دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ
قَوْلُهُ: [إنْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ] : أَيْ أَوْ ظُنَّتْ لَا الْمَشْكُوكُ فِيهَا فَهِيَ كَالْعَدَمِ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ ذُكِّيَ. تَتِمَّةٌ:
اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالظُّفْرِ وَالسِّنِّ وَعَدَمِهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلِ: يَجُوزُ مُطْلَقًا اتَّصَلَا أَوْ انْفَصَلَا، الثَّانِي: يَجُوزُ إنْ انْفَصَلَا، الثَّالِثِ: يَجُوزُ بِالظُّفْرِ مُطْلَقًا لَا بِالسِّنِّ مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ يَعْنِي يُكْرَهُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ، الرَّابِعِ: يُمْنَعُ بِهِمَا مُطْلَقًا فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِهِمَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَمَحَلُّ تِلْكَ الْأَقْوَالِ إنْ وُجِدَتْ آلَةٌ غَيْرُ الْحَدِيدِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمَا جَازَ بِهِمَا جَزْمًا كَذَا قِيلَ. (اهـ مِنْ الْأَصْلِ) . خَاتِمَةٌ:
يَحْرُمُ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ مِنْ طَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ بِنِيَّةِ حَبْسِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا بِنِيَّةِ الْقَنِيَّةِ أَوْ الذَّكَاةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَكُرِهَ لِلَهْوٍ، وَجَازَ لِتَوْسِعَةٍ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ، وَنُدِبَ لِتَوْسِعَةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ سَدِّ خُلَّةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ، وَوَجَبَ لِسَدِّ خُلَّةٍ وَاجِبَةٍ فَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. وَأَمَّا صَيْدُ نَحْوِ الْخِنْزِيرِ؛ إذَا كَانَ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ فَجَائِزٌ، وَأَمَّا بِنِيَّةِ حَبْسِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اصْطِيَادُ الْقِرْدِ أَوْ الدُّبِّ لِأَجْلِ التَّفَرُّجِ عَلَيْهِ وَالتَّمَعُّشِ بِهِ، لِإِمْكَانِ التَّمْعِيشِ بِغَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ التَّفَرُّجُ عَلَيْهِ نَعَمْ يَجُوزُ صَيْدُهُ لِلتَّذْكِيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ أَكْلِهِ. (اهـ مِنْ الْأَصْلِ) وَفِي (ح) اغْتِفَارِ اللَّعِبِ الْيَسِيرِ لِحَدِيثِ أَبِي عُمَيْرٍ - كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.