الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَحَلَفَتْ) إنَّهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا (فِيمَا دُونَ الْعَامِ) كَالْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَأَكْثَرَ (إنْ اُتُّهِمَتْ) وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا.
(وَنُدِبَ) لِمَنْ رَاجَعَهَا (الْإِشْهَادُ) عَلَى الرَّجْعَةِ لِدَفْعِ إيهَامِ الزِّنَا، وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (وَأَصَابَتْ مَنْ مَنَعَتْ) نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ عَلَى مُرَاجَعَتِهَا، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ رُشْدِهَا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْإِشْهَادِ غَيْرُ الْوَلِيِّ.
(وَشَهَادَةُ الْوَلِيِّ) مِنْ سَيِّدٍ أَوْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ (عَدَمٌ) ، لَا تُفِيدُ وَلَا يَحْصُلُ بِهَا النَّدْبُ.
(وَ) نَدْبُ (الْمُتْعَةِ) : وَهِيَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ لِمَنْ طَلَّقَهَا زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ لِجَبْرِ خَاطِرِهَا الْمُنْكَسِرِ بِأَلَمِ الْفِرَاقِ، (بِقَدْرِ حَالِهِ) : أَيْ الزَّوْجِ مِنْ فَقْرٍ وَغِنًى بِالْمَعْرُوفِ عَلَى الْمُوسِرِ قَدْرُهُ، وَعَلَى الْمُقَتِّرِ قَدْرُهُ، وَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ النَّدْبُ وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا، وَالْقُرْآنُ أَظْهَرُ فِي الْوُجُوبِ مِنْ النَّدْبِ، وَلَكِنْ صَرَفَهُ عَنْهُ صَارِفٌ عِنْدَ الْإِمَامِ.
وَتَكُونُ الْمُتْعَةُ (بَعْدَ) تَمَامِ (الْعِدَّةِ لِلرَّجْعِيَّةِ) ، لِأَنَّهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ تَرْجُو الْمُرَاجَعَةَ فَلَمْ يَنْكَسِرْ قَلْبُهَا بِأَلَمِ الْفِرَاقِ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَانَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا كَكُلِّ بَائِنَةٍ، (أَوْ) تُدْفَعُ إلَى (وَرَثَتِهَا) إنْ مَاتَتْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ بَعْدَ الْعِدَّةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَحَلَفَتْ إنَّهَا] إلَخْ: الْحَلِفُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْمُرْضِعِ وَالْمَرِيضَةِ كَمَا عَلِمْتَ.
قَوْلُهُ: [عَدَمٌ] : أَيْ لِاتِّهَامِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَلِيِّ الْمُجْبَرِ وَغَيْرِهِ.
[الْمُتْعَةِ هِيَ مَا يُعْطِيهِ الزَّوْجُ لِمَنْ طَلَّقَهَا زِيَادَةً عَلَى الصَّدَاقِ]
قَوْلُهُ: [لِجَبْرِ خَاطِرِهَا] إلَخْ: هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّدْبَ مُعَلَّلٌ بِمَا ذُكِرَ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمُتْعَةَ قَدْ تَزِيدُهَا أَسَفًا عَلَى زَوْجِهَا لِتَذَكُّرِهَا حُسْنَ عِشْرَتِهِ وَكَرِيمَ صُحْبَتِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا غَيْرُ مُعَلَّلَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ يُمَتِّعْهَا حَتَّى مَاتَتْ وَرِثَتْ عَنْهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا] : وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ.
قَوْلُهُ: [أَظْهَرُ فِي الْوُجُوبِ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] وَقَالَ أَيْضًا: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 241] وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ خُصُوصًا مَعَ اقْتِرَانِهِ بِحَقِّنَا، قُلْنَا: صَرَفَهُ عَنْهُ قَوْلُهُ: " عَلَى الْمُحْسِنِينَ " وَ " الْمُتَّقِينَ "، لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِمَا
وَإِلَّا فَلَا، لِمَوْتِهَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا مُتْعَةَ لَهَا إنْ مَاتَ أَوْ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا، رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنَةً. وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ - أَيْ الدَّفْعِ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ - قَوْلَهُ:
(كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ) : وَيَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الصِّحَّةُ وَالْمُرَادُ اللُّزُومُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالطَّوْلِ (لَا فَسْخٍ) مُحْتَرَزٌ " مُطَلَّقَةٍ ": أَيْ فِي كُلِّ طَلَاقٍ لَا فَسْخٍ، فَلَا مُتْعَةَ فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَوْلَى قَبْلَهُ إذَا كَانَ فَسَخَهُ (لِغَيْرِ رَضَاعٍ) ، وَأَمَّا فَسْخُهُ لِرَضَاعٍ فَتُمَتَّعُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَاسْتَثْنَى مِنْ كُلِّ مُطَلَّقَةٍ قَوْلَهُ:(إلَّا الْمُخْتَلِعَةَ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا، لِأَنَّ الطَّلَاقَ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا فَلَا كَسْرَ عِنْدَهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْخُلْعُ بِعِوَضٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا بِرِضَاهَا، لَا إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ أَوْ بِعِوَضٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ الثَّابِتِ الْمُقَابِلُ لِلْبَاطِلِ، فَيَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ بِقَرِينَةِ التَّقْيِيدِ بِالْمُحْسِنِينَ وَالْمُتَّقِينَ كَمَا عَلِمْت، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقْضَى بِهَا وَلَا تَحَاصَصَ بِهَا الْغُرَمَاءُ، إذْ لَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ وَلَا يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا مُتْعَةَ لَهَا إنْ مَاتَ] : أَيْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، لِأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا الْحُقُوقُ الْوَاجِبَةُ.
قَوْلُهُ: [كَكُلِّ مُطَلَّقَةٍ] إلَخْ: أَيْ فَتُدْفَعُ لَهَا إنْ كَانَتْ حَيَّةً، أَوْ لِوَرَثَتِهَا إنْ مَاتَتْ، وَالْمُرَادُ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا أَوْ حَكَمَ الشَّرْعُ بِطَلَاقِهَا، إلَّا مَا اسْتَثْنَى فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ، كُلُّ مُطَلَّقَةٍ أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا فَلَمْ يَتَّحِدْ الْمُشَبَّهُ مَعَ الْمُشَبَّهِ بِهِ.
قَوْلُهُ: [فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ] : احْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ اللَّازِمِ وَهُوَ شَيْئَانِ، الْفَاسِدُ الَّذِي لَمْ يَمْضِ بِالدُّخُولِ، وَالصَّحِيحُ الْغَيْرُ اللَّازِمِ كَنِكَاحِ ذَاتِ الْعَيْبِ، فَإِنْ رَدَّتْهُ لِعَيْبِهِ أَوْ رَدَّهَا لِعَيْبِهَا فَلَا مُتْعَةَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [فَتُمَتَّعُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ] : أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْفَسْخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تَأْخُذْ نِصْفَ الصَّدَاقِ لِكَوْنِهَا صَدَّقَتْهُ أَوْ ثَبَتَ الرَّضَاعُ بِبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ: [إلَّا الْمُخْتَلِعَةَ] إلَخْ: يَلْحَقُ بِتِلْكَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمُرْتَدَّةِ، وَلَوْ عَادَتْ لِلْإِسْلَامِ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْمُتْعَةِ أَيْضًا إذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَمْ لَا كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
مِنْ غَيْرِهَا بِلَا رِضًا مِنْهَا فَتُمَتَّعُ.
(وَ) إلَّا (مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي) نِكَاحٍ (التَّسْمِيَةِ) فَلَا مُتْعَةَ لَهَا، لِأَخْذِهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ مَعَ بَقَاءِ سِلْعَتِهَا، بِخِلَافِ التَّفْوِيضِ فَتُمَتَّعُ.
(وَ) إلَّا (الْمُفَوَّضُ لَهَا) طَلَاقُهَا تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ تَوْكِيلًا فَلَا مُتْعَةَ لَهَا،
(وَ) إلَّا (الْمُخْتَارَةُ) لِنَفْسِهَا (لِعِتْقِهَا) تَحْتَ عَبْدٍ فَلَا مُتْعَةَ، (أَوْ) الْمُخْتَارَةُ لِنَفْسِهَا (لِعَيْبِهِ) بِبَرَصٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا
وَلَمَّا كَانَ الْإِيلَاءُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْهَا الطَّلَاقُ الرَّجْعِيِّ نَاسَبَ ذِكْرَهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا الْمُفَوَّضَ لَهَا] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ.
قَوْلُهُ: [لِعَيْبِهِ] : مِثْلُهُ مَا إذَا رَدَّهَا لِعَيْبِهَا لِأَنَّهَا غَارَّةٌ
قَوْلُهُ: [نَاسَبَ ذِكْرَهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ] : بَحْثٌ فِيهِ بِأَنَّ تَسَبُّبَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ عَنْهَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَهُ عَلَى الرَّجْعَةِ، لِأَنَّ السَّبَبَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمُسَبَّبِ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ نَاسَبَ جَمْعَهُ مَعَ الرَّجْعَةِ، وَبَعْضُهُمْ وَجَّهَ جَمْعَهُمَا بِقَوْلِهِ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ طَلَاقًا بَائِنًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ كَذَلِكَ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَلِذَا جَمَعَهُمَا مَعًا وَأَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّلَاقِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الرَّجْعَةَ مِنْ تَوَابِعِ الطَّلَاقِ.: