الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْمُبَاحِ
(الْمُبَاحُ) : حَالَ الِاخْتِيَارِ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا: (مَا عَمِلَتْ فِيهِ الذَّكَاةُ) : أَيْ كُلُّ مَا ذُكِّيَ بِمَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ. وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الطَّاهِرِ أَوَّلَ الْكِتَابِ لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الطَّهَارَةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْإِبَاحَةُ وَلَا الْعَكْسُ؛ فَإِنَّ الْجَرَادَ وَنَحْوَهُ مِيتَتُهُ طَاهِرَةٌ وَلَا يُبَاحُ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا السُّمُّ وَالْمُخَدَّرُ وَكُلُّ طَاهِرٍ غَيْرُ مُبَاحٍ، وَقَدْ يُبَاحُ النَّجَسُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا يَأْتِي.
ثُمَّ بَيَّنَ مَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ بِقَوْلِهِ:
(مِنْ نِعَمٍ) بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَإِبِلٍ، (وَطَيْرٍ) بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ (وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْ النِّعَمِ وَالطَّيْرِ (جَلَّالَةً) : أَيْ تَسْتَعْمِلُ النَّجَاسَاتِ، (وَ) لَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَاب الْمُبَاح]
[تَعْرِيف الْمُبَاح وَبَيَان مَا تعمل فِيهِ الذَّكَاة]
بَابٌ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْمُبَاحَ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْمَكْرُوهَ مِنْهَا وَالْمُحَرَّمَ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: الْمُبَاحُ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا إلَخْ لِشَرَفِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْإِبَاحَةُ] إلَخْ: وَلِذَلِكَ كَانَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ يَجْتَمِعَانِ فِي الْخُبْزِ مَثَلًا، وَيَنْفَرِدُ الطَّاهِرُ فِي السُّمِّ وَالْجَرَادِ الْمَيْتَةِ، وَيَنْفَرِدُ الْمُبَاحُ فِي النَّجِسِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ: [وَالْمُخَدِّرُ] : أَيْ مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَائِعَاتِ كَالْأَفْيُونِ وَالْحَشِيشَةِ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ يُبَاحُ النَّجِسُ] : أَيْ كَمَيْتَةِ مَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَالْخَمْرِ لِلْغُصَّةِ.
قَوْلُهُ: [بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ] : أَيْ إلَّا الْوَطْوَاطَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [جَلَّالَةً] : الْجَلَّالَةُ لُغَةً: الْبَقَرَةُ الَّتِي تَتْبَعُ النَّجَاسَاتِ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
(ذَا مِخْلَبٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ كَالْبَازِ وَالْعُقَابِ وَالرَّخَمِ، وَهُوَ لِلطَّائِرِ وَالسَّبُعِ كَالظُّفْرِ لِلْإِنْسَانِ (وَوَحْشٍ) عُطِفَ عَلَى " نِعَمٍ " أَيْ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ (كَحِمَارٍ) وَبَقَرٍ وَحْشِيَّيْنِ وَزَرَافَةٍ (وَغَزَالٍ) وَأَرْنَبٍ (وَيَرْبُوعٍ) : دُوَيْبَّةٌ قَدْرُ بِنْتِ عُرْسٍ وَأَكْبَرُ مِنْ الْفَأْرَةِ، (وَفَأْرٍ) بِالْهَمْزِ مَعْرُوفٌ (وَوَبْرٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ: فَوْقَ الْيَرْبُوعِ وَدُونَ السِّنَّوْرِ (وَقُنْفُذٍ) - بِضَمِّ الْقَافِ وَالْفَاءِ بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ وَآخِرُهُ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ: أَكْبَرُ مِنْ الْفَأْرِ كُلُّهُ شَوْكٌ إلَّا رَأْسَهُ وَبَطْنَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (وَحَيَّةٍ أَمِنَ سُمَّهَا) وَإِلَّا لَمْ تُبَحْ، (وَجَرَادٍ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي كُلِّ حَيَوَانٍ يَسْتَعْمِلُ النَّجَاسَةَ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ ذَا مِخْلَبٍ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ لَا يُؤْكَلُ كُلُّ ذِي مِخْلَبٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يُؤْكَلُ الْمَنْعُ قَالَهُ فِي الْإِكْمَالِ.
قَوْلُهُ: [وَوَحْشٍ] : أَيْ إلَّا الْمُفْتَرِسَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [كَحِمَارٍ] : وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبَغْلَ وَالْفَرَسَ الْوَحْشِيَّيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَفَأْرٍ] : أَيْ مَا لَمْ يَصِلْ لِلنَّجَاسَةِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا، وَإِلَّا كُرِهَ أَكْلُهُ، فَإِنْ شَكَّ فِي وُصُولِهِ لَمْ يُكْرَهْ وَلَكِنْ فَضْلَتُهُ نَجِسَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَدُونَ السِّنَّوْرِ] : السِّنَّوْرُ هُوَ الْهِرُّ وَالْأُنْثَى سِنَّوْرَةٌ، وَالْوَبَرُ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْحِجَازِ، قَالَ الْخَرَشِيُّ: طَحْلَاءُ اللَّوْنِ حَسَنَةُ الْعَيْنَيْنِ شَدِيدَةُ الْحَيَاءِ لَا ذَنَبَ لَهَا تُوجَدُ فِي الْبُيُوتِ وَجَمْعُهَا وُبُرٌ بِضَمِّ الْوَاوِ وَالْبَاءِ وَوِبَارٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَطَحْلَاءُ اللَّوْنِ هُوَ لَوْنٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالْغَبَرَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: [وَالْفَاءِ] : أَيْ وَتُفْتَحُ أَيْضًا وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى قُنْفُذَةٌ، وَيُقَالُ لِلذَّكَرِ شَيْهَمٌ.
قَوْلُهُ: [أَمِنَ سُمَّهَا] : أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمُسْتَعْمِلِهَا فَيَجُوزُ أَكْلُهَا بِسُمِّهَا لِمَنْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ لِمَرَضِهِ، وَإِنَّمَا يُؤْمَنُ سُمُّهَا لِمَنْ يُؤْذِيهِ السُّمُّ بِذَكَاتِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَهْلُ الطِّبِّ بِالْمَارَسْتَانِ، بِأَنْ تَكُونَ فِي حَلْقِهَا وَفِي قَدْرٍ خَاصٍّ مِنْ ذَنَبِهَا بِأَنْ يَتْرُكَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ مِنْ ذَنَبِهَا وَرَأْسِهَا. وَلَا بُدَّ أَنْ تُطْرَحَ عَلَى ظَهْرِهَا، وَأَمَّا لَوْ طُرِحَتْ عَلَى بَطْنِهَا وَقَطَعَ مِنْ الْقَفَا فَلَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الذَّكَاةِ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُقَدَّمِ فَلَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أَمِنَ سُمَّهَا. وَالسُّمُّ مُثَلَّثُ السِّينِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ
ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ قَوْلَهُ:
(إلَّا الْمُفْتَرِسَ) مِنْ الْوَحْشِ، (وَ) إلَّا (الْوَطْوَاطَ) مِنْ الطَّيْرِ فَلَيْسَا مِنْ الْمُبَاحِ، بَلْ مِنْ الْمَكْرُوهِ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ (وَخَشَاشِ أَرْضٍ) عُطِفَ عَلَى " نِعَمٍ "؛ فَالذَّكَاةُ تَعْمَلُ فِيهِ بِمَا يَمُوتُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الْجَرَادِ بِجَامِعِ عَدَمِ النَّفْسِ السَّائِلَةِ فِي كُلٍّ، فَيَكُونُ مُبَاحَ الْأَكْلِ وَهُوَ بِتَثْلِيثِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَسْرُ أَفْصَحُ (كَعَقْرَبٍ وَخُنْفُسَاءَ) بِالْمَدِّ، (وَجُنْدُبٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ، (وَبَنَاتِ وَرْدَانٍ) قَرِيبَةٌ مِنْ الْجُنْدُبِ فِي الْخِلْقَةِ، (وَنَمْلٍ وَدُودٍ) وَسُوسٍ.
(فَإِنْ مَاتَ) الدُّودُ وَنَحْوُهُ (بِطَعَامٍ) : لَبَنٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمُيِّزَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الطَّعَامِ (أُخْرِجَ) مِنْهُ وُجُوبًا وَلَا يُؤْكَلُ مَعَ الطَّعَامِ (لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ) وَلَا يَدْطَرِحُ الطَّعَامُ لِطَهَارَتِهِ؛ لِأَنَّ مِيتَتَهُ طَاهِرَةٌ (وَإِنْ لَمْ يَمُتْ) فِي الطَّعَامِ (جَازَ أَكْلُهُ) مَعَ الطَّعَامِ لَكِنْ (بِنِيَّتِهَا) : أَيْ الذَّكَاةِ بِأَنْ يَنْوِيَ بِمَضْغِهِ ذَكَاتَهُ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ، (وَإِنْ لَمْ يُمَيَّزْ) الدُّودُ وَنَحْوُهُ عَنْ الطَّعَامِ بِأَنْ اخْتَلَطَ فِيهِ وَتَهَرَّى (طُرِحَ) الطَّعَامُ لِعَدَمِ إبَاحَةِ نَحْوِ الدُّودِ الْمَيِّتِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا فَيُلْقَى لِكَلْبٍ أَوْ هِرٍّ أَوْ دَابَّةٍ (إلَّا إذَا كَانَ) الدُّودُ وَنَحْوُهُ غَيْرَ الْمُتَمَيِّزِ (أَقَلَّ) مِنْ الطَّعَامِ، بِأَنْ كَانَ الثُّلُثَ فَدُونَ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ مَعَهُ لِيَسَارَتِهِ - كَذَا قِيلَ. (وَأَكْلِ دُودٍ) : أَيْ وَجَازَ كُلُّ مَا تَوَلَّدَ فِي (الْفَاكِهَةِ) وَالْحُبُوبِ وَالتَّمْرِ مِنْ الدُّودِ وَالسُّوسِ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا (مُطْلَقًا) قَلَّ أَوْ كَثُرَ، مَاتَ فِيهَا أَوْ لَا مُيِّزَ أَوْ لَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
وَجَمْعُهُ سِمَامٌ وَسُمُومٌ.
قَوْلُهُ: [وَخُشَاشِ أَرْضٍ] : أُضِيفَ لَهَا لِأَنَّهُ يُخَشُّ أَيْ يَدْخُلُ فِيهَا وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمُخْرِجٍ وَيُبَادِرُ بِرُجُوعِهِ إلَيْهَا.
قَوْلُهُ: [جَازَ أَكْلُهُ] : أَيْ إنْ قَبِلَتْهُ طَبِيعَتُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ حَيْثُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلطَّاهِرِ الْمُبَاحِ مَا يَمْنَعُ أَكْلَهُ كَالْمَرِيضِ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِهِ نَوْعٌ مِنْ الطَّعَامِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ.
قَوْلُهُ: [مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ] : أَيْ وُجُوبًا مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ مَعَ فَاكِهَةٍ] : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا انْفَرَدَ عَنْهَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ إلَّا بِذَكَاةٍ