الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كَإِنْزَالٍ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ) بِمُجَرَّدِ (فِكْرٍ) مِنْ غَيْرِ اسْتِدَامَةٍ فَهَدْيٌ يَلْزَمُهُ وَلَا فَسَادَ.
(وَإِمْذَاؤُهُ) بِلَا إنْزَالٍ (وَقُبْلَةٍ بِفَمٍ) وَإِنْ لَمْ يُمْذِ فَالْهَدْيُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ قُبْلَةٍ بِخَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُلَامَسَةِ.
(وَوَجَبَ) بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ رضي الله عنهم (إتْمَامُ الْمُفْسَدِ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، فَيَسْتَمِرُّ عَلَى أَفْعَالِهِ كَالصَّحِيحِ حَتَّى يُتِمَّهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْهَدْيُ فِي قَابِلٍ، وَلَا يَتَحَلَّلُ فِي الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ لِيُدْرِكَ الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ.
وَهَذَا (إنْ لَمْ يَفُتْهُ الْوُقُوفُ) بِعَرَفَةَ إمَّا لِوُقُوعِ الْفَسَادِ بَعْدَهُ فِي عَرَفَةَ، أَوْ مُزْدَلِفَةَ، أَوْ مِنًى قَبْلَ الرَّمْيِ وَالطَّوَافِ، وَإِمَّا لِوُقُوعِهِ قَبْلَهُ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْوُقُوفِ. فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ - مِنْ سِجْنٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ صَدٍّ - حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ، وَجَبَ عَلَيْهِ تَحَلُّلُهُ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ؛ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:
(وَإِلَّا) : بِأَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ (تَحَلَّلَ) مِنْ الْفَاسِدِ (بِعُمْرَةٍ)، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّمَادِي عَلَى فَاسِدٍ مَعَ إمْكَانِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ؛ وَقَوْلُهُمْ:" مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ يُنْدَبُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِعُمْرَةٍ وَيَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ " فِي غَيْرِ مَنْ فَسَدَ حَجُّهُ.
(فَإِنَّهُ لَمْ يُتِمَّهُ) أَيْ الْمُفْسَدَ بِجِمَاعٍ أَوْ إنْزَالٍ - سَوَاءٌ ظَنَّ إبَاحَةَ قَطْعِهِ لِفَسَادِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِمْذَائِهِ بِلَا إنْزَالٍ] : أَيْ فَلَيْسَ فِي الْمَذْيِ إلَّا الْهَدْيُ، سَوَاءٌ خَرَجَ ابْتِدَاءً أَوْ مَعَ اسْتِدَامَةٍ وَلَوْ بِقُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ. وَلَا فَسَادَ بِوَجْهٍ فِي الْمَذْيِ، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَيَشْهَدُ لَهُ عُمُومُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ (ح) خِلَافًا لِقَوْلِ بَهْرَامَ: إنَّ مَا يُوجِبُ الْهَدْيَ فِي الْحَجِّ لَا يُوجِبُ فِي الْعُمْرَةِ شَيْئًا لِأَنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَيْسَتْ فَرْضًا قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافَهُ.
قَوْلُهُ: [وَقُبْلَةٌ بِفَمٍ] : أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا.
قَوْلُهُ: [فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ] : أَيْ مَا لَمْ يُمْذِ أَوْ تَكْثُرْ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
[وُجُوب إتْمَام الْمُفْسِد إِن لَمْ يفته الْوُقُوف]
قَوْلُهُ: [بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ] : أَيْ خِلَافًا لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ.
قَوْلُهُ: [إمَّا لِوُقُوعِ الْفَسَادِ] : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ تَنْوِيعٌ فِي عَدَمِ فَوَاتِ الْوُقُوفِ.
أَمْ لَا - (فَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ) أَبَدًا مَا عَاشَ.
(فَإِنْ أَحْرَمَ) : أَيْ جَدَّدَ إحْرَامًا بَعْدَ حُصُولِ الْفَسَادِ لِظَنِّهِ بُطْلَانَ مَا كَانَ فِيهِ وَاسْتَأْنَفَ غَيْرَهُ (فَلَغْوٌ) : أَيْ فَإِحْرَامُهُ الْمُجَدَّدُ عَدَمٌ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُتِمَّهُ فَاسِدًا وَلَوْ أَحْرَمَ فِي ثَانِي عَامٍ يَظُنُّ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَنْ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ فِعْلُهُ فِي الْقَابِلِ إتْمَامًا لِلْفَاسِدِ وَلَا يَقَعُ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثِ عَامٍ.
(وَ) وَجَبَ (قَضَاؤُهُ) : أَيْ الْمُفْسَدُ بَعْدَ إتْمَامِهِ. فَإِنْ كَانَ عُمْرَةً فَفِي أَيِّ وَقْتٍ، وَإِنْ كَانَ حَجًّا فَفِي الْعَامِ الْقَابِلِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُفْسَدُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا.
(وَ) وَجَبَ (فَوْرِيَّتُهُ) أَيْ الْقَضَاءِ حَتَّى عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ التَّرَاخِي فِي الْحَجِّ.
(وَ) وَجَبَ (قَضَاءُ الْقَضَاءِ) إذَا أُفْسِدَ أَيْضًا. وَلَوْ تَسَلْسَلَ فَيَأْتِي بِحَجَّتَيْنِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَقَعُ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثِ عَامٍ] : أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُتِمَّهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ أُخْرِجَ مِنْهُ بِفَسَادِهِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى، وَقُلْنَا إنَّهُ بَاقٍ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً، بَلْ مَا فَعَلَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ تَتْمِيمًا لَهُ وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ الْقَضَاءُ إلَّا فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ، كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: إنْ كَانَ الْفَاسِدُ حَجًّا أَوْ فِي مَرَّةٍ ثَالِثَةٍ إنْ كَانَ عُمْرَةً.
وَاعْلَمْ أَنَّ حَجَّةَ الْقَضَاءِ تَنُوبُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا كَانَ الْمُفْسَدُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ، وَذَكَرَ الْأُجْهُورِيُّ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهَا وَقَضَاؤُهَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْحَجِّ الْفَائِتِ الَّذِي تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، فَقَضَاؤُهُ كَافٍ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَاعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ.
قَوْلُهُ: [وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُفْسَدُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا] : تَعْمِيمٌ فِي وُجُوبِ الْإِتْمَامِ وَالْقَضَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَوَجَبَ فَوْرِيَّتُهُ] إلَخْ: أَيْ بَعْدَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ إنْ كَانَ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ عَامَ الْفَسَادِ أَوْ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ يُدْرِكْ الْوُقُوفَ عَامَهُ.
قَوْلُهُ: [وَوَجَبَ قَضَاءُ الْقَضَاءِ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَضَاءً عَمَّا أَفْسَدَهُ، ثُمَّ أَفْسَدَ الْقَضَاءَ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّتَيْنِ،
إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ قَضَاءٌ عَنْ الثَّانِيَةِ، وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ.
(وَ) وَجَبَ (هَدْيٌ لَهُ) أَيْ الْفَسَادِ.
(وَ) وَجَبَ (تَأْخِيرُهُ لِلْقَضَاءِ) وَلَا يُقَدِّمُهُ فِي عَامِ الْفَسَادِ.
(وَأَجْزَأَ إنْ قَدَّمَ فِي عَامِ الْفَسَادِ وَاتَّحَدَ) هَدْيُ الْفَسَادِ (وَإِنْ تَكَرَّرَ مُوجِبُهُ) مِنْ الْجِمَاعِ أَوْ الِاسْتِمْنَاءِ (بِنِسَاءٍ) ، وَلَا يَكُونُ تَعَدُّدُ الْجِمَاعِ أَوْ النِّسَاءِ مُوجِبًا لَتُعَدِّدهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
إحْدَاهُمَا عَنْ الْأَصْلِ، وَالْأُخْرَى عَنْ الْقَضَاءِ الَّذِي أَفْسَدَهُ، لِأَنَّهُ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا، بِخِلَافِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ فِي الصَّوْمِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ، قَالَ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ أَنَّ الْحَجَّ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةٌ فَشَدَّدَ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ، سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ فِيهِ، وَأَمَّا مَنْ أَفْسَدَ قَضَاءَ صَلَاةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَهَلْ لَهُ تَقْدِيمُ الْقَضَاءِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ وَكَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ] : أَيْ لِكُلِّ فَاسِدٍ هَدْيٌ، وَلَكِنْ يَجِبُ تَأْخِيرُ كُلٍّ لِلْقَضَاءِ وَأَجْزَأَ لَهُ إنْ قَدَّمَ عَامَ الْفَسَادِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَكُونُ تَعَدَّدَ الْجِمَاعُ] إلَخْ: أَيْ بِخِلَافِ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةِ فِي غَيْرِ مَسَائِلِ اتِّحَادِهَا، فَيَتَعَدَّدُ كُلٌّ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهِ.
تَنْبِيهٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ هَدَايَا إنْ أَفْسَدَ إحْرَامَهُ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ، وَأَوْلَى إنْ فَاتَهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ، وَعَلَى كُلٍّ قَضَاهُ قَارِنًا: هَدْيٌ لِلْفَسَادِ، وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ الْقَضَاءِ. وَيَسْقُطُ هَدْيُ الْقِرَانِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ.
مَسْأَلَةٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ إحْجَاجُ مُكْرَهَتِهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى الْإِذْنِ لَهَا وَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَحُجَّ إنْ عُدِمَ، وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ إنْ أَيْسَرَ بِالْأَقَلِّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ، وَمِمَّا اكْتَرَتْ بِهِ إنْ اكْتَرَتْ، أَوْ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السَّرَفِ إنْ لَمْ تَكْتَرِ، وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ النُّسُكِ، وَكَيْلِ الطَّعَامِ أَوْ ثَمَنِهِ وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ، وَإِنْ صَامَتْ لَمْ تَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ مُفَارَقَةُ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهَا مِنْ حِينِ إحْرَامِهِ بِالْقَضَاءِ لِتَحَلُّلِهِ خَوْفًا مِنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِ مَا مَضَى، وَلَا يُرَاعِي فِي الْقَضَاءِ زَمَنَ إحْرَامِهِ بِالْمُفْسَدِ، فَلِمَنْ أَحْرَمَ فِي الْمُفْسَدِ مِنْ شَوَّالٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ،