الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا هُوَ الْآنَ بِمِصْرَ وَمَكَّةَ وَغَيْرِهِمَا. وَأَمَّا الْمَوَاتُ فَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا، وَمَنْ أَحْيَا مِنْهَا شَيْئًا فَهُوَ لَهُ مِلْكٌ.
(كَ) أَرْضِ (مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ) : مِنْ كُلِّ مَا فُتِحَتْ عَنْوَةً.
(وَخُمِّسَ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ سَائِرِ الْأَمْوَالِ قَالَ تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] الْآيَةُ.
(فَخَرَاجُهَا) : أَيْ الْأَرْضِ، (وَالْخُمُسُ) الْمَذْكُورُ، (وَالْجِزْيَةُ وَعُشْرُ) تِجَارَةِ (أَهْلِ الذِّمَّةِ) ، وَكَذَا عُشْرُ الْحَرْبِيِّينَ إذَا دَخَلُوا عِنْدَنَا بِأَمَانٍ، (وَمَا) : أَيْ وَكُلُّ مَالٍ (جُهِلَتْ أَرْبَابُهُ) وَمَالُ الْمُرْتَدِّ إذَا قُتِلَ لِرِدَّتِهِ (وَتَرِكَةُ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ) ، مَا أَخَذَهُ الْإِمَامُ فِي نَظِيرِ مَعْدِنٍ أَوْ إقْطَاعٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَا كَلَامَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا] : أَيْ وَلَوْ السُّلْطَانَ.
[قَسَمَ الْغَنَائِم وَالنَّظَر فِي الْأَسْرَى ومصارف بَيْت الْمَال وَمَوَارِده]
. قَوْلُهُ: [فَخَرَاجُهَا] : أَيْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ، وَمِثْلُهَا: خَرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ وَلَا تُورَثُ أَرْضُ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْفَلَّاحِينَ وَلَهُ وَرَثَةٌ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّ الذُّكُورَ تَخْتَصُّ بِالْأَرْضِ دُونَ الْإِنَاثِ كَمَا فِي بَعْضِ قُرَى الصَّعِيدِ - فَإِنَّهُ يَجِبُ إجْرَاؤُهُمْ عَلَى عَادَاتِهِمْ عَلَى مَا يَظْهَرُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْعَادَةَ وَالْعُرْفَ صَارَتْ كَإِذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ. وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ. وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَرَجِ وَالْفَسَادِ، وَلِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا الْعَادَةُ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَارِثِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ، نَعَمْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَالْأَمْرُ لِلْمُلْتَزِمِ. وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ فَتَاوَى مَعْزُوَّةٍ لِبَعْضِ أَئِمَّتِنَا كَالشَّيْخِ الْخَرَشِيِّ وَالشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالشَّيْخِ يَحْيَى الشَّاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ، مِنْ أَنَّ أَرْضَ الزِّرَاعَةِ تُورَثُ، فَهِيَ فَتْوَى بَاطِلَةٌ لِمُنَافَاتِهَا مَا تَقَدَّمَ، وَغَالِبُهُمْ قَدْ شَرَحَ هَذَا الْمُخْتَصَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِرْثَ وَلَا بِالْإِشَارَةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْفَتَاوَى مَكْذُوبَةٌ عَلَيْهِمْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا (اهـ. بِحُرُوفِهِ) . قَوْلُهُ:[وَالْجِزْيَةُ] : أَيْ عَنْوِيَّةً أَوْ صُلْحِيَّةً.
كُلُّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يُصْرَفُ (لِآلِهِ عليه الصلاة والسلام) بِقَدْرِ كِفَايَةِ سَنَةٍ أَوْ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ، وَيُنَفَّلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ لِمَنْعِهِمْ مِنْ؛ الزَّكَاةِ وَهُمْ: بَنُو هَاشِمٍ فَقَطْ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ غَيْرِنَا بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلَبِ.
(وَلِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ جِهَادٍ) يُشْتَرَى خَيْلٌ وَسِلَاحٌ وَيُعْطَى لِلْعَسْكَرِ مَا يُنْفِقُونَهُ فِي سَفَرِهِمْ أَوْ رِبَاطِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ، (وَ) مِنْ (قَضَاءِ دَيْنِ مُعْسِرٍ وَتَجْهِيزِ مَيِّتٍ) لَا مَالَ لَهُ، (وَإِعَانَةِ مُحْتَاجٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) وَهُمْ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ لَا سِيَّمَا الْمُنْقَطِعِينَ لِقِرَاءَتِهِ وَتَدْوِينِهِ، وَلِلْإِفْتَاءِ وَالْقَضَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَغَيْرِهِمْ) مِنْ كُلِّ مُحْتَاجٍ وَيَتِيمٍ وَأَرْمَلَ، وَتَزْوِيجِ أَعْزَبَ وَإِعَانَةِ حَاجٍّ، (وَ) مِنْ (مَسَاجِدَ وَقَنَاطِرَ وَنَحْوِهَا) كَحِصْنٍ، وَسُورٍ، وَسُفُنٍ، وَعَقْلِ جِرَاحٍ، وَعِمَارَةِ ثُغُورٍ.
(وَالنَّظَرُ) فِي ذَلِكَ كُلِّهِ (لِلْإِمَامِ) بِالْمَصْلَحَةِ وَالْمَعْرُوفِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (النَّفَقَةُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (عَلَى) نَفْسِهِ وَ (عِيَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ) لَا بِالْإِسْرَافِ.
(وَبُدِئَ) وُجُوبًا بِالْإِعْطَاءِ (بِمَنْ) : أَيْ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْ آلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ جُبِيَ (فِيهِمْ الْمَالُ) الْخَرَاجُ أَوْ الْجِزْيَةُ أَوْ الْخُمُسُ أَوْ غَيْرُهَا، فَيُعْطَوْنَ كِفَايَةَ سَنَةٍ إنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يُنْقَلُ الْبَاقِي لِغَيْرِهِمْ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كُلُّ ذَلِكَ] : أَيْ جَمِيعُ الْعَشَرَةِ التِّسْعَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ، وَالْعَاشِرُ إخْرَاجُ أَرْضِ الصُّلْحِ. وَلَا تُضَمُّ لَهَا الزَّكَاةُ بَلْ تُصْرَفُ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، وَلَوْ تَوَلَّاهَا السُّلْطَانُ.
قَوْلُهُ: [وَعِنْدَ غَيْرِنَا] : أَيْ الشَّافِعِيِّ فَقَطْ، وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُمْ فِرَقٌ خَمْسَةٌ: آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ الْحَارِثِ، وَآلُ الْعَبَّاسِ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَهَؤُلَاءِ أَقَلُّ أَفْرَادًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ.
قَوْلُهُ: [بِالْمَعْرُوفِ] : أَيْ وَلَوْ اُسْتُغْرِقَ الْجَمِيعُ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْدَأُ الْإِمَامُ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ؟ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ. أَوْ لَا يُبْدَأُ بِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ؟ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرُهَا] : أَيْ مِنْ بَاقِي الْعَشَرَةِ.
قَوْلُهُ: [وَالْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ] : أَيْ يَنْقُلُ الْإِمَامُ مِمَّنْ فِيهِمْ الْمَالُ لِغَيْرِهِمْ الْأَكْثَرَ
(وَنَظَرَ) الْإِمَامُ أَيْ لَهُ النَّظَرُ بِالْمَصْلَحَةِ (فِي الْأَسْرَى) غَيْرِ النِّسَاءِ بِأَحَدِ أُمُورٍ خَمْسَةٍ: (بِمَنٍّ) أَيْ عِتْقٍ. (أَوْ فِدَاءٍ) بِمَالٍ مِنْهُمْ. (أَوْ) ضَرْبِ (جِزْيَةٍ)(أَوْ قَتْلٍ) . (أَوْ اسْتِرْقَاقٍ) وَيُحْسَبُ غَيْرُ الِاسْتِرْقَاقِ مِنْ الْخُمُسِ.
(وَنَفَّلَ) الْإِمَامُ (مِنْ الْخُمُسِ) أَيْ لَهُ ذَلِكَ (لِمَصْلَحَةٍ) كَكَوْنِ الْمُنَفَّلِ شُجَاعًا أَوْ ذَا تَدْبِيرٍ وَرَأْيٍ فِي الْحُرُوبِ، أَوْ خُصُوصِيَّةٍ لَمْ تَكُنْ فِي غَيْرِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْإِمَامِ (قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ) أَنْ يَقُولَ: (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ لِأَنَّهُ يَصْرِفُ نِيَّتَهُمْ لِقِتَالِ الدُّنْيَا، وَلِذَا جَازَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ،
ــ
[حاشية الصاوي]
إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَحْوَجَ مِنْهُ
قَوْلُهُ: [غَيْرَ النِّسَاءِ] أَيْ الصِّبْيَانِ فَهَذِهِ الْوُجُوهُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلِينَ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ وَالْفِدَاءُ.
قَوْلُهُ: [وَيُحْسَبُ غَيْرُ الِاسْتِرْقَاقِ مِنْ الْخُمُسِ] : أَيْ فَيَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ بِخِلَافِ الِاسْتِرْقَاقِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ أَخْمَاسًا لِلْمُجَاهِدِينَ وَبَيْتِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: [وَنَفَّلَ الْإِمَامُ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّ النَّفَلَ مَا يُعْطِيهِ الْإِمَامُ مِنْ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ لِمُسْتَحِقِّهَا لِمَصْلَحَةٍ، وَهُوَ جُزْئِيٌّ وَكُلِّيٌّ، فَالْأَوَّلُ مَا يُعْطِيهِ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَقُولَ خُذْ يَا فُلَانُ هَذَا الدِّينَارَ أَوْ الْبَعِيرَ مَثَلًا، وَالثَّانِي مَا ثَبَتَ بِقَوْلِهِ:«مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» .
قَوْلُهُ: [وَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ] : أَيْ يُكْرَهُ لَهُ أَوْ يَحْرُمُ، وَظَاهِرُ صَنِيعِ عب اعْتِمَادُ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، لِأَنَّ الْقِتَالَ لِأَجْلِ الْغَنِيمَةِ لَيْسَ حَرَامًا، بَلْ خِلَافُ الْأَكْمَلِ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ] : أَيْ مَا يُسْلَبُ مِنْ الْمَقْتُولِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْفِعْلِ الْمَاضِي الْمُسْتَقْبَلُ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ، فَمَعْنَى مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مَنْ يَقْتُلُ قَتِيلًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ، بَلْ هُوَ مَاضِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، لِأَنَّ الْمَعْنَى مَنْ كَانَ قَتَلَ مِنْكُمْ قَتِيلًا.
(وَ) إنْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ (مَضَى) وَعَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، (إنْ لَمْ يُبْطِلْهُ قَبْلَ حَوْزِ الْمَغْنَمِ) بِأَنْ لَمْ يُبْطِلْهُ أَصْلًا أَوْ أَبْطَلَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ فَإِنْ أَبْطَلَهُ قَبْلَ حَوْزِهِ بَطَلَ وَاعْتُبِرَ إبْطَالُهُ فِيمَا بَعْدَ الْإِبْطَالِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ.
(وَ) إذَا قُلْنَا بِمُضِيِّهِ أَوْ قَالَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ فَيَكُونُ (لِمُسْلِمٍ فَقَطْ) لَا ذِمِّيٍّ (سَلَبٌ) : وَهُوَ مَا يُسْلَبُ مِنْ الْحَرْبِيِّ الْمَقْتُولِ (اُعْتِيدَ) مِنْ ثِيَابٍ وَفَرَسٍ يَرْكَبُهَا، وَمِنْطَقَةٍ وَسِلَاحٍ وَدِرْعٍ وَسَرْجٍ وَلِجَامٍ، لَا سِوَارٍ وَصَلِيبٍ وَعَيْنٍ وَدَابَّةٍ غَيْرِ مَرْكُوبَةٍ، وَلَا مَمْسُوكَةٍ لَهُ لِلرُّكُوبِ، بَلْ جَنِيبٍ يُقَادُ أَمَامَهُ لِلِافْتِخَارِ، لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ وَيَكُونُ لَهُ الْمُعْتَادُ.
(وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) مُنَادَاةَ الْإِمَامِ: " مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ "(أَوْ تَعَدَّدَ) مَقْتُولُهُ فَلَهُ سَلَبُ الْجَمِيعِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْ) الْإِمَامُ (قَاتِلًا) .
(وَإِلَّا) : بِأَنْ عَيَّنَ قَاتِلًا كَأَنْ قَالَ: إنْ قَتَلْت يَا فُلَانُ قَتِيلًا فَلَكَ سَلَبُهُ فَقَتَلَ قَتْلَى (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمْ لَهُ سَلَبُهُ دُونَ مَنْ بَعْدَهُ.
(وَلَمْ يَكُنْ) السَّلَبُ (لِكَامْرَأَةٍ) عَطْفٌ عَلَى اُعْتِيدَ، فَإِنْ كَانَ لِامْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا فِيمَا قَبْلَهُ] : أَيْ فَمَنْ كَانَ قَتَلَ قَتِيلًا قَبْلَ إبْطَالِ الْإِمَامِ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ.
قَوْلُهُ: [لَا ذِمِّيٍّ] : أَيْ مَا لَمْ يَنْفُذْهُ لَهُ الْإِمَامُ وَإِلَّا فَيَمْضِي، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [اُعْتِيدَ] : أَيْ وُجُودُهُ مَعَ الْمَقْتُولِ، وَيَثْبُتُ كَوْنُهُ قَتِيلًا بِعَدْلَيْنِ إنْ شَرَطَ الْإِمَامُ الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ.
قَوْلُهُ: [فَالْأَوَّلُ مِنْهُمْ] : أَيْ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَتَلَهُمَا مَعًا، وَقِيلَ لَهُ الْأَقَلُّ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْأَكْثَرُ فِي الثَّانِي، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ قَوْلِهِ: إنْ قَتَلْت يَا فُلَانُ قَتِيلًا وَبَيْنَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا مُشْكِلٌ، إذْ فِي كِلَيْهِمَا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ وَهِيَ تَعُمُّ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ الْفَاعِلَ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا عَلَى اتِّسَاعِ الْعَطَاءِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الْعَطَاءُ، وَهُوَ يَتَحَقَّقُ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا، فَإِنَّ الْعُمُومَ يُقَوِّي الْعُمُومَ - كَذَا قَرَّرَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ.
أَوْ شَيْخٍ فَانٍ أَوْ لِرَاهِبٍ مُنْعَزِلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَلَبُهُمْ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ (إلَّا إنْ قَاتَلَتْ) مُقَاتَلَةَ الرِّجَالِ بِالسِّلَاحِ، أَوْ قَتَلَتْ إنْسَانًا فَيَكُونُ لِقَاتِلِهَا سَلَبُهَا لِجَوَازِ قَتْلِهَا حِينَئِذٍ، وَكَذَا مَنْ ذُكِرَ مَعَهَا الدَّاخِلُ تَحْتَ الْكَافِ.
(كَالْإِمَامِ) : لَهُ سَلَبٌ اُعْتِيدَ، وَلَمْ يَكُنْ لِكَامْرَأَةٍ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ، (إنْ لَمْ يَقُلْ) : مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا (مِنْكُمْ) ، وَإِلَّا فَلَا سَلَبَ لَهُ لِأَنَّهُ خَصَّ غَيْرَهُ (وَلَمْ يَخُصَّ نَفْسَهُ)، بِأَنْ قَالَ: إنْ قَتَلْت أَنَا قَتِيلًا فَلِي سَلَبُهُ فَلَا سَلَبَ لَهُ لِأَنَّهُ حَابَى نَفْسَهُ.
(وَقَسَّمَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسِ) الْبَاقِيَةَ عَلَى الْجَيْشِ (لِذَكَرٍ) لَا أُنْثَى، (مُسْلِمٍ) لَا ذِمِّيٍّ، (حُرٍّ) لَا رَقِيقٍ، (عَاقِلٍ) لَا مَجْنُونٍ، (حَاضِرٍ) لِلْقِتَالِ لَا غَائِبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ غِيَابُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِأَمْرِ الْجَيْشِ كَمَا يَأْتِي.
(كَتَاجِرٍ وَأَجِيرٍ) يُقْسَمُ لَهُمَا (إنْ قَاتَلَا) بِالْفِعْلِ، (أَوْ خَرَجَا) مَعَ الْجَيْشِ (بِنِيَّتِهِ) أَيْ الْقِتَالِ، وَإِلَّا فَلَا يُسْهَمُ لَهُمَا.
(وَصَبِيٍّ) يُسْهَمُ لَهُ (إنْ أَطَاقَهُ) أَيْ الْقِتَالَ، (وَأُجِيزَ) أَيْ أَجَازَهُ الْإِمَامُ، (وَقَاتَلَ) بِالْفِعْلِ وَإِلَّا فَلَا. لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ - وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ - أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لَهُ مُطْلَقًا (لَا ضِدَّهُمْ) مِنْ أُنْثَى وَذِمِّيٍّ وَرَقِيقٍ إلَخْ فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ، وَلَوْ قَاتَلُوا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا أُنْثَى] : أَيْ فَلَا يُسْهَمُ لَهَا، وَلَوْ قَاتَلَتْ إلَّا إذَا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ عَلَيْهَا بِفَجْءِ الْعَدُوِّ، وَإِلَّا أُسْهِمَ لَهَا كَمَا قَالَ الْجُزُولِيُّ وَمِثْلُهَا الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ.
قَوْلُهُ: [حَاضِرٍ لِلْقِتَالِ] : أَيْ وَلَوْ لَمْ يُقَاتِلْ بِالْفِعْلِ.
قَوْلُهُ: [إنْ قَاتَلَا بِالْفِعْلِ] : وَقِيلَ يَكْفِي فِي الْإِسْهَامِ لَهُمَا شُهُودُ الْقِتَالِ، وَقِيلَ بِعَدَمِ الْإِسْهَامِ لِلْأَجِيرِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَاتَلَ؛ فَفِي الْأَجِيرِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، وَفِي التَّاجِرِ قَوْلَانِ، حَيْثُ كَانَ خُرُوجُهُمَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ وَالْخِدْمَةِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ خُرُوجُهُمَا لِلْغَزْوِ ثُمَّ طَرَأَتْ التِّجَارَةُ وَالْخِدْمَةُ، فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ خَرَجَا مَعَ الْجَيْشِ بِنِيَّتِهِ] : ظَاهِرُهُ كَانَتْ نِيَّةُ الْغَزْوِ تَابِعَةً أَوْ مَتْبُوعَةً، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ اعْتِمَادُ تَوَقُّفِ الْإِسْهَامِ عَلَى كَوْنِهَا غَيْرَ تَابِعَةٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُسْهَمُ لَهُمْ وَلَوْ قَاتَلُوا] : الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ شَمَلَهُمْ
(كَمَيِّتٍ قَبْلَ اللِّقَاءِ) مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ فَرَسٍ لَا يُسْهَمُ لَهُ: (وَأَعْمَى وَأَعْرَجَ وَأَشَلَّ وَأَقْطَعَ) لَا يُسْهَمُ لَهُمْ (إلَّا لِتَدْبِيرٍ) وَرَأْيٍ مِنْهُمْ فِي الْحَرْبِ فَيُسْهَمُ لَهُمْ.
(وَمُتَخَلِّفٍ) عَنْ الْجَيْشِ (لِحَاجَةٍ) لَا يُسْهَمُ لَهُ (إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ) الْحَاجَةُ (بِالْجَيْشِ) مِنْ كَزَادٍ وَمَاءٍ وَمَدَدٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(بِخِلَافِ ضَالٍّ) عَنْ الْجَيْشِ فَيُسْهَمُ لَهُ (وَإِنْ) ضَلَّ (بِأَرْضِنَا) خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ.
(وَمَرِيضٍ شَهِدَ) الْقِتَالَ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ بِالْفِعْلِ، فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضُهُ مِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَفْظُ الضِّدِّ وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِغَيْرِ ضِدِّ الْحَاضِرِ، إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْقِتَالُ مَعَ الْغَيْبَةِ وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْإِسْهَامِ لَهُمْ حِينَئِذٍ، فَالْخِلَافُ مَوْجُودٌ حَتَّى فِي الذِّمِّيِّ إذَا قَاتَلَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ. تَنْبِيهٌ:
كَمَا لَا يُسْهَمُ لِتِلْكَ الْأَضْدَادِ لَا يُرْضَخُ لَهُمْ. وَالرَّضْخُ: مَالٌ مَوْكُولٌ تَقْدِيرُهُ لِلْإِمَامِ مَحَلُّهُ الْخُمُسُ كَالنَّفْلِ.
قَوْلُهُ: [كَمَيِّتٍ قَبْلَ اللِّقَاءِ] : أَيْ الْقِتَالِ فَلَا يُسْهَمُ لَهُ وَلَا يُرْضَخُ لَهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَعْرَجَ] : قَالَ فِي الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ أَيْ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا، فَيُسْهَمُ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّتَّائِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْهَمُ لِلْأَعْرَجِ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَاتَلَ. قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الْقَيْدِ فِي الْأَعْمَى أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ الْحَاجَةُ بِالْجَيْشِ] : أَيْ أَوْ بِأَمِيرِهِ كَتَخَلُّفِهِ لِأَجْلِ تَمْرِيضِ ابْنِ الْأَمِيرِ مَثَلًا لِقَضِيَّةِ «عُثْمَانَ حِينَ أَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالرُّجُوعِ لِتَجْهِيزِ زَوْجَتِهِ بِنْتِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ وَأَسْهَمَ لَهُ» .
قَوْلُهُ: [وَإِنْ ضَلَّ بِأَرْضِنَا] : وَمِثْلُهُ مَنْ رَدَّتْهُ الرِّيحُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُمْ مَعَ أَصْحَابِهِمْ الَّذِينَ وَصَلُوا وَغَنِمُوا، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا: وَلَوْ ضَلَّ رَجُلٌ مِنْ الْعَسْكَرِ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى غَنِمُوا فَلَهُ سَهْمُهُ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الَّذِينَ رَدَّتْهُمْ الرِّيحُ (اهـ.)
قَوْلُهُ: [وَمَرِيضٍ شَهِدَ الْقِتَالَ] : أَيْ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَرَضُهُ كَمَا هُوَ السِّيَاقُ سَوَاءٌ
حُضُورِ الْقِتَالِ لَمْ يُسْهَمْ لَهُ.
(كَفَرَسٍ رَهِيصٍ) يُسْهَمُ لَهُ، وَالرَّهْصُ، مَرَضٌ بِبَاطِنِ قَدَمِ الْفَرَسِ لِأَنَّهُ بِصِفَةِ الصَّحِيحِ.
(وَ) يُسْهَمُ (لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ) وَلِرَاكِبِهِ بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، (وَإِنْ لَمْ يُسْهَمْ لِرَاكِبِهِ) لِفَقْدِ شُرُوطِهِ (كَعَبْدٍ) وَذِمِّيٍّ، (وَإِنْ) كَانَ الْقِتَالُ (بِسَفِينَةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخَيْلِ إرْهَابُ الْعَدُوِّ، وَلِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ الْخُرُوجَ مِنْ السَّفِينَةِ لَقُوتِلَ عَلَيْهَا.
(أَوْ) كَانَ الْفَرَسُ (بِرْذَوْنًا) وَهُوَ الْعَظِيمُ الْخِلْقَةِ الْغَلِيظُ الْأَعْضَاءِ، (وَهَجِينًا) وَهُوَ مَا كَانَ أَبُوهُ عَرَبِيًّا وَأُمُّهُ نَبَطِيَّةً أَيْ رَدِيئَةً، وَعَكْسُ الْهَجِينِ - وَهُوَ مَا أُمُّهُ عَرَبِيَّةٌ وَأَبُوهُ نَبَطِيٌّ - كَذَلِكَ سَهْمَانِ؛ وَيُسَمَّى مُقْرِفًا بِالْفَاءِ اسْمِ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَفَ، (وَصَغِيرًا يَقْدِرُ بِهَا) أَيْ بِالثَّلَاثَةِ (عَلَى الْكَرِّ) عَلَى الْعَدُوِّ (وَالْفَرِّ) مِنْهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَانَ الْمَرَضُ حَصَلَ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْغَنِيمَةِ أَوْ حَصَلَ لَهُ فِي ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ، وَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى هُزِمَ الْعَدُوُّ، فَفِي الْأُولَى يُسْهَمُ لَهُ اتِّفَاقًا، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الرَّاجِحِ.
قَوْلُهُ: [كَفَرَسٍ رَهِيصٍ] : أَيْ وَمِثْلُهُ الْفَرَسُ الْمَرِيضُ إذَا رُجِيَ بُرْؤُهُ يُسْهَمُ لَهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ. وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ الْقِتَالَ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا مَنَعَهُ الْمَرَضُ مِنْ الْقِتَالِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فَإِنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ بِلَا خِلَافٍ.
قَوْلُهُ: [وَهَجِينًا] : أَيْ مِنْ الْخَيْلِ لَا الْإِبِلِ إذْ لَا يُسْهَمُ لَهَا وَلَوْ قُوتِلَ عَلَيْهَا بِالْفِعْلِ. تَنْبِيهَانِ:
الْأَوَّلُ: إذَا كَانَ الْفَرَسُ مُحْبَسًا فَسَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ لَا لِلْمُحْبِسِ، وَلَا فِي مَصَالِحِهِ كَعَلَفٍ وَنَحْوِهِ، وَالْمَغْصُوبُ سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ آحَادِ الْمُجَاهِدِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَسَهْمَاهُ لِرَبِّهِ.
الثَّانِي: لَا يُسْهَمُ لِلْفَرَسِ الْأَعْجَفِ وَهُوَ الْهَزِيلُ الَّذِي لَا نَفْعَ بِهِ، وَلَا الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا الْبَغْلِ وَالْفَرَسِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ سَهْمَاهُ لِلْمُقَاتِلِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ.
(وَ) الْغَازِي (الْمُسْتَنَدُ لِلْجَيْشِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ؛ بِأَنْ كَانَ فِي حَالِ انْفِرَادِهِ عَنْهُ سَائِرًا تَحْتَ ظِلِّهِ وَأَمَانِهِ وَلَا اسْتِقْلَالَ لَهُ بِنَفْسِهِ (كَالْجَيْشِ) فِيمَا غَنِمَهُ فِي انْفِرَادِهِ عَنْهُ، فَيُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْجَيْشِ. كَمَا أَنَّ مَا غَنِمَهُ الْجَيْشُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَنَدُ لَهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَنَدُ مِمَّنْ يُقْسَمُ. فَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا اخْتَصَّ بِهِ الْجَيْشُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ قُوَّةٌ تُكَافِئُ قُوَّةَ الْجَيْشِ أَوْ تَزِيدُ، فَيُقْسَمُ مَا غَنِمَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَيْشِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ يُخَمِّسُ الْجَيْشُ نَصِيبَهُ مِنْهُ.
(وَإِلَّا) يَسْتَنِدْ الْمُنْعَزِلُ لِلْجَيْشِ بِأَنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، (فَلَهُ مَا غَنِمَهُ) وَلَا دَخْلَ لِلْجَيْشِ فِيهِ.
(وَخَمَّسَ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا) عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّيْخِ (لَا ذِمِّيٌّ) فَلَا يُخَمَّسُ وَاخْتُصَّ بِجَمِيعِ مَا غَنِمَهُ.
(وَالشَّأْنُ) الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ السَّلَفِ (الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ) لِأَنَّهُ أَسْرٌ لِلْغَانِمِينَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَيُقْسَمُ مَا غَنِمَهُ بَيْنَهُ] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَنَدُ طَائِفَةً قَلِيلَةً.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ عَبْدًا] : رَدَّ بِ (لَوْ) عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُخَمَّسُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ إلَّا إذَا كَانَ حُرًّا. وَمَحَلُّ تَخْمِيسِ الْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ التَّلَصُّصِ؛ وَإِلَّا فَلَا تَخْمِيسَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ [الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ] وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ لِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا وَأَمِنُوا مِنْ كَرِّ الْعَدُوِّ، فَإِنْ خَافُوا كَرَّ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ أَوْ كَانُوا سَرِيَّةً أَخَّرُوا