الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْمٍ (صَالِحِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ) لِيَظْهَرَ لَهُمْ الْحَالُ، فَيُخْبِرُوا الْحَاكِمَ بِذِي الضَّرَرِ.
(ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ وَالنِّزَاعُ (بَعَثَ) الْحَاكِمُ (حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا) : أَيْ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا (إنْ أَمْكَنَ) ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَأَجْنَبِيَّيْنِ.
(وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ) لِأَنَّ الْجَارَ أَدْرَى بِحَالِ الْجَارِ.
(وَصِحَّتَهُمَا) أَيْ الْحَكَمَيْنِ: أَيْ شُرِطَ صِحَّتُهُمَا (بِالْعَدَالَةِ) فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ، سَوَاءٌ حَكَمَ بِطَلَاقٍ أَوْ إبْقَاءٍ أَوْ بِمَالٍ، وَغَيْرُ الْعَدْلِ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ فَاسِقٌ، (وَالذُّكُورَةِ) فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ النِّسَاءِ (وَالرُّشْدِ) فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ سَفِيهٍ، (وَالْفِقْهِ بِذَلِكَ) فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ جَاهِلٍ بِمَا وُلِّيَ فِيهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَعَثَ حكمين مِنْ أَهْل الزَّوْجَيْنِ]
قَوْلُهُ: [حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا] : أَيْ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ، وَأَطْيَبُ لِلْإِصْلَاحِ، وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إلَيْهِمَا، فَيُبْرِزَانِ مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ، وَإِرَادَةِ الْفُرْقَةِ أَوْ الصُّحْبَةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَأَجْنَبِيَّيْنِ] : فَإِنْ بَعَثَ أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَفِي نَقْضِ حُكْمِهِمَا تَرَدُّدٌ، وَالظَّاهِرُ نَقْضُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا وَاجِبٌ شُرِطَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [سَوَاءٌ حَكَمَ بِطَلَاقٍ] : أَيْ بِغَيْرِ مَالٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمَالٍ أَيْ فِي خُلْعٍ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ النِّسَاءِ] : لِأَنَّ الْحَكَمَ حَاكِمٌ وَإِمَامٌ مُقْتَدًى بِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ مِنْ النِّسَاءِ وَلَا الِاقْتِدَاءُ بِهِنَّ لِنَقْصِهِنَّ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ سَفِيهٍ] : اعْلَمْ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ، وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ أَهْلِ زَمَانِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَدْلِ أَنْ لَا يَكُونَ مُوَلًّى عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُهْمَلًا فَإِنْ اتَّصَفَ بِمَا اُعْتُبِرَ فِي الْعَدْلِ فَعَدْلٌ وَإِلَّا فَلَا؛ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَلَا يَصِحُّ حُكْمُ سَفِيهٍ أَيْ حَيْثُ كَانَ مُوَلًّى عَلَيْهِ أَوْ مُهْمَلًا غَيْرَ عَدْلٍ.
قَوْلُهُ: [وَالْفِقْهُ بِذَلِكَ] : أَيْ فَغَيْرُ الْفَقِيهِ لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ مَا لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ، فَإِنْ حَكَمَ بِمَا أَشَارُوا عَلَيْهِ بِهِ كَانَ حُكْمُهُ نَافِذًا.
(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ) مَا اسْتَطَاعَا: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] ، (فَإِنْ تَعَذَّرَ) الْإِصْلَاحُ (طَلَّقَا) أَيْ حَكَمَا بِالطَّلَاقِ، (وَنَفَذَ) حُكْمُهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، (وَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا) : أَيْ الزَّوْجَانِ بِحُكْمِهِمَا، (أَوْ) لَمْ يَرْضَ (الْحَاكِمُ بِهِ) .
(وَلَوْ كَانَا) أَيْ الْحَكَمَانِ مُقَامَيْنِ (مِنْ جِهَتِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ فَهُوَ نَافِذٌ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الزَّوْجَانِ أَوْ الْحَاكِمُ فَأَوْلَى إذَا أَقَامَهُمَا الْحَاكِمُ، (بِوَاحِدَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِطَلَّقَا. (وَلَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ (مَا زَادَ) عَلَى الْوَاحِدَةِ (إنْ أَوْقَعَا أَكْثَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ.
(وَطَلَّقَا) بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ فَيُطَلَّقَانِ (بِلَا خُلْعٍ) ، أَيْ بِلَا مَالٍ يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لِلزَّوْجِ (إنْ أَسَاءَ) الزَّوْجُ، أَيْ إنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهُ، (وَبِهِ) أَيْ بِالْخُلْعِ (إنْ أَسَاءَتْ) أَيْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْهَا، (أَوْ يَأْتَمِنَاهُ عَلَيْهَا) بِلَا طَلَاقٍ، بِأَنْ يَأْمُرَاهُ بِالصَّبْرِ عَلَيْهَا وَعَدَمِ مُعَامَلَتِهَا بِالضَّرَرِ الْوَاقِعِ مِنْهَا إنْ اقْتَضَى النَّظَرُ وَالْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ. (وَإِنْ أَسَاءَا مَعًا) أَيْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَضُرُّ بِصَاحِبِهِ (تَعَيَّنَ) الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ عِنْدَ الْأَكْثَرِ إذَا لَمْ تَرْضَ بِالْمُقَامِ مَعَهُ. (وَجَازَ) الطَّلَاقُ (بِهِ) أَيْ بِالْخُلْعِ (بِالنَّظَرِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ) أَيْ الْأَكْثَرِ وَهُمْ الْأَقَلُّ هَكَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ. وَاعْتُرِضَ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ الَّذِي مُقْتَضَاهُ عَكْسُ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الزَّوْجَانِ أَوْ الْحَاكِمُ] : أَيْ أَوْ كَانَ الْحُكْمُ الَّذِي أَوْقَعَاهُ مُخَالِفًا لِمَذْهَبِهِ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ مُوَافَقَتُهُمَا لَهُ فِي الْمَذْهَبِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ مَا زَادَ] : حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمَا ابْتِدَاءُ إيقَاعِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَإِذَا أَوْقَعَاهُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْهُ إلَّا وَاحِدَةٌ، لِأَنَّ الزَّائِدَ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ.
قَوْلُهُ: [وَطَلَّقَا بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ] : إنْ قُلْت إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَكَمَيْنِ الطَّلَاقُ ابْتِدَاءً وَهُوَ يُعَارِضُ مَا يَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْمُحَكَّمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ فِي الطَّلَاقِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ حَكَمَ مَضَى حُكْمُهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا هُنَا الطَّلَاقُ لَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ مِنْ التَّحْكِيمِ، بَلْ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ الْإِصْلَاحُ، فَلِذَا جَازَ لَهُمْ ابْتِدَاءُ الطَّلَاقِ، وَمَا يَأْتِي
اُنْظُرْ شَرْحَ الشَّبْرَخِيتِيِّ.
(وَأَتَيَا الْحَاكِمَ) بَعْدَ حُكْمِهِمَا بِمَا اقْتَضَاهُ النَّظَرُ (فَأَخْبَرَاهُ وَنَفَّذَهُ) أَيْ نَفَّذَ حُكْمَهُمَا وُجُوبًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَعَقُّبُهُ وَلَا نَقْضُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ، وَفَائِدَتُهُ جَمْعُ الْكَلِمَةِ وَعَدَمُ الِاخْتِلَافِ.
(وَلِلزَّوْجَيْنِ إقَامَةُ) حَكَمٍ (وَاحِدٍ) يَرْضَيَانِهِ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ (عَلَى الصِّفَةِ) الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ كَوْنِهِ عَدْلًا رَشِيدًا ذَكَرًا عَالِمًا بِذَلِكَ، وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَرْضَيَا بِهِ فَأَوْلَى أَنَّ لَهُمَا إقَامَةَ حَكَمَيْنِ، بِخِلَافِ الْحَاكِمِ إذَا رَفَعَا إلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَعْثِ حَكَمَيْنِ إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَرِيبٌ مِنْ أَهْلِهِ، وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ تُفِيدُ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى:[فَابْعَثُوا] إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الرَّفْعِ، وَأَنَّهُمَا إذَا رَضِيَا بِإِقَامَةِ وَاحِدٍ بِلَا رَفْعٍ كَفَى. (كَالْحَاكِمِ) لَهُ إقَامَةُ الْوَاحِدِ (وَالْوَلِيَّيْنِ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ حَيْثُ كَانَ الزَّوْجَانِ مَحْجُورَيْنِ لَهُمَا إقَامَةُ الْوَاحِدِ بِلَا رَفْعٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، (إنْ كَانَ) الْمُقَامُ (أَجْنَبِيًّا) مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ قَرِيبًا لَهُمَا مَعًا قَرَابَةً مُسْتَوِيَةً،
ــ
[حاشية الصاوي]
الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ مِنْ التَّحْكِيمِ الطَّلَاقُ، فَلِذَا لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْقَاضِي الْحُكْمُ فِيهِ ابْتِدَاءً.
قَوْلُهُ: [اُنْظُرْ شَرْحَ الشَّبْرَخِيتِيِّ] : أَيْ فَإِنَّهُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ خَلِيلٍ: وَإِنْ أَسَاءَ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ؟ تَأْوِيلَانِ لَمْ نَرَ فِي كَلَامِهِمْ رُجُوعًا، قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ لِلثَّانِي فَعَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْدِيمُهُ لِأَوَّلِ التَّأْوِيلَيْنِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ نَفَّذَ حُكْمَهُمَا] بِأَنْ يَقُولَ حَكَمْت بِمَا حَكَمْتُمَا بِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ نَفَّذْت مَا حَكَمْتُمَا بِهِ، فَلَا يُرْفَعُ الْخِلَافُ.
قَوْلُهُ: [إقَامَةُ حَكَمٍ وَاحِدٍ] : أَيْ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُمَا مُسْتَوِي الْقَرَابَةِ أَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ] : ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي إقَامَةِ الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ، وَأَمَّا إقَامَةُ الزَّوْجَيْنِ مُحَكَّمًا فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ، وَلَكِنْ عَدَمُ الْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَيْنِ ضَعِيفٌ رَأَى الْمُصَنِّفُ ضَعْفَهُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ لَهُ.
كَابْنِ عَمٍّ لَهُمَا أَوْ عَمٍّ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ وَلَا لِلْوَلِيَّيْنِ إقَامَةُ الْوَاحِدِ مُطْلَقًا.
(وَلَهُمَا) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ (الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْحَكَمَيْنِ، وَعَدَمُ الرِّضَا بِحُكْمِهِمَا، إنْ أَقَامَا حَكَمَيْنِ، أَوْ الْإِقْلَاعُ عَنْ الْوَاحِدِ إنْ أَقَامَا وَاحِدًا وَمَحَلُّ جَوَازِ الْإِقْلَاعِ (إنْ أَقَامَاهُمَا) مِنْ أَنْفُسِهِمَا بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ، (مَا لَمْ) : أَيْ مُدَّةَ كَوْنِ الْحَكَمَيْنِ الْمُقَامَيْنِ مِنْهُمَا لَمْ (يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ) عَنْ حَالِهِمَا، (وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ) وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَا بَعْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ بِالْبَقَاءِ وَالصُّلْحِ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: يَنْبَغِي إذَا رَضِيَا مَعًا بِالْبَقَاءِ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَمَفْهُومُ إنْ أَقَامَاهُمَا أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ، وَلَوْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ اخْتِيَارِهِمَا فِي إقَامَتِهِمَا.
(وَإِنْ) حَكَمَا بِالطَّلَاقِ وَ (اخْتَلَفَا) أَيْ الْحَكَمَانِ (فِي الْمَالِ) أَيْ الْعِوَضِ. فَقَالَ أَحَدُهُمَا: بِعِوَضٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: مَجَّانًا (فَإِنْ الْتَزَمَتْهُ) الْمَرْأَةُ فَظَاهِرٌ (وَإِلَّا) تَلْتَزِمَهُ (فَلَا طَلَاقَ) يَلْزَمُ الزَّوْجَ وَيَرْجِعُ الْحَالُ لِمَا كَانَ، لِأَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الْحَكَمَيْنِ بِمَنْزِلَةِ حَاكِمٍ وَاحِدٍ، وَلَا وُجُودَ لِلْمَجْمُوعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ بَعْضِهِ فَقَوْلُهُ وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ أَيْ فِي أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ نَوْعِهِ فَيَنْبَغِي الرُّجُوعُ إلَى خُلْعِ الْمِثْلِ، وَقَدْ تَمَّ الْخُلْعُ مَا لَمْ يَزِدْ خُلْعُ الْمِثْلِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَمِيعًا أَوْ يَنْقُصْ عَنْ دَعْوَى أَقَلِّهِمَا ذَكَرَهُ الْأُجْهُورِيُّ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى النِّكَاحِ، شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الطَّلَاقِ، وَبَدَأَ بِالْخُلْعِ لِتَقَدُّمِ ذِكْرِهِ فِي النُّشُوزِ وَلِأَنَّ لَهُ أَحْكَامًا تَخُصُّهُ وَهِيَ قَلِيلَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْكَامِ غَيْرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ، فَقَدَّمَهَا لِيَتَفَرَّغَ مِنْهَا لِذِكْرِ أَحْكَامِ غَيْرِهِ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ] إلَخْ: قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَمُفَادُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُهُ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ] إلَخْ: أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: طَلَّقْت بِعَشَرَةٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: بِثَمَانِيَةٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ صِفَتُهُ، أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: بِمَقْطَعٍ هِنْدِيٍّ، وَقَالَ الْآخَرُ: بِبَلَدِيٍّ، وَقَوْلُهُ أَوْ نَوْعُهُ أَيْ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: بِفَرَسٍ وَالْآخَرُ: بِبَعِيرٍ فَالْحُكْمُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.