الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ (وَتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ) الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ وَلَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ، فَلَا يَحْتَاجُ لِوَلِيٍّ غَيْرِهِ يَتَوَلَّى مَعَهُ الْعَقْدَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ وَلِيٍّ غَيْرِهِ مَعَهُ. وَأَشَارَ لِتَصْوِيرِ التَّزْوِيجِ لِنَفْسِهِ وَتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ بِقَوْلِهِ: (بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا) مِنْ الْمَهْرِ، وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَمَّا كَانَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ هَذَا الْمَبْحَثِ مَسْأَلَةُ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ أَذِنَتْ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ فِي تَزْوِيجِهَا (لِوَلِيَّيْنِ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ بِأَنْ قَالَتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِتَزَوَّجْتُكِ بِكَذَا] : أَيْ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ: قَبِلْت نِكَاحَك لِنَفْسِي بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: تَزَوَّجْتُك مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ، كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَبَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ] إلَخْ: أَيْ يَحْضُرَانِ الْعَقْدَ أَوْ يُشْهِدُهُمَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الدُّخُولِ. تَنْبِيهٌ:
إنْ أَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ الْعَقْدَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ بِأَنْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا: لَمْ يَحْصُلْ مِنْك عَقْدٌ، وَقَالَ: بَلْ عَقَدْتُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ، لِأَنَّهَا مُقَرِّرَةٌ بِالْإِذْنِ وَهُوَ قَائِمٌ مَقَامَهَا، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ، فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ غَيْرَهُ إنْ شَاءَتْ، وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ بِأَنْ يُرِيدَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَزْوِيجَهَا لِغَيْرِ مَا يُرِيدُهُ الْآخَرُ، وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَرْأَةُ وَاحِدًا نَظَرَ الْحَاكِمُ فِيمَنْ يُزَوِّجُهَا لَهُ، وَاَلَّذِي يُبَاشِرُ الْعَقْدَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ.
[ذَات الْوَلِيَّيْنِ فِي النِّكَاح]
قَوْلُهُ: [لِوَلِيَّيْنِ] : هَذَا فَرْضُ مِثَالٍ إذْ لَوْ أَذِنَتْ لِأَكْثَرَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ وَاحِدٍ فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا فَعَقَدَ لَهَا عَلَى اثْنَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَذِنَتْ لَهُمَا مَعًا أَوْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ يُحْمَلُ هَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا عَيَّنَ لَهَا الثَّانِيَ كَانَتْ نَاسِيَةً لِلْأَوَّلِ، أَوْ اتَّحَدَ اسْمُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ اعْتَقَدَتْ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَوَّلُ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَا يُتَصَوَّرُ لِأَنَّ أَشْهَرَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنَ لَهَا الزَّوْجَ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ، فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا التَّفْصِيلُ، وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا بِالثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا الزَّوْجَ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مَنْ
وَكَّلْتُك فِي أَنْ تُزَوِّجَنِي أَوْ قَالَتْ لَهُمَا مَعًا: وَكَّلْتُكُمَا فِي تَزْوِيجِي (فَعَقَدَا) لَهَا بِأَنْ عَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى رَجُلٍ مَعَ التَّرْتِيبِ، وَعَلِمَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَالثَّانِي أَخَذَا مِمَّا سَيَأْتِي (فَلِلْأَوَّلِ) مِنْهُمَا يَقْضِي لَهُ بِهَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي الْإِذْنِ لَهُ دُونَ الثَّانِي فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ذَاتَ زَوْجٍ. وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ (إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الثَّانِي) حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ عَالِمٍ) بِعَقْدِ غَيْرِهِ عَلَيْهَا قَبْلَهُ، وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْ الثَّانِي تَلَذُّذٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ مِنْهُ تَلَذُّذٌ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ ثَانٍ؛ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ فِيهِمَا، وَيُفْسَخُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ.
(وَإِلَّا؛ بِأَنْ تَلَذَّذَ الثَّانِي بِوَطْءٍ) أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ بِلَا عِلْمٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ، (فَهِيَ لَهُ) : أَيْ لِلثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي: (إنْ لَمْ يَكُنْ) عَقْدُهُ عَلَيْهَا، (فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ) بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، (وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الْأَوَّلُ قَبْلَهُ) : أَيْ قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي
ــ
[حاشية الصاوي]
اخْتَارَتْ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَتَدَبَّرْهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَعْقِدَا لَهَا بِزَمَنَيْنِ وَيُعْلَمَ السَّابِقُ أَوْ يُجْهَلَ، أَوْ بِزَمَنٍ وَاحِدٍ، فَفِي الْأَوَّلِ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الِاثْنَيْنِ مَعًا فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ.
قَوْلُهُ: [وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ] : أَيْ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ.
قَوْلُهُ: [بِلَا طَلَاقٍ] : وَقَالَ الْقُورِيُّ: بِطَلَاقٍ، قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْقُورِيِّ هُوَ الظَّاهِرُ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَدَّ بِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ انْتَهَى.
قَوْلُهُ: [تَلَذَّذَ] : الْمُرَادُ بِالتَّلَذُّذِ إرْخَاءُ السُّتُورِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلُ مُقَدِّمَاتٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نُصُوصِهِمْ، خِلَافًا لِلشَّارِحِ التَّابِعِ لِلْخَرَشِيِّ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ لِلثَّانِي] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ طَلَّقَهَا، وَيَلْزَمُهُ مَا أَوْقَعَهُ مِنْ الطَّلَاقِ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ، لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ يَقُولُ: لَا تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالٍ.
قَوْلُهُ: [فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ] : بَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ، إذْ لَا تَكُونُ الْعِدَّةُ هُنَا إلَّا مِنْ وَفَاةٍ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ مِنْ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمُطَلَّقَةُ قَبْلَهُ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَلَا يُتَصَوَّرُ دُخُولُ الْأَوَّلِ بِهَا وَتَكُونُ لِلثَّانِي فَتَأَمَّلْ.
فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ كَانَتْ لِلْأَوَّلِ جَزْمًا فَتُرَدُّ لِعِدَّتِهَا مِنْهُ وَتَرِثُهُ، وَتَأْخُذُ الصَّدَاقَ. وَكَذَا إنْ ثَبَتَ تَلَذُّذُ الْأَوَّلِ بِهَا قَبْلَ تَلَذُّذِ الثَّانِي كَانَتْ لِلْأَوَّلِ بِلَا رَيْبٍ، سَوَاءٌ مَاتَ أَوْ كَانَ حَيًّا. فَتَحَصَّلَ أَنَّ شُرُوطَ كَوْنِهَا لِلثَّانِي ثَلَاثَةٌ: أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ ثَانٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَقْدُ الثَّانِي فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ، وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ الْأَوَّلُ بِالتَّلَذُّذِ بِهَا، وَقَوْلُنَا:" عَقَدَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ " قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا إنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَ بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ فِي عِدَّتِهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ:" وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ "، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يُقَرُّ الثَّانِي عَلَى نِكَاحِهَا، ثُمَّ إنْ حَصَلَ الْعَقْدُ فِي الْعِدَّةِ وَتَلَذُّذُ الثَّانِي بِهَا فِيهَا، أَوْ حَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ وَلَوْ بَعْدَهَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ قَبْلَهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا فَعَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا دُونَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ.
(وَفُسِخَ) نِكَاحُهُمَا مَعًا (بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ) وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ شَكَّا دَخَلَا أَحَدُهُمَا أَوَّلًا، (كَنِكَاحِ الثَّانِي) تَشْبِيهٌ فِي الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ: أَيْ كَمَا يُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ، (بِبَيِّنَةٍ) شَهِدَتْ (عَلَى إقْرَارِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ) بِهَا (أَنَّهُ ثَانٍ) : أَيْ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الثَّانِي أَنَّهُ قَبْلَ دُخُولِهِ عَلَيْهَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ ثَانٍ؛ فَإِنَّ نِكَاحَهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ تَلَذَّذَ بِهَا عَالِمًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَتَرِثُهُ] إلَخْ: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَزَوَّجُ بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا فَيَنْكَشِفُ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ قَبْلَ وَفَاةِ الْمَفْقُودِ وَدَخَلَ بِهَا فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَقَدْ جَزَمُوا بِتَأْبِيدِ حُرْمَتِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ فَتَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَتَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرًا لِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي الْعِدَّةِ، لَا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ زَوْجٍ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: [كَنِكَاحِ الثَّانِي] إلَخْ: أَيْ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ بِلَا طَلَاقٍ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ: إنَّهَا لِلثَّانِي وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِالْأَوَّلِ فَقَضِيَّةُ
(لَا) إنْ أَقَرَّ (بَعْدَهُ) : أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ أَنَّهُ دَخَلَ بِهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ، (فَبِطَلَاقٍ) : أَيْ فَيُفْسَخُ بِطَلَاقٍ (كَجَهْلِ الزَّمَنِ) مَعَ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ وَجَهِلَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا فَيُفْسَخُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطَلَاقٍ إنْ لَمْ يَدْخُلَا، أَوْ دَخَلَا مَعًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا فِي الدُّخُولِ أَيْضًا. فَإِنْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فَهِيَ لَهُ، كَمَا لَوْ دَخَلَا وَعُلِمَ الْمُتَقَدِّمُ. وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ الْأَحَقُّ بِهَا لِسَبْقِيَّةِ نِكَاحِهِ لِلْآخَرِ، تَسَاقَطَا لِتَعَارُضِهِمَا، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلُ مِنْ الْأُخْرَى. (وَأَعْدَلِيَّةُ) بَيِّنَتَيْنِ (مُتَنَاقِضَتَيْنِ) مُلْغَاةٌ هُنَا أَيْ فِي النِّكَاحِ (وَإِنْ صَدَّقَتْهَا هِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ لِتَنْزِيلِ الزِّيَادَةِ مَنْزِلَةَ شَاهِدٍ وَهُوَ سَاقِطٌ فِي النِّكَاحِ، بِخِلَافِ
ــ
[حاشية الصاوي]
ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ أَقَرَّ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ: الْأُولَى أَنْ يُقِرَّ فَيَقُولَ عَقَدْت وَأَنَا عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ دَخَلْت، الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ دَخَلْت وَأَنَا عَالِمٌ بِالْأَوَّلِ، وَحُكْمُهَا وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: [فَيُفْسَخُ بِطَلَاقٍ] : أَيْ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الْعِلْمَ بِالْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَامِلًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي أَوْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلِيِّ بَعْدَ التَّلَذُّذِ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، وَتَكُونُ لِلْأَوَّلِ إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْوَلِيِّ فَلَا أَثَرَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَيُفْسَخُ نِكَاحُ كُلٍّ بِطَلَاقٍ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاحْتِمَالِ كَذِبِ الثَّانِي، وَأَمَّا الثَّانِي فَعَمَلًا بِإِقْرَارِهِ.
قَوْلُهُ: [مَعَ الْعِلْمِ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا مَعَ اتِّحَادِ زَمَنِهِمَا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ: " إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ " فَالْفَسْخُ لِلنِّكَاحَيْنِ بِلَا طَلَاقٍ.
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ يَدْخُلَا] إلَخْ: هَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الشَّيْخِ سَالِمٍ وَ (شب) وَ (ح) ، خِلَافًا لِ (عب) مِنْ فَسْخِ النِّكَاحَيْنِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الْأُخْرَى] : أَيْ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ الْآتِيَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا.
وَقَوْلُهُ: [وَإِنْ صَدَّقَتْهَا هِيَ] : رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ قَوْلَ أَشْهَبَ مِنْ اعْتِبَارِهَا إذَا