الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ
(إنْ تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّةِ) بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ (ثَبَتَتْ وَلَوْ بِبَيِّنَةِ سَمَاعٍ) تَشْهَدُ بِأَنَّا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجٌ لِفُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجَ بِفُلَانَةَ، وَلَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ التَّنَازُعِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةِ قَطْعٍ أَوْ سَمَاعٍ (فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ) لِلزَّوْجِيَّةِ مِنْهُمَا، لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ]
[إنْكَار الزَّوْجِيَّة]
فَصْلٌ ذَكَرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ أَوْ الصَّدَاقِ قَدْرًا أَوْ جِنْسًا أَوْ صِفَةً أَوْ اقْتِضَاءً أَوْ مَتَاعَ الْبَيْتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بِبَيِّنَةِ سَمَاعٍ] : اعْلَمْ أَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُفَصَّلَةً كَبَيِّنَةِ الْقَطْعِ بِأَنْ تَقُولَ: سَمَّى لَهَا كَذَا النَّقْدُ مِنْهُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ كَذَا، وَعَقَدَ لَهَا وَلِيُّهَا فُلَانٌ كَمَا فِي عِبَارَةِ الْمُتَيْطِيِّ فَلَا يَكْفِي الْإِجْمَالُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ، إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُعَايَنَةُ لِلْعَقْدِ إذَا فَصَّلَتْ اتِّفَاقًا، وَهَلْ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ أَوْ لَا؟ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَثْبُتُ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ كَخَلِيلٍ، وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَبِي عِمْرَانَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمَا بَعْدَ التَّنَازُعِ] : أَيْ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ لِلزَّوْجِيَّةِ] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ زَوْجٍ، وَادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا وَهُمَا طَارِئَانِ، وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ لَزِمَهَا الْيَمِينُ، لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ النِّكَاحِ كَانَا زَوْجَيْنِ، وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا لَوْ
الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بَلْ (وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا) يَشْهَدُ لَهُ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَوَجُّهِهَا عَلَى الْمُنْكِرِ لِأَنَّهُ لَوْ نَكَلَ لَمْ يُقْضَ بِالشَّاهِدِ وَالنُّكُولِ، (لَكِنْ يَحْلِفُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ شَاهِدِهِ إذَا مَاتَ الْمُنْكِرُ.
(وَيَرِثُ) : لِأَنَّ الدَّعْوَى آلَتْ إلَى مَالٍ.
(وَلَا صَدَاقَ) لَهَا، لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ.
(وَأُمِرَتْ) الْمَرْأَةُ الْمُنْكِرَةُ (بِانْتِظَارِهِ) : أَيْ الزَّوْجِ الْمُدَّعِي (لِبَيِّنَةٍ ادَّعَى قُرْبَهَا) لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا فِي انْتِظَارِهَا، فَلَا تَتَزَوَّجُ، فَإِنْ أَتَى بِهَا قُضِيَ لَهُ بِهَا، (ثُمَّ) إذَا أُمِرَتْ بِالِانْتِظَارِ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا، أَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَعِيدَةً (لَمْ تُسْمَعْ لَهُ بَيِّنَةٌ) بَعْدَ ذَلِكَ (إنْ عَجَّزَهُ) أَيْ حَكَمَ بِعَجْزِهِ (الْحَاكِمُ) ، لَا إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ فَتُسْمَعُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ (اهـ) . وَعَزَا الثَّانِيَ ابْنُ عَرَفَةَ لِمَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ وَالْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ كَذَا فِي (بْن) ، وَمَا قَالَهُ سَحْنُونَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الطَّارِئَيْنِ يَثْبُتُ نِكَاحُهُمَا بِإِقْرَارِهِمَا بِالزَّوْجِيَّةِ مُطْلَقًا وَالْمَشْهُورُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ نِزَاعٌ فِي أَصْلِ الزَّوْجِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا] : أَيْ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ لِرَدِّ شَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ.
قَوْلُهُ: [وَيَرِثُ] : أَيْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا إلَّا الْمَالُ، وَكُلُّ دَعْوَى مَالٍ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا مِيرَاثَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فَرْعُ الزَّوْجِيَّةِ وَهِيَ لَا تَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ] : أَيْ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمَتُّعِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَلَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ حَالَ الْحَيَاةِ.
قَوْلُهُ: [لَمْ تُسْمَعْ لَهُ بَيِّنَةٌ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَنْظَرَهُ الْحَاكِمُ لِيَأْتِيَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي ادَّعَى قُرْبَهَا ثُمَّ لَمْ يَأْتِ بِهَا تَارَةً وَيَعْتَرِفُ بِالْعَجْزِ، وَتَارَةً يَقُولُ لِي بَيِّنَةٌ وَسَآتِي بِهَا، فَإِنْ عَجَّزَهُ الْقَاضِي ثُمَّ أَتَى بِهَا لَمْ تُقْبَلْ، وَهَذَا هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ، أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُدَّعِيًا حُجَّةً وَإِنْ لَمْ يُعَجِّزْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَتَى بِهَا قُبِلَتْ، وَالْمُعْتَرِفُ بِالْعَجْزِ إذَا عَجَّزَهُ وَأَتَى بِهَا فَقَوْلَانِ بِقَبُولِهَا وَعَدَمِهِ