الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ
(يُحَرِّمُ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارِعَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَكْسُورَةً (الرَّضَاعُ) فَاعِلُ يُحَرِّمُ وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاء وَكَسْرِهَا مَعَ إثْبَاتِ التَّاءِ وَتَرْكِهَا، (بِوُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ) : أَيْ أُنْثَى لَا ذَكَرٍ، قَالَ عِيَاضٌ: ذَكَرَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنْ لَا يُقَالَ فِي بَنَاتِ آدَمَ لَبَنٌ. وَإِنَّمَا يُقَالُ: لَبَانٌ وَاللَّبَنُ لِلْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ بَنِي آدَمَ، وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ خِلَافُ قَوْلِهِمْ (اهـ)(وَإِنْ) كَانَتْ (مَيِّتَةً أَوْ) كَانَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]
[الرَّضَاع الْمُوجِب لِلتَّحْرِيمِ]
بَابٌ لَمَّا كَانَ الرَّضَاعُ مُحَرِّمًا لِمَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمُنْدَرِجًا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَحَرَّمَ أُصُولَهُ وَفُصُولَهُ، شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَبَيَّنَ فِي هَذَا الْبَابِ مَسَائِلَ الرَّضَاعِ وَمَا يُحَرِّمُ مِنْهُ وَمَا لَا يُحَرِّمُ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ] إلَخْ: وَهُوَ مِنْ بَابِ سَمِعَ، وَعِنْدَ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَالْمَرْأَةُ مُرْضِعٌ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ تُرْضِعُهُ فَإِنْ وَصَفْتهَا بِإِرْضَاعِهِ قِيلَ مُرْضِعَةً.
قَوْلُهُ: [لَا ذَكَرٍ] : أَيْ فَلَا يُحَرِّمُ وَلَوْ كَثُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَبَنَ الْخُنْثَى الْمُشْكَلِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ كَمَا فِي (عب) عَنْ التَّتَّائِيِّ قِيَاسًا عَلَى الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ احْتِيَاطًا. وَاخْتُلِفَ فِي لَبَنِ الْجِنِّيَّةِ، فَقَالَ (عب) : لَا يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ وَلَدُهُ، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْخِلَافِ فِي نِكَاحِهِمْ.
قَوْلُهُ: [وَلَكِنْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَبَنُ الْفَحْلِ يُحَرِّمُ» .
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً] : أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ حَيَّةً، بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً رَضَعَهَا الطِّفْلُ أَوْ حُلِبَ لَهُ مِنْهَا، وَعَلِمَ أَنَّ الَّذِي بِثَدْيِهَا لَبَنٌ أَوْ شَكَّ هَلْ هُوَ لَبَنٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَأَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ كَانَ فِيهَا لَبَنٌ أَمْ لَا فَلَا يُحَرِّمُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمِ وَرَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الْقَوْلِ الشَّاذِّ بِعَدَمِ
(صَغِيرَةً لَمْ تُطِقْ) الْوَطْءَ إنْ قُدِّرَ أَنَّ بِهَا لَبَنًا. (لِجَوْفِ رَضِيعٍ) لَا كَبِيرٍ، وَلَوْ مَصَّةً وَاحِدَةً (وَإِنْ بِسَعُوطٍ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ: مَا صُبَّ فِي الْأَنْفِ، (أَوْ) وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ بِسَبَبِ (حُقْنَةٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: دَوَاءٌ يَصُبُّ فِي الدُّبُرِ، (تُغَذِّي) : أَيْ الْحُقْنَةُ؛ أَيْ تَكُونُ غِذَاءً لَا مُطْلَقَ وُصُولٍ بِهَا، وَأَمَّا مَا وَصَلَ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ كَأَنْفٍ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْغِذَاءُ. بَلْ مُجَرَّدُ وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ كَافٍ فِي التَّحْرِيمِ، (أَوْ خُلِطَ) لَبَنُ الْمَرْأَةِ (بِغَيْرِهِ) مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ؛ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ إذَا وَصَلَ لِلْجَوْفِ (إلَّا أَنْ يَغْلِبَ) الْغَيْرُ (عَلَيْهِ) : أَيْ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ طَعْمٌ وَلَا أَثَرٌ مَعَ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُحَرِّمُ. وَلَوْ خُلِطَ لَبَنُ امْرَأَةٍ مَعَ لَبَنِ أُخْرَى صَارَ ابْنًا لَهُمَا؛ تَسَاوَيَا أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّحْقِيقِ. (فِي الْحَوْلَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُصُولٍ: أَيْ وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ فِي الْحَوْلَيْنِ، (أَوْ بِزِيَادَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ، لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَقَعُ بِغَيْرِ الْمُبَاحِ؛ وَلَبَنُ الْمَيِّتَةِ نَجِسٌ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يُحَرِّمُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ طَاهِرٌ وَيُحَرِّمُ.
قَوْلُهُ: [لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ] : أَيْ فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ تُطِقْ الْوَطْءَ، أَمَّا الْمُطِيقَةُ فَتَنْشُرُ الْحُرْمَةَ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ الْعَجُوزُ الَّتِي قَعَدَتْ عَنْ الْوَلَدِ لَبَنُهَا مُحَرِّمٌ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَلَبَنُ الْكَبِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ لِكِبَرٍ لَغْوٌ لَا أَعْرِفُهُ، بَلْ فِي مُقَدِّمَاتِهِ تَقَعُ الْحُرْمَةُ بِلَبَنِ الْبِكْرِ وَالْعَجُوزِ الَّتِي لَا تَلِدُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ إنْ كَانَ لَبَنًا لَا مَاءً أَصْفَرَ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [لِجَوْفِ رَضِيعٍ] : أَيْ لَا إنْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ فَقَطْ فَلَا يُحَرِّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ هَذَا إذَا كَانَ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا بَلْ وَلَوْ شَكًّا.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ مَصَّةً وَاحِدَةً] : رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الشَّافِعِيَّة الْقَائِلِينَ لَا يُحَرِّمُ إلَّا خَمْسُ رَضَعَاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ تَكُونُ كُلٌّ غِذَاءً.
قَوْلُهُ: [مَا صُبَّ فِي الْأَنْفِ] : أَيْ وَالْمَوْضُوعِ أَنَّهُ وَصَلَ لِلْجَوْفِ فِي الْجَمِيعِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْغِذَاءُ] : أَيْ خِلَافًا لِبَهْرَامَ حَيْثُ جَعَلَ الْغِذَاءَ قَيْدًا فِي الْجَمِيعِ، وَتَبِعَهُ التَّتَّائِيُّ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا نَقَلَهُ (بْن) قَوْلُهُ:[أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا عَلَى التَّحْقِيقِ] : وَمُقَابِلُهُ الْحُكْمُ لِلْغَالِبَةِ بِالنِّسْبَةِ
شَهْرَيْنِ) عَلَيْهِمَا.
(إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الصَّبِيُّ بِالطَّعَامِ عَنْ اللَّبَنِ اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا (وَلَوْ فِيهِمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ؛ بِأَنْ فُطِمَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مُرْضِعٌ فِي الْحَوْلَيْنِ فَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا. فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ فَلَا يُحَرِّمُ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ فُطِمَ فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ فِطَامِهِ بِيَوْمٍ وَمَا أَشْبَهُ حُرِّمَ، وَفِي رِوَايَةِ: بِيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ حُرِّمَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ لِلَّبَنِ لَكَانَ غِذَاءً لَهُ.
فَقَوْلُهُ: " إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ ": أَيْ وَقَدْ فُطِمَ، وَأَمَّا مَا دَامَ مُسْتَمِرًّا عَلَى الرَّضَاعِ فَهُوَ مُحَرِّمٌ وَلَوْ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الطَّعَامَ، وَعَلَى فَرْضِ لَوْ فُطِمَ لَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ.
(مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ) مَفْعُولُ " يُحَرِّمُ ": أَيْ يُحَرِّمُ كُلَّ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ مِنْ الْأُصُولِ وَإِنْ عَلَتْ، وَالْفُرُوعِ وَإِنْ نَزَلَتْ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ، لِأَنَّهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ خَالٌ أَوْ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ، وَكُلُّ فَرْعٍ لِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ. وَمِثْلُ النَّسَبِ: الصِّهَارَةُ وَهِيَ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتُهَا إنْ دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ، وَحَلَائِلُ الْأَبْنَاءِ كَمَا فِي الْآيَةِ، وَقَوْلُهُ:" بِوُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ ": أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ مُتَّسَعٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَشَارَ لِمُحْتَرِزٍ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (لَا) بِوُصُولِ (لَبَنِ بَهِيمَةٍ وَلَا كَمَاءٍ أَصْفَرَ) مِنْ امْرَأَةٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَبَنٍ، (وَلَا) يُحَرِّمُ وُصُولُ اللَّبَنِ لِجَوْفٍ (بِاكْتِحَالٍ بِهِ) أَيْ بِاللَّبَنِ، أَوْ مِنْ أُذُنٍ أَوْ مِنْ مَسَامِّ الرَّأْسِ لِعَدَمِ اتِّسَاعِ الْمَنْفَذِ: فَلَا يُسَمَّى رَضَاعًا، وَكَذَا الْوُصُولُ لِمُجَرَّدِ الْحَلْقِ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَهَا، وَتَحْرِيمُ اللَّبَنِ وَلَوْ صَارَ جُبْنًا أَوْ سَمْنًا، وَاسْتَعْمَلَهُ الرَّضِيعُ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ] : أَيْ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، فَيُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ حُرْمَةُ بَقِيَّةِ السَّبْعَةِ الْكَائِنَةِ مِنْ الرَّضَاعِ قِيَاسًا عَلَى النَّسَبِ.
قَوْلُهُ: [وَمِثْلُ النَّسَبِ الصِّهَارَةُ] : أَيْ فِي كَوْنِ الرَّضَاعِ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّضَاعَ يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَهُ النَّسَبُ وَمَا حَرَّمَهُ الصِّهْرُ.
فَلَيْسَ كَالصَّوْمِ فِي الْجَمِيعِ.
وَاسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّ مَسَائِلَ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ:
(إلَّا أُمَّ أَخِيك أَوْ) أُمَّ (أُخْتِك) فَقَدْ لَا تُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ؛ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَخَاك أَوْ أُخْتَك، وَهِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا أُمُّك أَوْ امْرَأَةُ أَبِيك.
(وَ) إلَّا (أُمَّ وَلَدِ وَلَدِك) مِنْ الرَّضَاعِ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَهِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا بِنْتُك أَوْ زَوْجَةُ وَلَدِك.
(وَ)(جَدَّةَ وَلَدِك) مِنْ الرَّضَاعِ؛ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ وَلَدَك فَلَا تُحَرِّمُ عَلَيْك أُمَّهَا وَهِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا أُمُّك أَوْ أُمُّ زَوْجَتِك. (وَ) إلَّا (أُخْتَ وَلَدِك) مِنْ الرَّضَاعِ؛ كَمَا لَوْ رَضَعَ وَلَدُك عَلَى امْرَأَةٍ لَهَا بِنْتٌ فَلَكَ نِكَاحُ الْبِنْتِ وَهِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا بِنْتُك أَوْ بِنْتُ زَوْجَتِك.
(وَ) إلَّا (أُمَّ عَمِّك وَعَمَّتِك) مِنْ الرَّضَاعِ وَهِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا جَدَّتُك أَوْ زَوْجَةُ جَدِّك.
(وَ) إلَّا (أُمَّ خَالِك وَخَالَتِك) مِنْ الرَّضَاعِ فَقَدْ لَا تَحْرُمُ عَلَيْك وَهِيَ مِنْ النَّسَبِ إمَّا جَدَّتُك أُمُّ أُمِّك وَإِمَّا زَوْجَةُ جَدِّك أَبِي أُمِّك. (فَقَدْ لَا يُحَرِّمْنَ) هَذِهِ السِّتَّةُ (مِنْ الرَّضَاعِ) وَقَدْ يُحَرِّمْنَ لِعَارِضٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ كَالصَّوْمِ فِي الْجَمِيعِ] : أَيْ فَالْمَنْفَذُ الْعَالِي فِي الصِّيَامِ مُفْطِرٌ وَلَوْ ضَيِّقًا، وَلَوْ وَصَلَ لِلْحَلْقِ فَقَطْ إنْ كَانَ الْوَاصِلُ مَائِعًا، وَأَمَّا فِي تَحْرِيمِ الرَّضَاعِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: [إلَّا أُمَّ أَخِيك] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّهَا لَمْ تُحَرِّمْ نَسَبًا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمُّ أَخٍ، بَلْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا أُمُّ زَوْجَةِ أَبٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الرَّضَاعِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي وَلِذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي جَعْلِ هَذَا اسْتِثْنَاءً وَتَخْصِيصًا، وَاعْتَرَضَ عَلَى خَلِيلٍ حَيْثُ تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِلَا النَّافِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ يُحْرَمْنَ لِعَارِضٍ] : أَيْ كَكَوْنِ أُخْتِ وَلَدِك وَجَدَّةِ وَلَدِك مِنْ
(وَقُدِّرَ الرَّضِيعُ خَاصَّةً) دُونَ إخْوَتِهِ، (وَلَدًا لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ وَ) وَلَدًا لِزَوْجِهَا (صَاحِبِهِ مِنْ) وَقْتِ (وَطْئِهِ) لَهَا (لِانْقِطَاعِهِ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ) كَثِيرَةٍ، (أَوْ فَارَقَهَا) وَلَمْ يَنْقَطِعْ لَبَنُهَا مِنْهُ، (وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) وَهِيَ ذَاتُ لَبَنٍ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَزْوَاجًا كَثِيرَةً.
(وَاشْتَرَكَ الْأَخِيرُ مَعَ الْمُتَقَدِّمِ) : وَلَوْ كَثُرَ الْمُتَقَدِّمُ مَا دَامَ لَمْ يَنْقَطِعْ، (وَلَوْ) كَانَ الْوَطْءُ (بِحَرَامٍ لَمْ يَلْحَقْ الْوَلَدُ بِهِ) كَزِنًا أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ امْرَأَةً ذَاتَ لَبَنٍ مِنْ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ زَنَى بِهَا أَلْفُ رَجُلٍ، وَأَرْضَعَتْ وَلَدًا لَكَانَ وَلَدًا لِلْجَمِيعِ مِنْ الرَّضَاعِ، (وَحَرَّمَتْ الْمُرْضِعُ عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَرْضَعَتْ مَنْ) أَيْ رَضِيعًا (كَانَ) ذَلِكَ الرَّضِيعُ (زَوْجَهَا) أَيْ زَوْجًا لِتِلْكَ الْمُرْضِعِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ رَضِيعًا (كَانَ) ذَلِكَ الرَّضِيعُ (زَوْجَهَا) أَيْ زَوْجًا لِتِلْكَ الْمُرْضِعِ، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ رَضِيعًا بِوِلَايَةِ أَبِيهِ لِمَصْلَحَةٍ، ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ فَتَزَوَّجَتْ بَالِغًا فَوَطِئَهَا وَذَاتُ لَبَنٍ أَوْ حَدَثَ بِوَطْئِهِ فَأَرْضَعَتْ الطِّفْلَ الَّذِي كَانَ زَوْجًا لَهَا، فَتَحْرُمُ عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ الْبُنُوَّةُ طَرَأَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
الرَّضَاعِ بِنْتَك أَوْ أُخْتَك مِنْهُ أَيْضًا، وَكَكَوْنِ أُمِّ وَلَدٍ وَلَدِك وَجَدَّةِ وَلَدِك أُخْتَك أَوْ جَدَّتِك مِنْ الرَّضَاعِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [دُونَ إخْوَتِهِ] : أَيْ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَيْ وَدُونَ أُصُولِهِ، هَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: خَاصَّةً، وَأَمَّا فُرُوعُ ذَلِكَ الطِّفْلِ فَإِنَّهُمْ مِثْلُهُ فِي حُرْمَةِ الْمُرْضِعَةِ وَأُمَّهَاتِهَا وَبَنَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَخَالَاتِهَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [لِصَاحِبَةِ اللَّبَنِ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ خَلِيَّةً.
قَوْلُهُ: [لَمْ يَلْحَقْ الْوَلَدُ بِهِ] : عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: اللَّبَنُ فِي وَطْءٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ أَوْ مُحَرَّمٍ أَوْ زِنًا يُحَرِّمُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَكَمَا لَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهُ مِنْ الزِّنَا كَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ مَنْ أَرْضَعَتْهَا الْمَزْنِيُّ بِهَا مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ، لِأَنَّ اللَّبَنَ لَبَنُهُ وَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَلَا يُحَرِّمُ لَبَنُهُ مِنْ قِبَلِ فَحْلِهِ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: إنَّهُ يُحَرِّمُ وَذَلِكَ أَصَحُّ.
(أَوْ) أَرْضَعَتْ (مَنْ) : أَيْ رَضِيعَةً (كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ) : أَيْ لِزَوْجِهَا، كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَضِيعَةً مِنْ أَبِيهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ فَتَحْرُمُ الْكَبِيرَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، (وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَنْ) : أَيْ رَضِيعَةً (رَضَعَتْ مُبَانَتَهُ) : أَيْ مُطَلَّقَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا (بِلَبَنِ غَيْرِهِ)، بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ مِنْهُ. وَصُورَتُهَا: طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ فَحَدَثَ لَهَا لَبَنٌ مِنْ زَوْجِهَا الثَّانِي فَأَرْضَعَتْ طِفْلَةً فِي عِصْمَتِهِ أَمْ لَا، فَهَذِهِ الرَّضِيعَةُ تَحْرُمُ عَلَى مَنْ كَانَ طَلَّقَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ، (وَإِنْ أَرْضَعَتْ حَلِيلَتَهُ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (الَّتِي تَلَذَّذَ بِهَا زَوْجَتَيْهِ) الرَّضِيعَتَيْنِ (حُرِّمْنَ) : أَيْ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرْضِعَ صَارَتْ أُمًّا لِزَوْجَتَيْهِ وَالْعَقْدُ عَلَى الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ وَالرَّضِيعَتَانِ صَارَتَا رَبِيبَتَيْنِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَقَدْ تَلَذَّذَ بِأُمِّهِمَا مِنْهُ (وَإِلَّا) يَتَلَذَّذُ بِحَلِيلَتِهِ بِأَنْ أَرْضَعَتْهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ، (اخْتَارَ وَاحِدَةً) مِنْهُمَا وَحُرِّمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا (كَالْأَجْنَبِيَّةِ) تُرْضِعُ زَوْجَتَيْهِ الرَّضِيعَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، (وَلَوْ تَأَخَّرَتْ) رَضَاعًا أَوْ عَقْدًا (وَأُدِّبَتْ الْمُتَعَمِّدَةُ لِلْإِفْسَادِ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ] : أَيْ لِطُرُوءِ الْأُمُومَةِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ أَنْ تَكُونَ الْأُمُومَةُ سَابِقَةً، وَحُرْمَةُ تِلْكَ الْكَبِيرَةِ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَتُهُ لَهُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا مَدْخُولًا بِهَا. قَوْلُهُ:[لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ] : أَيْ بِحَسَبِ مَا كَانَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ كَانَ دَخَلَ بِتِلْكَ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمَّهَاتِ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُحَرِّمُ الْبَنَاتَ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: [وَحُرِّمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا] : أَيْ لِكَوْنِهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ.
قَوْلُهُ: [كَالْأَجْنَبِيَّةِ] إلَخْ: تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي مَفْهُومِ التَّلَذُّذِ، فَالْأَجْنَبِيَّةُ تُحَرِّمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الرَّضِيعَتَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ تَأَخَّرَتْ رَضَاعًا أَوْ عَقْدًا] : أَيْ حَيْثُ تَرَتَّبَتَا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ اخْتِيَارِ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ الرَّضِيعَتَيْنِ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ بُكَيْر لَا يَخْتَارُ شَيْئًا بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ وَقَعَ فَاسِدًا.