الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ فِي الْإِرْسَالِ مَعَهُ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاءَ بِهَا أَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ مَأْذُونٍ.
(وَ) يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ (عَلَى الْمَالِكِ) لِأَمَةٍ (إنْ بَاعَ) مَوْطُوءَتَهُ، (أَوْ زَوَّجَ مَوْطُوءَتَهُ) : أَيْ مِنْ وَطْئِهَا بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَلَهُ بَيْعُهَا وَتَزْوِيجُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ لِلْأَمْنِ مِنْ حَمْلِهَا مِنْهُ، مَا لَمْ يَظُنَّ بِهَا الزِّنَا فِي التَّزْوِيجِ فَيَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا عَلَيْهِ، (أَوْ وُطِئَتْ) أَمَتُهُ (بِشُبْهَةٍ) أَوْ زِنًا، (أَوْ رَجَعَتْ لَهُ مِنْ غَصْبٍ) يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِيهِ.
(وَبِالْعِتْقِ) عَطْفٌ عَلَى بِالْمِلْكِ: أَيْ وَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْجَارِيَةِ بِعِتْقِهَا إنْ أَرَادَتْ الزَّوَاجَ بِغَيْرِ مُعْتِقِهَا، وَهَذَا إنْ وُطِئَتْ قَبْلَ عِتْقِهَا وَلَمْ تَرَ الْحَيْضَ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ أُمِّ الْوَلَدِ.
(وَاسْتَأْنَفَتْ) الِاسْتِبْرَاءَ (أُمُّ الْوَلَدِ فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهَا إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا، (إنْ اسْتَبْرَأَتْ أَوْ اعْتَدَّتْ) مِنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتِ زَوْجٍ قَبْلَ عِتْقِهَا، (أَوْ غَابَ سَيِّدُهَا غِيبَةً عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْدُمْ مِنْهَا) فَأَرْسَلَ بِعِتْقِهَا، أَوْ مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِهَا الِاسْتِبْرَاءَ. وَلَا يَكْفِي الِاسْتِبْرَاءُ أَوْ الْعِدَّةُ السَّابِقَةُ عَلَى عِتْقِهَا لِأَنَّهَا فِرَاشٌ لِلسَّيِّدِ، فَالْحَيْضَةُ فِي حَقِّهَا كَالْعِدَّةِ فِي الْحُرَّةِ. فَكَمَا أَنَّ الْحُرَّةَ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ لِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ بِاسْتِبْرَاءٍ أَوْ عِدَّةِ شُبْهَةٍ سَبَقَتْ، فَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ.
فَتَحَصَّلَ أَنَّ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ مُوجِبٌ لِاسْتِبْرَائِهَا مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ كَغَيْرِهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِبْرَاؤُهَا] : أَيْ وَلَوْ حَاضَتْ مَعَ ذَلِكَ الرَّسُولِ فَلَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ الْحَيْضِ، لِأَنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ بِأَمِينِهِ، بِخِلَافِ لَوْ قَدِمَ بِهَا الْمُبْضِعُ مَعَهُ فَحَاضَتْ مَعَ ذَلِكَ الْمُبْضِعِ، أَوْ أَرْسَلَهَا بِإِذْنٍ وَحَاضَتْ مَعَ الرَّسُولِ.
[الِاسْتِبْرَاء بِحَيْضَة وَبِالْعِتْقِ]
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَظُنُّ بِهَا الزِّنَا] : إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ فِي التَّزْوِيجِ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَقْدِ الْخُلُوُّ مِنْ الْمَوَانِعِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَرَادَتْ الزَّوَاجَ بِغَيْرِ مُعْتِقِهَا] : أَيْ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا بِغَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ إذَا كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ عِدَّةٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ يَطَؤُهَا قَبْلَ الْعِتْقِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَاهَا وَأَعْتَقَهَا عَقِبَ الشِّرَاءِ وَأَرَادَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَا يَكْفِي فِي إسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ عِتْقُهُ
قَوْلُهُ: [فَتَحَصَّلَ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ
إنْ وُطِئَتْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُسْتَبْرَأْ، وَتَخْرُجُ مِنْ عِدَّةٍ (بِحَيْضَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ:" يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ " أَيْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ " بِالْمَالِكِ "، وَ " عَلَى الْمَالِكِ " إلَخْ، وَ " بِالْعِتْقِ " بِحَيْضَةٍ فَقَطْ إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ.
(وَكَفَتْ) الْحَيْضَةُ (إنْ حَصَلَ الْمُوجِبُ) أَيْ مُوجِبُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ مِلْكٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ، (قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهَا) : أَيْ الْحَيْضَةِ (انْدِفَاعًا) ، فَإِذَا مَلَكَهَا إنْسَانٌ بِهِبَةٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهِيَ حَائِضٌ فِي أَوَّلِ نُزُولِ الْحَيْضِ كَفَتْ. وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدَ نُزُولِ الْأَكْثَرِ انْدِفَاعًا وَلَوْ أَقَلَّ أَيَّامًا؛ كَالْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ خَمْسَةٍ لَمْ تُكَلَّفْ وَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ أُخْرَى، كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ:
(وَإِلَّا) بِأَنْ حَصَلَ الْمُوجِبَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَكْثَرِ (فَلَا) يَكْفِي.
(وَ) كَفَى (اتِّفَاقُ الْبَائِعِ) لِمَوْطُوءَتِهِ (وَالْمُشْتَرِي عَلَى) حَيْضَةٍ (وَاحِدَةٍ) ، بِأَنْ تُوضَعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ غَيْرَهَا، وَلَوْ اسْتَبْرَأَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ، كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا عَنْهَا قَبْلَهُ غَيْبَةً لَا يُمْكِنُهُ فِيهَا الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَهَا فَأُمُّ الْوَلَدِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهَا، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ، أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا غَائِبًا ثُمَّ أَرْسَلَهُ لَهَا، وَأَمَّا غَيْرُ أُمِّ الْوَلَدِ فَتُسْتَبْرَأُ مَا لَمْ تَكُنْ اُسْتُبْرِئَتْ قَبْلَهُ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَهُ، أَوْ كَانَ غَائِبًا قَبْلَهُ وَإِلَّا اكْتَفَتْ بِذَلِكَ، وَلَا تَحْتَاجُ لِاسْتِئْنَافِ اسْتِبْرَاءٍ.
قَوْلُهُ: [مُتَعَلَّقٌ بِقَوْلِهِ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ] : أَيْ فَهُوَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِحَيْضَةٍ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا لَيْسَ هُوَ الطُّهْرُ كَالْعِدَّةِ بَلْ الدَّمُ، فَبِمُجَرَّدِ رُؤْيَتِهِ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ، فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَتُّعُ بِغَيْرِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِحَيْضَةٍ لِلتَّعْدِيَةِ. وَفِي قَوْلِهِ: بِمِلْكٍ لِلسَّبَبِيَّةِ، فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ] : أَيْ وَكَانَتْ عَادَتُهَا يَأْتِيهَا فِي أَقَلِّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ. وَإِلَّا فَتُسْتَبْرَأُ بِالْأَشْهُرِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ تُوضَعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ] : قَالَ (بْن) الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِبْرَاؤُهَا قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ فَقَطْ، وَبِذَلِكَ يَنْتَفِي تَكْرَارُهُ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ
كَمَا سَيَأْتِي.
(فَإِنْ تَأَخَّرَتْ) الْحَيْضَةُ عَنْ عَادَتِهَا (وَلَوْ لِرَضَاعٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ) الْحَيْضَ مِنْ غَيْرِهِ (فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) اسْتِبْرَاؤُهَا.
(كَالصَّغِيرَةِ) الْمُطِيقَةِ (وَالْيَائِسَةِ) ، اسْتِبْرَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَكَذَا مَنْ عَادَتُهَا الْحَيْضُ بَعْدَ التِّسْعَةِ. وَإِنْ كَانَ عَادَتُهَا الْحَيْضَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَهَلْ تَكْتَفِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَيْضَةِ؟ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الثَّانِي، (إلَّا أَنْ تَقُولَ النِّسَاءُ: بِهَا رِيبَةٌ) الْأَخْصَرُ: إلَّا أَنْ تَرْتَابَ مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا أَوْ اُسْتُحِيضَتْ وَلَمْ تُمَيِّزْ (فَتِسْعَةُ أَشْهُرٍ) اسْتِبْرَاؤُهَا.
(وَبِالْوَضْعِ) - عَطْفٌ عَلَى بِحَيْضَةٍ: أَيْ وَبِوَضْعِهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا (كَالْعِدَّةِ) أَيْ بِتَمَامِ وَضْعِهَا كُلِّهِ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمَالِكِ (الِاسْتِمْتَاعُ) بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ (فِي زَمَنِهِ) : أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ.
ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
الْآتِيَةِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِأَنْ تُوضَعَ بَعْدَ الشِّرَاءِ الْمُنَاسِبِ قَبْلَ عَقْدِ الشِّرَاءِ.
وَقَوْلُهُ: [كَمَا سَيَأْتِي] : لَا يَظْهَرُ، بَلْ هُوَ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: [فَتِسْعَةُ أَشْهُرٍ اسْتِبْرَاؤُهَا] : أَيْ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ الرِّيبَةُ حَلَّتْ، وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنْ زَالَتْ الرِّيبَةُ قَبْلَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ زَوَالِهَا، وَإِنْ اسْتَمَرَّتْ، الرِّيبَةُ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ حَلَّتْ بِمُجَرَّدِ تَمَامِ التِّسْعَةِ، وَإِنْ زَادَتْ مَكَثَتْ أَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، كَمَا أَفَادَ ذَلِكَ نَقْلُ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
قَوْلُهُ: [وَبِالْوَضْعِ] : أَيْ وَلَوْ عَلَّقَهُ فَاسْتِبْرَاءُ الْحَامِلِ بِالْوَضْعِ حُكْمُ الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَحُرُمَ عَلَى الْمَالِكِ الِاسْتِمْتَاعُ] إلَخْ: أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي مِلْكِ سَيِّدِهَا وَهِيَ بَيِّنَةُ الْحَمْلِ مِنْهُ وَاسْتَبْرَأَهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ اشْتِبَاهٍ، فَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا وَلَا الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقِيلَ: جَائِزٌ، وَاخْتَارَ (بْن) الْحُرْمَةَ تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ، وَهَذَا الْخِلَافُ بِعَيْنِهِ تَقَدَّمَ فِي الْعِدَّةِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُصَنَّفِ نَدْبُ الِاسْتِبْرَاءِ.