الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى رَجْعَتِهَا بَطَلَ مَا أَخْرَجَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ لَا مَا أَخْرَجَهُ قَبْلَهُ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْعِدَّةِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ: أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ قَبْلَهُ مِنْ الْإِطْعَامِ لَا يُبْطِلُ، وَإِنَّمَا يُوقَفُ الْأَمْرَ، فَإِنْ رَاجَعَهَا يَوْمًا مَا بَنَى عَلَى مَا أَطْعَمَ قَبْلَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ لِجَوَازِ تَفْرِقَةِ الطَّعَامِ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَأَصَحُّ مَا انْتَهَى إلَيْنَا، وَقَالَ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ إنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الصَّوْمِ اتِّفَاقًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْنِي عَلَى الْإِطْعَامِ؟ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ (انْتَهَى) . وَالْأَرْجَحُ الْمَأْخُوذُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ، أَنَّ الْإِتْمَامَ قَبْلَ تَزْوِيجِهَا لَا يَكْفِي وَبَعْدَهُ يَكْفِي، وَقِيلَ: لَا يَكْفِي مُطْلَقًا، وَقِيلَ: يَكْفِي مُطْلَقًا وَقِيلَ يُنْظَرُ لِمَا أَخْرَجَهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ صَحَّ الْبِنَاءُ وَإِلَّا فَلَا
(وَهِيَ) أَيْ الْكَفَّارَةُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ لِلْحُرِّ عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا فِي الْآيَةِ:
الْأَوَّلُ (إعْتَاقُ رَقَبَةٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، (مُؤْمِنَةٍ) فَلَا تُجْزِئُ كَافِرَةً (مَعْلُومَةَ السَّلَامَةِ) مِنْ الْعُيُوبِ الْآتِي بَيَانُهَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ:" مَعْلُومَةَ " مِنْ غَائِبٍ انْقَطَعَ خَبَرُهُ فَلَمْ يُعْلَمُ أَهُوَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ، وَعَلَى حَيَاتِهِ هَلْ هُوَ سَلِيمٌ أَوْ مَعِيبٌ، فَلَا يُجْزِئُ. فَإِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ الْعِدَّةِ] : غَايَةٌ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ، فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ جَرَى فِيهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ.
قَوْلُهُ: [إنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى الصَّوْمِ اتِّفَاقًا] : أَيْ سَوَاءً أَتَمَّهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَقَبْلَ إعَادَتِهَا لِلْعِصْمَةِ أَوْ بَعْدَ إعَادَتِهَا لَهُ لِوُجُوبِ مُتَابَعَةِ الصَّوْمِ.
قَوْلُهُ: [انْتَهَى] : أَيْ كَلَامُ التَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [وَالْأَرْجَحُ] إلَخْ: هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْحَاصِلِ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ
قَوْلُهُ: [وَبَعْدَهُ يَكْفِي] : أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى إعَادَتِهَا لَعِصْمَته كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ لَا يَكْفِي مُطْلَقًا] : أَيْ بَعْدَ الْعَوْدِ لِعِصْمَتِهِ أَمْ لَا.
[تَنْبِيه فِي تَخْصِيص الْعِتْق وَصِيَام الْكَفَّارَة]
قَوْلُهُ: [عَلَى التَّرْتِيبِ] : أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا مَدْخَلَ لِلْكِسْوَةِ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تُجْزِئُ كَافِرَةً] : أَيْ لَوْ كَانَ كِتَابِيًّا حَيْثُ كَانَ بَالِغًا لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَجْزَأَ الصَّغِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ لِجَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَفِي الْمَجُوسِيِّ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا خِلَافٌ، بَلْ قِيلَ إنَّ الصَّغِيرَ يُجْزِئُ قَطْعًا لِجَبْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا.
أَعْتَقَهُ ثُمَّ ظَهَرَتْ سَلَامَتُهُ حِينَ الْعِتْقِ أَجْزَأَ (مِنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ) فَأَوْلَى أَكْثَرُ، (وَأُذُنٍ) فَأَوْلَى الْأُذُنَانِ (وَ) مِنْ (عَمًى) وَسَيَأْتِي إجْزَاءُ الْأَعْوَرِ، (وَ) مِنْ (بَكَمٍ) أَيْ خَرَسٍ (وَصَمَمٍ) عَدَمِ السَّمْعِ فَأَوْلَى اجْتِمَاعُهَا، (وَ) مِنْ (جُنُونٍ وَلَوْ قَلَّ) بِأَنْ يَأْتِيَهُ فِي الشَّهْرِ مَثَلًا مَرَّةً، (وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ) بِضَمٍّ فَكَسْرِ الرَّاءِ مَا بَلَغَ صَاحِبُهُ حَدَّ السِّيَاقِ وَإِلَّا أَجْزَأَ، (وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ) وَإِنْ قَلَّا (وَعَرَجٍ وَهَرَمٍ شَدِيدَيْنِ) لَا إنْ خَفَا فَتُجْزِئُ كَمَا يَأْتِي (مُحَرَّرَةٍ لَهُ) : أَيْ لِلظِّهَارِ أَيْ خَالِصَةٍ لِعِتْقِ الظِّهَارِ. (لَا) يَصِحُّ عِتْقُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) بِالشِّرَاءِ لِقَرَابَةٍ أَوْ تَعْلِيقٍ نَحْوَ: إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَرَّرًا لَهُ (بِلَا شَوْبٍ) أَيْ خَلْطٍ (عِوَضٍ) فِي نَظِيرِ الْعِتْقِ وَلَوْ تَقْدِيرًا (لَا مُشْتَرَى لِلْعِتْقِ) : أَيْ لِأَجْلِهِ يَعْنِي اشْتَرَاهُ مِنْ بَائِعِهِ بِشَرْطِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ] : أَيْ وَلَوْ زَائِدًا إنْ حَسَّ وَسَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهُ هَكَذَا قَالَ الْأُجْهُورِيُّ، وَقَالَ اللَّقَانِيُّ: الْمُضِرُّ قَطْعُ الْأَصْلِيِّ، وَأَمَّا الزَّائِدُ فَلَا يَضُرُّ قَطْعُهُ وَلَوْ سَاوَى غَيْرَهُ فِي الْإِحْسَاسِ، وَدَرَجَ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ (بِقَطْعِ) يُفِيدُ أَنَّ نَقْصَهُ خِلْقَةٌ لَا يَضُرُّ، وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيُّ أَنَّهُ يَضُرُّ وَالتَّقْيِيدُ بِالْأُصْبُعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَقْصَ مَا دُونَهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ، وَلَوْ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ وَسَيَأْتِي إيضَاحُ ذَلِكَ فِي الْمَفْهُومِ.
قَوْلُهُ: [وَأُذُنٍ] : أَيْ إذَا قُطِعَتْ مِنْ أَصْلِهَا وَأَمَّا قَطْعُ أَعْلَاهَا فَقَطْ فَلَا يَضُرُّ، بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ قَطْعَ الْوَاحِدَةِ مِنْ أَصْلِهِ لَا يَضُرُّ وَإِنَّمَا الَّذِي يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ قَطْعُ الْأُذُنَيْنِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [وَمِنْ جُنُونٍ وَلَوْ قَلَّ] : أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَأْتِي فِي كَمَرَّةٍ فِي الشَّهْرِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِجْزَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَعَرَجٍ وَهَرَمٍ شَدِيدَيْنِ] : وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَيْضًا الْفَلَجُ وَهُوَ يُبْسُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْرِيكِ الْعُضْوِ وَلَا التَّصَرُّفِ بِهِ.
قَوْلُهُ: [لِقَرَابَةٍ] : أَيْ وَهُمْ الْأُصُولُ وَالْفُصُولُ وَالْحَوَاشِي الْقَرِيبَةُ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ خَلْطِ عِوَضٍ] : أَيْ وَلَوْ قَلَّ وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِشَوْبٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ تَقْدِيرًا] : أَيْ كَالشِّرَاءِ لِلْعِتْقِ كَمَا يَأْتِي.
الْعِتْقِ فَلَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ، لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَضَعُ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ لِذَلِكَ. فَلَمْ تَخْلُ الرَّقَبَةُ عَنْ شَائِبَةِ عِوَضٍ تَقْدِيرًا.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهَا رَقَبَةٌ غَيْرُ كَامِلَةٍ لَمَّا وَضَعَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهَا لِشَرْطِ الْعِتْقِ فِيهَا، (أَوْ عَلَى مَالٍ) : أَيْ وَلَا مُعْتَقَ عَلَى مَالٍ (فِي ذِمَّتِهِ) : أَيْ الْعَبْدِ، فَلَا يُجْزِئُ لِعِتْقِهِ عَنْ ظِهَارِهِ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ حَقِيقَةً، وَأَمَّا عِتْقُهُ فِي نَظِيرِ مَالٍ حَاضِرٍ يَأْخُذُ مِنْهُ فَجَائِزٌ لِأَنَّ لَهُ انْتِزَاعَهُ مِنْهُ. (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ:(إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ)(حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ، نَقَلَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ لَوْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي فَيُجْزِيهِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَهُوَ مُظَاهِرٌ فَلَا يُجْزِيهِ - أَيْ عَنْ ظِهَارِهِ - لَمْ يَقُلْ فِيهِ: فَهُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ، خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ قَوْلَ مَالِكٍ عَلَى الْعُمُومِ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا الْخِلَافَ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ فِي الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَأَنَّ الْأَصَحَّ الْوِفَاقُ. (وَلَا) أَيْ وَبِلَا شَوْبِ (عِتْقٍ لَا مُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِ) كَمُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ فَلَا يُجْزِئُ. (كَامِلَةٍ) : نَعْتٌ لِرَقَبَةٍ كَامِلَةٍ أَيْ عِتْقِ رَقَبَةٍ (لَا بَعْضًا) مِنْهَا فَلَا يُجْزِئُ. (وَلَوْ كُمِّلَ عَلَيْهِ) بِالْحُكْمِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ (أَوْ كَمَّلَهُ) هُوَ بِالسِّرَايَةِ بِأَنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ كُلُّهَا لَهُ فَأَعْتَقَ نِصْفَهَا عَنْ ظِهَارِهِ، وَكُمِّلَ عَلَيْهِ الْبَاقِي، لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ عِتْقُ الْجَمِيعِ عَنْهُ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ، (أَوْ أَعْتَقَ) رَقَبَتَيْنِ (اثْنَتَيْنِ) مَثَلًا (عَنْ أَكْثَرَ) مِنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتِهِ] : أَيْ وَلَوْ قَلَّ.
قَوْلُهُ: [خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ قَوْلَهُ مَالِكٌ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ.
قَوْلُهُ: [وَأَنَّ الْأَصَحَّ الْوِفَاقُ] : أَيْ هُوَ تَأْوِيلُ الْبَاجِيِّ قَالَ عِمْرَانُ: وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ بَعْدَمَا ظَاهَرَ، أَمَّا إنْ عَلَّقَ ثُمَّ ظَاهَرَ فَيُتَّفَقُ عَلَى الْإِجْزَاءِ، وَخَالَفَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي ذَلِكَ قَائِلًا: الْمَسْأَلَتَانِ سَوَاءٌ فِي التَّأْوِيلَيْنِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَمَّلَهُ هُوَ بِالسِّرَايَةِ] : أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَمُقَابَلَةُ مَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ مِنْ الْإِجْزَاءِ وَمُفَادُ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَعْتَقَ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ عَدَدُ الرِّقَابِ عَنْ عَدَدِ
ظِهَارَيْنِ كَثَلَاثِ نِسْوَةٍ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ، وَكَمَا لَوْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ عَنْ ظِهَارَيْنِ (أَوْ أَرْبَعًا عَنْ أَرْبَعٍ أَوْ ثَلَاثًا) عَنْ ثَلَاثٍ (بِنِيَّةِ التَّشْرِيكِ بَيْنَهُنَّ) فَلَا يُجْزِئُ بِخِلَافِ لَوْ قَصَدَ أَنَّ لِكُلِّ ظِهَارٍ رَقَبَةٌ أَوْ أَطْلَقَ فَيُجْزِئُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَصَرْفُ عَدَدِ كَفَّارَةٍ لِمِثْلِهِ مِنْ ظِهَارٍ مُجْزِئٌ وَلَوْ دُونَ تَعَيُّنٍ إنْ لَمْ يَقْتَضِ شَرِكَةً فِي رَقَبَةٍ.
(وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ) أَيْ عِتْقُهُ عَنْ ظِهَارِهِ لِأَنَّ الْعَيْنَ الْوَاحِدَةَ تَقُومُ مَقَامَ الِاثْنَتَيْنِ فِي الرُّؤْيَةِ، وَدِيَتُهَا دِيَةُ الْعَيْنَيْنِ الِاثْنَتَيْنِ أَلْفُ دِينَارٍ، (وَمَغْصُوبٌ) مِنْ الْمُظَاهِرِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الْغَاصِبِ، (وَ) رَقِيقٌ (مَرْهُونٌ) عِنْدَ رَبِّ الدَّيْنِ، (وَ) عَبْدٌ (جَانٍ) عَلَى غَيْرِهِ أَيْ يُجْزِئُ عِتْقُهُمَا عَنْ ظِهَارِهِ (إنْ خَلَصَا) بِفَتْحِ اللَّامِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، أَوْ بِإِسْقَاطِ رَبِّ الْحَقِّ حَقَّهُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ إنْ افْتَدَيَا وَأَخْصَرُ فَإِنْ لَمْ يَخْلُصَا فَلَا يُجْزِئُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِمَا، (وَ) يُجْزِئُ (نَاقِصُ أُنْمُلَةٍ) وَلَوْ مِنْ إبْهَامٍ كَأُنْمُلَتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا، فَالْعِبْرَةُ بِمَفْهُومِ أُصْبُعٍ فِيمَا مَرَّ، (وَ) يُجْزِئُ (خَفِيفُ مَرَضٍ وَعَرَجٍ، وَ) يُجْزِئُ (خَصِيٌّ) وَكُرِهَ. (وَ) يُجْزِئُ (جَدْعٌ) بِسُكُونِ الدَّالِ
ــ
[حاشية الصاوي]
الظِّهَارِ لَمْ يُجْزِئْ وَإِنْ سَاوَى عَدَدَ الرِّقَابِ عَدَدُ الظِّهَارِ أَجْزَأَ وَلَوْ دُونَ تَعْيِينٍ إنْ لَمْ يَقْصِدْ الشَّرِكَةَ فِي الرِّقَابِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ فِيهَا مُنِعَ وَلَوْ كَانَ عَدَدُ الرِّقَابِ أَزِيدَ مِنْ عَدَدِ الْمُظَاهَرِ مِنْهُنَّ، كَأَنَّهُ يَعْتِقُ خَمْسَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ قَاصِدًا التَّشْرِيكَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّشْرِيكَ كَمَا يُمْنَعُ فِي الرِّقَابِ يُمْنَعُ فِي الصَّوْمِ لِوُجُوبِ تَتَابُعِهِ لَا فِي الْإِطْعَامِ إلَّا فِي حِصَّةِ كُلِّ مِسْكِينٍ.
قَوْلُهُ: [وَيُجْزِئُ أَعْوَرُ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْخِلَافُ فِي الْأَنْقَرِ الَّذِي فُقِئَتْ حَبَّةُ عَيْنِهِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْزِئُ اتِّفَاقًا كَمَا يُجْزِئُ مَنْ فَقَدَ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ بَعْضَ نَظَرِهَا.
قَوْلُهُ: [وَمَغْصُوبٌ] : أَيْ فَيُجْزِئُ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَا فِي عب
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُخْلِصَا فَلَا يُجْزِئُ] : أَيْ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عب مِنْ الْإِجْزَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِجْزَاءِ إذَا أَخَذَهُ ذُو الْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ وَبَطَلَ الْعِتْقُ كَذَا فِي بْن
قَوْلُهُ: [فَالْعِبْرَةُ بِمَفْهُومِ أُصْبُعٍ] : أَيْ فَلَوْ نَقَصَ أُنْمُلَتَيْنِ وَبَعْضَ أُنْمُلَةٍ لَأَجْزَأَ.
الْمُهْمَلَةِ: أَيْ قُطِعَ (بِأُذُنٍ) لَمْ يَسْتَوْعِبْهَا وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْ كَمَا تَقَدَّمَ، (وَ) يُجْزِئُ (عِتْقُ غَيْرِهِ مِنْهُ) أَيْ غَيْرُ الْمُظَاهِرِ عَنْ الْمُظَاهِرِ بِشَرْطَيْنِ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ:(إنْ عَادَ) الْمُظَاهِرُ، بِأَنْ عَزَمَ عَلَى الْوَطْءِ، وَأَوْلَى إنْ وَطِئَ (وَرَضِيَهُ) أَيْ رَضِيَ بِالْعِتْقِ حِينَ بَلَغَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعِتْقِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الصَّوْمُ، وَأَشَارَ إلَيْهِ بِثُمَّ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ:
(ثُمَّ لِمُعْسِرٍ عَمَّا) : أَيْ عَنْ مَالٍ (يُحَصِّلُهَا) : أَيْ الرَّقَبَةَ (بِهِ، لَا إنْ قَدَرَ) وَلَمْ يَحْتَجْ لَهُ بَلْ (وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ) أَيْ لِمَا يُحَصِّلُهَا بِهِ (وَقْتَ الْأَدَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُعْسِرٍ: أَيْ ثُمَّ لِعَاجِزٍ عَنْ الرَّقَبَةِ، أَوْ عَمَّا يُحَصِّلُهَا بِهِ وَقْتَ إخْرَاجِهَا (صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) فَالْقَادِرُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى مَا يَشْتَرِيهَا بِهِ، وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ لِمَنْصِبٍ أَوْ لِمَرَضٍ أَوْ سُكْنَى دَارٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا، وَلَا فَضْلَ فِيهَا، أَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَيْ قَطْعٌ بِأُذُنٍ] أَيْ وَكَذَا يُقَالُ لِلْمَقْطُوعِ الْأَنْفِ فَيُجْزِئُ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْ كَمَا تَقَدَّمَ] : وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْإِجْزَاءُ فِي قَطْعِ الْوَاحِدَةِ.
قَوْلُهُ: [وَرَضِيَهُ] : أَيْ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ ابْتِدَاءً خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ الرِّضَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ عَنْ مَيِّتٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. تَنْبِيهٌ:
يُسْتَحَبُّ تَخْصِيصُ الْعِتْقِ فِي الظِّهَارِ بِمَنْ بَلَغَ سِنَّ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ بِأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ وَعَقَلَ الْعِبَادَةَ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ قَدَرَ وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ] : جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ صَوْمٌ، وَالْخَبَرِ الَّذِي هُوَ لِمُعْسِرٍ، وَأَصْلُ تَرْكِيبِ الْعِبَارَةِ ثُمَّ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إلَخْ كَائِنٌ لِمُعْسِرٍ عَمَّا يَحْصُلُهَا بِهِ وَقْتَ الْأَدَاءِ لَا إنْ قَدَرَ، وَلَوْ احْتَاجَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ صَوْمٌ.
قَوْلُهُ: [وَقْتَ إخْرَاجِهَا] : أَيْ لَا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْعَوْدُ وَلَا وَقْتَ الظِّهَارِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ سُكْنَى دَارٍ] : أَيْ فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تُبَعْ عَلَى الْمُفْلِسِ، وَكَذَلِكَ لَا يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَلَا النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِارْتِكَابِهِ الْمُنْكَرَ وَالزُّورَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَكَذَلِكَ لَا يَكْفِيهِ الصَّوْمُ لَوْ كَانَ قُدْرَتُهُ عَلَى الْعِتْقِ بِمِلْكِ رَقَبَةٍ فَقَطْ ظَاهَرَ مِنْهَا، وَلَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا بِحَيْثُ اتَّحَدَ مَحَلُّ الظِّهَارِ وَتَعَلُّقِ الْكَفَّارَةِ فَيَعْتِقُهَا عَنْ
كَانَ كُتُبَ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ دَابَّةٍ لِرُكُوبِهِ، يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ. وَلَا يُعْذَرُ بِالِاحْتِيَاجِ تَشْدِيدًا عَلَيْهِ حَيْثُ ارْتَكَبَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا. (بِالْهِلَالِ) إنْ ابْتَدَأَ أَوَّلَ شَهْرَيْنِ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّتَابُعِ وَنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ وَلَوْ ابْتَدَأَ الصَّوْمَ أَثْنَاءَ شَهْرٍ صَامَ الثَّانِيَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ كَمَالٍ، (وَتَمَّمَ) الْأَوَّلَ (الْمُنْكَسِرَ) الَّذِي صَامَ مِنْ أَثْنَائِهِ (مِنْ الثَّالِثِ) : أَيْ إنْ تَبَيَّنَ نُقْصَانُ الْأَوَّلِ بِيَوْمٍ صَامَهُ مِنْ الثَّالِثِ.
(وَتَعَيَّنَ) الصَّوْمُ (لِذِي الرِّقِّ) : أَيْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا ظَاهَرَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ إذْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الْعِتْقُ، وَلَا يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا حَتَّى يَصِحَّ إطْعَامُهُ، (وَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ الصَّوْمِ (إنْ أَضَرَّ) الصَّوْمُ (بِخِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ) الَّذِي فَرَضَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُضْرَبَ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ إذَا لَمْ تَرْضَ زَوْجَتُهُ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِلَا وَطْءٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
ظِهَارِهِ مِنْهَا، وَلَا يَنْتَقِلُ لِلصَّوْمِ فَإِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ حَلَّتْ لَهُ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عِتْقَهَا كَفَّارَةٌ مَشْرُوطٌ بِالْعَزْمِ عَلَى وَطْئِهَا حِينَئِذٍ حَرَامٌ، لِأَنَّهَا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ بِالْعِتْقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْعَزْمُ عَلَى الْعَوْدِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ حُرْمَةَ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ عِتْقِهَا بِالْفِعْلِ لِزَوَالِ الْمِلْكِ وَالْعَزْمُ عَلَى الْوَطْءِ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ، لِأَنَّهُ شَرْطُ الْكَفَّارَةِ وَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَهِيَ حَالُ الْعَزْمِ فِي مِلْكِهِ، وَشَرْطُ التَّنَاقُضِ اتِّخَاذُ الزَّمَنِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا حَتَّى يَصِحَّ إطْعَامُهُ] : حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ، أَوْ عَجَزَ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ كَفَّرَ بِهِ إنْ أَيِسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ أَوْ مَنَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَتِهِ كَمَا يَأْتِي. تَنْبِيهٌ:
يَتَعَيَّنُ الصَّوْمُ أَيْضًا لِمَنْ طُولِبَ بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَقَدْ الْتَزَمَ قَبْلَ ظِهَارِهِ عِتْقَ مَنْ يَمْلِكُ مُدَّةً كَعَشْرَةِ سِنِينَ مِمَّا يَبْلُغُهُ عُمُرُهُ عَادَةً، وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ فِي حَقِّهِ الصَّوْمُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عِتْقُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا عَنْ الْتِزَامٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مِنْ شَرْطِ الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ مُحَرَّرَةً لِلظِّهَارِ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
(وَتَمَادَى) الْمُظَاهِرُ الْحُرُّ الْعَاجِزُ عَنْ الْعِتْقِ عَلَى صَوْمِهِ وُجُوبًا (إنْ أَيْسَرَ فِي) الْيَوْمِ (الرَّابِعِ، إلَّا أَنْ يَفْسُدَ) صَوْمُهُ بِمُفْسِدٍ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ، وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَا لِلْعِتْقِ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ حِينَئِذٍ. (وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ) أَيْ لِلْعِتْقِ (إنْ أَيْسَرَ فِي الثَّانِي) : أُدْخِلَتْ الْكَافُ: الثَّالِثَ، (وَوَجَبَ) الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ (إنْ أَيْسَرَ قَبْلَهُ) : أَيْ قَبْلَ الْيَوْمِ الثَّانِي وَهُوَ الْأَوَّلُ وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِهِ بِأَنْ أَيْسَرَ فِي لَيْلَةِ الثَّانِي، (وَ) وَجَبَ (إتْمَامُ) صَوْمِ (مَا أَيْسَرَ فِيهِ) مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي يَرْجِعُ فِيهَا لِلْعِتْقِ وُجُوبًا كَالْأَوَّلِ، أَوْ نَدْبًا كَالثَّانِي وَالثَّالِثِ، (وَلَوْ تَكَلَّفَهُ) أَيْ الْعِتْقَ (مُعْسِرٌ) : كَمَا لَوْ تَدَايَنَ وَعَتَقَ (أَجْزَأَ) .
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ بِقَوْلِهِ:
(وَانْقَطَعَ تَتَابُعُهُ) : أَيْ الصَّوْمِ (بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا وَإِنْ لَيْلًا نَاسِيًا) فَأَوْلَى نَهَارًا أَوْ لَيْلًا عَامِدًا (كَبُطْلَانِ الْإِطْعَامِ) بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا فِي أَثْنَائِهِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ] : حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ مَتَى أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَمَا بَعْدَهُ، وَجَبَ التَّمَادِي عَلَى الصَّوْمِ وَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَ كَمَالِهِ، وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي وَجَبَ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الثَّانِي أَوْ الثَّالِثِ، أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الثَّالِثِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الرَّابِعِ، نُدِبَ الرُّجُوعُ لِلْعِتْقِ وَوَجَبَ إتْمَامُ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْيَسَارُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَمِثْلُ مَا ذَكَرَ فِي التَّفْصِيلِ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّجُوعُ مَتَى أَيْسَرَ بَعْدَ كَمَالِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِخِفَّةِ أَمْرِ الْيَمِينِ، وَغِلَظِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ.
قَوْلُهُ: [أَجْزَأَ] : وَنَظِيرُهُ مَنْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ فَتَكَلَّفَ الْغُسْلَ أَوْ مَنْ فَرْضُهُ الْجُلُوسُ فِي الصَّلَاةِ فَتَكَلَّفَ الْقِيَامَ فِيهَا، وَإِجْزَاؤُهُ حِينَئِذٍ لَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَمَا إذَا كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ، وَلَا يَعْلَمُ أَرْبَابَهُ بِالْعَجْزِ عَنْهُ وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَمَا إذَا كَانَ بِسُؤَالٍ، لِأَنَّ السُّؤَالَ مَكْرُوهٌ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ السُّؤَالُ أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [بِوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا] : أَيْ وَأَمَّا الْقُبْلَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ لَهَا فَلَا يَقْطَعَانِهِ كَمَا شَهَّرَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقِيلَ يَقْطَعَانِهِ وَشَهَّرَهُ الزَّنَاتِيُّ
عَلَيْهِ إلَّا مُدٌّ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَيَبْتَدِيهِ، وَأَمَّا وَطْءُ غَيْرِ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا فَلَا يَضُرُّ فِي صِيَامٍ إنْ وَقَعَ لَيْلًا وَلَا فِي إطْعَامٍ. (وَ) انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ (بِفِطْرِ السَّفَرِ) : أَيْ بِفِطْرِهِ فِي سَفَرِهِ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ وَيَبْتَدِيهِ، (أَوْ) فِطْرِ (مَرَضٍ فِيهِ) : أَيْ فِي السَّفَرِ (هَاجَهُ) : أَيْ حَرَّكَهُ وَأَظْهَرَهُ السَّفَرُ، لَا إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يُهِجْهُ السَّفَرُ، بَلْ كَانَ سَبَبُهُ غَيْرَ السَّفَرِ، (وَ) انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ (بِالْعِيدِ إنْ عَلِمَهُ) : أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْعِيدَ يَأْتِي فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ كَمَا لَوْ صَامَ ذَا الْقِعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ لِظِهَارِهِ عَالِمًا بِيَوْمِ الْأَضْحَى، لَا إنْ جَهِلَهُ (وَصَامَ الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ) : أَيْ بَعْدَ الْعِيدِ (إنْ جَهِلَهُ) أَيْ جَهِلَ إتْيَانَ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ، وَقُلْنَا بِعَدَمِ انْقِطَاعِ التَّتَابُعِ أَيْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَوْمُهُمَا، فَإِنْ أَفْطَرَهُمَا انْقَطَعَ تَتَابُعَهُ، وَقِيلَ: بَلْ يَبْنِي وَإِذَا صَامَهُمَا هَلْ يَقْضِيهِمَا؟ قَوْلَانِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَيَبْتَدِيهِ] : هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ الْوَطْءُ لَا يُبْطِلُ الْإِطْعَامَ الْمُتَقَدِّمَ مُطْلَقًا وَالِاسْتِئْنَافُ أَحَبُّ إلَيَّ لِأَنَّ اللَّهَ إنَّمَا قَالَ:(مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فِي الْعِتْقِ وَالصَّوْمِ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الْإِطْعَامِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا فِي إطْعَامٍ] : أَيْ وَقَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا.
قَوْلُهُ: [هَاجَهُ أَيْ حَرَّكَهُ وَأَظْهَرَهُ السَّفَرُ] إلَخْ: هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ كَأَكْلِ شَيْءٍ يُعْلَمُ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَضُرُّ بِهِ، ثُمَّ أَفْطَرَ وَعَلَى هَذَا فَلَا مَفْهُومَ لِلسَّفَرِ حِينَئِذٍ.
قَوْلُهُ: [بَلْ كَانَ سَبَبُهُ غَيْرَ السَّفَرِ] : أَيْ غَيْرَ أَمْرٍ لَهُ مَدْخَلٌ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [لَا إنْ جَهِلَهُ] : أَيْ جَهِلَ مَجِيءَ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ، وَأَمَّا جَهْلُ حُرْمَةِ صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ مَعَ عِلْمِهِ أَنْ يَأْتِيَ فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ فَلَا يَنْفَعُهُ.
قَوْلُهُ: [وَصَامَ الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ] : هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَاعْتُمِدَ وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ بَلْ يَبْنِي] : أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَصُومُ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا يَصُومُ الْيَوْمَ الرَّابِعَ.
قَوْلُهُ: [هَلْ يَقْضِيهِمَا] هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ يَصُومُ يَوْمَ الْعِيدِ
أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْقَضَاءِ وَالِاكْتِفَاءُ بِهِمَا وَأَمَّا يَوْمُ الْعِيدِ، فَهَلْ يُطْلَبُ بِصَوْمِهِ ثُمَّ يَقْضِيهِ؟ وَالْمُرَادُ بِصَوْمِهِ الْإِمْسَاكُ فِيهِ لِأَنَّ صَوْمَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَوْ لَا يُطْلَبُ، بَلْ يَجُوزُ فِطْرُهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَامَهُ فَهُوَ مُفْطِرٌ فِي الْوَاقِعِ. وَأَمَّا الْيَوْمُ الرَّابِعُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَصُومُهُ وَإِلَّا انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِلَا خِلَافٍ، (وَجَهْلُ رَمَضَانَ) أَيْ وَحُكْمُ جَهْلِ رَمَضَانَ كَمَا إذْ ابْتَدَأَ بِشَعْبَانَ يَظُنُّهُ رَجَبًا (كَالْعِيدِ) : أَيْ كَجَهْلِ الْعِيدِ فِي أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، وَيَبْنِي بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ. (وَ) يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ (بِفَصْلِ الْقَضَاءِ) الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ عَنْ صِيَامِهِ (وَلَوْ نَاسِيًا) أَيْ نَاسِيًا أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءً لِمَزِيدِ تَفْرِيطِهِ. (لَا) يَنْقَطِعُ تَتَابُعُهُ (بِإِكْرَاهٍ) عَلَى الْفِطْرِ، (وَ) لَا (ظَنِّ غُرُوبٍ) أَوْ بَقَاءِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَتَالِيَيْهِ وَيَقْضِيهَا كُلَّهَا وَيَبْنِي.
قَوْلُهُ: [أَرْجَحُهُمَا عَدَمُ الْقَضَاءِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَصُومُ يَوْمَ الْعِيدِ، وَيَصُومُ الْيَوْمَيْنِ بَعْدَهُ وَلَا يَقْضِيهِمَا.
قَوْلُهُ: [فَهَلْ يُطْلَبُ بِصَوْمِهِ ثُمَّ يَقْضِيهِ] : أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ كَمَا عَلِمْتَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لَا يُطْلَبُ بَلْ يَجُوزُ] : هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ
قَوْلُهُ: [وَيَبْنِي بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ] : أَيْ وَيُجْرِي فِي يَوْمِ الْعِيدِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ، وَيَقْضِيهِ أَوْ لَا.
قَوْلُهُ: [وَيَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ] : أَيْ كَمَا إذَا أَكَلَ نَاسِيًا أَوْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ أَوْ إكْرَاهٍ، أَوْ ظَنِّ غُرُوبٍ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا أَفْطَرَ فِيهِ، وَوَصْلُ الْقَضَاءِ بِصِيَامِهِ، فَإِنْ تَرَكَ وَصْلَ الْقَضَاءِ بِصِيَامِهِ عَامِدًا أَوْ جَاهِلًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ وَاسْتَأْنَفَ الْكَفَّارَةَ مِنْ أَوَّلِهَا اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ تَرَكَ وَصْلَهُ نِسْيَانًا أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِتَفْرِيطِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْذَرْ بِالنِّسْيَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ، وَعُذِرَ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ نِسْيَانًا فِي أَثْنَاءِ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ، مَعَ أَنَّ الَّذِي أَفْطَرَ نَاسِيًا قَدْ أَتَى فِي خِلَالِ الصَّوْمِ بِيَوْمٍ لَا صَوْمَ فِيهِ، لِأَنَّ مَنْ فَرَّقَ صَوْمَهُ بِانْقِضَاءٍ فَصَلَ بَيْنَ أَجْزَائِهِ بِنِيَّةِ تَرْكِ صَوْمِ مَا هُوَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَإِنَّهُ لَمْ يَنْوِ غَيْرَ مَا هُوَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.
لَيْلٍ، (وَ) لَا (نِسْيَانٍ) لِكَوْنِهِ فِي صِيَامٍ (كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ) لَا يَقْطَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا التَّتَابُعَ فِي كَفَّارَةٍ وَقَتْلٍ أَوْ فِطْرِ رَمَضَانَ.
وَالنَّوْعُ الثَّالِثُ: الْإِطْعَامُ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الصَّوْمَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:
(ثُمَّ لِآيِسٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الصَّوْمِ بِأَنْ لَمْ يُطِقْهُ بِوَجْهٍ (تَمْلِيكُ سِتِّينَ مِسْكِينًا) : وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْإِطْعَامِ فِي الْآيَةِ، (أَحْرَارًا) فَلَا تُجْزِئُ لِرَقِيقٍ، (مُسْلِمِينَ) فَلَا تُجْزِئُ لِكَافِرٍ، (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ (مُدٌّ وَثُلُثَانِ) بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَجْمُوعُهَا مِائَةُ مُدٍّ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صَاعًا (بُرًّا) : أَيْ قَمْحًا إنْ اقْتَاتُوهُ فَلَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِكَوْنِهِ فِي صِيَامٍ] : مُتَعَلِّقٌ بِنِسْيَانٍ. تَنْبِيهٌ:
مَنْ لَمْ يَدْرِ مَحَلَّ يَوْمَيْنِ مِنْ كَفَّارَتَيْنِ صَامَهُمَا مُتَّصِلَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الثَّانِيَةِ، وَقَضَى شَهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأُولَى فَبَطَلَتْ بِالدُّخُولِ فِي الثَّانِيَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ، وَسَوَاءٌ اجْتِمَاعُهُمَا وَافْتِرَاقُهُمَا كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [سِتِّينَ مِسْكِينًا] : الْمُرَادُ بِالْمِسْكِينِ مَا يَشْمَلُ الْفَقِيرَ.
قَوْلُهُ: [أَحْرَارًا] : حَالٌ مِنْ سِتِّينَ لِتَخْصِيصِهِ بِالتَّمْيِيزِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تُجْزِئُ لِكَافِرٍ] : أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ فَلَيْسَتْ كَالزَّكَاةِ.
قَوْلُهُ: [لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدٌّ وَثُلُثَانِ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ قَدْرُ مُدِّ هِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْقُرَشِيِّ الْمَخْزُومِيِّ، كَانَ عَامِلًا عَلَى الْمَدِينَةِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن، فَمَنْ قَالَ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ سِتُّونَ مُدًّا فَالْمُرَادُ مَدُّ هِشَامٍ، لِأَنَّ مَالِكًا ضَبَطَهَا بِهِ، وَأَمَّا بِمُدِّ رَسُولِ اللَّهِ فَهِيَ مِائَةُ مُدٍّ كَمَا عَلِمْتَ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ فَإِنَّهَا سِتُّونَ مُدًّا بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَشْرَةٌ بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ فِي رَمَضَانَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مُدٌّ لِمِسْكِينٍ بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَذَلِكَ فِدْيَةُ الْأَذَى إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ فَلْيُفْهَمْ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ صَاعًا] : أَيْ لِأَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ. تَتِمَّةٌ:
لَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ نَاوِيًا تَشْرِيَك الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ، إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكْمِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُدًّا بِأَنْ يَدْفَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفَ مُدٍّ، وَهَلْ مَحَلُّ الْإِجْزَاءِ
مِنْ شَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، (فَإِنْ اقْتَاتُوا غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْبُرِّ (فَعَدْلُهُ شِبَعًا) لَا كَيْلًا، خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ بِأَنْ يُقَالَ: إذَا شَبِعَ الشَّخْصُ مِنْ مُدِّ حِنْطَةٍ وَثُلُثَيْنِ فَمَا يُشْبِعُهُ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِذَا قِيلَ كَذَا أَخْرَجَهُ (وَلَا يُجْزِئُ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ) قَالَ الْإِمَامُ رضي الله عنه: إنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا وَثُلُثَيْنِ. وَلِذَلِكَ لَوْ تَحَقَّقَ بُلُوغُهُمَا ذَلِكَ كَفَى، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ بُلُوغُهُمَا) أَيْ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ (ذَلِكَ) أَيْ الْمُدَّ وَالثُّلُثَيْنِ.
(وَلِلْعَبْدِ) إذَا ظَاهَرَ وَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ (إخْرَاجُهُ) أَيْ الطَّعَامِ (إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ) فِيهِ، لَا إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، (وَقَدْ عَجَزَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ: أَيْ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الصَّوْمِ (أَوْ مَنْعِهِ) سَيِّدُهُ (الصَّوْمَ) لِإِضْرَارِهِ بِخِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ أَوْ مُطْلَقًا؟ يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ، وَلَا يُجْزِئُ أَيْضًا تَرْكِيبُ صِنْفَيْنِ فِي الْكَفَّارَةِ كَصِيَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَإِطْعَامِ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا وَلَوْ نَوَى الْمُظَاهِرُ الَّذِي لَزِمَهُ كَفَّارَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ لِكُلٍّ عَدَدًا مِنْ الْمُخْرَجِ كَمَا لَوْ أَطْعَمَ ثَمَانِينَ وَنَوَى لِكُلٍّ كَفَّارَةَ أَرْبَعِينَ، أَوْ لِوَاحِدَةٍ خَمْسِينَ وَالْأُخْرَى ثَلَاثِينَ، أَوْ أَخْرَجَ الْجُمْلَةَ عَنْ الْجَمِيعِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ تَشْرِيك فِي كُلِّ مِسْكِينٍ أَجْزَأَهُ وَكَمَّلَ عَلَى مَا نَوَاهُ لِكُلٍّ مِنْ الْكَفَّارَتَيْنِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَمَا يَنُوبُ الْجَمِيعُ فِي الثَّانِيَةِ وَسَقَطَ حَظُّ مَنْ مَاتَتْ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي ظَاهَرَ مِنْهُنَّ فَلَا يُكْمِلُ لَهَا، وَلَا يَحْسِبُ مَا أَخْرَجَهُ عَنْهَا لِغَيْرِهَا، فَلَوْ نَوَى لِكُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةٍ خَمْسِينَ، وَلِلْمَيِّتَةِ ثَلَاثِينَ سَقَطَ حَظُّهَا فَلَا يَنْقُلُهُ لِغَيْرِهَا، وَكَمَّلَ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَشْرَةً دُونَ مَنْ مَاتَتْ، وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا مِنْ الرِّقَابِ عَنْ ثَلَاثٍ مِنْ أَرْبَعٍ ظَاهَرَ مِنْهُنَّ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهَا مِنْهُنَّ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْ الْأَرْبَعِ حَتَّى يُخْرِجَ الْكَفَّارَةَ الرَّابِعَةَ، وَلَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَ إخْرَاجِ الرَّابِعَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهَا، فَلَوْ عَيَّنَ مَنْ أَعْتَقَ عَنْهَا جَازَ وَطْؤُهَا (اهـ. مِنْ الْأَصْلِ) .