الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كَالْحَرْبِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَالِ الْحَرْبِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ (وَالْأَحَبُّ) مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ (ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ، وَنَحْوُ يَا دَائِمُ يَا وَاحِدُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10] .
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ الْجِهَادِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النِّكَاحِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ] : أَيْ لِوُرُودِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَحَيْثُ قَالَ: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» .
[بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَذِكْرُ مُهِمَّاتِ مَسَائِلِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
[حُكْم النِّكَاحُ وَتَعْرِيفه وَأَرْكَانُهُ]
قَوْلُهُ: [انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النِّكَاحِ] : أَيْ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ لَوَازِمِهِ الْجَهْدُ وَالْمَشَقَّةُ الَّتِي هِيَ مَعْنَى الْجِهَادِ لُغَةً، لِخَبَرِ:«إنَّ مِنْ الذُّنُوبِ ذُنُوبًا لَا يُكَفِّرُهَا صَلَاةٌ وَلَا صَوْمٌ وَلَا جِهَادٌ إلَّا السَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ» ، أَوْ كَمَا قَالَ، وَقَدْ أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ هُنَا فَصْلَ الْخَصَائِصِ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِهَا قَدْ انْقَضَى بِوَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم.
بَابٌ فِي النِّكَاحِ وَذِكْرُ مُهِمَّاتِ مَسَائِلِهِ
وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ طَلَاقٍ وَظِهَارٍ وَلِعَانٍ وَنَفَقَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ بَابٌ مُهِمٌّ يَنْبَغِي زِيَادَةُ الِاعْتِنَاءِ بِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بَابٌ:
قَوْلُهُ: [وَغَيْرِ ذَلِكَ] : أَيْ كَالرَّجْعَةِ وَالْإِيلَاءِ وَالْعِدَّةِ وَالرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالْأَصْلُ فِيهِ النَّدْبُ] : أَيْ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاسُلِ وَبَقَاءِ النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، وَكَفِّ النَّفْسِ عَنْ الزِّنَا الَّذِي هُوَ مِنْ الْمُوبِقَاتِ وَلِذَا قَالَ:
(نُدِبَ النِّكَاحُ) وَقَدْ يَجِبُ إنْ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الزِّنَا، وَقَدْ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يَخْشَ الزِّنَا وَأَدَّى إلَى حَرَامٍ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ إضْرَارٍ أَوْ إلَى تَرْكِ وَاجِبٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَالْآيَاتِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَاسُلِ] إلَخْ: بَيَانٌ لِحِكْمَتِهِ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ يَجِبُ إنْ خَشِيَ] إلَخْ: أَيْ وَإِنْ أَدَّى إلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ أَوْ أَذًى إلَى عَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا. وَالظَّاهِرُ - كَمَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ - وُجُوبُ إعْلَامِهَا بِذَلِكَ، وَلَكِنْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْخَائِفَ مِنْ الزِّنَا مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ الزِّنَا، لِأَنَّهُ فِي طَوْقِهِ كَمَا أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ الْحَرَامِ، فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إذَا خَافَ الزِّنَا وَجَبَ النِّكَاحُ، وَلَوْ أَدَّى الْإِنْفَاقَ مِنْ حَرَامٍ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا اسْتَحْكَمَ الْأَمْرُ فَالْقَاعِدَةُ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [أَوْ إلَى تَرْكِ وَاجِبٍ] : أَيْ كَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوْقَاتِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِتَحْصِيلِ نَفَقَتِهَا. وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِي النِّكَاحِ أَوْ لَا، وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَوْ لَا، فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَعَ إنْفَاقٍ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ، أَوْ مَعَ وُجُودِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَخْشَ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَطَعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ. وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ خَافَ بِهِ قَطْعَهُ عَنْ عِبَادَةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ كُرِهَ، رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخْشَ وَرَجَا النَّسْلَ نُدِبَ، فَإِنْ لَمْ يَرْجُ أُبِيحَ. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ قِسْمِ الْمَنْدُوبِ وَالْجَائِزِ وَالْمَكْرُوهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبَ التَّحْرِيمِ، وَالْمَرْأَةُ مُسَاوِيَةٌ لِلرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ إلَّا فِي التَّسَرِّي.
(وَهُوَ) : أَيْ النِّكَاحُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ: (عَقْدٌ لِحِلِّ تَمَتُّعٍ) : أَيْ اسْتِمْتَاعٍ وَانْتِفَاعٍ وَتَلَذُّذٍ (بِأُنْثَى) وَطْئًا وَمُبَاشَرَةً وَتَقْبِيلًا وَضَمًّا وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ:" لِحِلِّ " إلَخْ: عِلَّةٌ بَاعِثَةٌ عَلَى الْعَقْدِ، وَخَرَجَ بِهِ سَائِرُ الْعُقُودِ مَا عَدَا الْمَحْدُودَ وَالشِّرَاءَ لِلْأَمَةِ وَإِنْ لِمُسْتَوْلِدِهَا؛ إذْ لَيْسَ الْأَصْلُ فِيهِ حِلُّ التَّمَتُّعِ بَلْ الِانْتِفَاعُ الْعَامُّ وَمِلْكُ الذَّاتِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْحُدُودِ. وَوَصَفَ الْأُنْثَى بِقَوْلِهِ:(غَيْرِ مَحْرَمٍ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَحْرَمٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي عُرْفِ الشَّرْعِ عَقْدٌ] إلَخْ: هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَ: اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَقْدِ وَالْوَطْءِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَمَا هُوَ مَحَلُّ الْحَقِيقَةِ؟ قَالَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لُغَةً فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ، وَفِي الشَّرْعِ عَلَى الْعَكْسِ إلَخْ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ إنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ هَلْ تَحْرُمُ عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ أَمْ لَا تَحْرُمُ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ. إنْ قُلْت مُقْتَضَى كَوْنِهِ حَقِيقَةً فِي الْعَقْدِ حِلُّ الْمَبْتُوتَةِ بِمُجَرَّدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ خُصِّصَتْ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» إلَخْ وَالْإِجْمَاعُ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَيْسَ الْأَصْلُ فِيهِ حِلَّ التَّمَتُّعِ] : أَيْ بِخُصُوصِهِ بَلْ الْأَصْلُ فِيهِ مِلْكُ الذَّاتِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَالتَّمَتُّعُ مِنْ تَوَابِعِ مِلْكِ الذَّاتِ، بِخِلَافِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَلَا يَمْلِكُ مِنْ الْمَرْأَةِ إلَّا الِانْتِفَاعَ لَا الذَّاتَ وَلَا الْمَنْفَعَةَ، فَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ مِنْهَا الِانْتِفَاعُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [بِنَسَبٍ] إلَخْ: مُحَرَّمُ النَّسَبِ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْله تَعَالَى:
(وَ) غَيْرِ (مَجُوسِيَّةٍ) إذْ لَا يَصِحُّ عَقْدٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ وَلَوْ حُرَّةً. (وَ) غَيْرِ (أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ) مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَمْ لَا، إذْ لَا يَصِحُّ عَقْدٌ عَلَى الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ، بِخِلَافِ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ، وَالْحَدُّ شَامِلٌ لَهَا. فَإِنْ قِيلَ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِأُنْثَى خَالِيَةٍ مِنْ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ فَتَخْرُجُ الْمَحْرَمُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَالْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ، وَيَخْرُجُ أَيْضًا الْمُلَاعَنَةُ وَالْمَبْتُوتَةُ وَالْمُعْتَدَّةُ مِنْ غَيْرِهِ وَالْمُحْرِمَةُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّهُ قَصَدَ بِمَا ذَكَرَهُ إخْرَاجَ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ أَصْلِيٌّ، وَأَمَّا الْمُلَاعَنَةُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا فَمَانِعُهُنَّ عَرَضِيٌّ طَارِئٌ بَعْدَ الْحِلِّ، بِخِلَافِ " الْمَحْرَمِ " وَمَا بَعْدَهَا. وَسَيُذْكَرُ الْعَرَضِيُّ فِي الشُّرُوطِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ وَمُحَرَّمُ الرَّضَاعِ مِثْلُهُ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، وَمَحْرَمُ الصِّهْرِ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ وَبَنَاتُهَا وَزَوْجَاتُ الْأُصُولِ، وَزَوْجَاتُ الْفُرُوعِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ مُفَصَّلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: [إذْ لَا يَصِحُّ عَقْدٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ] إلَخْ: وَلِذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا، وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِحَالٍ مَا دَامَتْ مَجُوسِيَّةً كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [إذْ لَا يَصِحُّ عَقْدٌ عَلَى الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ] : أَيْ وَلَوْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَلَمْ يَجِدْ لِلْحَرَائِرِ طَوْلًا وَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ، وَهِيَ تَحْتَهُ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِالشَّرْطَيْنِ وَيُقَرُّ عَلَيْهَا إنْ أَسْلَمَ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطَانِ.
قَوْلُهُ: [فَتَخْرُجُ الْمَحْرَمُ وَالْمَجُوسِيَّةُ] إلَخْ: أَيْ وَيَكُونُ الْحَدُّ جَامِعًا مَانِعًا.
قَوْلُهُ: [فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَصَدَ بِمَا ذَكَرَهُ] إلَخْ: مُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْحَدَّ مَا كَانَ بِالذَّاتِيَّاتِ لَا بِالْعَرَضِيَّاتِ، إذْ لَا يُلْتَفَتُ لَهَا فِي الْحُدُودِ فَلِذَلِكَ اُلْتُفِتَ لِلْمَانِعِ الْأَصْلِيِّ
(بِصِيغَةٍ) : مُتَعَلِّقٌ بِعَقْدٍ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا. (لِقَادِرٍ) عَلَى مَا يَتَحَصَّلُ بِهِ النِّكَاحُ مِنْ صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ (مُحْتَاجٍ) لَهُ إمَّا لِكَسْرِ شَهْوَتِهِ أَوْ لِإِصْلَاحِ مَنْزِلِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ نَسْلًا (أَوْ رَاجٍ نَسْلًا) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا. وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ:" نُدِبَ النِّكَاحُ " وَلَيْسَ مِنْ الْحَدِّ، وَإِنَّمَا اعْتَرَضَ بِذِكْرِ الْحَدِّ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ.
ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذِكْرِ التَّعْرِيفِ قَوْلَهُ:
(فَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ: أَيْ إذَا عَلِمْت أَنَّهُ عَقْدٌ إلَخْ فَتَكُونُ أَرْكَانُهُ ثَلَاثَةً؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى حِلِّ شَيْءٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
فَقَطْ، لِأَنَّ الْحُدُودَ لِبَيَانِ الْحَقَائِقِ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ لِعَارِضٍ، فَلِذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا إخْرَاجُ الْعَرَضِيَّاتِ فَحَيْثُ كَانَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا مَانِعًا مِنْ حَيْثُ الذَّاتِيَّاتِ كَفَى، وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ حَيْثُ الْعَرَضِيَّاتِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.
قَوْلُهُ: [فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ] : أَيْ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْأَرْكَانِ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ ذَاتِيَّاتِ الْمَاهِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي بَيَانُهَا] : أَيْ فِي قَوْلِهِ وَالصِّيغَةُ هِيَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَيْهِ كَأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت إلَخْ.
قَوْلُهُ: [لِقَادِرٍ] : أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْقَادِرِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ بَلْ هُوَ حَرَامٌ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [مُحْتَاجٍ] إلَخْ: تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْحَاصِلِ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى ذِكْرِ التَّعْرِيفِ] : إنَّمَا فَرَّعَ الْأَرْكَانَ عَلَى التَّعْرِيفِ لِتَضَمُّنِهِ لَهَا فَهُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ الشَّيْءِ مُجْمَلًا ثُمَّ مُفَصَّلًا فَيَكُونُ أَوْقَعَ فِي النَّفْسِ.
قَوْلُهُ: [مُفْرَدٌ مُضَافٌ] إلَخْ: جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ وَهُوَ أَنَّ الرُّكْنَ مُبْتَدَأٌ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَأَخْبَرَ عَنْهُ بِمُتَعَدِّدٍ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَحْصُلُ] إلَخْ: بَيَانٌ لِحَصْرِ الْأَرْكَانِ فِي الثَّلَاثَةِ. وَلِمَاهِيَّةِ الْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ هِيَ سَوَاءٌ كَانَ عَقْدَ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ مَثَلًا، فَالِاثْنَانِ فِي النِّكَاحِ الزَّوْجُ وَوَلِيُّ الزَّوْجَةِ، وَفِي الْبَيْعِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، وَقَوْلُهُ عَلَى حِلِّ شَيْءٍ كِنَايَةٌ عَنْ