الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِصْرَ الْقَاهِرَةِ وَبُولَاقِ، فَإِنَّهُنَّ يَتَزَيَّنَّ فِي خُرُوجِهِنَّ بِالْحَرِيرِ الْأَسْوَدِ، (وَ) تَرْكِ (الِامْتِشَاطِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ) - بِفَتْحَتَيْنِ: صِبْغٌ مَعْلُومٌ يُذْهِبُ بَيَاضَ الشَّعْرِ وَلَا يُسَوِّدُهُ، (بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ) مِنْ كُلِّ مَا لَا طِيبَ فِيهِ (السِّدْرِ وَالِاسْتِحْدَادِ) أَيْ حَلْقِ الْعَانَةِ. وَمِثْلُهُ نَتْفُ الْإِبْطِ فَلَا يُطْلَبُ تَرْكُ ذَلِكَ.
وَلَا: (تَدْخُلُ حَمَّامًا وَلَا تُطْلِي جَسَدَهَا) : بِنُورَةٍ، (وَلَا تَكْتَحِلُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَتَكْتَحِلُ (وَإِنْ بِطِيبٍ) : أَيْ بِكُحْلٍ فِي طِيبٍ، (وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا) وُجُوبًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا، لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ وَقَدْ عُدِمَ، إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ أَجْلِ الْحَمْلِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا السُّكْنَى فَهِيَ وَاجِبَةٌ لَهَا اتِّفَاقًا مُطْلَقًا فِي الْمُطَلَّقَةِ، وَعَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
(وَلِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ) بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وُجُوبًا عَلَى الزَّوْجِ. (أَوْ الْمَحْبُوسَةِ) أَيْ الْمَمْنُوعَةِ مِنْ النِّكَاحِ (بِسَبَبِهِ) : أَيْ بِسَبَبِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ - كَالْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرِ عَالِمَةٍ، أَوْ اشْتَبَهَ بِهَا، وَالْمُعْتَقَةِ، وَمَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لِفَسَادٍ أَوْ لِعَانٍ - (السُّكْنَى)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهُنَّ يَتَزَيَّنَّ فِي خُرُوجِهِنَّ بِالْحَرِيرِ الْأَسْوَدِ] : وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا مَفْهُومَ لِلْحَرِيرِ وَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ الْأَسْوَدِ زِينَةً عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا تَدْخُلُ حَمَّامًا] : قَالَ ابْنُ نَاجِي: اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِهَا الْحَمَّامَ فَقِيلَ لَا تَدْخَلُ أَصْلًا ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ ضَرُورَةٍ، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَدْخُلُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ وَنَحْوِهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي:" إلَّا لِضَرُورَةٍ " يَرْجِعُ لَهُ أَيْضًا.
[نَفَقَة الْمُعْتَدَّة وسكناها]
قَوْلُهُ: [إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ] : رَاجِعٌ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [مُطْلَقًا فِي الْمُطَلَّقَةِ] : أَيْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ أَوَّلًا نَقْدُ كِرَاءٍ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: [كَالْمَزْنِيِّ بِهَا غَيْرِ عَالِمَةٍ] : أَيْ فَإِنَّ لَهَا الصَّدَاقُ وَالسُّكْنَى. وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ عَالِمَةً فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَلَا سُكْنَى.
فِي الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ، قَالَ تَعَالَى:{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ} [الطلاق: 1] إلَخْ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ إلَّا لِضَرُورَةٍ تَقْتَضِيهِ كَمَا يَأْتِي.
(وَلِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا) السُّكْنَى فِي عِدَّتِهَا. بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ: (إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ) لَمْ يَدْخُلْ بِهَا و (أَسْكَنَهَا مَعَهُ) فِي بَيْتِهِ (وَلَوْ لِكَفَالَةٍ) كَكَوْنِهَا صَغِيرَةً، وَلَهُ عَلَيْهَا الْكَفَالَةُ لِتَنْزِيلِ إسْكَانِهَا مَعَهُ مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ، وَقَوْلُنَا:" وَلَوْ " إلَخْ فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُصَنِّفِ رحمه الله حَيْثُ قَالَ إلَّا الْكَفَالَةَ.
(وَالْمَسْكَنُ لَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَهُوَ إشَارَةٌ لِلشَّرْطِ الثَّانِي: أَيْ إنْ دَخَلَ بِهَا إلَخْ وَكَانَ الْمَسْكَنُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ مِلْكًا لَهُ، (أَوْ) بِأُجْرَةٍ و (نَقَدَ كِرَاءَهُ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ فَلَوْ نَقَدَ الْبَعْضَ فَلَهَا السُّكْنَى بِقَدْرِهِ فَقَطْ، (وَإِلَّا) يَنْقُدُ (فَلَا) سُكْنَى لَهَا، (وَلَوْ كَانَ) الْكِرَاءُ (وَجِيبَةً) عَلَى الرَّاجِحِ، (وَسَكَنَتْ) الْمُعْتَدَّةُ مُطَلَّقَةً أَوْ مُتَوَفًّى عَنْهَا (عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ) قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ، وَلَا تَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ. (وَرَجَعَتْ لَهُ) وُجُوبًا (إنْ نَقَلَهَا) لِغَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ (وَاتُّهِمَ) عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهَا لِيُسْقِطَ سُكْنَاهَا فِي الْمَكَانِ الْأَوَّلِ، (أَوْ كَانَتْ) حَالَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ مُقِيمَةً (بِغَيْرِهِ) لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ، فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِمَحَلِّهَا الْأَصْلِيِّ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ دَخَلَ بِهَا] : أَيْ وَهِيَ مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُطِيقَةِ فَلَا سُكْنَى لَهَا إلَّا إذَا أَسْكَنَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَهَا السُّكْنَى، دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ دَخَلَ بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا سُكْنَى لَهَا فِي الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ، وَلَهَا السُّكْنَى إنْ كَانَ ضَمَّهَا إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقَلَهَا اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا.
قَوْلُهُ: [فِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُصَنِّفِ] : أَيْ خَلِيلٌ تَبِعَ ابْنَ يُونُسَ حَيْثُ قَالَ نَقْلًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا أَخَذَهَا لِيَكْفُلَهَا ثُمَّ مَاتَ يَكُنْ لَهَا سُكْنَى.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا يَنْقُدُ] إلَخْ: الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ نَقَدَ الْكِرَاءَ كَانَ لَهَا السُّكْنَى كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهِرَةً اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ فَفِي الْمُشَاهِرَةِ لَا سُكْنَى لَهَا اتِّفَاقًا، وَفِي الْوَجِيبَةِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ.
(وَلَوْ) كَانَتْ إقَامَتُهَا بِغَيْرِهِ وَاجِبَةً (لِشَرْطٍ) اشْتَرَطَهُ عَلَيْهَا أَهْلُ رَضِيعٍ (فِي إجَارَةِ رَضَاعٍ) : أَيْ اشْتَرَطُوا عَلَيْهَا أَنْ لَا تُرْضِعَهُ إلَّا عِنْدَهُمْ فِي دَارِهِمْ لِأَنَّ عِدَّتَهَا فِي بَيْتِهَا حَقٌّ لِلَّهِ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ.
(وَانْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ إذَا لَمْ يَرْضَوْا بِرَضَاعِهَا بِمَنْزِلِهَا.
(أَوْ خَرَجَتْ لِضَرُورَةٍ) : أَيْ وَكَذَا تَرْجِعُ لِمَسْكَنِهَا لِتَعْتَدَّ فِيهِ إذَا خَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا أَوْ غَيْرِهِ لِحَجَّةِ الْفَرِيضَةِ فَطَلَّقَهَا، أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا (فِي كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ رَابِعًا لَا أَزْيَدَ: فَلَا تَرْجِعُ كَمَا لَوْ تَلَبَّسَتْ بِالْإِحْرَامِ، (وَ) رَجَعَتْ إنْ خَرَجَتْ (لِتَطَوُّعٍ) مِنْ الْحَجِّ (أَوْ غَيْرِهِ كَرِبَاطٍ، وَلَوْ وَصَلَّتْ) ذَلِكَ الْمَحَلَّ (أَوْ أَقَامَتْ) بِهِ وَلَوْ (عَامًا) عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَحَلُّ رُجُوعِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ (مَعَ ثِقَةٍ) مِنْ النَّاسِ لَا مُجَرَّدَةً، (وَأَمْنِ طَرِيقٍ) لَا إنْ كَانَتْ مَخُوفَةً (إنْ أَدْرَكَتْ شَيْئًا مِنْ الْعِدَّةِ) فِي مَنْزِلِهَا. وَلَوْ قَلَّ (لَا) تَرْجِعُ إنْ خَرَجَتْ (لِانْتِقَالٍ) وَرَفْضٍ لِسُكْنَى بَلَدِهَا (فَحَيْثُ شَاءَتْ) . إمَّا أَنْ تَرْجِعَ لِبَلَدِهَا أَوْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي طَرَأَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ. أَوْ لِلْمُنْتَقِلَةِ إلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ وَصَلَتْ] : أَيْ مَا لَمْ تَتَلَبَّسْ بِالْإِحْرَامِ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَدْرَكَتْ شَيْئًا مِنْ الْعِدَّةِ فِي مَنْزِلِهَا] : إنْ قُلْت هَذَا الشَّرْطَ لَا يُتَوَهَّمُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ خَرَجَتْ لِلْحَجِّ ضَرُورَةً فَمَاتَ زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا، فَإِنَّ الشَّرْطَ أَنْ تَرْجِعَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ فَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ الشَّرْطِ.
أُجِيبَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ إقَامَتُهَا فِي مَحَلِّ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ لِمَرَضٍ اعْتَرَاهَا، أَوْ انْتِظَارِ رِفْقَةٍ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ، أَوْ فِي حَامِلٍ أَشْرَفَتْ عَلَى الْوَضْعِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَحَيْثُ شَاءَتْ] : أَيْ هِيَ مُخَيَّرَةٌ تَعْتَدُّ بِأَقْرَبِهِمَا أَوْ أَبْعَدِهِمَا أَوْ بِمَكَانِهَا الَّذِي هِيَ فِيهِ وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ تَبِعَ فِيهِ غَيْرَهُ مِنْ الشُّرَّاحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهَا أَقْوَالٌ وَحَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهَا الرُّجُوعُ لِوَطَنِهَا لَزِمَ الْمُطَلَّقَ لَهَا أُجْرَةُ الرُّجُوعِ، لِأَنَّهُ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي مَوْتِهِ فَالْكِرَاءُ عَلَيْهَا لِانْتِقَالِ مَالِهِ لِلْوَرَثَةِ، كَمَا لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ إذَا رَجَعَتْ لِمَكَانٍ تُخَيَّرُ فِيهِ.