الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالشُّرُوطُ إحْدَى عَشْرَةَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا عَامَّةٌ فِيهِمَا، وَيَخْتَصُّ الزَّوْجُ بِشَرْطَيْنِ، وَالزَّوْجَةُ بِأَرْبَعَةٍ. وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: أَنْ لَا يَتَّفِقَا عَلَى كِتْمَانِهِ، وَأَنْ لَا تَكُونَ مَبْتُوتَةً لِلزَّوْجِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ مَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا مَعَهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهَا مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ مُفَصَّلًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ فَتَارَةً يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَتَارَةً يَكُونُ مُخْتَلَفًا فِيهِ. وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ تَارَةً يُفْسَخُ أَبَدًا وَتَارَةً يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَطْ، وَتَارَةً يُفْسَخُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ يَطُلْ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَعَلَى الْوَلِيِّ) وُجُوبًا (الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ رَضِيَتْ بِهِ) الزَّوْجَةُ الْغَيْرُ الْمُجْبَرَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ] إلَخْ: الْأَوَّلُ مِنْهَا عَامٌّ فِيهِمَا، وَالثَّانِي خَاصٌّ بِالزَّوْجَةِ، وَالثَّالِثُ خَاصٌّ بِالزَّوْجِ، فَتَكُونُ جُمْلَةُ الشُّرُوطِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، سِتَّةٌ عَامَّةٌ، وَثَلَاثَةٌ خَاصَّةٌ بِالزَّوْجِ، وَخَمْسَةٌ خَاصَّةٌ بِالزَّوْجَةِ.
قَوْلُهُ: [أَنْ لَا يَتَّفِقَا عَلَى كِتْمَانِهِ] : أَيْ لِمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَفُسِخَ نِكَاحُ السِّرِّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَبَطَلَ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَأَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَهُ مَا يَحْرُمُ جَمْعُهَا] إلَخْ: أَيْ كَالْمَرْأَةِ وَأُخْتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ كُلَّ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى حَرُمَ وَطْؤُهَا لَهَا يَحْرُمُ جَمِيعُهُمَا فِي عِصْمَةٍ.
قَوْلُهُ: [مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ] : أَيْ كَنِكَاحِ الْخَامِسَةِ وَالْمَحْرَمِ.
قَوْلُهُ: [مُخْتَلِفًا فِيهِ] : أَيْ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَالْمَرِيضِ إنْ تَحَصَّلَ صِحَّةٌ.
قَوْلُهُ: [يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَطْ] : وَهُوَ كُلُّ نِكَاحٍ فَسَدَ لِصَدَاقِهِ.
قَوْلُهُ: [مَا لَمْ يَطُلْ] : أَيْ وَهُوَ نِكَاحُ السِّرِّ.
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ] : أَيْ الشُّرُوطِ وَمُحْتَرِزَاتِهَا مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ.
[عضل الْوَلِيّ]
قَوْلُهُ: [رَضِيَتْ بِهِ] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ طَلَبَتْهُ لِلتَّزَوُّجِ بِهِ أَوْ لَمْ تَطْلُبْهُ، بِأَنْ خَطَبَهَا وَرَضِيَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُتَوَقِّفَةً عَلَى عَقْدِهِ، كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا لَهَا، وَمَفْهُومُ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ أَنَّ الْمُجْبَرَةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْئِهَا لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا
(وَإِلَّا) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ كُفْءٍ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ (كَانَ عَاضِلًا) بِمُجَرَّدِ الِامْتِنَاعِ، (فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ) إنْ رَفَعَتْ لَهُ بِتَزْوِيجِهَا، (ثُمَّ) - إنْ امْتَنَعَ - (زَوَّجَ) الْحَاكِمُ، وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَ الْعَاضِلِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. (إلَّا) أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ (لِوَجْهٍ) صَحِيحٍ، فَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ وَلَا يَكُونُ الْوَلِيُّ عَاضِلًا.
(وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ) لِمُجْبَرَةٍ أَيْ لَا يَكُونُ عَاضِلًا (أَوْ وَصِيٌّ) لَهُ بِالْإِجْبَارِ (بِرَدٍّ) لِلْأَزْوَاجِ (مُتَكَرِّرٍ) : لِأَنَّ الْأَبَ الْمُجْبِرَ - وَكَذَا وَصِيُّهُ - أَدْرَى بِأَحْوَالِ الْمُجْبَرَةِ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، (حَتَّى يَتَحَقَّقَ) ، الْعَضْلُ، فَيَأْمُرَهُ الْحَاكِمُ حِينَئِذٍ بِتَزْوِيجِهَا، فَإِنْ أَجَابَ؛ وَإِلَّا زَوَّجَ الْحَاكِمُ. وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ.
(وَإِنْ وَكَّلَتْهُ) الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا (مِمَّنْ أَحَبَّ) الْوَكِيلُ، وَأَحَبَّ إنْسَانًا (عَيَّنَ) لَهَا قَبْلَ الْعَقْدِ وُجُوبًا مَنْ أَحَبَّهُ لَهَا لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النِّسَاءِ فِي الرِّجَالِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
وَلَوْ لِغَيْرِ كُفْءٍ إلَّا لِمَا فِيهِ ضَرَرٌ كَخَصِيٍّ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ تَكُنْ كِتَابِيَّةً وَتَدْعُو الْمُسْلِمَ، وَيَمْتَنِعُ وَلِيُّهَا الْكَافِرُ، وَإِلَّا فَلَا تُجَابُ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ غَيْرُ كُفْءٍ لَهَا عِنْدَهُمْ، فَلَا يُجْبَرُونَ عَلَى تَزْوِيجِهَا لَهُ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [ثُمَّ إنْ امْتَنَعَ زَوَّجَ الْحَاكِمُ] إلَخْ: حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْمُجْبِرِ مِنْ تَزْوِيجِهَا بِالْكُفْءِ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ، فَإِنْ أَبْدَى وَجْهًا وَرَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُبْدِ وَجْهًا صَحِيحًا أَمَرَهُ بِتَزْوِيجِهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ، وَلَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ: إنَّمَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ، وَأَمَّا عِنْدَ وُجُودِهِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ، لِأَنَّ عَضْلَ الْأَقْرَبِ صَيَّرَهُ بِمَنْزِلِهِ الْعَدَمِ، فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَمَا لَوْ كَانَ غَائِبًا مَثَلًا، إذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ فَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَابَعَ فِيهِ التَّوْضِيحَ، وَاسْتَصْوَبَهُ بْن وَاسْتَصْوَبَ فِي الْحَاشِيَةِ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
قَوْلُهُ: [حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْعَضْلُ] : أَيْ وَلَوْ بِمَرَّةٍ.
قَوْلُهُ: [عَيَّنَ لَهَا] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا.
(وَإِلَّا) يُعَيِّنْ لَهَا وَزَوَّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ (فَلَهَا الرَّدُّ) أَيْ رَدُّ النِّكَاحِ (وَلَوْ بَعُدَ) مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَاطِّلَاعِهَا عَلَيْهِ، (بِخِلَافِ الزَّوْجِ) يُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهُ مِمَّنْ أَحَبَّ فَزَوَّجَهُ (فَيَلْزَمُهُ) وَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ. فَإِنْ طَلَّقَ لَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلْوَلِيِّ - وَلَوْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ - إذَا طَلَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِمَنْ لَهُ عَلَيْهَا الْوِلَايَةُ (تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ إنْ عَيَّنَ) لَهَا أَنَّهُ الزَّوْجُ (وَرَضِيَتْ) بِهِ، وَإِذْنُهَا صَمْتُهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَهَا الرَّدُّ] : أَيْ وَالْإِجَازَةُ وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِيهَا لِابْنِ قَاسِمٍ إنْ زَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهَا وَمِنْ نَفْسِهِ خُيِّرَتْ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ بَعُدَ] : ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِلرَّدِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هِيَ رَاجِعَةٌ لِلْإِجَازَةِ الَّتِي طَوَاهَا فَقَطْ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبُعْدُ جِدًّا، وَقَدْ رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ إنَّهُ يَتَحَتَّمُ الرَّدُّ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ إنَّمَا كَانَ لَهَا الْإِجَازَةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي حَالَةِ الْبُعْدِ، لِأَنَّهَا وَكَّلَتْ بِخِلَافِ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا لَمَّا لَمْ تُوَكِّلْ اُشْتُرِطَ قُرْبُ رِضَاهَا وَإِجَازَتِهَا. تَنْبِيهٌ:
تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَا إذَا وَكَّلَتْهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ، فَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ مِنْهَا لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَالْحُكْمُ أَنَّهَا كَالْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدَ إلَى آخِرِ الشُّرُوطِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ كَالْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا لِاسْتِنَادِهَا لِمَحَبَّتِهَا لَهُ وَهِيَ خَفِيَّةٌ عَلَى الْوَكِيلِ مَعَ كَوْنِهَا لَمْ تُعَيِّنْهُ.
قَوْلُهُ: [فَيَلْزَمُهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ] : ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ لَائِقَةٍ بِهِ، وَلَكِنْ قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَرِهَ النِّكَاحَ قَدَرَ عَلَى حَلِّهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِضَيَاعِ الْمَالِ انْتَهَى. قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَلِيقُ بِهِ أَنَّهُ إنْ زَوَّجَهُ مَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَلْزَمُ.
قَوْلُهُ: [إنْ عَيَّنَ لَهَا] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَسُوغُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ إلَّا بِإِذْنٍ خَاصٍّ، فَلَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَنْ يَبِيعَ أَوْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ إلَّا بِتَعْيِينٍ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى.