الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) جَازَ (بَعْثُ كِتَابٍ) إلَيْهِمْ (فِيهِ كَالْآيَةِ) وَالْآيَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ إنْ أُمِنَ الِامْتِهَانُ وَالسَّبُّ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ.
(وَ) جَازَ (إقْدَامُ الرَّجُلِ) الْمُسْلِمِ (عَلَى كَثِيرٍ) مِنْ الْكُفَّارِ بِقَصْدِ نَشْرِ دِينِ اللَّهِ حَيْثُ عُلِمَ تَأْثِيرُهُ فِيهِمْ.
(وَ) جَازَ (انْتِقَالٌ مِنْ سَبَبِ مَوْتٍ لِآخَرَ) : أَيْ لِسَبَبِ مَوْتٍ آخَرَ، كَأَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ ضَرْبٍ مَثَلًا لِلسُّقُوطِ فِي بِئْرٍ أَوْ بَحْرٍ، (وَوَجَبَ) الِانْتِقَالُ (إنْ رَجَا) بِهِ (حَيَاةً أَوْ طُولَهَا) وَلَوْ مَعَ ضِيقٍ.
(وَ) جَازَ (لِلْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (الْأَمَانُ) لِلْكَافِرِينَ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ الْأَمَانَ عَلَى
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [عَلَى كَثِيرٍ] : مُرَادُهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ، لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى مِثْلَيْهِ وَاجِبٌ وَالْفِرَارُ مِنْهُ كَبِيرَةٌ، وَالْجَوَازُ الْمَذْكُورُ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَصْدُ نَصْرِ دِينِ اللَّهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ قَصْدُهُ إظْهَارَ شَجَاعَةٍ وَلَا طَمَعًا فِي غَنِيمَةٍ، ثَانِيهمَا: أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نِكَايَتُهُ لَهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ مَاتَ يَكُونُ عَاصِيًا وَإِنْ كَانَ شَهِيدًا ظَاهِرًا.
قَوْلُهُ: [مِنْ سَبَبِ مَوْتٍ] : إنَّمَا عَبَّرَ بِالسَّبَبِ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَالتَّعَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي أَسْبَابِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ:
وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ
…
تَعَدَّدَتْ الْأَسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِدُ
فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِقَالُ بِطَرْحِ نَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ مَثَلًا هُرُوبًا مِنْ النَّارِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ، وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ اسْتِوَاءُ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ عَلِمَ إنْ اسْتَمَرَّ فِي النَّارِ مَاتَ حَالًا، وَإِنْ رَمَى بِنَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ مَاتَ حَالًا.
قَوْلُهُ: [وَوَجَبَ الِانْتِقَالُ إنْ رَجَا] : مُرَادُهُ بِالرَّجَاءِ مَا يَشْمَلُ الشَّكَّ.
[حُكْم الأمان لِلْكَافِرِ وَالْمُعَاهَدَات الْإِسْلَامِيَّة]
قَوْلُهُ: [الْأَمَانُ لِلْكَافِرِينَ] : عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَمَانَ بِقَوْلِهِ: رَفْعُ اسْتِبَاحَةِ دَمِ
أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ (لِمَصْلَحَةٍ) اقْتَضَتْهُ تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (مُطْلَقًا) إقْلِيمًا أَوْ غَيْرَهُ لِخَاصٍّ أَوْ عَامٍّ.
ــ
[حاشية الصاوي]
الْحَرْبِيِّ وَرِقِّهِ وَمَالِهِ حِينَ قِتَالِهِ أَوْ الْعَزْمِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ مُدَّةً مَا. فَقَوْلُهُ: رَفْعُ: مَصْدَرٌ مُنَاسِبٌ لِلْأَمَانِ، لِأَنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَقَوْلُهُ: اسْتِبَاحَةُ إلَخْ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ رَفْعِ اسْتِبَاحَةِ دَمِ غَيْرِهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقَاتِلِ، وَقَوْلُهُ: وَرِقِّهِ أَخْرَجَ بِهِ الْمُعَاهَدَ، وَقَوْلُهُ: حِينَ قِتَالِهِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ وَالِاسْتِئْمَانِ - كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [إقْلِيمًا] : أَيْ عَدَدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ الْآتِي
(كَغَيْرِهِ)، أَيْ الْإِمَامِ يَجُوزُ لَهُ الْأَمَانُ لِمَصْلَحَةٍ (إنْ كَانَ) غَيْرُ الْإِمَامِ (مُمَيِّزًا) : يَصِحُّ أَمَانُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ كَصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ (طَائِعًا) لَا مُكْرَهًا، فَلَا يَصِحُّ تَأْمِينُهُ
(مُسْلِمًا) : فَلَا يَمْضِي تَأْمِينُ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ لِأَنَّ كُفْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى سُوءِ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ، (وَلَوْ) كَانَ الْمُؤْمِنُ الْمُمَيِّزُ الْمُسْلِمُ (صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ رَقِيقًا أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ) ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَمْضِي، وَقَبْلَ الصَّبِيِّ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَجُوزُ أَمَانُهُ، وَلَكِنْ إنْ وَقَعَ مَضَى إنْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ.
(وَأَمَّنَ) غَيْرُ الْإِمَامِ (دُونَ: إقْلِيمٍ) بِأَنْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا وَكَانَ أَمَانُ غَيْرِ الْإِمَامِ (قَبْلَ الْفَتْحِ) أَيْ اسْتِيلَاءِ الْجَيْشِ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالظُّفْرِ بِهَا.
(وَإِلَّا) بِأَنْ أَمَّنَ غَيْرُ الْإِمَامِ إقْلِيمًا أَيْ عَدَدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ أَقَالِيمِ الدُّنْيَا أَوْ أَمَّنَ عَدَدًا مَحْصُورًا بَعْدَ فَتْحِ الْبَلَدِ، (نَظَرَ الْإِمَامُ) فِي ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَبْقَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بَيَانُهَا.
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ غَيْرُ الْإِمَامِ مُمَيِّزًا] : حَاصِلُهُ: أَنَّ مَنْ كَمُلَتْ فِيهِ تِسْعَةُ شُرُوطٍ وَهِيَ: الْإِسْلَامُ، وَالْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالذُّكُورَةُ، وَالطَّوْعُ، وَلَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ، وَأَمْنٌ دُونَ إقْلِيمٍ، وَكَانَ تَأْمِينُهُ قَبْلَ الْفَتْحِ إذَا أَعْطَى أَمَانًا؛ كَانَ كَأَمَانِ الْإِمَامِ اتِّفَاقًا. وَأَمَّا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ، وَالْمَرْأَةُ وَالرَّقِيقُ، وَالْخَارِجُ عَنْ الْإِمَامِ إذَا أَمِنَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ دُونَ إقْلِيمٍ قَبْلَ الْفَتْحِ فَفِيهِ خِلَافٌ، فَقِيلَ: يَجُوزُ وَيَمْضِي، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَيُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ إنْ وَقَعَ إنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَمْضِي اتِّفَاقًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ خَارِجًا عَلَى الْإِمَامِ] : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ مَوْضُوعِ الْخِلَافِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا حُرًّا ذَكَرًا وَأَمِنَ دُونَ إقْلِيمٍ قَبْلَ الْفَتْحِ يَجُوزُ وَيَمْضِي بِاتِّفَاقٍ مَشَى عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [أَحَدُ أَقَالِيمِ الدُّنْيَا] : وَهِيَ سَبْعَةٌ: الْهِنْدُ، وَالْحِجَازُ، وَمِصْرُ، وَبَابِلُ، وَالرُّومُ، وَالتُّرْكُ مَعَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَالصِّينِ. وَأَمَّا الْمَغْرِبُ، وَالشَّامُ، وَالْعِرَاقُ، فَمِنْ مِصْرَ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الدِّيَةِ، وَالْمِيقَاتِ وَالْيَمَنُ وَالْحَبَشَةُ مِنْ الْحِجَازِ.
(وَ) إذَا وَقَعَ الْأَمَانُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِشُرُوطِهِ (وَجَبَ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا (الْوَفَاءُ بِهِ) ، فَلَا يَجُوزُ أَسْرُهُمْ وَلَا أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِمْ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا أَذِيَّتُهُمْ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ.
(وَسَقَطَ بِهِ) : أَيْ بِالْأَمَانِ، (الْقَتْلُ وَإِنْ) وَقَعَ (مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَتْحِ) : فَأَوْلَى إنْ وَقَعَ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْفَتْحِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْقَتْلِ مِنْ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ أَوْ فِدَاءٍ فَلَا يَسْقُطُ إنْ وَقَعَ الْأَمَانُ بَعْدَ الْفَتْحِ؛ فَلَا يَسْقُطُ الْأَمَانُ بَعْدَهُ إلَّا الْقَتْلُ خَاصَّةً.
فَلِذَا قَالَ: (فَيَنْظُرُ) الْإِمَامُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْقَتْلِ مِنْ أَسْرٍ أَوْ مَنٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ ضَرْبِ جِزْيَةٍ.
ثُمَّ الْأَمَانُ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ يَكُونُ (بِلَفْظٍ) دَالٍّ عَلَيْهِ نَحْوُ: أَمَّنَّاكَ (أَوْ إشَارَةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَكُلُّ إقْلِيمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَالِيمِ سَبْعُمِائَةِ فَرْسَخٍ فِي مِثْلِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْسَبَ مِنْ ذَلِكَ جَبَلٌ وَلَا وَادٍ. وَالْبَحْرُ الْأَعْظَمُ مُحِيطٌ بِذَلِكَ وَيُحِيطُ بِهِ جَبَلُ قَافٍ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْفَتْحِ] : وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى مَا قَالَهُ سَحْنُونَ: لَا يَجُوزُ لِمُؤَمِّنِهِ قَتْلُهُ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ عَدَمُ صِحَّةِ أَمَانِهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ مُؤَمِّنِهِ. فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ بِالتَّأْمِينِ بَعْدَ الْفَتْحِ، إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمُؤَمِّنِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَتْلُ اتِّفَاقًا - كَذَا فِي التَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [وَأَمَّا غَيْرُ الْقَتْلِ مِنْ جِزْيَةٍ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ مِنْ الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ أَسْرٍ] : أَيْ اسْتِرْقَاقٌ وَيَكُونُونَ غَنِيمَةً.
قَوْلُهُ: [أَوْ مَنٍّ] : أَيْ بِأَنْ يَتْرُكَ سَبِيلَهُ وَيَحْسِبَهُ مِنْ الْخُمُسِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ فِدَاءٍ] : أَيْ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ بِالْأُسَارَى الَّذِينَ عِنْدَهُمْ أَوْ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ ضَرْبِ جِزْيَةٍ] : أَيْ عَلَيْهِمْ، وَيُحْسَبُ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْخُمُسِ أَيْضًا، وَهَذِهِ الْوُجُوهُ الْأَرْبَعَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ الْمُقَاتِلَةِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالذَّرَارِيُّ فَلَيْسَ فِيهِمْ إلَّا الِاسْتِرْقَاقُ أَوْ الْفِدَاءُ.
قَوْلُهُ: [بِلَفْظٍ دَالٍّ عَلَيْهِ] : أَيْ عَرَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ.
مُفْهِمَةٍ) بِرَأْسٍ أَوْ يَدٍ.
(وَلَوْ ظَنَّهُ) : أَيْ الْأَمَانَ (حَرْبِيٌّ) - وَالْحَالُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَمْ يُؤَمِّنْهُ وَإِنَّمَا خَاطَبَ غَيْرَهُ أَوْ خَاطَبَهُ بِكَلَامٍ لَمْ يَفْهَمْهُ - (فَظَنَّ) أَنَّهُ أَمَّنَّهُ (فَجَاءَ) إلَيْنَا مُعْتَمِدًا عَلَى ظَنِّهِ.
(أَوْ نَهَى الْإِمَامُ النَّاسَ عَنْهُ) : أَيْ عَنْ الْأَمَانِ (فَعَصَوْا) وَأَمَّنُوا وَاحِدًا أَوْ طَائِفَةً.
(أَوْ نَسَوْا) أَنَّ الْإِمَامَ نَهَى عَنْهُ فَأَمَّنُوا (أَوْ جَهِلُوا) نَهْيَهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ فَأَمَّنُوا، (أَوْ) أَمَّنَهُ ذِمِّيٌّ وَ (ظَنَّ) الْحَرْبِيُّ (إسْلَامَهُ) فَجَاءَ إلَيْنَا مُعْتَمِدًا عَلَى ذَلِكَ (أَمْضَى) الْأَمَانَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ: أَيْ أَمْضَاهُ الْإِمَامُ إنْ شَاءَ، (أَوْ رَدَّ) الْحَرْبِيَّ (لِمَأْمَنِهِ) ، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا أَسْرُهُ وَلَا سَلْبُ مَالِهِ.
(كَأَنْ) : أَيْ كَمَا يُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ إنْ (أُخِذَ) حَالَ كَوْنِهِ (مُقْبِلًا) إلَيْنَا (بِأَرْضِهِمْ فَقَالَ: جِئْت لِأَطْلُبَ الْأَمَانَ) مِنْكُمْ، (أَوْ) أُخِذَ (بِأَرْضِنَا وَقَالَ: ظَنَنْت أَنَّكُمْ لَا تَتَعَرَّضُونَ لِتَاجِرٍ) وَمَعَهُ تِجَارَةٌ، (أَوْ) أُخِذَ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ أَرْضِنَا وَأَرْضِهِمْ وَقَالَ مَا ذُكِرَ فَيُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ.
(إلَّا لِقَرِينَةِ كَذِبِ) فَلَا يُرَدُّ، وَيَرَى الْإِمَامُ فِيهِ مَا يَرَاهُ فِي الْأَسْرَى،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مُفْهِمَةٍ] : أَيْ يَفْهَمُ الْحَرْبِيُّ مِنْهَا الْأَمَانَ، وَإِنْ قَصَدَ الْمُسْلِمُ بِهَا ضِدَّهُ. وَيَثْبُتُ الْأَمَانُ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ بِبَيِّنَةٍ لَا بِقَوْلِ الْمُؤَمِّنِ كُنْت أَمَّنْتُهُ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ.
قَوْلُهُ: [أَوْ رَدَّ الْحَرْبِيَّ لِمَأْمَنِهِ] : أَوْ لِلتَّخْيِيرِ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إمْضَائِهِ أَوْ رَدِّهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ قَبْلَ التَّأْمِينِ، سَوَاءٌ كَانَ يَأْمَنُ فِيهِ أَوْ يَخَافُ فِيهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ فِي حَالِ مُكْثِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ، أَوَّلًا فِي حَالِ تَوَجُّهِهِ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي كَانَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ أَخَذَ بَيْنَهُمَا] : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يَرِدُ فِي هَذِهِ لِمَأْمَنِهِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أُخِذَ بِحِدْثَانِ مَجِيئِهِ وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا لِقَرِينَةٍ كَذِبٍ] : أَيْ كَوُجُودِ آلَةِ الْحَرْبِ مَعَهُ.
تَنْبِيهٌ: إنْ رُدَّ الْمُؤَمَّنُ بِرِيحٍ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمَأْمَنِهِ فَهُوَ عَلَى أَمَانِهِ السَّابِقِ حَتَّى يَصِلَ إلَى