الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَجَازَ) الْخُلْعُ (مِنْ الْمُجْبِرِ) أَيًّا كَانَ، أَوْ سَيِّدًا أَوْ وَصِيًّا عَنْ مُجْبَرَتِهِ بِغَيْرِ إذْنِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَا بَعْدَهُ فِي السَّيِّدِ مُطْلَقًا. وَفِي الْأَبِ وَالْوَصِيِّ إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ كَانَتْ مُجْبَرَةً لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ. وَجَعَلْنَا الْمُجْبِرَ شَامِلًا لِلْوَصِيِّ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ، لَكِنْ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ خُلْعُ الْوَصِيِّ إلَّا بِرِضَاهَا لِقَوْلِهِ فِيهَا: يَجُوزُ خُلْعُ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّيْخِ:" بِخِلَافِ الْوَصِيِّ " أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ خُلْعُهُ عَنْهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا صَحِيحٌ، وَاعْتِرَاضُ الشُّرَّاحِ عَلَيْهِ لَا يُسَلَّمُ فَتَأَمَّلْ. (لَا) يَجُوزُ الْخُلْعُ (مِنْ غَيْرِهِ) : أَيْ الْمُجْبِرِ مِنْ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْهَا لَهُ فِيهِ. (وَفِي كَوْنِ السَّفِيهَةِ) ذَاتِ الْأَبِ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ (كَالْمُجْبَرَةِ) يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهَا مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِهَا، أَوْ لَيْسَتْ كَالْمُجْبَرَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (خِلَافٌ)، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ: أَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهَا.
(وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِالْغَرَرِ كَجَنِينٍ) بِبَطْنِ أَمَتِهَا أَوْ بَقَرَتِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ،
ــ
[حاشية الصاوي]
تُثْبِتُ الضَّرَرَ وَتَعُودُ عَلَيْهِ، فَلَوْ عَلَّقَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا طَلَاقُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ فَحُكْمٌ آخَرُ.
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ] إلَخْ: نَصُّ التَّوْضِيحِ فِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ جَرَتْ الْفَتْوَى مِنْ الشُّيُوخِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَرَأَوْهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِكْرِ مَا دَامَتْ فِي وِلَايَةِ الْأَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ، اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ رَاشِدٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ (اهـ) . وَفِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا اُخْتُلِفَ فِي خُلْعِ الْوَصِيِّ عَنْهَا بِرِضَاهَا فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ (اهـ) مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
[مَا يَجُوز بِهِ الخلع وَنَفَقَة الْمُخَالَعَة]
قَوْلُهُ: [كَجَنِينٍ] : فَإِذَا أَعْتَقَ الزَّوْجُ الْجَنِينَ الْمُخَالَعَ بِهِ شَرْعًا صَارَ حُرًّا بِبَطْنِ أُمِّهِ.
فَإِنْ انْفَشَّ الْحَمْلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ، كَمَا لَوْ كَانَ الْجَنِينُ فِي مِلْكِ غَيْرِهَا، (وَآبِقٍ) فَإِنْ لَمْ يَظْفَرْ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَبَانَتْ (وَغَيْرِ مَوْصُوفٍ) مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ وَثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا، (وَلَهُ الْوَسَطُ مِنْهُ) : أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمَوْصُوفِ لَا الْجَيِّدِ، وَلَا الدَّنِيءِ مِنْ جِنْسِ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ، فَإِذَا وَقَعَ عَلَى عَبْدٍ أَوْ بَعِيرٍ فَلَهُ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ.
(وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِنَفَقَةِ حَمْلٍ) : أَيْ بِنَفَقَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَمْلِهَا (إنْ كَانَ) حَمْلٌ: أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ، وَأَوْلَى الْحَمْلُ الظَّاهِرُ (وَبِالْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِهَا) مِنْهُ (أَوْ مَا تَلِدُهُ) مِنْ الْحَمْلِ (مُدَّةَ الرَّضَاعِ) عَامَيْنِ (وَأَكْثَرَ) .
(وَلَا تَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِخُلْعِهَا عَلَى نَفَقَةِ مَا تَلِدُهُ مِنْ الْحَمْلِ (نَفَقَةُ الْحَمْلِ عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: لَهَا نَفَقَةُ الْحَمْلِ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ أَسْقَطَتْ أَحَدَهُمَا عَنْهُ فِي نَظِيرِ الْخُلْعِ فَيَبْقَى الْآخَرُ، وَقَالَ الْإِمَامُ: إذَا خَالَعَهَا بِنَفَقَةِ مَا تَلِدُهُ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ سُقُوطَ نَفَقَةِ الْحَمْلِ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ فَلَا نَفَقَةَ لِلْحَمْلِ، وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ.
(كَالْعَكْسِ) أَيْ إذَا خَالَعَهَا عَلَى إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْحَمْلِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ نَفَقَةُ الرَّضَاعِ، (أَوْ) بِالْإِنْفَاقِ (عَلَى الزَّوْجِ) الْمُخَالِعِ لَهَا (أَوْ) عَلَى (غَيْرِهِ) قَرِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ مُنْفَرِدَةً عَنْ نَفَقَةِ رَضَاعٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَتْ (مَعَ) نَفَقَةِ (الْإِرْضَاعِ) لِوَلَدِهَا مِنْهُ مُدَّةَ الرَّضَاعِ أَوْ أَكْثَرَ.
(فَإِنْ مَاتَتْ) الْمَرْأَةُ (أَوْ انْقَطَعَ لَبَنُهَا أَوْ وَلَدَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَلَدٍ) فِي بَطْنٍ (فَعَلَيْهَا) النَّفَقَةُ، وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا فِي مَوْتِهَا.
(وَإِنْ أَعْسَرَتْ) الْمَرْأَةُ (أَنْفَقَ الْأَبُ) عَلَى وَلَدِهِ الْمُدَّةَ الْمُشْتَرَطَةَ، (وَرَجَعَ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَمَا كَانَ الْجَنِينُ] إلَخْ: تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَظَاهِرُهُ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ أَوْ لَا وَلَكِنَّهُ يَجْرِي عَلَى مَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَغَيْرُ مَوْصُوفٍ] : وَيَدْخُلُ فِيهِ اللُّؤْلُؤُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ بِنَفَقَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا] : فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ نَفَقَةُ الْحَمْلِ أَيْ نَفَقَةُ أُمِّ الْحَمْلِ.
قَوْلُهُ: [وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهَا فِي مَوْتِهَا] : أَيْ يُؤْخَذُ مَا يَفِي بِرَضَاعِهِ فِي بَقِيَّةِ الْحَوْلَيْنِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ جَمِيعَ التَّرِكَةِ، فَإِنَّ الدَّيْنَ يُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ.
عَلَيْهَا إذَا أَيْسَرَتْ. (وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَجَعَ الْوَارِثُ عَلَيْهَا) : أَيْ عَلَى الْمَرْأَةِ (بِبَقِيَّةِ) نَفَقَةِ (الْمُدَّةِ) الْمُشْتَرَطَةِ (إلَّا لِعُرْفٍ) أَوْ شَرْطٍ فَيُعْمَلُ بِهِ.
(وَ) جَازَ الْخُلْعُ (بِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا) لِوَلَدِهِ وَيَنْتَقِلُ الْمُحَقُّ لَهُ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ قَبْلَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْفَتْوَى انْتِقَالُهَا لِمَنْ يَلِيهَا فِي الرُّتْبَةِ.
(وَ) جَازَ الْخُلْعُ (مَعَ الْبَيْعِ) كَأَنْ تَدْفَعَ لَهُ عَبْدًا عَلَى أَنْ يُخَالِعَهَا وَيَدْفَعَ لَهَا عَشَرَةً.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إلَّا لِعُرْفٍ أَوْ شَرْطٍ] : أَيْ يُقَدَّمُ الشَّرْطُ عَلَى الْعُرْفِ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا.
قَوْلُهُ: [وَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لَهُ] : هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُخْشَى عَلَى الْمَحْضُونِ ضَرَرٌ. إمَّا لِعُلُوقِ قَلْبِهِ بِأُمِّهِ، أَوْ لِكَوْنِ مَكَانِ الْأَبِ غَيْرَ حَصِينٍ وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ الْحَضَانَةُ اتِّفَاقًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِذَا خَالَعَتْهُ عَلَى إسْقَاطِ الْحَضَانَةِ وَمَاتَ الْأَبُ، فَهَلْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لِلْأُمِّ؟ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ تَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهَا لِإِسْقَاطِ حَقِّهَا؟ وَانْظُرْ إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ تَلَبَّسَتْ بِمَانِعٍ، هَلْ تَعُودُ الْحَضَانَةُ لِمَنْ بَعْدَهَا قِيَاسًا عَلَى مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي وَقْفٍ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ مَاتَ فَيَعُودُ لِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ رَتَّبَهُ الْوَاقِفُ، أَوْ تَسْتَمِرُّ لِلْأَبِ؟ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمْعٍ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا ثَبَتَتْ لَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ] إلَخْ: هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ أَصْلُهُ لِ (بْن) ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ؛ حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْحَضَانَةِ إلَى مَنْ هُوَ فِي ثَالِثِ دَرَجَةٍ مَثَلًا، هَلْ لِلثَّانِي قِيَامٌ أَوْ لَا قِيَامَ لَهُ؟ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لَهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُسْقِطِ، وَشَمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ؛ وَبِإِسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِوَلَدِهِ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ، وَمَنْ سَيَحْصُلُ فَيَلْزَمُهَا خُلْعُهَا عَلَى إسْقَاطِ حَضَانَتِهَا لِحَمْلٍ بِهَا كَمَا قَالَهُ (ح) ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لِجَرَيَانِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَنْ يُخَالِعَهَا وَيَدْفَعَ لَهَا عَشْرَةً] : أَيْ فَالْعَبْدُ نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ وَهُوَ بَيْعٌ، وَنِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَهُوَ خُلْعٌ، سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ