الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَرِيبًا. (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) إذَا رَجَعَ لِلْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْهُ إذَا لَمْ يُحْرِمْ بَعْدَ تَعَدِّيهِ، فَقَوْلُهُ:" وَلَا دَمَ " مُرْتَبِطٌ بِالْمَنْطُوقِ: أَيْ وَرَجَعَ الْمُتَعَدِّي لِلْمِيقَاتِ بِلَا إحْرَامٍ مُدَّةَ كَوْنِهِ لَمْ يُحْرِمْ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَحْرَمَ فَالدَّمُ، وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ (إلَّا لِعُذْرٍ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ " وَرَجَعَ "، أَيْ وَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَّا لِعُذْرٍ (كَخَوْفِ فَوَاتٍ) لِحَجِّهِ لَوْ رَجَعَ، أَوْ فَوَاتِ رُفْقَةٍ أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ عَدَمِ قُدْرَةٍ عَلَى الرُّجُوعِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ (فَالدَّمُ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ الْمِيقَاتَ حَلَالًا، (كَرَاجِعٍ) لَهُ (بَعْدَ إحْرَامِهِ) عَلَيْهِ الدَّمُ، وَلَا يَنْفَعُهُ الرُّجُوعُ بَعْدَهُ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَرْجِعْ. فَمُتَعَدِّي الْمِيقَاتِ حَلَالًا إذَا لَمْ يَرْجِعْ لَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ يَلْزَمُهُ الدَّمُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ؛ وَلَوْ فَسَدَ حَجُّهُ أَوْ كَانَ عَدَمُ الرُّجُوعِ لِعُذْرٍ. (إلَّا أَنْ يَفُوتَهُ) الْحَجُّ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ قَبْلَ وُصُولٍ بِعَرَفَةَ، (فَتَحَلَّلَ) مِنْهُ (بِعُمْرَةٍ) بِأَنْ نَوَى التَّحَلُّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَطَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ بِنِيَّتِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلتَّعَدِّي، فَإِنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ بِالْعُمْرَةِ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ.
(وَهُوَ) : أَيْ الْإِحْرَامُ (نِيَّةُ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ) : أَيْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَأَصْلُ النُّسُكُ: الْعِبَادَةُ (أَوْ هُمَا) أَيْ نِيَّتُهُمَا مَعًا، فَإِنْ نَوَى الْحَجَّ فَمُفْرِدٌ، وَإِنْ نَوَى الْعُمْرَةَ فَمُعْتَمِرٌ.
وَإِنْ نَوَاهُمَا فَقَارِنٌ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى ضَمِيمَةِ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَتَلْبِيَةٍ وَتَجَرُّدٍ عَلَى الْأَرْجَحِ.
(أَوْ أَبْهَمَ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ: أَيْ عَيَّنَ نِيَّتَهُ فِي أَحَدِهِمَا أَوْ فِيهِمَا أَوْ أَبْهَمَ فِي إحْرَامِهِ أَيْ نِيَّتَهُ، بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا - بِأَنْ نَوَى النُّسُكَ لِلَّهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَحْرَمَ فَالدَّمُ] : أَيْ وَلَوْ أَفْسَدَهُ لِوُجُوبِ إتْمَامِهِ.
قَوْلُهُ: [فَالدَّمُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ] : أَيْ وَيُحْرِمُ مِنْ مَكَانِهِ.
[نِيَّة الْإِحْرَام]
قَوْلُهُ: [وَأَصِلُ النُّسُكُ الْعِبَادَةِ] : أَيْ مُطْلَقًا حَجًّا أَوْ غَيْرَهُ، ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى ضَمِيمَةِ قَوْلٍ] إلَخْ: أَيْ افْتِقَارًا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمَا وَاجِبَانِ غَيْرُ شَرْطٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ هُمَا، فَيَنْعَقِدُ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ بَعْدُ. (وَنُدِبَ) إنْ أَبْهَمَ (صَرْفُهُ) : أَيْ تَعَيُّنُهُ (لِحَجٍّ) فَيَكُونُ مُفْرِدًا. (وَالْقِيَاسُ) صَرْفُهُ (لِقِرَانٍ) : لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّسُكَيْنِ كَالنَّاسِي. (وَإِنْ نَسِيَ) مَا عَيَّنَهُ؛ أَهُوَ حَجٌّ أَوْ عُمْرَةٌ أَوْهَمَا (فَقِرَانٌ) فَيُهْدِي لَهُ، (وَنَوَى الْحَجَّ) : أَيْ جَدَّدَ نِيَّتَهُ وُجُوبًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَوَاهُ أَوَّلًا فَهَذَا تَأْكِيدٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ نَوَى الْعُمْرَةَ فَقَدْ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا، فَيَكُونُ قَارِنًا وَإِنْ كَانَ نَوَى الْقِرَانَ لَمْ يَضُرَّهُ تَجْدِيدُ نِيَّةِ الْحَجِّ؛ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ قَارِنٌ أَيْ يَعْمَلُ عَمَلَهُ وَيُهْدِي لَهُ.
(وَبَرِئَ مِنْهُ فَقَطْ) لَا مِنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَوَى أَوَّلًا الْحَجَّ، وَالثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِنْ غَيْرِ مُلَاحَظَةِ حَجٍّ] إلَخْ: أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: " أَحْرَمْت لِلَّهِ، فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ بَعْدُ] : وَحِينَئِذٍ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ تَعْيِينَهُ لِحَجٍّ] : أَيْ إنْ وَقَعَ الصَّرْفُ قَبْلَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَقَدْ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَهَا صَرَفَهُ نَدْبًا لِعُمْرَةٍ، وَكُرِهَ لِحَجٍّ. فَإِنْ طَافَ صَرَفَهُ لِلْإِفْرَادِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَمْ لَا. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى طَافَ، فَالصَّوَابُ أَنْ يَجْعَلَهُ حَجًّا وَيَكُونَ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ لِأَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لَيْسَ رُكْنًا فِي الْحَجِّ، وَالطَّوَافُ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ، وَقَدْ وَقَعَ قَبْلَ تَعْيِينِهِمَا (اهـ بْن نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ لِقِرَانٍ] إلَخْ: أَيْ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلنَّصِّ.
قَوْلُهُ: [وَنَوَى الْحَجَّ] إلَخْ: قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ مَا أَحْرَمَ بِهِ لَزِمَهُ عَمَلُ الْقِرَانِ؛ سَوَاءٌ نَوَى الْحَجَّ - أَيْ أَحْدَثَ نِيَّتَهُ - أَمْ لَا. وَبَرَاءَتُهُ مِنْ الْحَجِّ إنَّمَا تَكُونُ إذَا أَحْدَثَ نِيَّتَهُ؛ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ عُهْدَةِ الْحَجِّ، وَلَا مِنْ الْعُمْرَةِ إذْ لَيْسَ مُحَقَّقًا عِنْدَهُ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ. وَمَحِلُّ نِيَّةِ الْحَجِّ إذَا حَصَلَ شَكُّهُ فِي وَقْتٍ يَصِحُّ فِيهِ الْإِرْدَافُ؛ كَمَا لَوْ وَقَعَ قَبْلَ الطَّوَافِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ. وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بَعْدَ الرُّكُوعِ أَوْ فِي أَثْنَاءِ السَّعْيِ فَلَا يَنْوِي الْحَجَّ، إذَا لَا يَصِحُّ إرْدَافُهُ عَلَى الْعُمْرَةِ حِينَئِذٍ، بَلْ يَلْزَمُهُ عُمْرَةٌ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى مَا هُوَ
(وَلَا يَضُرُّهُ) : أَيْ النَّاوِيَ لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ (مُخَالَفَةُ لَفْظِهِ) لِنِيَّتِهِ - كَأَنْ نَوَى الْحَجَّ فَتَلَفَّظَ بِالْعُمْرَةِ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْقَصْدِ لَا اللَّفْظِ، (وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ) : أَيْ اللَّفْظِ بِأَنْ يَقْتَصِر عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ؛ (كَالصَّلَاةِ) لَا يَضُرُّهَا مُخَالَفَةُ اللَّفْظِ لِمَا نَوَاهُ، وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ. (وَلَا) يَضُرُّ (رَفْضُهُ) : أَيْ رَفْضُ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ، وَإِنْ رَفَضَهُ - أَيْ أَلْغَاهُ - بِخِلَافِ رَفْضِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ فَمُبْطِلٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِيهِمَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَيْهِ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَكَانَ مُتَمَتِّعًا إنْ كَانَتْ الْعُمْرَةُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (اهـ) . وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ حَتَّى يُتِمَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَنْسِيَّ حَجٌّ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَأْخِيرِ الْحِلَاقِ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَنْوِيَّ ابْتِدَاءُ عُمْرَةٍ - تَأَمَّلْ.
قَوْلَهُ: [مُخَالَفَةُ لَفْظِهِ] : أَيْ وَلَوْ عَمْدًا فَلَيْسَ كَالصَّلَاةِ، وَلَا دَمَ لِهَذِهِ الْمُخَالَفَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ. وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ: أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، لَكِنْ خَلِيلٌ فِي مَنْسَكِهِ الْأَوَّلِ أَقْيَسُ.
قَوْلُهُ: [كَالصَّلَاةِ] : تَشْبِيهٌ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَلَيْسَ بِتَامٍّ لِأَنَّ تَعَمُّدَ الْمُخَالَفَةِ فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا بِخِلَافِ الْحَجِّ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَضُرُّ رَفْضُهُ] : أَيْ وَلَوْ حَصَلَ فِي أَثْنَاءِ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ، فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ فِي أَثْنَائِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَاقِي أَفْعَالِهِ الْمَطْلُوبَةِ كَالسَّعْيِ وَالطَّوَافِ ثُمَّ أَتَى بِهَا، فَصَحِيحَةٌ. بِخِلَافِ رَفْضِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ إذَا وَقَعَ فِي أَثْنَائِهِمَا، فَيُرْتَفَضُ كُلٌّ، وَيَكُونُ كَالتَّارِكِ لَهُ فَيُطْلَبُ بِغَيْرِهِ وَأَصْلُ الْإِحْرَامِ لَمْ يُرْتَفَضْ، وَنَصُّ عَبْدِ الْحَقِّ: فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَادَ لِلْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يَحْصُلْ لِرَفْضِهِ حُكْمٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي حِينِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَوَى الرَّفْضَ وَفَعَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ - كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ - فَإِنَّهُ يُعَدُّ كَالتَّارِكِ لِذَلِكَ - كَذَا فِي (بْن) . (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
تَنْبِيهٌ: فِي جَوَازِ إحْرَامِ الشَّخْصِ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ: فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ زَيْدًا لَمْ يُحْرِمْ لَزِمَهُ هُوَ الْإِحْرَامُ وَيَكُونُ مُطْلَقًا يُخَيَّرُ فِي صَرْفِهِ لِمَا شَاءَ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ زَيْدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا أَحْرَمَ بِهِ أَوْ وَجَدَهُ مُحْرِمًا بِالْإِطْلَاقِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ كَذَا فِي الْأَصْلِ.