الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَدِ
(إنْ طَرَأَ مُوجِبُ عِدَّةٍ مُطْلَقًا) مَوْتًا أَوْ طَلَاقًا، (أَوْ) طَرَأَ (اسْتِبْرَاءٌ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ) مُطْلَقًا (أَوْ) قَبْلَ تَمَامِ (اسْتِبْرَاءٍ، انْهَدَمَ الْأَوَّلُ) الَّذِي كَانَ فِيهِ مِنْ عِدَّةٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ، (وَاسْتَأْنَفَتْ) مَا طَرَأَ. فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ: طُرُوءُ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ، وَطُرُوءُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ. (إلَّا إذَا كَانَ الطَّارِئُ أَوْ الشَّرْح عَلَيْهِ عِدَّةَ وَفَاةٍ فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) تَمْكُثُهُ. وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: طُرُوءُ عِدَّةِ وَفَاةٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ، أَوْ عِدَّةِ طَلَاقٍ، وَطُرُوءُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ الْقَاعِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (كَمُتَزَوِّجِ بَائِنَتَهُ) بِأَنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ، (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا (يُطَلِّقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ) بِهَا، (أَوْ يَمُوتُ مُطْلَقًا) بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ، فَتَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ طَلَاقٍ فِيمَا إذَا طَلَّقَ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَعِدَّةَ وَفَاةٍ فِيمَا إذَا مَاتَ؛ فَهَذَا مِثَالُ مَا إذَا طَرَأَتْ عِدَّةُ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي تَدَاخُلِ الْعِدَدِ]
[الْقَاعِدَة طَرَأَ مُوجِبُ عِدَّةٍ أَوْ طَرَأَ اسْتِبْرَاءٌ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ]
فَصْلٌ قَوْلُهُ: [قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةٍ مُطْلَقًا] : الْإِطْلَاقُ بِالنِّسْبَةِ لِطُرُوءِ الِاسْتِبْرَاءِ فَقَطْ، وَإِلَّا فَطُرُوءُ الْوَفَاةِ عَلَى الْوَفَاةِ أَوْ الطَّلَاقِ عَلَى الْوَفَاةِ لَا يُمْكِنُ، وَيَدُلُّ لِهَذَا التَّقْيِيدِ قَوْلُ الشَّارِحِ فَهَذِهِ سَبْعٌ وَلَوْ بَقِيَتْ الْعِبَارَةُ عَلَى حَالِهَا لَكَانَتْ الصُّوَرُ تِسْعًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا سَبْعٌ فَاتَّكَلَ الشَّارِحُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الدُّخُولِ.
قَوْلُهُ: [كَمُتَزَوِّجٍ بَائِنَتَهُ] : بِالْإِضَافَةِ وَالتَّنْوِينِ.
قَوْلُهُ: [يُطَلِّقُ بَعْدَ الْبِنَاءِ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا تَبْقَى عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَهْدِمُ الْعِدَّةَ الْأُولَى إلَّا الدُّخُولُ وَلَمْ يَحْصُلْ. قَوْلُهُ:[وَعِدَّةُ وَفَاةٍ فِيمَا إذَا مَاتَ] : أَيْ مُطْلَقًا بَعْدَ الْبِنَاءِ أَوْ قَبْلَهُ.
وَمَثَّلَ لِطُرُوءِ عِدَّةِ طَلَاقٍ أَوْ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ بِقَوْلِهِ: (وَكَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ) وَطْءٍ (فَاسِدٍ) زِنًا أَوْ غَيْرِهِ (يُطَلِّقُهَا) زَوْجُهَا، فَتَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَيَنْهَدِمُ الِاسْتِبْرَاءُ، (أَوْ تُوطَأُ بِفَاسِدٍ) فَتَسْتَأْنِفُ اسْتِبْرَاءً وَيَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ:" بَائِنَتَهُ " بِقَوْلِهِ: (وَكَمُرْتَجِعٍ) لِمُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ، (وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ) : أَيْ يَطَأْهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهِ (طَلَّقَ أَوْ مَاتَ) ، فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ لِأَنَّ ارْتِجَاعَهَا يَهْدِمُ الْعِدَّةَ الْأُولَى، وَمَثَّلَ لِطُرُوِّ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى الْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بِقَوْلِهِ:(وَكَمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وُطِئَتْ) الشَّرْح (فَاسِدًا) بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ، (وَإِنْ) كَانَ (مِنْ الْمُطَلِّقِ) أَوْ نِكَاحٍ مِنْ غَيْرِهِ فَتَسْتَأْنِفُ الِاسْتِبْرَاءَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ لَمْ يَمَسَّ] إلَخْ: أَيْ هَذَا إذَا مَسَّهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهِ، بَلْ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا بَعْدَ ارْتِجَاعِهِ، وَقَوْلُهُ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ أَيْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّهَا تَأْتَنِفُ عِدَّةَ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ] : أَيْ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَ أَوْ مَاتَ.
وَقَوْلُهُ: [لِأَنَّ ارْتِجَاعَهَا يَهْدِمُ الْعِدَّةَ] : هَذَا ظَاهِرٌ إذَا مَسَّهَا، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمَسِّ يُقَالُ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ تَزَوَّجَ بَائِنَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ؟ فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ طَلَاقِهَا الْأَوَّلِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْبَائِنَةَ أَجْنَبِيَّةٌ، وَمَنْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا كَالزَّوْجَةِ، فَطَلَاقُهُ الْوَاقِعُ فِيهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ طَلَاقُ زَوْجَةٍ مَدْخُولٍ بِهَا فَتَعْتَدُّ مِنْهُ، وَلَا تَبْنِي عَلَى عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الِارْتِجَاعَ هَدَمَهَا وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الضَّرَرُ بِالتَّطْوِيلِ عَلَيْهَا كَأَنْ يُرَاجِعُهَا إلَى أَنْ يَقْرُبَ تَمَامُ الْعِدَّةِ فَيُطَلِّقُهَا، فَإِنَّهَا تَبْنِي عَلَى عِدَّتِهَا الْأُولَى إنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الرَّجْعَةِ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ.
قَوْلُهُ: [وَكَمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ] إلَخْ: يَجِبُ تَخْصِيصُ هَذِهِ بِالْحُرَّةِ، لِأَنَّ الْأَمَةَ عِدَّتُهَا قُرْءَانِ وَاسْتِبْرَاؤُهَا حَيْضَةٌ، فَإِذَا وُطِئَتْ بِاشْتِبَاهٍ عَقِبَ الطَّلَاقِ وَقَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَلَا بُدَّ مِنْ قُرْأَيْنِ كَمَالِ عِدَّتِهَا، وَلَا يَنْهَدِمُ الْأَوَّلُ إذَا عَلِمْت هَذَا، فَقَوْلُ (عب) : وَكَمُعْتَدَّةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [أَوْ نِكَاحٍ مِنْ غَيْرِهِ] : أَيْ وَلَا يَكُونُ إلَّا فَاسِدًا لِكَوْنِهَا مُعْتَدَّةً.
وَتَنْهَدِمُ الْعِدَّةُ، (وَأَمَّا) الْمُعْتَدَّةُ (مِنْ مَوْتٍ) تُوطَأُ الشَّرْح فَاسِدًا (فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) : عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ، (كَعَكْسِهِ) : وَهُوَ طُرُوءُ عِدَّةِ وَفَاةٍ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ وَطْءٍ فَاسِدٍ مَاتَ زَوْجُهَا أَيَّامَ الِاسْتِبْرَاءِ، فَتَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ تَمَامَ الِاسْتِبْرَاءِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، (وَكَمُشْتَرَاةِ فِي عِدَّةٍ) مِنْ وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ تَمَامَ الْعِدَّةِ، وَمُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ وَهَذِهِ كَالْأُولَى طَرَأَ فِيهَا الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى عِدَّةِ وَفَاةٍ. وَبَقِيَ مَا إذَا طَرَأَتْ عِدَّةُ وَفَاةٍ عَلَى عِدَّةِ طَلَاقٍ، كَأَنْ يَمُوتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ فِي عِدَّتِهَا فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهِيَ تَمَامُ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ] : أَيْ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَوْلُهُ: وَمُدَّةُ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ، أَوْ الشُّهُورُ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا يَتَعَيَّنُ فَرْضُ هَذَا الْمِثَالِ فِي الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: [وَكَمُشْتَرَاةٍ فِي عِدَّةٍ مِنْ وَفَاةٍ] : يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ وَفَاةِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ عُدَّةَ الْوَفَاةِ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ، وَحَيْضَةُ الِاسْتِبْرَاءِ لِنَقْلِ الْمِلْكِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ الشُّهُورِ، وَمَفْهُومُهُ لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ تَمَامِ الْعِدَّةِ الْأُولَى وَحُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ لِلطَّلَاقِ، وَثَلَاثَةٍ لِلشِّرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ ارْتَفَعَتْ لِرَضَاعٍ فَلَا تَحِلُّ إلَّا بِقُرْأَيْنِ. إنْ قُلْت الْمُشْتَرَاةُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ تَحْرُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى مُشْتَرِيهَا بِسَبَبِ الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا تَحِلُّ بِتَمَامِ الْعِدَّةِ. أُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا يَحْرُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لِأَنَّ حُرْمَتَهَا غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ، بِخِلَافِ حُرْمَةِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ وَالْمُتَزَوِّجَةِ.
قَوْلُهُ: [كَأَنْ يَمُوتَ زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ] : أَيْ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا وَإِلَّا فَتَنْهَدِمُ الْأُولَى وَتَأْتَنِفُ عِدَّةَ وَفَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِثْلُ الَّذِي رَاجَعَهَا الْبَائِنَةُ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَمَاتَ عَنْهَا، فَقَوْلُهُ فِي الدُّخُولِ إلَّا إذَا كَانَ الطَّارِئُ إلَخْ أَيْ عَلَى رَجْعِيَّةٍ وَلَمْ يُرَاجِعْهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ تَمَامُ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ] : وَيُزَادُ عَلَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مَسْأَلَةُ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَاةِ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ.
(وَهَدَمَ) أَيْ أَبْطَلَ (الْوَضْعُ) الْكَائِنُ (مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ) بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ فَوُطِئَتْ الشَّرْح فَاسِدًا بِنِكَاحٍ فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بِزِنًا أَوْ بِشُبْهَةٍ. فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ صَاحِبِ الْعِدَّةِ (غَيْرَهُ) مَفْعُولُ هَدَمَ، وَغَيْرُ الْوَضْعِ هُوَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ فِي الْعِدَّةِ؛ أَيْ هَدَمَ الْوَضْعَ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ الِاسْتِبْرَاءُ الْكَائِنُ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ فِي الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِخَوْفِ الْحَمْلِ وَقَدْ أَمِنَ مِنْهُ بِالْوَضْعِ. (وَ) هَدَمَ الْوَضْعَ (مِنْ) وَطْءٍ (فَاسِدٍ) وَلَوْ وَطِئَهَا الثَّانِي وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ بَعْدَ حَيْضَةٍ وَأَتَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي وَلَمْ يَنْفِهِ، (أَثَرَهُ) : أَيْ الْفَاسِدِ وَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْهُ (وَ) هَدْمُ (عِدَّةِ طَلَاقِ لَا) يَهْدِمُ (عِدَّةَ وَفَاةٍ) وَإِذَا لَمْ يَهْدِمْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ. (فَالْأَقْصَى) مِنْ الْأَجَلَيْنِ يَلْزَمُهَا. إمَّا الْوَضْعُ مِنْ الْفَاسِدِ أَوْ تَمَامُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مَعَ أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ مِنْ الْفَاسِدِ دَائِمًا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ: فَالْجَوَابُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ] : أَيْ الْمُلْحَقِ بِذِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَالْمُرَادُ كَوْنُ الْحَمْلِ مُلْحَقًا بِأَبِيهِ كَانَ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ مِنْ مِلْكٍ، فَحِينَئِذٍ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ، بَلْ مِثْلُهَا اسْتِبْرَاؤُهَا مِنْ مِلْكٍ وَلُحُوقِهِ بِأَبِيهِ إنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ الطَّارِئِ، أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَلَمْ تَحِضْ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، فَمَتَى احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الصَّحِيحِ السَّابِقِ وَمِنْ الْفَاسِدِ الْمُتَأَخِّرِ أُلْحِقَ بِالصَّحِيحِ، بِخِلَافِ مَا إذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ وَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ الْفَاسِدِ، فَإِنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْفَاسِدِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ.
قَوْلُهُ: [وَهَدْمُ عِدَّةِ طَلَاقٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفَاسِدِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ كَمَا اسْتَصْوَبَهُ (بْن)، خِلَافًا لِ (عب) الْقَائِلِ: إنْ كَانَ الطَّلَاقُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْفَاسِدِ فَالْوَضْعُ لَا يَهْدِمُ أَثَرَهُ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الْفَاسِدِ يَهْدِمُ أَثَرَهُ وَعِدَّةِ الطَّلَاقِ إنْ كَانَ وَطْءَ شُبْهَةٍ، فَإِنْ كَانَ زِنًا أَوْ غَصْبًا فَيُحْسَبُ قُرْءٌ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [دَائِمًا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ] : أَيْ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ
أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْوَضْعُ سَقْطًا، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِي الْمَنْعِيِّ لَهَا زَوْجُهَا، ثُمَّ بَعْدَ حَمْلِهَا مِنْ الْفَاسِدِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَاتَ الْآنَ فَاسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ.
ــ
[حاشية الصاوي]
أَشْهُرٍ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ أَوْ شَهْرَانِ وَخَمْسُ لَيَالٍ.
قَوْلُهُ: [إنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْوَضْعُ سَقْطًا] : فِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لُحُوقُهُ بِالثَّانِي إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ بَعْدَ حَيْضَةٍ، الشَّرْح لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْإِشْكَالُ بَاقٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَمَدُ حَمْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا ذَكَرَ كَانَ لَاحِقًا بِالْأَوَّلِ لَا بِالثَّانِي. فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي. تَتِمَّةٌ
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ التَّدَاخُلُ بِاعْتِبَارِ مُوجِبَيْنِ وَتَرَكَ مَا إذَا كَانَ الْمُوجِبُ وَاحِدًا وَلَكِنْ الْتَبَسَ بِغَيْرِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ الِالْتِبَاسُ مِنْ جِهَةِ مَحَلِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَرْأَةُ، أَوْ مِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ.
فَمِثَالُ الْأَوَّلِ: كَمَرْأَتَيْنِ تَزَوَّجَهُمَا رَجُلٌ إحْدَاهُمَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَالْأُخْرَى بِصَحِيحٍ كَأُخْتَيْنِ مِنْ رَضَاعٍ، وَلَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَةُ مِنْهُمَا أَوْ كِلْتَاهُمَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ، لَكِنَّ إحْدَاهُمَا مُطَلَّقَةٌ بَائِنًا وَجَهِلَتْ، ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فِي الْمِثَالَيْنِ فَيَجِبُ عَلَى كُلٍّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا الَّتِي فَسَدَ نِكَاحُهَا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ، أَوْ الَّتِي طَلُقَتْ بَائِنًا فِي الْمِثَالِ الثَّانِي.
وَمِثَالُ الثَّانِي: كَمُسْتَوْلَدَةٍ وَمُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِ سَيِّدِهَا، مَاتَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ مَعًا غَائِبَيْنِ، وَعُلِمَ تَقَدُّمُ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا فَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَكْثَرُ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ، أَوْ جُهِلَ مِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا؛ هَلْ هُوَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ مُسَاوٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةُ حُرَّةٍ فِي الْوَجْهَيْنِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً وَمَا تُسْتَبْرَأُ بِهِ الْأَمَةُ وَهِيَ حَيْضَةٌ، إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَيْضِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوَّلًا وَقَدْ حَلَّتْ لِلسَّيِّدِ فَمَاتَ عَنْهَا بَعْدَ حِلِّ وَطْئِهِ لَهَا، فَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ إلَّا بَعْدَ مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا أَقَلُّ مِنْ عِدَّةِ الْأَمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا شَهْرَانِ فَأَقَلُّ، وَجَبَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْحُرَّةِ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوَّلًا، فَيَكُونُ الزَّوْجُ مَاتَ عَنْهَا حُرَّةً وَلَيْسَ عَلَيْهَا حَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ، لِأَنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِسَيِّدِهَا عَلَى تَقْدِيرِ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوَّلًا، وَهَلْ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ مَوْتَيْهِمَا قَدْرُ عِدَّةِ الْأَمَةِ كَالْأَقَلِّ فَيُكْتَفَى بِعِدَّةِ الْحُرَّةِ أَوْ كَالْأَكْثَرِ فَتَمْكُثُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَحَيْضَةٍ؟ قَوْلَانِ (اهـ - مِنْ الْأَصْلِ) .