الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يُمْكِنُ مَا يَجِبُ (فَيَجُوزُ الْعَكْسُ) فِي الْأَمْرَيْنِ؛ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ ذَبْحُ الْإِبِلِ وَنَحْرُ غَيْرِهَا. وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ. " وَذَبْحُ غَيْرِهَا " قَوْلُهُ: (إلَّا الْبَقَرَ فَالْأَفْضَلُ فِيهَا الذَّبْحُ) ، وَيَجُوزُ نَحْرُهَا.
وَشَبَّهَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ قَوْلَهُ: (كَالْحَدِيدِ) فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فِي الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ كَزُجَاجٍ مَسْنُونٍ وَحَجَرٍ كَذَلِكَ وَقَصَبٍ وَعَظْمٍ كَذَلِكَ. (وَسَنِّهِ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ: أَيْ كَسَنِّ الْحَدِيدِ عِنْدَ الذَّبْحِ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُ أَيْ مَنْدُوبٌ لِلتَّسْهِيلِ عَلَى الْحَيَوَانِ.
(وَقِيَامُ إبِلٍ) فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ تَبْرِيكِهَا حَالَ النَّحْرِ حَالَ كَوْنِهَا (مُقَيَّدَةً أَوْ مَعْقُولَةَ) الرِّجْلِ (الْيُسْرَى) مُسْتَقْبِلَةً يَقِفُ النَّاحِرُ بِجَنْبِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى غَيْرِ الْمَعْقُولَةِ مَاسِكًا مِشْفَرَهَا الْأَعْلَى بِيَدِهِ الْيُسْرَى، وَيَطْعَنُهَا فِي لَبَّتِهَا بِيَدِهِ الْيُمْنَى، مُسَمِّيًا هَكَذَا صِفَةُ النَّحْرِ.
(وَضَجْعُ ذِبْحٍ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَذْبُوحٍ (بِرِفْقٍ) أَفْضَلُ مِنْ رَمْيِهِ بِقُوَّةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ.
(وَتَوْجِيهُهُ) أَيْ الْمَذْبُوحِ أَوْ الْمَنْحُورِ (لِلْقِبْلَةِ) لِأَنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَاتِ.
(وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ) أَيْ مَحَلُّ الذَّبْحِ مِنْ صُوفٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ رِيشٍ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّفْقِ وَالسُّهُولَةِ.
(وَكُرِهَ ذَبْحٌ بِدُونِ حُفْرَةٍ) : كَمَا يَقَعُ لِلْجَزَّارِينَ بِالْمَذَابِحِ السُّلْطَانِيَّةِ لِمَا
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَيَان مَا يذبح مِنْ الْحَيَوَان وَمَا يَنْحَر]
قَوْلُهُ: [فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ ذَبْحُ الْإِبِلِ] : أَيْ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ وَهُوَ الْوَدَجَانِ وَالْحُلْقُومُ وَنَحْرُ غَيْرِهَا فِي مَحَلِّ النَّحْرِ وَهُوَ اللَّبَّةُ.
قَوْلُهُ: [إلَّا الْبَقَرَ] : وَمِنْهُ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُ الْبَقَرِ فِي جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ وَنَدْبِ الذَّبْحِ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ الْوَحْشِيَّةِ.
[مَنْدُوبَات الذَّبْح وَمَكْرُوهَاته]
قَوْلُهُ: [كَزُجَاجٍ مَسْنُونٍ] : أَيْ مُحَدَّدٍ.
قَوْلُهُ: [فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ] : أَيْ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
فِيهِ مِنْ رُؤْيَةِ الذَّبَائِحِ بَعْضِهَا بَعْضًا وَهُوَ مِنْ تَعْذِيبِهَا لِأَنَّ لَهَا تَمْيِيزًا وَإِشْعَارًا وَلِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِقْبَالِ لِأَكْثَرِهَا.
(وَ) كُرِهَ (سَلْخٌ) لِجِلْدِهَا (أَوْ قَطْعٌ) لِعُضْوٍ مِنْهَا (قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِ رُوحِهَا، وَبَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ، وَأَمَّا قَبْلَ التَّمَامِ فَمَيْتَةٌ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا لِبَعْضِ الْفُقَرَاءِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ؛ يَقَعُ الْحَمَلُ فَيَشْرَعُ إنْسَانٌ فِي نَحْرِهِ فَيَأْتِي آخَرُ وَيَقْطَعُ مِنْهُ قِطْعَةَ لَحْمٍ قَبْلَ تَمَامِ النَّحْرِ فَلَا يُؤْكَلُ مَا قَطَعَ.
(وَ) كُرِهَ (تَعَمُّدُ إبَانَةِ الرَّأْسِ) ابْتِدَاءً بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ يَقْطَعُ لِحُلْقُومٍ وَالْوَدَجَيْنِ، وَيَسْتَمِرُّ حَتَّى يُبَيِّنَ الرَّأْسَ مِنْ الْجُثَّةِ، وَتُؤْكَلُ إنْ أَبَانَهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ. وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إنْ قَصَدَهَا ابْتِدَاءً لَمْ تُؤْكَلْ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا قَصَدَهُ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ، أَوْ لَمْ
ــ
[حاشية الصاوي]
«إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ» .
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ سَلْخٌ لِجِلْدِهَا أَوْ قَطْعٌ] : أَيْ وَكَذَا حَرْقٌ بِالنَّارِ.
قَوْلُهُ: [قَبْلَ الْمَوْتِ] : أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّعْذِيبِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تُتْرَكَ حَتَّى تَبْرُدَ إلَّا السَّمَكَ فَيَجُوزُ تَقْطِيعُهُ وَإِلْقَاؤُهُ فِي النَّارِ قَبْلَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَحْتَاجُ لِذَكَاةٍ صَارَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ الْإِلْقَاءِ، وَمَا مَعَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا وَقَعَ فِي غَيْرِهِ بَعْدَ تَمَامِ ذَكَاتِهِ (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ)، وَقَدْ يُقَالُ: عِلَّةُ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ مَوْجُودَةٌ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الْكَرَاهَةِ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا] : حَاصِلُهُ إذَا تَعَمَّدَ إبَانَةَ الرَّأْسِ وَأَبَانَهَا فَهَلْ تُؤْكَلُ تِلْكَ الذَّبِيحَةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ لَا تُؤْكَلُ أَصْلًا؟ قَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَوَّلُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ الْفِعْلِ لِأَنَّ إبَانَةَ الرَّأْسِ بَعْدَ تَمَامِ الذَّكَاةِ بِمَثَابَةِ قَطْعِ عُضْوٍ بَعْدَ انْتِهَاءِ الذَّبْحِ وَقَبْلَ الْمَوْتِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ؛ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ أَوْ وِفَاقٌ؟ فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ،