الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ فِي بَيَانِ عِدَّةِ مَنْ فُقِدَ زَوْجُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ أَهُوَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ
وَهُوَ إمَّا مَفْقُودٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فِي زَمَنِ الْوَبَاءِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ بَيْنَ مُقَاتَلَةٍ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ أَوْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ:
(وَتَعْتَدُّ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ) حُرَّةً أَوْ أَمَةً صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً (فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ) ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي بَيَانِ عِدَّةِ مَنْ فُقِدَ زَوْجُهَا وَلَمْ يُعْلَمْ أَهُوَ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ]
[الزَّوْج الْمَفْقُود فِي دَار الْإِسْلَام]
فَصْلٌ فَصْلٌ لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعِدَّةِ - وَكَانَ سَبَبُهَا أَمْرَيْنِ: طَلَاقًا وَوَفَاةً - شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَحْتَمِلُهُمَا وَهِيَ عِدَّةُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ.
وَالْمَفْقُودُ: مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ مَعَ إمْكَانِ الْكَشْفِ عَنْهُ، فَيَخْرُجُ الْأَسِيرُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقَطِعْ خَبَرِهِ، وَالْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ. قَوْلُهُ:[وَهُوَ إمَّا مَفْقُودٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ] إلَخْ: أَيْ فَأَقْسَامُ الْمَفْقُودِ خَمْسَةٌ: مَفْقُودٌ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْوَبَاءِ أَوْ فِيهِ، وَمَفْقُودٌ فِي مُقَاتَلَةٍ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَمَفْقُودٌ فِي أَرْضِ الشِّرْكِ، وَمَفْقُودٌ فِي مُقَاتَلَةٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ: " وَتَعْتَدُّ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ " إلَخْ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ:" وَفِي الْمَفْقُودِ زَمَنَ الطَّاعُونِ بَعْدَ ذَهَابِهِ "، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَهُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: " وَاعْتَدَّتْ فِي مَفْقُودِ الْمُعْتَرَكِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ يَوْمِ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ "، وَأَمَّا الرَّابِعُ: فَهُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: " وَمَفْقُودُ أَرْضِ الشِّرْكِ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ لِمُدَّةِ التَّعْمِيرِ " إلَخْ، وَأَمَّا الْخَامِسُ: فَهُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ: " وَفِي الْفَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ بَعْدَ سَنَةٍ بَعْدَ النَّظَرِ ".
قَوْلُهُ: [أَشَارَ لِذَلِكَ] : أَيْ شَرَعَ يُفَصِّلُ تِلْكَ الْأَقْسَامَ الْخَمْسَةَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ فِي الدُّخُولِ، لَكِنَّهُ فَصَّلَ الْجَمِيعَ بِأَوْضَحِ عِبَارَةٍ.
قَوْلُهُ: [وَتَعْتَدُّ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ] إلَخْ: أَيْ إنْ كَانَ فَقْدُهُ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْوَبَاءِ.
قَوْلُهُ: [صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً] : أَيْ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً.
مُتَعَلِّقٌ بِالْمَفْقُودِ (عِدَّةُ وَفَاةٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ابْتِدَاؤُهَا بَعْدَ الْأَجَلِ الْآتِي بَيَانُهُ (إنْ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ) إنْ كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ، (أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ عَدَمِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَمَا فِي زَمَنِنَا بِمِصْرَ؛ إذْ لَا حَاكِمَ فِيهَا شَرْعِيٌّ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ مِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ عَدْلًا عَارِفًا شَأْنَهُ أَنْ يُرْجَعَ إلَيْهِ فِي مُهِمَّاتِ الْأُمُورِ بَيْنَ النَّاسِ، لَا مُطْلَقَ وَاحِدٍ وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ الْأُجْهُورِيِّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ بِهِ، وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ تَعَسُّفٌ.
(وَدَامَتْ نَفَقَتُهَا) : مِنْ مَالِهِ بِأَنْ تَرَكَ لَهَا مَا تُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْهُ، وَإِلَّا فَلَهَا التَّطْلِيقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ بِشَرْطِهِ الْمَعْلُومِ فِي مَحَلِّهِ.
وَفَائِدَةُ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ الْكَشْفُ عَنْ حَالِ زَوْجِهَا بِالسُّؤَالِ وَالْإِرْسَالِ لِلْبِلَادِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا ذَهَابُهُ إلَيْهَا لِلتَّفْتِيشِ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَ الْإِرْسَالُ، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهَا.
(فَيُؤَجَّلُ الْحُرُّ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ، وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا) عَامَيْنِ لَعَلَّهُ أَنْ يَظْهَرَ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إنْ كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ] : أَيْ حَاكِمُ سِيَاسَةٍ سَوَاءٌ كَانَ وَالِيًا أَوْ غَيْرَهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ] : هَكَذَا عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ فَلِصَالِحِي جِيرَانِهَا.
قَوْلُهُ: [وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا تَعَسُّفٌ] : أَيْ اعْتِرَاضُ الشَّيْخِ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ.
قَوْلُهُ: [وَدَامَتْ نَفَقَتُهَا] : أَيْ وَلَمْ تَخْشَ الْعَنَتَ وَإِلَّا فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ فَهِيَ أَوْلَى مِنْ مَعْدُومَةِ النَّفَقَةِ كَذَا قَالَ الْأَشْيَاخُ.
قَوْلُهُ: [فَيُؤَجَّلُ الْحُرُّ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَدْخُولًا بِهَا أَمْ لَا، دَعَتْهُ قَبْلَ غَيْبَتِهِ لِلدُّخُولِ أَمْ لَا. وَالْحَقُّ أَنَّ تَأْجِيلَ الْحُرِّ بِأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَالْعَبْدُ نِصْفُهَا تَعَبُّدِيٌّ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ. وَحَيْثُ ضُرِبَ الْأَجَلُ الْمَذْكُورُ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْمَفْقُودِ قَامَتْ دُونَ غَيْرِهَا سَرَى الضَّرْبُ لِبَقِيَّتِهِنَّ وَإِنْ امْتَنَعَتْ الْبَاقِيَاتُ مِنْ كَوْنِ الضَّرْبِ لِمَنْ قَامَتْ ضَرْبًا لَهُنَّ وَطَلَبْنَ ضَرْبَ أَجَلٍ آخَرَ فَلَا يُجَبْنَ لِذَلِكَ، بَلْ يَكْفِي أَجَلُ الْأُولَى مَا لَمْ يَخْتَرْنَ الْمَقَامَ مَعَهُ، فَإِنْ اخْتَرْنَهُ فَلَهُنَّ ذَلِكَ وَتَسْتَمِرُّ لَهُنَّ النَّفَقَةُ.
خَبَرُهُ (بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ) : بِالْبَحْثِ عَنْهُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُظَنُّ ذَهَابُهُ إلَيْهَا.
فَإِذَا تَمَّ الْأَجَلُ دَخَلَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ دُخُولٍ فِيهَا، وَلَهَا الرُّجُوعُ إلَى التَّمَسُّكِ بِزَوْجِهَا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا لِفَرْضِ حَيَاتِهِ عِنْدَهَا.
(وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا) أَيْ الْعِدَّةِ (الرُّجُوعُ) إلَى عِصْمَةِ زَوْجِهَا، وَالْبَقَاءِ عَلَيْهَا لِفَرْضِ مَوْتِهِ عِنْدَهَا بِالشُّرُوعِ فِيهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَرَجَحَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَهَا مَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْعِدَّةِ، فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ اتِّفَاقًا.
(وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا فِي عِدَّتِهَا، بَلْ تَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا لِفَرْضِهَا مَوْتَهُ بِشُرُوعِهَا فِيهَا، (وَقُدِّرَ بِهِ) : أَيْ بِالشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ (طَلَاقٌ) مِنْ الْمَفْقُودِ عَلَيْهَا يُفِيتُهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَبَرِهِ بِالْبَحْثِ عَنْهُ] : مِنْ هُنَا نَقَلَ الْمَشَذَّالِيُّ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّ الْمَفْقُودَ الْيَوْمَ يَنْتَظِرُ مُدَّةَ التَّعْمِيرِ لِعَدَمِ مَنْ يَبْحَثُ عَنْهُ الْآنَ، وَأَقَرَّهُ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ. وَلَكِنَّ مَحَلَّ هَذَا كُلِّهِ عِنْدَ دَوَامِ النَّفَقَةِ وَعَدَمِ خَوْفِ الْعَنَتِ كَمَا عَلِمْت، وَدَيْنُ اللَّهِ يُسْرٌ «وَلَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» .
قَوْلُهُ: [دَخَلَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ] : أَيْ وَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ، وَلَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُهُ سَابِقًا إنْ تَمَّتْ قَبْلَ زَمَنِ حَيْضَتِهَا، وَقَالَ النِّسَاءُ لَا رِيبَةَ بِهَا وَلَا انْتَظَرَتْهَا أَوْ تَمَامِ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ، وَذَلِكَ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ حِينِ التَّأْجِيلِ كَذَا فِي (عب) .
قَوْلُهُ: [وَقُدِّرَ بِهِ] إلَخْ: أَيْ فَيُقَدَّرُ وَفَاتُهُ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ، وَتَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَبِهِ الْقَضَاءُ، وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: أَنَّهُ لَا يُكْمِلُ لَهَا الْمَهْرُ بَلْ لَهَا نِصْفُهُ إلَّا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ أَوْ ثَبَتَ مَوْتُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُؤَجَّلًا فَهَلْ يُعَجَّلُ جَمِيعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، أَوْ يَبْقَى عَلَى تَأْجِيلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ. وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ أَرْجَحَ مَعَ حُلُولِ مَا أُجِّلَ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ هَذَا تَمْوِيتٌ لَا مَوْتٌ حَقِيقَةً، وَثَمَرَةُ تَقْدِيرِ طَلَاقِهِ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ.
عَلَيْهِ، (يَتَحَقَّقُ) وُقُوعُهُ (بِدُخُولِ) الزَّوْجِ (الثَّانِي) عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ (فَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ) إنْ جَاءَ (بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ بَعْدَ الثَّانِي) بِأَنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا (إنْ كَانَ) الْأَوَّلُ - أَيْ الْمَفْقُودُ - (طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ) قَبْلَ دُخُولِ الثَّانِي بِهَا: أَيْ وَإِنْ وَطِئَهَا الثَّانِي وَطْئًا يُحِلُّ الْمَبْتُوتَةَ ف (إنْ جَاءَ) الْمَفْقُودُ بَعْدَ عَقْدِ الثَّانِي عَلَيْهَا (أَوْ تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ؛ فَكَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ) : فَتَفُوتُ عَلَيْهِ إنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِمَجِيئِهِ أَوْ حَيَاتِهِ، أَوْ بِكَوْنِهَا فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا عَالِمًا بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَهِيَ لِلْمَفْقُودِ. وَفَائِدَةُ كَوْنِهَا لِلْمَفْقُودِ فِي الثَّالِثِ فَسْخُ نِكَاحِهَا مِنْ الثَّانِي، وَتَأْبِيدُ حُرْمَتِهَا عَلَى الثَّانِي وَإِرْثُهَا لِلْأَوَّلِ.
(بِخِلَافِ الْمَنْعِيِّ لَهَا) : وَهِيَ مَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا أَوْ تَبَيَّنَ حَيَاتُهُ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ، وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ أَوْ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ وَفَاتُهُ لِأَجْلِ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ وَفَاةٍ، وَيَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَيُقَدَّرُ طَلَاقٌ لِأَجْلِ أَنْ تَفُوتَ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي، وَطُلْبَتُهَا لِلْأَوَّلِ إذَا كَانَ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ قَبْلَ فَقْدِهِ بِعِصْمَةٍ جَدِيدَةٍ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [فَكَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ] : أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ وَهِيَ: مَجِيئُهُ أَوْ تَبَيُّنُ حَيَاتِهِ أَوْ مَوْتُهُ.
قَوْلُهُ: [فِي الثَّالِثِ] : أَيْ وَهُوَ تَبَيُّنُ مَوْتِهِ وَلَوْ لَمْ تَنْقُضْ عِدَّتَهَا مِنْهُ فِي الْوَاقِعِ، وَنَفْسُ الْأَمْرِ لِكَوْنِهِ مَاتَ مُنْذُ شَهْرٍ مَثَلًا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ ذَاتُ الْوَلِيَّيْنِ، وَلَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ مِنْ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ مَنْ أُخْبِرَتْ بِمَوْتِ زَوْجِهَا الْغَائِبِ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ لَهَا بِالْمَوْتِ عُدُولًا أَوْ غَيْرَ عُدُولٍ.
قَوْلُهُ: [أَوْ حَكَمَ بِمَوْتِهِ حَاكِمٌ] : أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمُخْبِرُ بِالْمَوْتِ عُدُولًا إذْ لَا يُتَصَوَّرُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِغَيْرِ الْعَدْلَيْنِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَاتِ الْمَفْقُودِ وَاَلَّتِي حَكَمَ بِمَوْتِ زَوْجِهَا حَاكِمٍ: أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَفْقُودِ اسْتَنَدَ إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ فَقْدِهِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ فَلَمْ يُبَالِ بِمَجِيئِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِكَوْنِهِ مُجَوِّزًا لِذَلِكَ عِنْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ، وَاَلَّتِي حَكَمَ فِيهَا الْحَاكِمُ بِمَوْتِهِ فَقَدْ اسْتَنَدَ إلَى شَهَادَةٍ ظَهَرَ خَطَؤُهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَحْكُمْ
(وَ) بِخِلَافِ (الْمُطَلَّقَةِ) لِعَدَمِ النَّفَقَةِ بِشُرُوطِهِ ثُمَّ ظَهَرَ سُقُوطُهَا عَنْ الزَّوْجِ بِأَنْ أَثْبَتَ أَنَّهُ تَرَكَ عِنْدَهَا مَا يَكْفِيهَا، أَوْ أَنَّهُ وَكَّلَ وَكِيلًا مُوسِرًا يَدْفَعُهَا عَنْهُ، أَوْ أَنَّهَا أَسْقَطَتْهَا عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي.
(وَ) بِخِلَافِ (ذَاتِ الْمَفْقُودِ) الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ (تَزَوَّجَتْ فِي عِدَّتِهَا) الْمَفْرُوضَةِ لَهَا، (فَفُسِخَ) النِّكَاحُ لِذَلِكَ فَاسْتَبْرَأَتْ وَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ فَثَبَتَ أَنَّ الْمَفْقُودَ كَانَ قَدْ مَاتَ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ فِي الْوَاقِعِ قَبْلَ عَقْدِ الثَّانِي، فَلَا تَفُوتُ عَلَى الثَّانِي بِدُخُولِ الثَّالِثِ.
(أَوْ) تَزَوَّجَتْ امْرَأَةٌ (بِدَعْوَاهَا الْمَوْتَ) لِزَوْجِهَا أَيْ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا، (أَوْ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلَيْنِ) عَلَى مَوْتِ زَوْجِهَا (فَفُسِخَ) نِكَاحُهَا لِعَدَمِ شَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ بِمَوْتِهِ، فَثَبَتَ بِالْعُدُولِ أَنَّهُ مَاتَ فَتَزَوَّجَتْ بِثَالِثٍ. (ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ) : أَيْ نِكَاحَ الثَّانِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَانَ (عَلَى الصِّحَّةِ) فَلَا تَفُوتُ عَلَى الثَّانِي بِدُخُولِ الثَّالِثِ.
فَقَوْلُهُ: (فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ) : رَاجِعٌ لِلْمَنْعِيِّ لَهَا وَمَا بَعْدَهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَوَاضِحٌ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَنْعِيَّ لَهَا زَوْجُهَا وَالْمَحْكُومُ بِمَوْتِهِ لَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ تَفُوتُ عَلَى الْأَوَّلِ بِدُخُولِ الثَّانِي مُطْلَقًا حَكَمَ بِالْمَوْتِ حَاكِمٌ أَمْ لَا، وَقِيلَ تَفُوتُ إنْ حَكَمَ بِهِ، وَعَلَى الْمُفْتِي بِهِ إنْ رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ اعْتَدَّتْ مِنْ الثَّانِي إنْ دَخَلَ بِهَا كَعِدَّةِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ، فَإِنْ مَاتَ الْقَادِمُ اعْتَدَّتْ مِنْهُ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِأَنَّ النَّعْيَ شُبْهَةٌ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولِ الثَّانِي] : أَيْ وَلَوْ وَلَدَتْ أَوْلَادًا مِنْ ذَلِكَ الثَّانِي، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تَفُوتُ بِدُخُولٍ] إلَخْ: فَجُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَفُوتُ فِيهَا عَلَى الزَّوْجِ بِالدُّخُولِ سَبْعَةٌ، ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ خَمْسَةً.
وَبَقِيَ مَسْأَلَتَانِ:
الْأُولَى مِنْهُمَا: مَا إذَا قَالَ الزَّوْجُ: عَمْرَةُ طَالِقٌ. مُدَّعِيًا زَوْجَةً غَائِبَةً اسْمُهَا كَذَلِكَ قَصَدَ طَلَاقَهَا بِهِ، وَلَهُ زَوْجَةٌ حَاضِرَةٌ شَرِيكَتُهَا فِي الِاسْمِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا فَطَلُقَتْ عَلَيْهِ الْحَاضِرَةُ، لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْغَائِبَةِ، فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ، ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّ لَهُ زَوْجَةً غَائِبَةً تُسَمَّى عَمْرَةَ فَتُرَدُّ إلَيْهِ الْحَاضِرَةُ وَلَا يُفِيتُهَا دُخُولُ الثَّانِي.