الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ مَا إذَا فُقِدَتْ شُرُوطُ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضُهَا مِنْ فَسْخٍ وَعَدَمِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ
(وَفَسَدَ) النِّكَاحُ (إنْ نَقَصَ) الصَّدَاقُ (عَمَّا ذُكِرَ) مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ، أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ شَرْعِيَّةٍ خَالِصَةٍ مِنْ غِشٍّ، أَوْ مَا يُقَوَّمُ بِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ قِيمَةِ الْآخَرِ.
وَلَمَّا كَانَ الْفَسَادُ يُوهِمُ وُجُوبَ الْفَسْخِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ أَتَمَّهُ، وَيُوجِبُ صَدَاقَ الْمِثْلِ بَعْدَهُ - كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفَاسِدِ لِصَدَاقِهِ - وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، مَعَ أَنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى، بَيَّنَ الْمُرَادَ: وَأَنَّ إطْلَاقَ الْفَاسِدِ عَلَى مَا نَقَصَ عَمَّا ذُكِرَ فِيهِ تَسَمُّحٌ بِقَوْلِهِ:
(وَأَتَمَّهُ إنْ دَخَلَ) : أَيْ أَنَّهُ إذَا غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى دَخَلَ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَلَا يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْقَاعِدَةِ.
(وَإِلَّا) يَدْخُلْ بِأَنْ عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فُسِخَ إنْ لَمْ يُتِمَّهُ) فَإِنْ أَتَمَّهُ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ أَبَى مِنْ إتْمَامِهِ فُسِخَ، (وَلَهَا نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ مَا سَمَّاهُ؛ فَإِنْ سَمَّى
ــ
[حاشية الصاوي]
تَنْبِيهٌ:
إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ فَقَطْ أَخَذَ بِهِ إنْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ، وَهَلْ كَذَلِكَ الرَّشِيدَةُ، فَيُؤَاخَذُ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا، أَوْ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الرَّشِيدَةِ إلَّا إنْ أَكْذَبَتْ نَفْسَهَا وَرَجَعَتْ لِقَوْلِهِ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إقْرَارِهِ؟ قَوْلَانِ.
[الْحُكْمِ إذَا فقدت شُرُوط الصَّدَاق أَوْ بَعْضُهَا مِنْ فَسْخٍ وَعَدَمِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ]
قَوْلُهُ: [شُرُوطُ الصَّدَاقِ] : أَيْ الْخَمْسَةُ وَهِيَ كَوْنُهُ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مَعْلُومًا مُتَمَوَّلًا.
قَوْلُهُ: [إنْ نَقَصَ الصَّدَاقُ عَمَّا ذُكِرَ] : اعْلَمْ أَنَّ أَقَلَّ الصَّدَاقِ عَلَى الْمَشْهُورِ رُبْعُ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ مِنْ الْفِضَّةِ، أَوْ مَا يُسَاوِي أَحَدِهِمَا مِنْ الْعُرُوضِ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ إجَازَتِهِ بِدِرْهَمٍ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ.
قَوْلُهُ: [خَالِصَةٍ مِنْ غِشٍّ] : أَيْ فَلَا تُجْزِي الْمَغْشُوشَةُ وَلَوْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ.
قَوْلُهُ: [فُسِخَ إنْ لَمْ يُتِمَّهُ] : أَيْ تَعَرَّضَ لِلْفَسْخِ وَلَيْسَ فَاسِدًا بِالْفِعْلِ وَإِلَّا احْتَاجَ لِتَجْدِيدِ عَبْدٍ آخَرَ كَمَنْ تَزَوَّجَ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ
لَهَا دِرْهَمَيْنِ فَلَهَا دِرْهَمٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ دَخَلَ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ وَلَا سَبِيلَ لِفَسْخِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ قِيلَ لَهُ: إمَّا أَنْ تُتِمَّهُ رُبْعَ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، وَإِلَّا فَسَخْنَاهُ بِطَلَاقٍ وَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى.
(أَوْ) وَقَعَ (بِمَا لَا يُمْلَكُ) شَرْعًا (كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ، (وَ) إنْسَانٍ (حُرٍّ) فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ، وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ فَلَا سَبِيلَ لِفَسْخِهِ.
(أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ (بِإِسْقَاطِهِ) : أَيْ الصَّدَاقِ؛ أَيْ عَلَى شَرْطِ إسْقَاطِهِ فَيَكُونُ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ.
(أَوْ) وَقَعَ بِغَيْرِ مُتَمَوَّلٍ (كَقِصَاصٍ) ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى وَلِيِّهَا مَثَلًا فَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُسْقِطَ لَهَا حَقَّهُ فِي الْقِصَاصِ، فَفَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَهُ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ لِلدِّيَةِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ لَهُ شَرْعًا، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ.
(أَوْ) تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهَا فِي الْحَالِ كَآبِقٍ أَوْ شَارِدٍ،
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ] : أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بِالْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ كِتَابِيَّةً، وَلَوْ قَبَضَتْ ذَلِكَ وَاسْتَهْلَكَتْهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبَ: لَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ رُبْعُ دِينَارٍ، اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الصَّدَاقِ سَقَطَ بِقَبْضِهَا لِأَنَّهَا اسْتَحَلَّتْهُ، وَبَقِيَ حَقُّ اللَّهِ. كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [كَقِصَاصٍ] : أَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ كَتَزْوِيجِهِ بِأَمَةٍ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «تَزَوَّجَ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» فَهُوَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَهُ الرُّجُوعُ لِلدِّيَةِ] : أَيْ لِدِيَةِ الْعَمْدِ وَسَوَاءٌ فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ دَخَلَ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لِلْقِصَاصِ بِحَالٍ.
أَوْ (دَارِ فُلَانٍ) أَوْ عَبْدِهِ مَثَلًا، وَيُفْسَخُ قَبْلُ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ أَيْ عَلَى أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهَا دَارَ فُلَانٍ وَيَجْعَلُهَا صَدَاقًا إذْ قَدْ لَا يَبِيعُهَا لَهُ.
(أَوْ) بِصَدَاقٍ (بَعْضُهُ) أُجِّلَ (لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ) كَمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ أَوْ قُدُومِ زَيْدٍ وَلَا يُعْلَمُ وَقْتُ قُدُومِهِ فَفَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَلَا يُلْتَفَتُ لِلْمُسَمَّى الْحَرَامِ فَيُلْغَى، وَمَا أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشِّغَارِ.
(أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ لِأَجَلٍ) بِزَمَنٍ بِأَنْ قِيلَ: الْمُعَجَّلُ كَذَا وَالْمُؤَجَّلُ كَذَا. وَلَمْ يُبَيَّنْ الْأَجَلُ وَلَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِالتَّأْجِيلِ وَإِلَّا كَانَ صَحِيحًا. وَحُمِلَ عَلَيْهِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيَّنْ وَلَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ: مَتَى شِئْت، أَوْ: إلَى أَنْ تَطْلُبِيهِ، فَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا جَازَ كَإِلَى الْمَيْسَرَةِ، وَأَمَّا لَوْ ذُكِرَ الصَّدَاقُ وَلَمْ يُذْكَرْ حُلُولٌ وَلَا أَجَلٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ دَارِ فُلَانٍ] : أَيْ أَوْ سَمْسَرَتُهَا بِأَنْ يَتَزَوَّجَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا دَارَ فُلَانٍ مِنْ مَالِهَا، وَيَجْعَلَ سَمْسَرَتَهُ فِيهَا صَدَاقًا لَهَا، وَإِنَّمَا مَنَعَ النِّكَاحَ بِمَا ذَكَرَ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَبِيعُهَا رَبُّهَا أَمْ لَا، وَهَلْ تُبَاعُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَمَحَلُّ الْفَسَادِ فِيهَا إذَا تَزَوَّجَهَا بِالسَّمْسَرَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَصَحِيحٌ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهَا حَيْثُ كَانَ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ، كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [أَوْ بِصَدَاقٍ بَعْضُهُ أُجِّلَ] إلَخْ: أَيْ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ حَالٌّ أَوْ أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ كَالْحَنَفِيِّ، وَإِلَّا كَانَ صَحِيحًا لِأَنَّ تَأْجِيلَهُ عِنْدَهُ بِالْمَوْتِ أَوْ الْفِرَاقِ مَعْمُولٌ بِهِ.
قَوْلُهُ: [بِصَدَاقِ الْمِثْلِ] : صَوَابُهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسَمَّى الْحَلَالِ وَصَدَقَ الْمِثْلُ.
قَوْلُهُ: [مَتَى شِئْت] : بِكَسْرِ التَّاءِ لَا بِضَمِّهَا فَلَا يَجُوزُ.
قَوْلُهُ: [فَالْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ] : أَيْ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ.
قَوْلُهُ: [فَيُحْمَلُ عَلَى الْحُلُولِ] إلَخْ: نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ.