الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ كَانَ مَرْجُوَّ الْقُدُومِ كَالتُّجَّارِ فَلَا يُزَوِّجُهَا حَاكِمٌ وَلَا غَيْرُهُ (كَغَيْبَةِ) الْوَلِيِّ (الْأَقْرَبِ) غَيْرِ الْمُجْبِرِ (الثَّلَاثَ) فَفَوْقَ، فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ دُونَ الْأَبْعَدِ الْحَاضِرِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ الثَّلَاثِ كَتَبَ لَهُ؛ إمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ، وَإِلَّا زَوَّجَ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ، فَإِنْ زَوَّجَ الْأَبْعَدُ صَحَّ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُجْبَرَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ غَابَ) الْمُجْبِرُ غَيْبَةً قَرِيبَةً (كَعَشْرٍ) أَوْ عِشْرِينَ يَوْمًا مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَسُلُوكِهَا (لَمْ يُزَوِّجْ) الْمُجْبَرَةَ (حَاكِمٌ أَوْ غَيْرُهُ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ، لِإِمْكَانِ إيصَالِ الْخَبَرِ إلَيْهِ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ (وَفُسِخَ) أَبَدًا إنْ وَقَعَ. (إلَّا إذَا خِيفَتْ الطَّرِيقُ) بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ سُلُوكُهَا لِعَدَمِ الْأَمْنِ (وَخِيفَ عَلَيْهَا) ضَيَاعٌ أَوْ فَسَادٌ (فَكَالْبَعِيدَةِ) ، يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِ وَإِلَّا فُسِخَ.
[إِذْن الْبِكْر وَالثَّيِّب وَالِافْتِيَات عَلَيْهِمَا]
(وَإِذْنُ الْبِكْرِ) الْغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ (صَمْتُهَا) أَيْ إنَّ صَمْتَهَا إذَا سُئِلَتْ: هَلْ تَرْضَيْنَ بِأَنْ نُزَوِّجُك مِنْ فُلَانٍ عَلَى مَهْرٍ قَدْرُهُ كَذَا، عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى الْعَقْدَ فُلَانٌ؟ رِضًا مِنْهَا وَإِذْنٌ فِي ذَلِكَ فَلَا تُكَلَّفُ النُّطْقَ بِذَلِكَ. (وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ) أَيْ بِأَنَّ سُكُوتَهَا رِضًا وَإِذْنٌ مِنْهَا، (فَلَا تُزَوَّجُ إنْ مَنَعَتْ) بِأَنْ قَالَتْ: لَا أَتَزَوَّجُ أَوْ لَا أَرْضَى أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، (أَوْ نَفَرَتْ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [كَغَيْبَةِ الْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ غَيْرُ الْمُجْبِرِ إذَا غَابَ غَيْبَةً مَسَافَتُهَا مِنْ بَلَدِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَنَحْوُهَا، وَأَرَادَتْ التَّزْوِيجَ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُهَا لَا الْأَبْعَدَ، وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَحَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا تُكَلَّفُ النُّطْقَ بِذَلِكَ] : أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الرِّضَا بِالزَّوْجِ وَالْمَهْرِ وَالْوَلِيِّ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً. قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ] : فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِذَلِكَ وَادَّعَتْ الْجَهْلَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا، وَتَمَّ النِّكَاحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَقَالَ الْأَقَلُّ تُقْبَلُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ إعْلَامِهَا بِهِ، وَقَالَ حَمْدِيسٌ: إنْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ قُبِلَتْ دَعْوَاهَا الْجَهْلَ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا، فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ. قَوْلُهُ:[فَلَا تُزَوَّجُ إنْ مَنَعَتْ] إلَخْ: فَإِنْ زُوِّجَتْ فُسِخَ نِكَاحُهَا أَبَدًا وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالطُّولِ، وَلَوْ أَجَازَتْهُ وَهِيَ أَوْلَى مِنْ الْمُفْتَاتِ عَلَيْهَا.
لِأَنَّ النُّفُورَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا، (لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ) فَتَزْوِيجٌ لِأَنَّ بُكَاءَهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِفَقْدِ أَبِيهَا الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَهَا.
(وَالثَّيِّبُ) وَلَوْ سَفِيهَةً (تُعْرِبُ) عَمَّا فِي ضَمِيرِهَا مِنْ رِضًا أَوْ مَنْعٍ، وَلَا يَكْتَفِي مِنْهَا بِالصَّمْتِ.
وَيُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ أَبْكَارٌ سِتَّةٌ لَا يَكْتَفِي مِنْهُنَّ بِالصَّمْتِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ بِالْقَوْلِ كَالثَّيِّبِ أَشَارَ لَهُنَّ مُشَبِّهًا لَهُنَّ بِالثَّيِّبِ فَقَالَ:(كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ) : أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا بِأَنْ أَطْلَقَ الْحَجْرَ عَنْهَا فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَهِيَ بَالِغٌ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا جَبْرَ لِأَبِيهَا عَلَيْهَا، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا. (أَوْ) بِكْرٍ (عُضِلَتْ) : أَيْ مُنِعَتْ أَيْ مَنَعَهَا وَلِيُّهَا مِنْ النِّكَاحِ، فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا أَمَرَهَا لِلْحَاكِمِ فَزَوَّجَهَا الْحَاكِمُ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ. فَإِنْ أَمَرَ أَبَاهَا بِالْعَقْدِ، فَأَجَابَ وَزَوَّجَهَا لَمْ يَحْتَجَّ لِإِذْنٍ لِأَنَّهُ مُجْبِرٌ.
(أَوْ) بِكْرٍ مُهْمَلَةٍ لَا أَبَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ (زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ) وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوِّجُونَ بِالْعُرُوضِ، أَوْ يُزَوِّجُونَ بِعَرْضٍ مَعْلُومٍ فَزَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِغَيْرِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِأَنْ تَقُولَ: رَضِيت بِهِ، وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ] إلَخْ: أَيْ مَا لَمْ تَقُمْ الْقَرَائِنُ عَلَى أَنَّ ضَحِكَهَا اسْتِهْزَاءٌ أَوْ بُكَاهَا امْتِنَاعٌ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ رِضًا.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَكْتَفِي مِنْهَا بِالصَّمْتِ] : ظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَكْفِي صَمْتُ الثَّيِّبِ فِي الْإِذْنِ لِلْوَلِيِّ حَضَرَتْ أَوْ غَابَتْ، فَهِيَ كَالْبِكْرِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ، فَفِي الْبِكْرِ يَكْفِي الصَّمْتُ، وَالثَّيِّبِ لَا بُدَّ مِنْ النُّطْقِ.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ بَالِغٌ] : أَيْ لِأَنَّ الرُّشْدَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: [زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلَّ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضَهُ.
قَوْلُهُ: [بِأَنْ تَقُولَ رَضِيت بِهِ] : أَيْ بِذَلِكَ الْمَهْرِ الْعَرْضِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ فَيَكْفِي فِي الرِّضَا بِهِ صَمْتُهَا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
(أَوْ) بِكْرٍ وَلَوْ مُجْبَرَةٍ زُوِّجَتْ (بِرِقٍّ) : أَيْ رَقِيقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ، لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْحُرَّةِ. (أَوْ) زُوِّجَتْ (لِذِي عَيْبٍ) كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ وَخِصَاءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بِأَنْ تَقُولَ: رَضِيت بِهِ مَثَلًا. (أَوْ) بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ (اُفْتِيتَ عَلَيْهَا)، الِافْتِيَاتُ: التَّعَدِّي، أَيْ تَعَدَّى عَلَيْهَا وَلِيُّهَا غَيْرُ الْمُجْبِرِ، فَعَقَدَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ أَنْهَى إلَيْهَا الْخَبَرَ، فَرَضِيَتْ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ، فَهَذِهِ سِتَّةُ أَبْكَارٍ. وَأَمَّا الْيَتِيمَةُ الَّتِي بَلَغَتْ عَشْرًا وَخِيفَ عَلَيْهَا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكْفِي صَمْتُهَا.
ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الِافْتِيَاتَ مُطْلَقًا يَصِحُّ إنْ وَقَعَ بِشُرُوطٍ بِقَوْلِهِ: (وَصَحَّ الِافْتِيَاتُ) عَلَى الْمَرْأَةِ مُطْلَقًا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، بَلْ (وَلَوْ عَلَى الزَّوْجِ) بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ أَفَادَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ:
(إنْ قَرُبَ الرِّضَا) مِنْ الْعَقْدِ كَأَنْ يَكُونَ بِالْمَسْجِدِ مَثَلًا، وَيُنْهِي إلَيْهَا الْخَبَرَ مِنْ وَقْتِهِ. وَالْيَوْمُ بُعْدٌ لَا يَصِحُّ مَعَهُ الرِّضَا، وَقِيلَ الْيَوْمَانِ قُرْبٌ وَقِيلَ الْبُعْدُ مَا فَوْقَ الثَّلَاثَةِ. وَالثَّانِي بِقَوْلِهِ: وَكَانَ الرِّضَا (بِالْقَوْلِ) فَلَا يَكْفِي الصَّمْتُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبِكْرِ، وَكَذَا غَيْرُهَا بِالْأَوْلَى. وَالثَّالِثُ بِقَوْلِهِ:(بِلَا رَدٍّ) لِلنِّكَاحِ (قَبْلَهُ) : أَيْ قَبْلَ الرِّضَا مِمَّنْ اُفْتِيتَ عَلَيْهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَدَّ مَنْ اُفْتِيتَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ رِضًا بَعْدَ ذَلِكَ. وَالرَّابِعُ بِقَوْلِهِ:(وَبِالْبَلَدِ) : أَيْ وَأَنْ يَكُونَ مَنْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا بِالْبَلَدِ حَالَ الِافْتِيَاتِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [زُوِّجَتْ بِرِقٍّ] : أَيْ أَرَادَ وَلِيُّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا لِرَقِيقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِهِ بِالْقَوْلِ، وَلَوْ كَانَ عَبْدَ أَبِيهَا وَالْمُزَوِّجَ لَهَا أَبُوهَا لِمَا فِي تَزْوِيجِهَا بِهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعَرَّةِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِكُفْءٍ لِلْحُرَّةِ] : ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَبْيَضَ.
قَوْلُهُ: [فَعَقَدَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا] : أَيْ وَلَوْ رَضِيَتْ بِهِ وَقْتَ الْخِطْبَةِ فَلَا بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ اسْتِئْذَانِهَا فِي الْعَقْدِ، لِأَنَّ الْخِطْبَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَلَا تُغْنِي عَنْ اسْتِئْذَانِهَا فِي الْعَقْدِ وَتَعْيِينِ الصَّدَاقِ.
قَوْلُهُ: [وَبِالْبَلَدِ] : أَيْ وَلَوْ بَعُدَ طَرَفَاهُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ وَاحِدًا نَزَلَ بُعْدُ