الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْضُرَ، وَإِمَّا أَنْ يُعْلِمَنَا بِبَيِّنَةٍ بِمَا أَرَادَ. (وَإِلَّا) يَكُنْ حَاضِرًا وَلَا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ (انْتَقَلَ) التَّفْوِيضُ (لَهَا) ، وَجَرَى فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ.
(وَعَلَيْهِ) : أَيْ الْمُفَوَّضُ لَهُ (النَّظَرُ) فِي أَمْرِ الزَّوْجَةِ فَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ وَإِلَّا نَظَرَ الْحَاكِمُ (وَصَارَ كَهِيَ) : أَيْ كَالزَّوْجَةِ فِي التَّخْيِيرِ وَالتَّمْلِيكِ وَالتَّوْكِيلِ، فَيَجْرِي فِيهِ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِيهَا مِنْ حَيْلُولَةٍ وَإِيقَافٍ وَمُنَاكَرَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
[تفويض الزَّوْج فِي الطَّلَاق لأكثر مِنْ وَاحِد]
(وَإِنْ فَوَّضَ) الزَّوْجُ (لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ) كَأَنْ يُفَوِّضُ طَلَاقَهَا لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (لَمْ تُطْلَقْ) عَلَيْهِ (إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا) : أَيْ الِاثْنَيْنِ الدَّاخِلَيْنِ تَحْتَ قَوْلِهِ لِأَكْثَرَ، أَيْ: أَوْ بِاجْتِمَاعِهِمْ إنْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ الْوَاحِدِ، كَالْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ. فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي وَطْئِهَا زَالَ مَا بِيَدِهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ غَابَ فَلَيْسَ لِلْآخَرِ كَلَامٌ لِانْعِدَامِ الْمَجْمُوعِ بِانْعِدَامِ بَعْضِ أَجْزَائِهِ.
(إلَّا أَنْ يَقُولَ) لَهُمَا - مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ: (جَعَلْتُ لِكُلٍّ مِنْكُمَا)، أَوْ: فَوَّضْتُ لِكُلٍّ مِنْكُمَا (طَلَاقَهَا) ، فَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ.
وَلَوْ قَالَ: أَعْلِمَاهَا بِأَنِّي طَلَّقْتُهَا، فَالطَّلَاقُ لَازِمٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا، وَيُسَمَّى
ــ
[حاشية الصاوي]
لَا ظُلْمَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ، وَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَبَعِيدِهَا، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَأَجْرَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْغَيْبَةَ بَعْدَ التَّفْوِيضِ عَلَى الْغَيْبَةِ قَبْلَهُ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ قُرْبِ الْغَيْبَةِ وَبُعْدِهَا، وَاخْتَارَهُ فِي التَّوْضِيحِ، فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْحِ إجْمَالٌ.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا يَكُنْ حَاضِرًا وَلَا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ] : أَيْ بِأَنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ قَوْلُهُ: [انْتَقَلَ التَّفْوِيضُ لَهَا] : أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ، وَقِيلَ: يَنْتَقِلُ مَا جَعَلَ لَهُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ مَعًا.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ فَوَّضَ الزَّوْجُ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ] : ظَاهِرُهُ كَانَ التَّفْوِيضُ تَخْيِيرًا أَوْ تَمْلِيكًا أَوْ تَوْكِيلًا.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا] إلَخْ: مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِمْ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا.
قَوْلُهُ: [مُجْتَمِعَيْنِ أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ] : إمَّا صِيغَةُ تَثْنِيَةٍ أَوْ جَمْعٍ.
رِسَالَةً فِي عُرْفِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقَاهَا احْتَمَلَ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ وَالتَّوْكِيلَ، فَعَلَى الرِّسَالَةِ: يَلْزَمُ إنْ لَمْ يُبْلِغَاهَا، وَعَلَى التَّمْلِيكِ: لَا يَلْزَمُ وَلَا يَقَعُ إلَّا بِهِمَا، وَعَلَى التَّوْكِيلِ: يَلْزَمُ بِتَبْلِيغِ أَحَدِهِمَا وَلَهُ عَزْلُهُ؛ وَهِيَ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ، الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، أَيْ أَنَّهُ رِسَالَةٌ فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ، وَقَوْلُنَا:" إلَّا أَنْ يَقُولَ " إلَخْ لَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّيْخِ: " إلَّا أَنْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ "، لِأَنَّ مُرَادَهُ بِالرَّسُولَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ: أَعْلِمَاهَا بِطَلَاقِهَا أَوْ قَالَ: طَلِّقَاهَا، وَالْأَوَّلُ يَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ - وَإِنْ لَمْ يُعْلِمَاهَا اتِّفَاقًا - وَالثَّانِي يَلْزَمُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ مُنْقَطِعٌ إذْ لَمْ تَدْخُلْ صُورَةٌ مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فِي التَّمْلِيكِ قَبْلَهُ، وَتَسْمِيَتُهُمَا رِسَالَةً اصْطِلَاحٌ. فَالْمَعْنَى عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ مَنْ مَلَّكَ رَجُلَيْنِ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْقَضَاءُ بِهِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا، إلَّا أَنْ يَقُولَ: أَعْلِمَاهَا أَوْ أَخْبِرَاهَا بِطَلَاقِهَا، فَيَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَهُمَا ذَلِكَ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إخْبَارِهَا، أَوْ يَقُولُ: طَلِّقَاهَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ، فَكَذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ: مَحْمَلُهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ عَلَى
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي عُرْفِهِمْ] : بَلْ وَفِي الْعُرْفِ الْعَامِّ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الرَّسُولِ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالْإِعْلَامِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ قَالَ طَلِّقَاهَا] : أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَا نِيَّةَ لَهُ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَعَلَى التَّوْكِيلِ يَلْزَمُ بِتَبْلِيغِ أَحَدِهِمَا] : أَيْ احْتِيَاطًا لِعَدَمِ النِّيَّةِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَهِيَ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ] : الْأَوَّلُ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى، وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الصَّحِيحُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي الْفُرُوجِ.
قَوْلُهُ: [وَالثَّانِي يَلْزَمُ] إلَخْ: أَيْ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
قَوْلُهُ: [إذَا لَمْ تَدْخُلْ صُورَةٌ] إلَخْ: أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ وَهِيَ طَلِّقَاهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: [وَتَسْمِيَتُهَا رِسَالَةً اصْطِلَاحٌ] : أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى فَالِاصْطِلَاحُ فِيهَا مُوَافِقٌ لِلُّغَةِ وَالْعُرْفِ الْعَامِّ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لِلْفُقَهَاءِ فَقَطْ.
التَّوْكِيلِ بِمَعْنَى أَنْ يَتَوَقَّفَ عَلَى تَبْلِيغِهَا وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَهُ مَنْعُهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ: مَحْمَلُهُ التَّمْلِيكُ فَلَا يَقَعُ إلَّا بِهِمَا مَعًا، فَإِنْ نَوَى بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا عُمِلَ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ] إلَخْ: أَيْ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّوْكِيلِ الَّذِي جُعِلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالُ بِهِ احْتِيَاطًا فِي الْفُرُوجِ، وَتَوَسُّطًا بَيْنَ الرِّسَالَةِ وَالتَّمْلِيكِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ نَوَى بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا] : أَيْ الرِّسَالَةَ وَالتَّمْلِيكَ أَوْ التَّوْكِيلَ، وَقَوْلُهُ عُمِلَ بِهِ أَيْ عُمِلَ عَلَى مُقْتَضَاهُ.