الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(طُلِّقَ عَلَيْهِ) إذَا لَمْ تَرْضَ بِالْمَقَامِ مِنْهُ وَانْتِظَارِهِ.
(وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (نِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ فِي ذِمَّتِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ إذْ لَا طَلَاقَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِعُسْرِ صَدَاقٍ، (بِخِلَافِ الْعَيْبِ) بِهَا أَوْ بِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ أُخِذَ مِنْهُ كَالْمُعَيَّنِ، فَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعُسْرِهِ حَالَ دَعْوَاهُ الْعُسْرَ تُلُوِّمَ لَهُ بِالنَّظَرِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ حُبِسَ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ.
وَلَمَّا كَانَ لِلصَّدَاقِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؛ يَسْقُطُ تَارَةً كَمَا فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَكَمَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ إذَا طَلَّقَ أَوْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَيَتَشَطَّرُ تَارَةً وَسَيَأْتِي، وَيَتَكَمَّلُ تَارَةً وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ:
(وَتَكَمَّلَ) الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى أَوْ صَدَاقُ الْمِثْلِ (بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ) كَمَا لَوْ وَطِئَهَا فِي زَمَنِ حَيْضٍ أَوْ اعْتِكَافٍ أَوْ إحْرَامٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي ذِمَّتِهِ] : أَيْ فَيُتَّبَعُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ لِتَقَرُّرِهِ فِي ذِمَّتِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْعَيْبِ] : أَيْ إذَا رَدَّ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِعَيْبٍ مِنْ الْعُيُوبِ الْآتِيَةِ فِي الْخِيَارِ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [حُبِسَ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ] : أَيْ حَيْثُ لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ وَلَوْ بِالْوَجْهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْمِدْيَانِ أَنَّهُ يُحْبَسُ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلِ بِالْوَجْهِ، وَيَخْرُجُ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ حَبْسُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّخْصِ فَيَجْرِي مِثْلُهُ هُنَا كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ.
[أحوال سُقُوط الصَّدَاق وَتَشْطِيره وَتَكْمِيله]
قَوْلُهُ (وَتَكَمَّلَ الصَّدَاقُ) إلَخْ: إنَّمَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَتَكَمَّلَ وَلَمْ يَقُلْ وَتَقَرَّرَ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ اقْتِصَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ، وَقَوْلُهُ: بِوَطْءٍ أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ وَالْمُعْتَرَضِ. وَقَوْلُهُ: {أَوْ إحْرَامٍ} : وَمِثْلُهُ الْوَطْءُ فِي الدُّبُرِ وَلَوْ بَقِيَتْ بَكَارَتُهَا حِينَئِذٍ فَلَوْ أَزَالَ الْبَكَارَةَ بِأُصْبُعِهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ مَعَ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَبَعْدَهُ لَهَا الصَّدَاقُ فَقَطْ وَيَنْدَرِجُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فِي الصَّدَاقِ كَذَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِافْتِضَائِهِ إيَّاهَا
(وَ) بِسَبَبِ (إقَامَةِ سَنَةٍ) بِبَيْتِ الزَّوْجِ وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا وَلَا تَلَذَّذَ بِهَا (إنْ بَلَغَ وَأَطَاقَتْ) الْوَطْءَ، وَإِلَّا فَلَا؛ تَنْزِيلًا لِإِقَامَتِهَا السَّنَةَ عِنْدَهُ بِشَرْطِهَا مَنْزِلَةَ الْوَطْءِ.
(وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) : أَيْ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ الدُّخُولِ (إنْ سَمَّى) صَدَاقًا بِخِلَافِ التَّفْوِيضِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
(وَ) لَوْ تَنَازَعَا فِي الْوَطْءِ - فَادَّعَى عَدَمَهُ وَخَالَفَتْهُ - (صُدِّقَتْ) بِيَمِينٍ (فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ) ، لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يَخْلُوَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ الْوَطْءِ، (وَإِنْ) كَانَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِأُصْبُعِهِ كُلُّ الْمَهْرِ وَفِي {ح} نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ إذَا افْتَضَّ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ فَمَاتَتْ، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ: إنْ عُلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَهُوَ كَالْخَطَأِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً، وَعَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَدَبُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَلَغَتْ حَدَّ ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا دِيَةَ عَلَيْهِ فِي الْكَبِيرَةِ وَدِيَةُ الصَّغِيرَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيُؤَدَّبُ فِي الَّتِي لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [وَبِسَبَبِ إقَامَةِ سَنَةٍ] : ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا، وَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِ الْأُجْهُورِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْعَبْدِ إقَامَةُ نِصْفِ سَنَةٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ إذَا لَيْسَ لِهَذَا شَبَهٌ بِالْحُدُودِ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: [وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا] إلَخْ: ظَاهِرُهُ كَانَ الْمَوْتُ مُتَيَقَّنًا أَوْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ الْجِيزِيُّ فِي وَثَائِقِهِ عَنْ مَالِكٍ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَفِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ إذَا لَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ، وَكَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَشَمَلَ قَوْلُهُ مَوْتُ أَحَدِهِمَا مَنْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا كُرْهًا فِي زَوْجِهَا أَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ فَلَا يَسْقُطُ الصَّدَاقُ عَنْ زَوْجِهَا، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا هَلْ تُعَامَلُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهَا، وَلَا يَتَكَمَّلُ صَدَاقُهَا أَوْ يَتَكَمَّلُ، وَاسْتَظْهَرَ فِي الْحَاشِيَةِ أَنْ لَا يَتَكَمَّلَ لَهَا لِاتِّهَامِهَا، وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِقَتْلِ النِّسَاءِ أَزْوَاجَهُنَّ.
قَوْلُهُ: [فَلَا شَيْءَ فِيهِ بِالْمَوْتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ] : أَيْ قَبْلَ الْفَرْضِ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ وَاحِدٌ بَعْدَ الْفَرْضِ فَهُوَ كَنِكَاحِ التَّسْمِيَةِ.
قَوْلُهُ: [فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ] : مِنْ الْهُدُوءِ وَالسُّكُونِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ
مُتَلَبِّسَةً (بِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ، (أَوْ) كَانَتْ (صَغِيرَةً أَوْ أَمَةً) فَأَوْلَى الْكَبِيرَةُ وَالْحُرَّةُ. فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ الزَّوْجُ لِرَدِّ دَعْوَاهَا وَلَزِمَهُ النِّصْفُ إنْ طَلَّقَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ. فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا يَمِينٌ وَحَلَفَ هُوَ وَغَرِمَ النِّصْفَ، فَإِذَا بَلَغَتْ حَلَفَتْ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهَا وَأَخَذَتْ النِّصْفَ الْبَاقِيَ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ. وَتَثْبُتُ الْخَلْوَةُ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا.
(وَ) إنْ زَارَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَتَنَازَعَا فِي الْوَطْءِ صُدِّقَ (الزَّائِرُ مِنْهُمَا) بِيَمِينٍ، فَإِنْ زَارَتْهُ صُدِّقَتْ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ، وَإِنْ زَارَهَا صُدِّقَ فِي نَفْيِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا الْوَطْءَ، لِأَنَّ لَهُ جَرَاءَةً عَلَيْهَا فِي بَيْتِهِ دُونَ بَيْتِهَا؛ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الزَّائِرَ يُصَدَّقُ مُطْلَقًا فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، بَلْ الْمُرَادُ مَا عَلِمْت، فَإِنْ كَانَا مَعًا زَائِرَيْنِ صُدِّقَ فِي نَفْيِهِ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
سَكَنَ لِلْآخَرِ وَاطْمَأَنَّ إلَيْهِ، وَخَلْوَةُ الِاهْتِدَاءِ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ عِنْدَهُمْ بِإِرْخَاءِ السُّتُورِ، كَانَ هُنَاكَ إرْخَاءُ سُتُورٍ، أَوْ غَلْقُ بَابٍ أَوْ غَيْرُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اخْتَلَى بِزَوْجَتِهِ خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَنَازَعَا فِي الْمَسِيسِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: مَا أَصَبْتهَا، وَقَالَتْ هِيَ: بَلْ أَصَابَنِي: فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا، كَانَ الزَّوْجُ صَالِحًا أَوْ لَا، وَهَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْخَلْوَةِ أَوْ ثَبَتَتْ وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إنْ اخْتَلَفَا فِيهَا فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَنْكَرَهَا صُدِّقَ بِيَمِينٍ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ جَمِيعَ. الصَّدَاقِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْجَمِيعَ] : أَيْ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ وَنُكُولُهُ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ آخَرَ.
قَوْلُهُ: [وَحَلَفَ هُوَ غَرِمَ النِّصْفَ] : فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهَا إذَا بَلَغَتْ.
قَوْلُهُ: [حَلَفَ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهَا] : فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَرِثَ عَنْهَا وَحَلَفَ وَارِثُهَا مَا كَانَتْ تَحْلِفُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْخَرَشِيُّ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ كَانَا مَعًا زَائِرَيْنِ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَيَا فِي بَيْتٍ أَوْ فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا زَائِرًا فَتُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي دَعْوَاهَا الْوَطْءَ لِأَنَّ الرَّجُلَ يَنْشَطُ فِيهِ.