الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا تَحِلُّ الثَّانِيَةُ (كَصَدَقَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ فَلَا تَحِلُّ بِهَا الثَّانِيَةُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ تُحَزْ الصَّدَقَةُ لِلصَّغِيرِ أَوْ لَمْ يَحُزْهَا الْكَبِيرُ. وَأَمَّا إنْ حِيزَتْ فَقَالَ الشَّيْخُ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: بِخِلَافِ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ إنْ حِيزَتْ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَهُ انْتِزَاعُهَا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ انْتَهَى، فَإِطْلَاقُنَا فِي الْمَتْنِ تَبَعًا لِمَا لِابْنِ فَرْحُونٍ. (وَإِنْ تَلَذَّذَ بِهِمَا) بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ (وُقِفَ) عَنْهُمَا مَعًا وُجُوبًا (لِيُحَرِّمَ) وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ:(فَإِنْ أَبْقَى) لِنَفْسِهِ (الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا) بِحَيْضَةٍ مِنْ مَائِهِ الْفَاسِدِ قَبْلَ الْإِيقَافِ، وَإِنْ أَبْقَى الْأُولَى فَلَا اسْتِبْرَاءَ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِيَةِ أَوْ زَمَنِ الْإِيقَافِ.
(وَإِنْ عَقَدَ) عَلَى امْرَأَةٍ (أَوْ تَلَذَّذَ) بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ (بِمِلْكٍ) : أَيْ بِسَبَبِ مِلْكِهِ لَهَا (فَاشْتَرَى مَنْ) يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ، أَوْ التَّلَذُّذِ بِالْمِلْكِ بِالْأُولَى، (فَالْأُولَى) الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا هِيَ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ دُونَ الْمُشْتَرَاةِ، فَإِنْ قَرَبَ الْمُشْتَرَاةَ وُقِفَ لِيُحَرِّمَ.
(وَ) حَرُمَتْ (الْمَبْتُوتَةُ) وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا فِي مَرَّاتٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَهُ انْتِزَاعُهَا بِالْبَيْعِ] : لَا يُقَالُ إنَّ شِرَاءَ الْوَلِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ لَا يَجُوزُ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نَزْعُهَا بِالْبَيْعِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ شِرَاءُ مَالِ الْمَحْجُورِ الَّذِي لَمْ يَهَبْهُ لَهُ، وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ فَيُكْرَهُ لَهُ شِرَاؤُهُ وَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مَنْعَ تَحْرِيمٍ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ. تَنْبِيهٌ:
مِمَّا يَحِلُّ كَالْأُخْتِ إخْدَامُ الْمَوْطُوءَةِ سِنِينَ كَثِيرَةً أَرْبَعَةً فَأَكْثَرَ، وَمِثْلُ الْكَثِيرَةِ حَيَاةُ الْمُخْدِمِ، وَإِنَّمَا حَلَّ وَطْءُ كَأُخْتِهَا بِالْإِخْدَامِ لِأَنَّ مَنْ أَخْدَمَ أَمَةً حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا قَلَّ زَمَنُ الْخِدْمَةِ أَوْ كَثُرَ، إلَّا أَنَّهُ لَا تَحِلُّ كَالْأُخْتِ إلَّا إذَا كَثُرَ زَمَنُ الْخِدْمَةِ لَا إنْ قَلَّ فَلَا يُوجِبُ حِلَّ كَأُخْتِهَا، لِأَنَّهُ كَالْإِحْرَامِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَبْقَى لِنَفْسِهِ الثَّانِيَةَ اسْتَبْرَأَهَا] : أَيْ لِفَسَادِ مَائِهِ الْحَاصِلِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَإِنْ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ قَرَبَ الْمُشْتَرَاةَ] إلَخْ: أَيْ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ وَطْءِ كَالْأُخْتَيْنِ.
[تَنْبِيه دعوى الْمَبْتُوتَة الطَّارِئَة مِنْ بَلَد بعيد]
قَوْلُهُ: [وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلِهَا فَأَحْنَثَتْهُ قَصْدًا
أَوْ مَرَّةٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا. أَنْتِ طَالِقٌ بِالثَّلَاثِ، أَوْ نَوَى الثَّلَاثَ، أَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ - أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ، أَوْ اثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ (حَتَّى تَنْكِحَ) زَوْجًا (غَيْرَهُ) لَا بِوَطْءِ مَالِكِهَا بَعْدَ بَتِّهَا. (نِكَاحًا صَحِيحًا) لَا بِفَاسِدٍ كَمَا يَأْتِي. (لَازِمًا) لِلزَّوْجَيْنِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِجَازَةِ مِنْ سَيِّدٍ أَوْ وَلِيٍّ لَا غَيْرَ لَازِمٍ، كَنِكَاحٍ مَحْجُورٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ وَلِيِّهِ إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الْإِذْنِ، وَكَنِكَاحِ ذِي عَيْبٍ إلَّا بِوَطْءٍ بَعْدَ الرِّضَا. (وَيُولِجُ) الزَّوْجُ: أَيْ يُدْخِلُ، فَلَا تَحِلُّ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا بِالتَّلَذُّذِ بَعْدَهُ بِدُونِ
ــ
[حاشية الصاوي]
أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي الْأَوَّلِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِي. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَدَخَلَتْهَا قَاصِدَةً حِنْثَهُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ مُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ مَقْصُودِهَا، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ: وَهَذَا الْقَوْلُ شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِثْلَهُ، وَقَوْلُنَا أَوْ فِي نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ وَهُوَ فَاسِدٌ عِنْدَنَا أَيْ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَالشِّغَارِ، وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَنْكِحَةَ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا، وَمَذْهَبُنَا فَسَادُهَا فَإِذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ ثَلَاثًا حَرُمَتْ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ نَظَرًا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ عَلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ، وَلَا يَتَزَوَّجُهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ فَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ لَمْ يُفْسَخْ نِكَاحُهُ نَظَرًا لِمَذْهَبِهِ مِنْ فَسَادِ النِّكَاحِ وَعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ، فَيَكُونُ، هَذَا النِّكَاحُ الثَّانِي صَحِيحًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ مَرَّةً] : خِلَافًا لِمَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَوْ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ مَرَّةً وَاحِدَةً يَكُونُ رَجْعِيًّا وَيَنْسِبُهُ لِأَشْهَبَ قَالَ أَشْيَاخُنَا هِيَ نِسْبَةٌ بَاطِلَةٌ وَأَشْهَبُ بَرِيءٌ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: [بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ] : أَيْ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً، وَقَوْلُهُ، أَوْ اثْنَتَيْنِ لِلْعَبْدِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ حُرَّةً. -
وَطْءٍ حَالَ كَوْنِهِ (بَالِغًا) لَا صَبِيًّا (حَشَفَتَهُ) كُلَّهَا بَعْدِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلُزُومِهِ (بِانْتِشَارٍ) أَيْ مَعَ انْتِصَابِ ذَكَرِهِ لَا بِدُونِهِ (فِي الْقُبُلِ)، وَلَوْ بَعْدَ الْإِيلَاجِ لَا الدُّبُرِ وَلَا الْفَخِذَيْنِ وَلَا خَارِجَهُ بَيْنَ الشَّفْرَيْنِ. (بِلَا مَانِعٍ) شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ. (وَلَا نَكِرَةَ فِيهِ) : أَيْ فِي الْإِيلَاجِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ أَقَرَّا بِهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا إقْرَارٌ وَلَا إنْكَارٌ، فَإِنْ أَنْكَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ تَحِلَّ. (مَعَ عِلْمِ خَلْوَةٍ) بَيْنَهُمَا (وَلَوْ بِامْرَأَتَيْنِ) لَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ تَصَادُقِهِمَا عَلَيْهَا، (وَ) مَعَ عِلْمِ (زَوْجَةٍ فَقَطْ) بِالْوَطْءِ احْتِرَازًا مِنْ النَّائِمَةِ وَالْمُغْمَى
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [حَالَ كَوْنِهَا بَالِغًا] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا عَبْدٌ وَلَوْ مِلْكًا لِلزَّوْجِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَكَانَ بَالِغًا وَأَوْلَجَ فِيهَا حَشَفَتَهُ فَقَدْ حَلَّتْ، فَلَوْ كَانَ مِلْكًا لِلزَّوْجِ وَوَهَبَهُ لَهَا بَعْدَ الْإِيلَاجِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَكَانَ لِمُطَلَّقِهَا الْعَقْدُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: [لَا صَبِيًّا] إلَخْ: وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَكْفِي، وَمِنْ هُنَا الْمُلَفَّقَةُ وَاحْتِيَاجُهَا لِقَاضِيَيْنِ بِعَقْدِ الشَّافِعِيِّ، وَيُطَلِّقُ مَالِكِيٌّ الْمُصْلِحَةَ لِرَفْعِ الْخِلَافِ وَإِلَّا فَالتَّلْفِيقُ كَافٍ بِدُونِهِمَا، لَكِنَّهَا لَا تُنَاسِبُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْفُرُوجِ كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَسَمِعْت مِنْ أَشْيَاخِنَا قَدِيمًا التَّشْنِيعُ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهَا.
قَوْلُهُ: [وَصَوْمٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: الْوَطْءُ فِي الْحَيْضِ وَالْإِحْرَامِ وَالصِّيَامِ يُحِلُّهَا، وَقِيلَ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيمَا عَدَاهُمَا كَصِيَامِ التَّطَوُّعِ وَالْقَضَاءِ وَالنَّذْرِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ يُحِلُّهَا اتِّفَاقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ نَقَلَهُ الْبُنَانِيّ، قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ: وَوَجْهُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّ الصِّيَامَ يَفْسُدُ بِمُجَرَّدِ الْمُلَاقَاةِ فَبَقِيَّةُ الْوَطْءِ لَا مَنْعَ فِيهِ، بِخِلَافِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّ لِلزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ حُرْمَةً (اهـ) .
قَوْلُهُ: [فَإِنْ أَنْكَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ طُولٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ تَصَادُقٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِنْكَارِ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِالْإِنْكَارِ كَمَا لَا عِبْرَةَ بِتَصَادُقِهِمَا بَعْدَ الْإِنْكَارِ.
عَلَيْهَا وَالْمَجْنُونَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ كَمَجْنُونٍ، (لَا) تَحِلُّ الْمَبْتُوتَةُ (بِفَاسِدٍ) أَيْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَتَحِلُّ (بِوَطْءٍ ثَانٍ) بَعْدَ الْأَوَّلِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ. وَمَثَّلَ لِلْفَاسِدِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالدُّخُولِ بِقَوْلِهِ:(كَمُحَلِّلٍ) : وَهُوَ مِنْ تَزَوَّجَهَا بِقَصْدِ تَحْلِيلِهَا لِغَيْرِهِ إذَا نَوَى مُفَارَقَتَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ، بَلْ (وَإِنْ نَوَى الْإِمْسَاكَ) : أَيْ إمْسَاكَهَا وَعَدَمَ فَرَاغِهَا عَلَى تَقْدِيرِ (إنْ أَعْجَبَتْهُ) ، فَلَا يَحِلُّهَا وَهُوَ نِكَاحٌ فَاسِدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَيُفْسَخُ أَبَدًا بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الزَّوْجِ] : أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: [فَتَحِلُّ بِوَطْءٍ ثَانٍ] : أَيْ وَفِي حِلِّهَا بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ الثُّبُوتُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ وَطْءٌ، وَعَدَمُ حِلِّهَا بِذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَطْءٍ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ هُنَا تَرَدَّدَ الْأَشْيَاخُ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُحِلُّهَا] : أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُ يُحِلُّهَا عِنْدَهُمْ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ اُشْتُرِطَ التَّحْلِيلُ عَلَيْهِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَقَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ لَا يَضُرُّ إلَّا الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، فَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا يَضُرُّ.
قَوْلُهُ: [وَيُفْسَخُ أَبَدًا] : أَيْ وَلَهَا الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ، وَقِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى وَجْهِ التَّحْلِيلِ أَثَّرَ خَلَلًا فِي الصَّدَاقِ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْقَوَاعِدِ كَمَا قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ.
قَوْلُهُ: [بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ] : اعْلَمْ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ لَكِنَّهُ أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَالْفَسْخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَهُ فَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَابْنِ عَرَفَةَ، قَالَ الْبَاجِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، هَلْ بِطَلَاقٍ أَمْ لَا؟ وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ كَذَا فِي (بْن) وَمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ. تَنْبِيهٌ:
تُقْبَلُ دَعْوَى الْمَبْتُوتَةِ الطَّارِئَةِ مِنْ بَلَدٍ بَعِيدٍ يَعْسُرُ عَلَيْهَا إثْبَاتُ دَعْوَاهَا التَّزَوُّجَ لِلْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهَا فِي الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ كَالْحَاضِرَةِ بِالْبَلَدِ الْمَأْمُونِ إنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَعْوَاهَا التَّزَوُّجَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ مَوْتُ الشُّهُودِ، وَانْدِرَاسِ الْعِلْمِ، وَفِي قَبُولِ قَوْلِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ مَعَ الْبُعْدِ قَوْلَانِ كَذَا فِي الْأَصْلِ.