الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ صِحَّةِ الْهَدْيِ بِقَوْلِهِ:
(صِحَّتُهُ) : أَيْ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ: (بِالْجَمْعِ) فِيهِ (بَيْنَ حِلٍّ وَحَرَمٍ) فَلَا يُجْزِئُ مَا اشْتَرَاهُ بِمِنًى أَيَّامَ النَّحْرِ وَذَبَحَهُ بِهَا، كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنْ الْعَوَامّ، بِخِلَافِ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ عَرَفَةَ لِأَنَّهَا مِنْ الْحِلِّ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ فِي الْحَرَمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْرُجَ بِهِ لِلْحِلِّ عَرَفَةَ أَوْ غَيْرَهَا سَوَاءٌ خَرَجَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ مُحْرِمًا أَمْ لَا، كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا أَوْ تَطَوُّعًا. (وَنَحَرَهُ نَهَارًا) بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، (وَلَوْ قَبْلَ) نَحْرِ (الْإِمَامِ وَ) قَبْلَ طُلُوعِ (الشَّمْسِ) فَلَا يُجْزِئُ مَا نَحَرَ لَيْلًا.
(وَ) الْمَسُوقُ (فِي الْعُمْرَةِ) كَانَ لِنَقْصٍ فِيهَا أَوْ فِي حَجٍّ أَوْ تَطَوُّعًا (بَعْدَ) تَمَامِ (سَعْيِهَا) فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ مَكَّةَ لِعَدَمِ الْوُقُوفِ بِهِ بِعَرَفَةَ، (ثُمَّ حَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ، فَإِنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى النَّحْرِ فَلَا ضَرَرَ.
(وَنُدِبَ) النَّحْرُ (بِالْمَرْوَةِ) . وَمَكَّةُ كُلُّهَا مَحَلٌّ لِلنَّحْرِ.
(وَسِنُّهُ وَعَيْبُهُ كَالْأُضْحِيَّةِ) الْآتِي بَيَانُهَا فَلَا يُجْزِئُ مِنْ الْغَنَمِ مَا لَا يُوَفِّي سَنَةً، وَلَا مَعِيبٌ كَأَعْوَرَ. (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي السِّنِّ وَالْعَيْبِ (وَقْتُ تَعْيِينِهِ) لِلْهَدْيِ بِالتَّقْلِيدِ فِيمَا يُقَلَّدُ، أَوْ التَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِ بِكَوْنِهِ هَدْيًا فِي غَيْرِهِ كَالْغَنَمِ، فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ مَعِيبٌ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ السِّنَّ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[شُرُوط صِحَّة الْهَدْي وَسُنَنه]
قَوْلُهُ: [فَلَا يُجْزِئُ مَا اشْتَرَاهُ بِمِنًى] : أَيْ بِخِلَافِ الْفِدْيَةِ فَتُجْزِئُ مَا لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شَرْطِهِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [عَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا] : لَكِنْ إنْ كَانَ غَيْرَ عَرَفَةَ فَلَا يَذْبَحُ إلَّا بِمَكَّةَ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُجْزِئُ مَا نَحَرَ لَيْلًا] : أَيْ بِخِلَافِ الْفِدْيَةِ إنْ لَمْ تُجْعَلْ هَدْيًا.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهُ] : أَيْ لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوا سَعْيَهَا مَنْزِلَةَ الْوُقُوفِ فِي هَدْيِ الْحَجِّ فِي أَنْ لَا يَنْحَرَ إلَّا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [فَلَا ضَرَرَ] : أَيْ لِأَنَّ تَقْدِيمَ النَّحْرِ عَلَى الْحَلْقِ مَنْدُوبٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ النَّحْرُ بِالْمَرْوَةِ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِيهَا: «هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ» أَيْ طُرُقِهَا " مَنْحَرٌ "، فَإِنْ نَحَرَ خَارِجًا عَنْ بُيُوتِهَا إلَّا أَنَّهُ مِنْ لَوَاحِقِهَا فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ مَعِيبٌ] : مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَ " الْمُعْتَبَرُ " إلَخْ.
وَلَوْ صَحَّ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ قَبْلَ نَحْرِهِ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِأَنَّ قَلَّدَهُ أَوْ عَيَّنَهُ سَلِيمًا ثُمَّ تَعَيَّبَ قَبْلَ ذَبْحِهِ فَيُجْزِئُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ تَطَوُّعٍ وَوَاجِبٍ.
(وَسُنَّ تَقْلِيدُ إبِلٍ وَبَقَرٍ) : أَيْ جَعْلُ قِلَادَةٍ أَيْ حَبْلٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ بِعُنُقِهَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهَا هَدْيٌ.
(وَ) سُنَّ (إشْعَارُ) : أَيْ شَقُّ (إبِلٍ بِسَنَامِهَا) أَيْ فِيهِ بِسِكِّينٍ (مِنْ) الشِّقِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ صَحَّ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ قَبْلَ نَحْرِهِ] : أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ هَدْيَ تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورًا مُعَيَّنًا فَيُجْزِئُ إنْ صَحَّ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ قَبْلَ ذَبْحِهِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ: ثُمَّ يَجِبُ إنْفَاذُ مَا قَلَّدَ مَعِيبًا لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ وَإِنْ لَمْ يُجْزِئْهُ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْعَكْسِ] : أَيْ فَمَحَلُّ إجْزَائِهِ إذَا كَانَ تَعَيُّبُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّيهِ وَلَا تَفْرِيطِهِ، فَإِنْ كَانَ بِتَعَدِّيهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ ضَمِنَ كَمَا فِي (ح) عَنْ الطِّرَازِ. وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَمْنَعْ التَّعْيِيبَ بُلُوغُ الْمَحَلِّ، فَلَوْ مَنَعَهُ كَعَطَبٍ أَوْ سَرِقَةٍ لَمْ يُجْزِئْهُ الْهَدْيُ الْوَاجِبُ، وَالنَّذْرُ الْمَضْمُونُ كَمَا يَأْتِي كَذَا فِي بْن نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ تَنْبِيهٌ:
أَرْشُ الْهَدْيِ الْمَرْجُوعُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ أَمْ لَا؟ الْمُطَّلَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ الْمُفِيتِينَ لِرَدِّهِ وَثَمَنِهِ الْمَرْجُوعِ بِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ يُجْعَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ ذَلِكَ ثَمَنَ هَدْيٍ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وُجُوبًا إنْ كَانَ هَدْيَ تَطَوُّعٍ أَوْ مَنْذُورًا بِعَيْنِهِ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُمَا لِعَدَمِ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِهِ، وَأَمَّا الْهَدْيُ الْوَاجِبُ الْأَصْلِيُّ أَوْ الْمَنْذُورُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِالْأَرْشِ وَالثَّمَنِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ هَدْيٍ، بَلْ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي هَدْيٍ آخَرَ إنْ كَانَ الْعَيْبُ يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ لِوُجُوبِ الْبَدَلِ عَلَيْهِ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْإِجْزَاءِ تَصَدَّقَ بِهِ إنْ لَمْ يَبْلُغْ هَدْيًا كَالتَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ شَقُّ إبِلٍ بِسَنَامِهَا] : هَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لَهَا سَنَامٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَا سَنَامَ لَهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُشَعَّرُ وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ الْإِبِلَ يُسَنُّ إشْعَارُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَنَامٌ، فَإِنْ كَانَ لَهَا سَنَامَانِ سُنَّ إشْعَارُهَا فِي وَاحِدٍ فَقَطْ. وَأَمَّا الْبَقَرُ فَتَقْلِيدٌ وَلَا تُشَعَّرُ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَتُشَعَّرُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ، وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ لَهَا أَنَّ الْبَقَرَ لَا تُشَعَّرُ مُطْلَقًا، وَتَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ. وَعَلَى الْقَوْلِ بِإِشْعَارِهَا حَيْثُ كَانَ لَهَا سَنَامٌ؛ هَلْ تُجَلَّلُ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ.