الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) لَوْ خَالَعَتْهُ بِمَالٍ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ (عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ بِمَجْهُولٍ) فَيَأْخُذُهُ مِنْهَا حَالًّا، وَالْخُلْعُ صَحِيحٌ. (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (رَدُّ) شَيْءٍ (رَدِيءٍ) وَجَدَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ لِيَأْخُذَ بَدَلَهُ مِنْهَا، سَوَاءٌ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا (إلَّا لِشَرْطٍ) بِأَنْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ عَدَمَ رَدِّ الرَّدِيءِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ. (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) مِنْ يَدِ الزَّوْجِ (مُقَوَّمٌ مُعَيَّنٌ) خَالَعَتْهُ بِهِ كَثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ (فَقِيمَتُهُ) يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهَا. (وَإِلَّا) بِأَنْ خَالَعَتْهُ بِمِثْلِيٍّ أَوْ مُقَوَّمٍ مَوْصُوفٍ كَثَوْبٍ صِفَتُهُ كَذَا فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، (فَمِثْلُهُ) يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا. (إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) الزَّوْجُ حِينَ الْخُلْعِ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ مَا خَالَعَتْهُ بِهِ وَخَالَعَهَا عَلَيْهِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
تَزِيدُ عَلَى مَا دَفَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ تُسَاوِي أَوْ تَنْقُصُ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَائِنًا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَارَنَهُ عِوَضٌ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ، وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ لَا رَجْعِيًّا كَمَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
[رد الرَّدِيء وَاسْتِحْقَاق الْمَال فِي الخلع]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ خَالَعَتْهُ بِمَالٍ] إلَخْ: أَيْ فَالْمَالُ مَعْلُومٌ قَدْرُهُ وَالْأَجَلُ مَجْهُولٌ كَمَا إذَا خَالَعَتْهُ عَلَى عَشْرَةٍ دَفَعَهَا لَهُ يَوْمَ قُدُومِ زَيْدٍ، وَكَانَ يَوْمَ قُدُومِهِ مَجْهُولًا، فَالْخُلْعُ لَازِمٌ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تُعَجِّلَ لَهُ الْعَشَرَةَ حَالًّا، وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى تَعْجِيلِ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَجْهُولِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذْ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، لِأَنَّ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ حَلَالٌ، وَكَوْنُهُ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ حَرَامٌ، فَيَبْطُلُ الْحَرَامُ وَيُعَجَّلُ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الزَّوْجُ] إلَخْ: حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانٍ وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَا مَعًا أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ، أَوْ جَهِلَا مَعًا، أَوْ عَلِمَتْ هِيَ دُونَهُ، أَوْ عَلِمَ هُوَ دُونَهَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا اسْتَحَقَّ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا، وَيَلْحَقُ بِهِ الْمِثْلِيُّ، فَإِنْ عَلِمَا مَعًا أَوْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَانَتْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا، وَإِنْ جَهِلَا مَعًا رَجَعَ بِالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ وَبِالْمِثْلِ فِي الْمَوْصُوفِ وَالْمِثْلِيِّ، وَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَلَا خُلْعَ، وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ بْن، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ.
(فَلَا شَيْءَ لَهُ) وَبَانَتْ.
(كَالْحَرَامِ) : فَإِنَّهُ يُرَدُّ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهَا بِشَيْءٍ حَرَامٍ (مِنْ كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ وَمَغْصُوبٍ وَمَسْرُوقٍ عَلِمَ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا وَبَانَتْ، (وَأُرِيقَ) الْخَمْرُ وَقُتِلَ الْخِنْزِيرُ وَيُرَدُّ الْمَغْصُوبُ أَوْ الْمَسْرُوقُ لِرَبِّهِ.
(وَكَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ) فِي نَطِرْ خُلْعِهَا، وَقَدْ حَلَّ أَجَلُهُ، فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَالِ سَلَفٌ وَقَدْ جَرَّ لَهَا نَفْعًا وَهُوَ خَلَاصُ عِصْمَتِهَا مِنْهُ، وَتَأْخُذُ مِنْهُ الدَّيْنَ حَالًّا.
(أَوْ تَعْجِيلِ مَا) أَيْ دَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ لِأَجَلٍ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهَا (قَبُولُهُ) قَبْلَ أَجَلِهِ، بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ فَيُرَدُّ التَّعْجِيلُ، وَيَبْقَى إلَى أَجَلِهِ وَبَانَتْ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ عَنْهُ عَلَى أَنْ زَادَهَا حَلَّ الْعِصْمَةِ. (أَوْ) خَالَعَهَا عَلَى (خُرُوجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ) الَّذِي طَلَّقَهَا فِيهِ فَيُرَدُّ بِرُجُوعِهَا لَهُ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأُرِيقَ الْخَمْرُ] : وَلَا تُكْسَرُ أَوَانِيهِ لِأَنَّهَا تَطْهُرُ بِالْجَفَافِ.
قَوْلُهُ: [وَقُتِلَ الْخِنْزِيرُ] : أَيْ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقِيلَ إنَّهُ يُسَرَّحُ.
قَوْلُهُ: [وَيُرَدُّ الْمَغْصُوبُ أَوْ الْمَسْرُوقُ لِرَبِّهِ] : أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ شَيْءٌ بَدَلَ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ عَلِمَتْ هِيَ أَمْ لَا، أَمَّا لَوْ عَلِمَتْ هِيَ بِالْحُرْمَةِ دُونَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُلْعُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ جَهِلَا مَعًا الْحُرْمَةَ فَفِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ وَتَبِينُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمَغْصُوبُ وَالْمَسْرُوقُ فَكَالْمُسْتَحَقِّ يُرْجَعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ مِثْلِيًّا.
قَوْلُهُ: [وَكَتَأْخِيرِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ] : وَمِثْلُهُ تَعْجِيلُهَا دَيْنًا عَلَيْهَا لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَبُولٌ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَالِ سَلَفٌ] : أَيْ لِأَنَّ مَنْ أَخَّرَ مَا عَجَّلَ يُعَدُّ مُسَلِّفًا.
قَوْلُهُ: [مِنْ بَيْعٍ] : يُحْتَرَزُ عَمَّا إذَا كَانَ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ مِنْ قَرْضٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهَا قَبْلَ الْأَجَلِ كَالْعَيْنِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا مِنْ حَقِّ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الرِّبَوِيَّاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَبَانَتْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا. (كَإِعْطَائِهِ) أَيْ الزَّوْجِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ أَعْطَتْهُ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا (مَالًا فِي عِدَّةِ) الطَّلَاقِ (الرَّجْعِيِّ عَلَى نَفْيِهَا) : أَيْ الرَّجْعَةِ، (فَقَبِلَ) الزَّوْجُ ذَلِكَ الْمَالَ عَلَى ذَلِكَ فَيَقَعُ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ اتِّفَاقًا، إنْ كَانَ عَلَى أَنْ لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ عَلَى أَنْ لَا يَرْتَجِعَهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَهُ رَجْعَتُهَا وَرَدُّ الْمَالِ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ. وَبِالْجُمْلَةِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى وُقُوعِ طَلْقَةٍ أُخْرَى بَائِنَةٍ.
(وَكَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا) فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ بَائِنًا أَيْ: إنَّ مَنْ بَاعَ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوْجَهَا لِغَيْرِهِ فِي زَمَنِ مَجَاعَةٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بَائِنًا إذَا كَانَ جِدًّا لَا هَزْلًا قَالَهُ - الْمُتَيْطِيُّ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ بَاعَ امْرَأَتَهُ أَوْ زَوْجَهَا هَازِلًا فَلَا
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ] : هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى.
قَوْلُهُ: [وَبِالْجُمْلَةِ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ] : وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الِارْتِجَاعِ الَّذِي قَبِلَ الْمَالَ لِأَجْلِهِ مَلْزُومٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ، فَالطَّلَاقُ الَّذِي أَنْشَأَهُ الْآنَ بِقَبُولِ الْمَالِ غَيْرُ الطَّلَاقِ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ أَوَّلًا، إذْ الْحَاصِلُ أَوَّلًا رَجْعِيٌّ وَهَذَا الَّذِي أَنْشَأَهُ بِقَبُولِ الْمَالِ بَائِنٌ، وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا تَبِينُ بِالْأُولَى فَتَنْقَلِبُ الْأُولَى بَائِنًا، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ بِقَبُولِ الْمَالِ شَيْءٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَيَرُدُّ مَالَهَا، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ. إنْ قُلْت هُوَ ظَاهِرٌ إنْ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ، بِأَنْ قَالَ قَبِلْت هَذَا الْمَالَ عَلَى عَدَمِ الرَّجْعَةِ، وَأَمَّا الْقَبُولُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ بِأَنْ أَخَذَ الْمَالَ وَسَكَتَ فَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ اللَّفْظِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقَبُولِ كَالسُّكُوتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اللَّفْظِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَكْفِي الْمُعْطَاةَ إنْ قَصَدَ بِهَا ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [إذَا كَانَ جِدًّا] : أَيْ لَوْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلِهِ، وَمِثْلُ بَيْعِهِ لَهَا وَتَزْوِيجِهِ مَا لَوْ بَاعَهَا إنْسَانٌ أَوْ زَوَّجَهَا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ سَاكِتٌ، فَإِنَّهَا تَبِينُ أَيْضًا، وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ فَلَا تَبِينُ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.