الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ) قُيِّدَ بِأَجَلٍ بَعِيدٍ جِدًّا كَمَا لَوْ قُيِّدَ (بِخَمْسِينَ سَنَةً) فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلدُّخُولِ عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذِهِ الْعِلَّةُ تُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ إذَا أُجِّلَ كُلُّهُ. أَوْ عُجِّلَ مِنْهُ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ؛ وَأَمَّا لَوْ عُجِّلَ مِنْهُ رُبْعُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ فَصَحِيحٌ فَانْظُرْهُ (انْتَهَى) .
(أَوْ) وَقَعَ الصَّدَاقُ (بِمُعَيَّنٍ) عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (بَعِيدٍ) جِدًّا (كَخُرَاسَانَ) مَدِينَةٍ بِالْعَجَمِ فِي أَقْصَى الْمَشْرِقِ (مِنْ الْأَنْدَلُسِ) بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ، لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنْ لَا يُدْرَكَ الْمُعَيَّنُ عَلَى حَالِهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ مِنْ الْغَرَرِ.
(وَجَازَ) بِمُعَيَّنٍ غَائِبٍ عَلَى مَسَافَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ (كَمِصْرِ مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ، وَمَحِلُّ الْجَوَازِ (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الدُّخُولُ بِالزَّوْجَةِ قَبْلَهُ) : أَيْ قَبْلَ قَبْضِهِ، فَإِنْ شُرِطَ الدُّخُولُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُعَيَّنِ فَسَدَ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَقَارِ. وَأَمَّا الْعَقَارُ فَلَا يَضُرُّ فِيهِ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ الشَّأْنَ بَقَاؤُهُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ الْقَرِيبَ جِدًّا يَجُوزُ مُطْلَقًا شُرِطَ الدُّخُولُ قَبْلَهُ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ.
(وَضَمِنَتْهُ) الزَّوْجَةُ أَيْ ضَمِنَتْ الصَّدَاقَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ (بِالْقَبْضِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [قَالَ بَعْضُهُمْ] إلَخْ: مُرَادُهُ بِهِ بْن، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِخَمْسِينَ مُفْسِدٌ وَلَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ يَبْلُغُهُ عُمْرُهَا، فَإِنْ نَقَصَ الْأَجَلُ عَنْ الْخَمْسِينَ لَمْ يَفْسُدْ النِّكَاحُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ كَانَ النَّقْصُ يَسِيرًا جِدًّا أَوْ طَعَنَا فِي السِّنِّ جِدًّا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ وَقَعَ الصَّدَاقُ بِمُعَيَّنٍ] : الْأَوْلَى أَوْ وَقَعَ النِّكَاحُ بِصَدَاقٍ مُعَيَّنٍ أَيْ بِالْوَصْفِ، أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْعَقْدِ، وَأَوْلَى إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَمْ يُرَ وَلَمْ يُوصَفْ.
قَوْلُهُ: [الْقَرِيبُ جِدًّا] : أَيْ كَالْخَمْسَةِ الْأَيَّامِ فَدُونَ، وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَازِ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ الْقَرِيبَةِ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مُعَيَّنًا بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ بِوَصْفٍ، وَإِلَّا كَانَ فَاسِدًا، وَأَمَّا الْبَعِيدُ جِدًّا فَالْفَسَادُ فِيهِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِمَا فِي الْخَرَشِيِّ عَنْ الْجِيزِيِّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا.
[ضَمَانُ الزَّوْجَةِ الصَّدَاقَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ]
قَوْلُهُ: [فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ] : أَيْ فِي هَذِهِ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ لِأَجْلِ الصَّدَاقِ كَالنِّكَاحِ لِأَجْلٍ مَجْهُولٍ، وَبِالْآبِقِ وَبِالْبَعِيرِ الشَّارِدِ أَوْ لِأَجْلِ الْعَقْدِ، وَكَانَ فِيهِ
إنْ فَاتَ) بِيَدِهَا بِمَا يَفُوتُ بِهِ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ، فَتَرُدُّ قِيمَتَهُ لِلزَّوْجِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ دَخَلَ، فَإِنْ لَمْ يَفُتْ رَدَّتْهُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ مَضَى بِالْمُسَمَّى.
(أَوْ) أَيْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ إنْ وَقَعَ صَدَاقُهُ (بِمَغْصُوبٍ) أَوْ مَسْرُوقٍ (عَلِمَاهُ) مَعًا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ، وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ (لَا) إنْ عَلِمَ بِغَصْبِهِ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ فَلَا يُفْسَخُ، وَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الْمِثْلِيِّ.
(أَوْ) وَقَعَ (بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَ: بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ وَزَوَّجْتُك بِنْتِي بِمِائَةٍ، أَوْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا سِلْعَةً كَدَارٍ صَدَاقًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مِائَةً، أَوْ دَفَعَتْ لِلزَّوْجِ دَارًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِائَةً فِي نَظِيرِ الصَّدَاقِ وَالدَّارِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
صَدَاقُ الْمِثْلِ كَنِكَاحِ الْمُحَلِّلِ، أَوْ كَانَ فِيهِ الْمُسَمَّى وَحَصَلَ الضَّمَانُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ كَمَا إذَا قَبَضَتْ الصَّدَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهَلَكَ بِيَدِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَسَادُهُ لِعَقْدِهِ وَكَانَ فِيهِ الْمُسَمَّى وَدَخَلَ كَانَ ضَمَانُهَا لِلصَّدَاقِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ كَالصَّحِيحِ، سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَوْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأُجْهُورِيِّ.
قَوْلُهُ: [مَضَى بِالْمُسَمَّى] : أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَمْ لَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْأُجْهُورِيِّ.
قَوْلُهُ: [عِلْمَاهُ مَعًا] : إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُمَا إذَا كَانَا رَشِيدَيْنِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ وَلِيِّهِمَا.
قَوْلُهُ: [وَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ] إلَخْ: وَإِنَّمَا لَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ لِدُخُولِهَا عَلَى الْعِوَضِ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ، وَدُخُولُهُ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ دُونَهَا، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ يَقُومَانِ مَقَامَهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ وَقَعَ بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ بَيْعٍ] : الْمَشْهُورُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ النِّكَاحَ فَاسِدٌ لِصَدَاقِهِ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، فَإِذَا ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالدُّخُولِ ثَبَتَ مَا مَعَهُ مِنْ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيْعِ وَمَا مَعَهُ لِقِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَبِهِ يُلْغَزُ فَيُقَالُ: لَنَا بَيْعٌ فَاسِدٌ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ مَعَ عَدَمِ مُفَوِّتٍ فِي الْبَيْعِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ، وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَيَجُوزُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ بْن رَادًّا عَلَى (ر)
وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْقِرَاضُ وَالْقَرْضُ وَالشَّرِكَةُ وَالصَّرْفُ وَالْمُسَاقَاةُ وَالْجَعَالَةُ لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهَا مَعَ النِّكَاحِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
(أَوْ وُهِبَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَ (نَفْسُهَا) نَائِبُ فَاعِلٍ: يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا وَهَبَ بِنْتَه لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا بِلَا صَدَاقٍ، أَوْ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَالَتْ لِرَجُلٍ: وَهَبْتُك نَفْسِي، وَقَالَ الْوَلِيُّ: أَمْضَيْت ذَلِكَ، وَشَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ.
(وَثَبَتَ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِالْمِثْلِ) : أَيْ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ؛ لِلدُّخُولِ عَلَى إسْقَاطِ الْمَهْرِ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ قَالَ: وَاعْتَرَضَهُ الْبَاجِيُّ وَقَالَ: بَلْ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ زِنًا يُحَدَّانِ فِيهِ، وَيَنْتَفِي عَنْهُ الْوَلَدُ (اهـ) . أَيْ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الذَّاتِ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ؟ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النِّكَاحِ عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ، وَقَرَّ بِهِ لَهُ شُهُودُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْهِبَةِ فَتَأَمَّلْ.
(أَوْ تَضَمَّنَ إثْبَاتُهُ) أَيْ الْعَقْدِ (رَفْعَهُ) : أَيْ إبْطَالَهُ (كَدَفْعِ الْعَبْدِ) الَّذِي زَوَّجَهُ سَيِّدُهُ بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (فِي صَدَاقِهِ) ، بِأَنْ جَعَلَهُ صَدَاقًا لَهَا، أَوْ سَمَّى لَهَا عَبْدًا وَجَعَلَ الزَّوْجَ الْمُسَمَّى فَثُبُوتُ النِّكَاحِ يَتَضَمَّنُ مِلْكَ الصَّدَاقِ الَّذِي هُوَ الزَّوْجُ وَمِلْكُ الزَّوْجِ يَتَضَمَّنُ رَفْعَ النِّكَاحِ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَذَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهَا] إلَخْ: أَيْ لِتَنَافُرِ الْأَحْكَامِ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَالْبَيْعُ، وَمَا مَعَهُ عَلَى الْمُشَاحَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ الْوَلِيُّ أَمْضَيْت ذَلِكَ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ أَبَدًا بِاتِّفَاقٍ بِالْأَوْلَى مِمَّنْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ وَلِيٍّ بِمَهْرٍ.
قَوْلُهُ: [وَقُرْبُهُ] : أَيْ قُرْبُ حُكْمِ الْهِبَةِ كَانَتْ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ بِإِذْنِهِ، وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لِلنِّكَاحِ عَلَى إسْقَاطِ الصَّدَاقِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ سَمَّى لَهَا عَبْدًا] : أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: [يَتَضَمَّنُ رَفْعَ النِّكَاحِ] إلَخْ: إذْ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِعَبْدِهَا لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمِلْكِ تُنَافِي أَحْكَامَ الزَّوْجِيَّةِ.