الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَ) كُرِهَ (ذِبْحٌ) بِالْكَسْرِ: أَيْ مَذْبُوحٍ (لِعِيسَى) عليه السلام أَيْ لِأَجْلِهِ (أَوْ) لِأَجْلِ (الصَّلِيبِ) : أَيْ لِلتَّقَرُّبِ بِهِ لَهُمَا كَمَا يَتَقَرَّبُ الْمُسْلِمُ بِذِبْحٍ لِنَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ لِقَصْدِ الثَّوَابِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ؛ وَإِنَّمَا يَضُرُّ تَسْمِيَةُ عِيسَى أَوْ الصَّلِيبِ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَقِيلَ: وَلَوْ ذَكَرَ فِي هَذَا اسْمَ الصَّلِيبِ فَلَا يَضُرُّ، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ إخْرَاجُهُ قُرْبَةً لِذَاتٍ غَيْرِ اللَّهِ لِأَنَّهُ الَّذِي أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ.
(وَ) كُرِهَ (ذَكَاةُ خُنْثَى وَخَصِيٍّ) وَمَجْبُوبٍ (وَفَاسِقٍ) : لِنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ غَالِبًا. بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْكِتَابِيِّ إنْ ذَبَحَ لِنَفْسِهِ مَا يَحِلُّ لَهُ بِشَرْعِنَا وَبِشَرْعِهِ، وَأَمَّا ذَبْحُهُ لِمُسْلِمٍ وَكَّلَهُ عَلَى ذَبْحِهِ فَفِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ، وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ.
(وَ) النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ: (عَقْرٌ: وَهُوَ جَرْحُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ) لَا غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ وَلَوْ ذَكَرَ] إلَخْ: قَائِلُهُ (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَفَاسِقٍ] : أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ لِجَارِحَةٍ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ أَوْ بِالِاعْتِقَادِ كَبِدْعِيٍّ لَمْ يَكْفُرْ بِبِدْعَتِهِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ] : مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ ذَكَاتِهِمَا، قَالَ (ح) : هُوَ الْمَشْهُورُ. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ كَرَاهَةُ ذَبْحِهِمَا، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، فَهُمَا قَوْلَانِ. وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ الْأَغْلَفُ فَلَا تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ (ح) وَقِيلَ: تُكْرَهُ.
قَوْلُهُ: [وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ] : اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ جَارٍ فِي ذَبْحِ الْكِتَابِيِّ مَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُ بِتَمَامِهِ أَوْ شَرِكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِتَابِيِّ الذَّابِحِ. وَأَمَّا ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ لِكِتَابِيٍّ آخَرَ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ ذَبَحَ مَا لَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَبْحِهِ، وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اُتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَجَازَ أَكْلُ الْمُسْلِمِ مِنْهُ، وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ حَالِ الذَّابِحِ.
[العقر]
قَوْلُهُ: [جَرْحُ مُسْلِمٍ] إلَخْ: أَيْ إدْمَاؤُهُ وَلَوْ بِأُذُنٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إدْمَاءٌ لَمْ يُؤْكَلْ وَلَوْ شَقَّ الْجِلْدَ؛ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ الْجَارِحُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ. وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا مُمَيِّزًا حَالَ إرْسَالِ السَّهْمِ أَوْ الْحَيَوَانِ، وَحَالَ الْإِصَابَةِ فَلَوْ تَخَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَقَبْلَ
كَسَكْرَانَ وَمَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ حَيَوَانًا (وَحْشِيًّا غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِعُسْرٍ) خَرَجَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ بِسُهُولَةٍ، فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ، قَالَ فِيهَا: مَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْفِرَارِ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ (اهـ) ، أَيْ لِأَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا مَقْدُورًا عَلَيْهِ.
(لَا كَافِرٍ وَلَوْ كِتَابِيًّا) فَلَا يُؤْكِلُ صَيْدُهُ وَلَوْ سَمَّى اللَّهَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الصَّيْدَ رُخْصَةٌ وَالْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَهَذَا مُحْتَرَزُ " مُسْلِمٍ ".
وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ " وَحْشِيًّا " بِقَوْلِهِ: (وَلَا إنْسِيًّا) مِنْ بَقَرٍ أَوْ إبِلٍ أَوْ أَوِزٍّ أَوْ دَجَاجٍ (شَرَدَ) فَلَمْ يَقْدِر عَلَيْهِ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعُقْرِ، (أَوْ تَرَدَّى) أَيْ سَقَطَ (بِحُفْرَةِ)
ــ
[حاشية الصاوي]
الْإِصَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْجِنَايَةِ: مَعْصُومٌ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ لِلْإِصَابَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِأَكْلِهِ لِأَنَّ مَا هُنَا أَخَفُّ، أَلَا تَرَى الْخِلَافَ هُنَا فِي اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ أَشْهَبَ وَابْنَ وَهْبٍ لَا يَشْتَرِطَانِ الْإِسْلَامَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِعُسْرٍ] : أَيْ عَجَزَ عَنْ تَحْصِيلِهِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَحْشُ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ صَارَ أَسِيرًا] إلَخْ: أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ هَذَا الَّذِي رَمَاهُ قِيمَتَهُ لِلْأَوَّلِ مَجْرُوحًا.
قَوْلُهُ: [وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا] : أَيْ وَسِيَاقُ الْآيَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [وَلَا إنْسِيًّا] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْحَيَوَانَاتِ الْمُسْتَأْنَسَةِ إذَا شَرَدَتْ وَتَوَحَّشَتْ فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ إنْ تَوَحَّشَ غَيْرُ الْبَقَرِ لَمْ يُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ، وَإِنْ تَوَحَّشَ الْبَقَرُ جَازَ أَكْلُهُ بِالْعَقْرِ، لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهَا أَصْلٌ فِي التَّوَحُّشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ أَيْ لِشَبَهِهَا بِبَقَرِ الْوَحْشِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ إوَزٍّ أَوْ دَجَاجٍ] : أَيْ وَأَمَّا الْحَمَامُ الْبَيْتِيُّ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ الْحَجِّ أَنَّ الْحَمَامَ كُلَّهُ صَيْدٌ، وَحِينَئِذٍ إذَا تَوَحَّشَ أُكِلَ بِالْعَقْرِ بِخِلَافِ النِّعَمِ
فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ. (بِمُحَدَّدٍ) : مُتَعَلِّقٌ ب " جُرْحٍ "، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُحَدَّدُ سِلَاحًا أَوْ غَيْرَهُ - كَحَجَرٍ لَهُ سِنٌّ فَهُوَ - أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ:" بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ ". وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْعَصَا وَالْحَجَرِ الَّذِي لَا حَدَّ لَهُ، وَالْبُنْدُقُ: أَيْ الْبِرَامِ الَّذِي يَرْمِي بِالْقَوْسِ فَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا مَاتَ مِنْهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ. وَأَمَّا صَيْدُهُ بِالرَّصَاصِ فَيُؤْكَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ السِّلَاحِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ.
(أَوْ حَيَوَانٍ) : عَطْفٌ عَلَى " مُحَدَّدٍ ": أَيْ جَرَحَهُ بِمُحَدَّدٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ (عُلِّمَ) بِالْفِعْلِ كَيْفِيَّةَ الِاصْطِيَادِ، وَالْمَعْنَى: هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ وَلَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ عَادَةً كَالنَّمِرِ (مِنْ طَيْرٍ)
ــ
[حاشية الصاوي]
فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ، وَلَوْ تَوَحَّشَتْ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهَا وَقَدْ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ (اهـ بْن) .
قَوْلُهُ: [فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ فَلَا يُؤْكَلُ] إلَخْ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ أَكْلِ الْمُتَرَدِّي بِالْعَقْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُؤْكَلُ الْمُتَرَدِّي الْمَعْجُوزُ عَنْ ذَكَاتِهِ مُطْلَقًا بَقَرًا أَوْ غَيْرَهُ بِالْعَقْرِ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ.
قَوْلُهُ: [وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ] : حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّيْدَ بِبُنْدُقِ الرَّصَاصِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ؛ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْمَنْعِ قِيَاسًا عَلَى بُنْدُقِ الطِّينِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَوِيِّ وَابْنِ غَازِي وَسَيِّدِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيِّ، لِمَا فِيهِ مِنْ إنْهَارِ الدَّمِ وَالْإِجْهَازِ بِسُرْعَةِ الَّذِي شُرِعَتْ الذَّكَاةُ لِأَجْلِهِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْعِصِيِّ وَبُنْدُقِ الطِّينِ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ الصَّيْدُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقْتَلِ، وَإِلَّا ذُكِّيَ وَأُكِلَ قَوْلًا وَاحِدًا، وَأَمَّا إذَا أَخَذَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَنَا وَلَوْ أُدْرِكَ حَيًّا ذُكِّيَ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَا أُدْرِكَ حَيًّا وَلَوْ مَنْفُوذَ جَمِيعِ الْمَقَاتِلِ وَذُكِّيَ يُؤْكَلُ، فَلَا خِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ فِي عَدَمِ أَكْلِ مَا مَاتَ بِبُنْدُقِ الطِّينِ، وَفِي أَكْلِ الَّذِي لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ حَيْثُ أُدْرِكَ حَيًّا وَذُكِّيَ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا أُدْرِكَ حَيًّا مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ وَذُكِّيَ، فَعِنْدَهُمْ يُؤْكَلُ وَعِنْدَنَا لَا.
قَوْلُهُ: [وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ] : قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ هَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ
كَبَازٍ (أَوْ غَيْرِهِ) كَكَلْبٍ (فَمَاتَ) أَوْ نَفَذَ مَقْتَلُهُ (قَبْلَ إدْرَاكِهِ) حَيًّا فَيُبَاحُ أَكْلُهُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ إذَا جَعَلْنَا مَوْتَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ مِنْ الْمَوْضُوعِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِهِ، وَإِلَّا كَانَتْ خَمْسَةً؛ إذْ لَوْ أُدْرِكَ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ الْمَقْتَلِ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِالذَّبْحِ
أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (إنْ أَرْسَلَهُ) الصَّائِدُ الْمُسْلِمُ (مِنْ يَدِهِ) بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ، (أَوْ) مِنْ (يَدِ غُلَامِهِ) وَكَفَتْ نِيَّةُ الْآمِرِ وَتَسْمِيَتُهُ، نَظَرًا إلَى أَنَّ يَدَ غُلَامِهِ كَيَدِهِ، وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِمَّا لَوْ كَانَ الْجَارِحُ سَائِبًا فَذَهَبَ لِلصَّيْدِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِإِغْرَاءِ رَبِّهِ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِذَكَاةٍ.
وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَلَمْ يَشْتَغِلْ) الْجَارِحُ حَالَ إرْسَالِهِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ الصَّيْدِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ اصْطِيَادِهِ، فَإِنْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ كَأَكْلِ جِيفَةٍ أَوْ صَيْدٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي الْبَازِ، لِأَنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ بَلْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ اعْتِبَارِ الِانْزِجَارِ فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ، لِأَنَّ الْجَارِحَ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ إشْلَائِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ عِصْيَانَ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً، بَلْ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ الْعُرْفُ.
قَوْلُهُ: [الصَّائِدُ الْمُسْلِمُ] : أَيْ الْمُمَيِّزُ.
قَوْلُهُ: [مِنْ يَدِهِ] : الْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَتُهَا وَمِثْلُهَا إرْسَالُهَا مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ لَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ أَوْ الْمِلْكُ فَقَطْ، ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِرْسَالِ مِنْ يَدِهِ وَنَحْوِهَا، فَإِنْ كَانَ مَفْلُوتًا فَأَرْسَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ، وَكَانَ يَقُولُ أَوَّلًا يُؤْكَلُ وَلَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ وَمَا فِي حُكْمِهَا، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ مَا أَخَذَهُ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَيَّدَهُ (بْن) .
قَوْلُهُ: [أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ] : وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ مُسْلِمًا حِينَئِذٍ لِأَنَّ النَّاوِيَ وَالْمُسَمِّيَ هُوَ سَيِّدُهُ، فَالْإِرْسَالُ مِنْهُ حُكْمًا.
قَوْلُهُ: [أَوْ بِإِغْرَاءِ رَبِّهِ] إلَخْ: قَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ أَوَّلًا بِهِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ اشْتَغَلَ بِشَيْءٍ] : لَا فَرْقَ بَيْنَ كَثِيرِ التَّشَاغُلِ وَقَلِيلِهِ، وَرَأَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ قَلِيلَ التَّشَاغُلِ لَا يَضُرُّ.