الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ عِدَّةِ الْمُطَلَّقَةِ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ بِقَوْلِهِ:
(إنْ اخْتَلَى بِهَا) زَوْجٌ (بَالِغٌ) لَا صَبِيٌّ إذْ خَلْوَتُهُ كَالْعَدَمِ، وَلَوْ وَطِئَهَا، وَسَوَاءٌ خَلْوَةُ الِاهْتِدَاءِ أَوْ خَلْوَةُ الزِّيَارَةِ، وَلَوْ حَالَ حَيْضِهَا أَوْ صَوْمِهَا أَوْ صَوْمِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ، (غَيْرُ مَجْبُوبٍ) فَخَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ كَالْعَدَمِ.
(وَهِيَ) : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَةَ (مُطِيقَةٌ) لِلْوَطْءِ لَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُطِيقَةً.
(خَلْوَةً يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ) عَادَةً (وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الْوَطْءَ، لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى يُسْقِطُهَا مَا ذَكَرَ، (وَأَخَذَا بِإِقْرَارِهِمَا) أَيْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ أَقَرَّ بِنَفْيِهِ أَخَذَ بِإِقْرَارِهِ فِيمَا هُوَ حَقٌّ لَهُ، فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا يَتَكَمَّلُ
ــ
[حاشية الصاوي]
مِنْ قُرُوءٍ، وَلَيْسَ نَعْتًا لِعَدَمِ انْطِبَاقِ تَعْرِيفِ النَّعْتِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُشْتَقٍّ وَلَا مُؤَوَّلًا بِهِ، وَأَيْضًا الْأَصْلُ فِي النَّعْتِ التَّخْصِيصُ فَيُوهِمُ أَنَّ لَنَا أَقْرَاءً أَطْهَارًا، أَوْ أَقْرَاءً غَيْرَ أَطْهَارٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَكَوْنُهُ صِفَةً كَاشِفَةً خِلَافُ الْأَصْلِ، وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، وَإِنْ أَجَازَهَا الْكُوفِيُّونَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَضَايِفَيْنِ لَفْظًا وَالْقُرْءُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ يُجْمَعُ عَلَى قُرُوءٍ كَثِيرًا وَعَلَى أَقْرَاءٍ قَلِيلًا.
[بَيَانِ شُرُوطِ عدة الْمُطَلَّقَة ة بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ]
قَوْلُهُ: [عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ] : أَيْ وَأَمَّا عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا بُلُوغُ زَوْجِ وَلَا دُخُولٌ وَلَا إطَاقَةٌ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: [فَخَلْوَةُ الْمَجْبُوبِ كَالْعَدَمِ] : قَالَ الْقَرَافِيُّ: إذَا أَنْزَلَ الْخَصِيُّ أَوْ الْمَجْبُوبُ اعْتَدَّتْ زَوْجَتُهُمَا حَيْثُ حَصَلَتْ خَلْوَةٌ، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَشْيَاخُ: أَنَّ الْمَقْطُوعَ ذَكَرُهُ يُسْأَلُ فِيهِ أَهْلُ الطِّبِّ إنْ كَانَ يُنْزِلُ، فَإِنْ قَالُوا: تَحْمِلُ زَوْجَتَهُ، اعْتَدَّتْ. وَالْمَقْطُوعُ أُنْثَيَاهُ تَعْتَدُّ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ أَحَدٍ.
قَوْلُهُ: [مُطِيقَةٌ لِلْوَطْءِ] : أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ حَمْلُهَا كَبِنْتِ سَبْعٍ أَوْ ثَمَانٍ.
قَوْلُهُ: [يُمْكِنُ فِيهَا الْوَطْءُ عَادَةً] : احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا نِسَاءٌ شَأْنُهُنَّ الْعِفَّةُ وَالْعَدَالَةُ، وَعَنْ خَلْوَةٍ تَقْتَصِرُ عَنْ زَمَنِ الْوَطْءِ كَلَحْظَةٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهَا فِي الْخَلْوَةِ شِرَارُ النِّسَاءِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّهَا قَدْ تُمَكِّنُ مِنْ نَفْسِهَا بِحَضْرَتِهِنَّ كَمَا قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا] : مُفَرَّعٌ عَلَى إقْرَارِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا يَتَكَمَّلُ
لَهَا الصَّدَاقُ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِمَّا ذَكَرَ (فَلَا عِدَّةَ) عَلَيْهَا.
(إلَّا أَنْ تُقِرَّ) الزَّوْجَةُ (بِهِ) : أَيْ بِالْوَطْءِ فَتَعْتَدُّ، بِخِلَافِ إقْرَارِهِ وَحْدَهُ مَعَ تَكْذِيبِهَا لَهُ وَلَمْ تَعْلَمْ خَلْوَةً فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا. وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَيَتَكَمَّلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ وَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ.
(أَوْ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يَنْفِهِ) : بِلِعَانٍ فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ، فَإِنْ نَفَاهُ بِهِ فَلَا عِدَّةَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بِوَضْعِهِ.
(وَإِنْ اسْتَحَاضَتْ) مُطَلَّقَةٌ (وَلَمْ تُمَيِّزْ) الْحَيْضَ مِنْ غَيْرِهِ، (أَوْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا) : أَيْ الْمُطَلَّقَةِ (لِغَيْرِ) عُذْرٍ أَوْ لِعُذْرٍ غَيْرِ (رَضَاعٍ، تَرَبَّصَتْ) : أَيْ مَكَثَتْ (سَنَةً) كَامِلَةً، (وَلَوْ) كَانَتْ (رَقِيقًا. وَحَلَّتْ) لِلْأَزْوَاجِ. فَعِدَّةُ الْمُسْتَحَاضَةِ غَيْرِ الْمُمَيِّزَةِ وَمَنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا الْحَيْضُ - لَا لِعِلَّةٍ أَوْ لِعِلَّةٍ غَيْرِ رَضَاعٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
لَهَا الصَّدَاقُ مُفَرَّعٌ عَلَى إقْرَارِهَا.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ تُقِرَّ الزَّوْجَةُ بِهِ] : أَيْ بِوَطْءِ الْبَالِغِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمَ بَيْنَهُمَا خَلْوَةً، وَسَوَاءٌ كَذَّبَهَا أَوْ صَدَّقَهَا وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: وَأَخَذَ بِإِقْرَارِهِمَا لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْخَلْوَةِ وَذَاكَ فِيهَا، وَالْمُقِرُّ بِهِ سَابِقًا النَّفْيُ وَالْمُقِرُّ بِهِ هُنَا الْوَطْءُ.
قَوْلُهُ: [وَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ] : أَيْ وَالسُّكْنَى مُدَّةَ الْعِدَّةِ عَلَى فَرْضِ لُزُومِهَا لَهَا، وَالْحَقُّ أَنَّ مُؤَاخَذَتَهُ بِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ إنَّمَا تَكُونُ إنْ كَانَتْ سَفِيهَةً أَوْ رَشِيدَةً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَأَمَّا النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى فَلَا يُؤَاخَذُ بِهَا مُطْلَقًا إلَّا إذَا صَدَقَتْهُ كَذَا فِي (بْن) نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [فَتَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ] : أَيْ وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى فِي الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ نَفَاهُ بِهِ فَلَا عِدَّةَ] : أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعِدَّةِ مِنْ تَوَارُثٍ وَرَجْعَةٍ وَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى، وَقَوْلُهُ:" وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لِلْأَزْوَاجِ إلَّا بِوَضْعِهِ " فَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَكِنَّهُ يُسَمَّى اسْتِبْرَاءٌ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْعِدَّةِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَتْ رَقِيقًا] : رَدَّ ب " لَوْ " عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الْأَمَةَ الْمُسْتَحَاضَةَ الَّتِي لَمْ تُمَيِّزْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَاَلَّتِي تَأَخَّرَ حَيْضُهَا بِلَا سَبَبٍ أَوْ بِسَبَبِ مَرَضٍ عِدَّتُهَا شَهْرَانِ، وَعَلَى مَنْ يَقُولُ شَهْرٌ وَنِصْفٌ. وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ أَنَّ الْحَمْلَ لَمَّا كَانَ لَا يَظْهَرُ فِي أَقَلِّ
سَنَةً كَامِلَةً. وَفِي الْحَقِيقَةِ تَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ لِزَوَالِ الرِّيبَةِ، لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْحَمْلِ غَالِبًا تَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ:" تَرَبَّصَتْ تِسْعَةً ثُمَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ ".
(فَإِنْ رَأَتْهُ) : أَيْ رَأَتْ مَنْ تَتَأَخَّرُ حَيْضُهَا لِغَيْرِ رَضَاعِ الْحَيْضِ (فِيهَا) : أَيْ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ (انْتَظَرَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَوْ تَمَامَ سَنَةٍ) بَعْدَ الثَّانِيَةِ، فَتَحِلُّ بِأَقْرَبِ الْأَجَلَيْنِ الْحَيْضِ أَوْ تَمَامِ السَّنَةِ، وَهَذَا فِيمَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَأَمَّا مَنْ عَادَتُهَا الْحَيْضُ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ مَرَّةً وَاحِدَةً فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ قَطْعًا.
(ثُمَّ إنْ احْتَاجَتْ) مَنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا لِغَيْرِ رَضَاعٍ وَمَكَثَتْ سَنَةً وَتَزَوَّجَتْ (لِعِدَّةٍ) مِنْ طَلَاقٍ، (فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ) عِدَّتُهَا (إنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا) : أَيْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ، (وَإِلَّا) بِأَنْ حَاضَتْ فِيهَا (انْتَظَرَتْ) الْحَيْضَةَ (الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ أَوْ تَمَامَ السَّنَةِ) أَيْ سَنَةً بَيْضَاءَ لَا دَمَ فِيهَا.
ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ: " وَإِنْ اسْتَحَاضَتْ إلَخْ " زِيَادَةً فِي الْإِيضَاحِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ مَيَّزَتْ مُسْتَحَاضَةٌ أَوْ تَأَخَّرَ حَيْضٌ لِرَضَاعٍ فَالْأَقْرَاءُ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
مِنْ ثَلَاثٍ قُلْنَا بِاشْتِرَاكِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي السَّنَةِ، وَعَدَمِ اخْتِلَافِهِمَا فِيهَا كَالْأَقْرَاءِ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الْحَقِيقَةِ تَمْكُثُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ] : الصَّوَابُ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْأَئِمَّةِ، إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ التَّأْبِيدِ إذَا تَزَوَّجَتْ فِي التِّسْعَةِ، وَالتَّأْبِيدُ إذَا تَزَوَّجَتْ بَعْدَهَا كَمَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِمَنْعِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالرَّجْعَةِ فِي التِّسْعَةِ، وَلُزُومِ ذَلِكَ بَعْدَهَا تَأَمَّلْ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [وَالثَّالِثَةَ] : هَذَا فِي الْحُرَّةِ. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَلَا تَنْتَظِرُهَا لِأَنَّ عِدَّتَهَا قُرْءَانِ.
قَوْلُهُ: [فَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ قَطْعًا] : مِثْلُهَا مَنْ عَادَتُهَا خَمْسُ سِنِينَ، وَأَمَّا مَنْ عَادَتُهَا أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ فَوْقَ الْخَمْسِ فَاَلَّذِي لِأَبِي الْحَسَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهَا هَلْ تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ بَيْضَاءَ قِيَاسًا عَلَى مَنْ يَأْتِيهَا فِي عُمُرِهَا مَرَّةً أَوْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؟ لِأَنَّ الَّتِي تَعْتَدُّ بِسَنَةٍ مَحْصُورَةٌ فِي مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا، وَقِيلَ: تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ كَمَنْ عَادَتُهَا الْخَمْسُ فَدُونَ، ثُمَّ إنْ جَاءَ وَقْتُ حَيْضِهَا وَلَمْ تَحِضْ حَلَّتْ وَإِلَّا انْتَظَرَتْ الثَّانِيَةَ، فَإِنْ لَمْ تَحِضْ وَقْتَ مَجِيئِهَا حَلَّتْ وَانْتَظَرَتْ الثَّالِثَةَ،