الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَشَارَ لِلثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ: (وَ) لِأَبٍ جَبْرُ (مَجْنُونَةٍ) بَالِغًا ثَيِّبًا لِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا. وَلَا كَلَامَ لِوَلَدِهَا مَعَهُ إنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ رَشِيدٌ، (إلَّا مَنْ تُفِيقُ) مِنْ جُنُونِهَا أَحْيَانًا (فَتُنْتَظَرُ) إفَاقَتُهَا لِتُسْتَأْذَنَ وَلَا تُجْبَرَ.
وَمَحَلُّ جَبْرِ الْأَبِ فِي الثَّلَاثَةِ إذْ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى تَزْوِيجِهَا ضَرَرٌ عَادَةً، كَتَزْوِيجِهَا مِنْ خَصِيٍّ أَوْ ذِي عَاهَةٍ؛ كَجُنُونٍ وَبَرَصٍ وَجُذَامٍ مِمَّا يُرَدُّ الزَّوْجُ بِهِ شَرْعًا وَإِلَّا فَلَا جَبْرَ لَهُ.
الثَّالِثُ مِنْ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ: وَصِيُّ الْأَبِ
عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (فَوَصِيُّهُ) : أَيْ الْأَبِ، لَهُ الْجَبْرُ فِيمَا لِلْأَبِ فِيهِ جَبْرٌ.
وَمَحَلُّهُ (إنْ عَيَّنَ لَهُ) الْأَبُ (الزَّوْجَ) بِأَنْ قَالَ لَهُ: زَوِّجْهَا مِنْ فُلَانٍ، فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَيْهِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ إنْ بَذَلَ مَهْرَ الْمِثْلِ، بِخِلَافِ الْأَبِ لَهُ جَبْرُهَا مُطْلَقًا.
(أَوْ أَمَرَهُ) الْأَبُ (بِهِ) : أَيْ بِالْجَبْرِ بِأَنْ قَالَ: اُجْبُرْهَا، وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَلَوْ ضِمْنًا، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: زَوِّجْهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ أَوْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ شِئْت.
(أَوْ) أَمَرَهُ (بِالنِّكَاحِ) وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الزَّوْجَ وَلَا الْإِجْبَارَ بِأَنْ قَالَ لَهُ: زَوِّجْهَا أَوْ أَنْكِحْهَا أَوْ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت أَوْ لِمَنْ تَرْضَاهُ؛ فَلَهُ الْجَبْرُ، وَمُقَابِلُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْجَبْرِ قَوْلَهُ:(كَأَنْتَ وَصِيِّي عَلَيْهَا) : أَيْ عَلَى بِنْتِي أَوْ بَنَاتِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَالِغًا ثَيِّبًا] : أَيْ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ أَوْ الْبِكْرُ فَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ مَجْنُونَةً أَوْ عَاقِلَةً.
قَوْلُهُ: [وَإِلَّا فَلَا جَبْرَ لَهُ] : أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «لَا ضَرَرَ، وَلَا ضِرَارَ» قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْأَبِ لَهُ جَبْرُهَا مُطْلَقًا] : أَيْ وَلَوْ عَلَى دُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَا عَاهَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ، لَا يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الرِّضَا بِدُونِهِ لِلْوَصِيِّ، قِيلَ لِأَنَّ مَا هُنَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ لِمَصْلَحَةِ عَدَمِ الْفِرَاقِ.
[الثَّالِث مِنْ الْوَلِيّ المجبر وَصِيّ الْأَب]
قَوْلُهُ: [كَأَنْتَ وَصِيِّي عَلَيْهَا] : حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْأَبَ إذَا قَالَ لِلْوَصِيِّ: أَنْتَ وَصِيِّي عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي، أَوْ عَلَى نِكَاحِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ، أَوْ وَصِيِّي عَلَى بِنْتِي تُزَوِّجُهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت، لَهُ الْجَبْرُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ النِّكَاحِ أَوْ
أَوْ عَلَى بَعْضِهَا أَوْ بَعْضِهِنَّ فَلَهُ الْجَبْرُ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّقْلُ يُفِيدُ أَرْجَحِيَّةَ عَدَمِ الْجَبْرِ لِقَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ: بِخِلَافِ وَصِيِّي فَقَطْ أَوْ وَصِيِّي عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ فَلَا جَبْرَ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ الْجَبْرُ.
(وَهُوَ) : أَيْ الْوَصِيُّ (فِي الثَّيِّبِ) الْبَالِغَةِ - إذَا أَمَرَهُ الْأَبُ بِتَزْوِيجِهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: أَنْتَ وَصِيِّي عَلَى إنْكَاحِهَا - (كَأَبٍ) مَرْتَبَتُهُ بَعْدَ الِابْنِ. وَلَا جَبْرَ؛ فَإِنْ زَوَّجَهَا مَعَ وُجُودِ الِابْنِ جَازَ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا الْأَخُ بِرِضَاهَا جَازَ عَلَى الْوَصِيِّ لِصِحَّةِ عَقْدِ الْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ.
(ثُمَّ) بَعْدَ السَّيِّدِ وَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ فِي الْبِكْرِ وَالصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ (لَا جَبْرَ) لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ عَلَى أُنْثَى صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ جَبْرٌ (فَإِنَّمَا تُزَوَّجُ بَالِغٌ) لَا صَغِيرَةٌ (بِإِذْنِهَا)
ــ
[حاشية الصاوي]
التَّزْوِيجِ أَوْ الْبُضْعِ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْجَبْرِ، كَمَا إذَا قَالَ: أَنْتَ وَصِيِّي عَلَى بَنَاتِي أَوْ عَلَى بَعْضِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى بِنْتِي فُلَانَةَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: أَنْتَ وَصِيِّي فَقَطْ أَوْ عَلَى مَالِي أَوْ بَيْعِ تَرِكَتِي أَوْ قَبْضِ دَيْنِي، فَلَا جَبْرَ اتِّفَاقًا، فَلَوْ زَوَّجَ جَبْرًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَاسْتَظْهَرَ الْأُجْهُورِيُّ الْإِمْضَاءَ وَتَوَقَّفَ فِيهِ النَّفْرَاوِيُّ، وَأَمَّا إنْ زَوَّجَ بِلَا جَبْرٍ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ، هَذَا هُوَ تَحْرِيرُ الْمَسْأَلَةِ فَلْيُحْفَظْ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ فِي هَذَا الْمَقَامِ غَيْرُ وَاضِحٍ.
وَقَوْلُهُ: [جَازَ عَلَى الِابْنِ] : أَيْ مَضَى بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِلَّا فَالِابْنُ مُقَدَّمٌ كَمَا أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. تَنْبِيهٌ:
اسْتَثْنَى الْعُلَمَاءُ مِنْ وُجُوبِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مَسْأَلَةً نَصَّ عَلَيْهَا أَصْبَغُ، وَهِيَ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ إنْ مِتّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي فُلَانَةَ مِنْ فُلَانٍ، فَهَذَا يَصِحُّ طَالَ الْأَمْرُ أَوْ لَا، قَبِلَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِقُرْبِ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَ الطُّولِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقَيَّدَ سَحْنُونَ الصِّحَّةَ بِمَا إذَا قَبِلَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ بِقُرْبِ مَوْتِ الْأَبِ، لِأَنَّ الْعُقُودَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ بِقُرْبِهَا وَلَا سِيَّمَا عَقْدُ النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ فِيهَا، وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّهَا مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ، فَيَجِبُ إنْفَاذُهَا حَيْثُ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا أَمْ لَا فَتَدَبَّرْ.
وَرِضَاهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ الْبَالِغُ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا. وَسَيَأْتِي أَنَّ إذْنَ الْبِكْرِ صُمَاتُهَا، وَأَنَّ الثَّيِّبَ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا. وَمَصَبُّ الْحَصْرِ كِلَا الْأَمْرَيْنِ: أَيْ لَا تُزَوَّجُ إلَّا بَالِغٌ، وَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهَا؛ فَمَتَى فُقِدَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَسَدَ النِّكَاحُ وَفَسَدَ أَبَدًا عَلَى مَا شَهَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي الصَّغِيرَةِ، وَشَهَرَ الْمُتَيْطِيُّ فِيهَا أَنَّهُ يُفْسَخُ مَا لَمْ يَطُلْ. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ:" بَالِغٌ " قَوْلَهُ: (إلَّا) صَغِيرَةً (يَتِيمَةً) وَالتَّصْرِيحُ بِ " يَتِيمَةٍ " مِنْ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُجْبَرَةِ مَتَى كَانَتْ صَغِيرَةً كَانَتْ يَتِيمَةً إذْ لَوْ كَانَ لَهَا أَبٌ لَكَانَ مُجْبِرًا لَهَا. فَمَحَطُّ الِاسْتِثْنَاءِ قَوْلُهُ: (خِيفَ عَلَيْهَا) إمَّا لِفَسَادِهَا فِي الدِّينِ بِأَنْ يَتَرَدَّدَ عَلَيْهَا أَهْلُ الْفُسُوقِ، أَوْ تَتَرَدَّدُ هِيَ عَلَيْهِمْ، أَوْ تَكُونَ بِجِوَارِهِمْ حَتَّى تَتَطَبَّعَ بِطِبَاعِهِمْ وَتَمِيلَ إلَى الْهَوَى، وَإِمَّا لِضَيَاعِهَا فِي الدُّنْيَا لِفَقْرِهَا وَقِلَّةِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أَوْ لِخَوْفِ ضَيَاعِ مَالِهَا. فَقَوْلُنَا " خِيفَ عَلَيْهَا " ظَاهِرٌ فِي شُمُولِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ " خِيفَ فَسَادُهَا ". (وَبَلَغَتْ عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي سِنِّ مَنْ تُوطَأُ.
(وَشُووِرَ الْقَاضِي) بِسُكُونِ الْوَاوِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ: مِنْ الْمُشَاوَرَةِ لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا ذُكِرَ، وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ، وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ وَأَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا، (فَيَأْذَنُ لِوَلِيِّهَا) فِي الْعَقْدِ، وَلَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. وَظَاهِرُهُ: أَنَّ مُشَاوَرَةَ الْقَاضِي شَرْطُ صِحَّةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَثْبَتَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَتَبِعْنَاهُ فِيهِ، وَالْحَقُّ خِلَافُهُ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَسَيَأْتِي أَنَّ إذْنَ الْبِكْرِ صُمَاتُهَا] : أَيْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ الْأَبْكَارِ السِّتَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِنَّ بِالْقَوْلِ.
قَوْلُهُ: [كَانَتْ يَتِيمَةً] : أَيْ وَلَا سَيِّدَ لَهَا وَلَا وَصِيَّ.
قَوْلُهُ: [إذْ لَوْ كَانَ لَهَا أَبٌ] أَيْ أَوْ سَيِّدٌ أَوْ وَصِيٌّ.
قَوْلُهُ: [وَالْحَقُّ خِلَافُهُ] أَيْ كَمَا قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
غَيْرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْأَئِمَّةِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَةٍ كَانَ النِّكَاحُ صَحِيحًا قَطْعًا، نَعَمْ تُسْتَحْسَنُ الْمُشَاوَرَةُ لِثُبُوتِ الْوَاجِبَاتِ وَرَفْعِ الْمُنَازَعَاتِ. وَالْحَقُّ أَنَّ إذْنَهَا صَمْتُهَا كَغَيْرِهَا، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ أَنْ تَأْذَنَ بِالْقَوْلِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا فَسَادًا وَلَا ضَيْعَةً أَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَزُوِّجَتْ (فُسِخَ) نِكَاحُهَا.
(إلَّا إذَا دَخَلَ) الزَّوْجُ بِهَا (وَطَالَ) الزَّمَنُ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْبُلُوغِ فَلَا يُفْسَخُ. وَفَسَّرَ الطُّولَ (بِالسِّنِينَ) كَالثَّلَاثَةِ بَعْدَ دُخُولِهَا وَبُلُوغِهَا، (أَوْ) وِلَادَةِ (الْأَوْلَادِ) كَاثْنَيْنِ فِي بَطْنَيْنِ، وَشَهَرَ هَذَا الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: الْمَشْهُورُ الْفَسْخُ أَبَدًا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ كَمَا أَشَرْنَا لِذَلِكَ فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
مَا ارْتَضَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِيفَةِ الْفَسَادِ مَتَى خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ فِي مَآلِهَا، أَوْ فِي حَالِهَا زُوِّجَتْ بَلَغَتْ عَشْرًا أَوْ لَا، رَضِيَتْ بِالنِّكَاحِ أَمْ لَا، فَيُجْبِرُهَا وَلِيُّهَا عَلَى التَّزْوِيجِ، وَوَجَبَ مُشَاوَرَةُ الْقَاضِي فِي تَزْوِيجِهَا، فَإِنْ زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ مُشَاوَرَتِهِ صَحَّ النِّكَاحُ إنْ دَخَلَ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادَ وَزُوِّجَتْ صَحَّ إنْ دَخَلَ وَطَالَ (اهـ) . فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمَدَارُ عَلَى خُلُوِّهَا مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ، أَمَّا رِضَاهُمَا بِالزَّوْجِ وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْحَالِ، وَأَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا، وَأَنَّ الْجِهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ عَلَى التَّحْقِيقِ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَاضٍ يُشَاوَرُ لِعَدَمِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ ظَالِمًا كَفَى جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.
قَوْلُهُ: [بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ] : قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خِلَافِ الْفَسَادِ وَالْخُلُوِّ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: [أَوْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا] : ظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَزُوِّجَتْ مَعَ خَوْفِ الْفَسَادِ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالطُّولِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ صَحِيحٌ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ، وَلَا يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالطُّولِ إلَّا إذَا زُوِّجَتْ مِنْ غَيْرِ خَوْفِ فَسَادٍ.
قَوْلُهُ: [فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ فِي التَّشْهِيرِ] : وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بَعْدَ