الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحديث أخرجه البيهقي (2/ 438 - 439)، وابن حزم (4/ 440) من طريق المؤلف
…
" اهـ.
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1/ 274/ رقم:3147 - العلمية) من طريق: سفيان به.
ولكنه ذكر قول ابن عباس فقط.
فقه الأثر:
فيه: النهي عن تشييد المساجد؛ والمقصودب "تشييد المساجد"، رفع بنائها وتطويله، والمبالغة في ذلك، لما فيه من التشبه باليهود والنصارى في بناء كنائسهم وبِيَعِهِم.
وفيه النهي عن زخرفة المساجد؛ لأنها إنما بُنيت للعبادة والذّكر، لا للمباهاة والمفاخرة والزينة.
فأنت ترى أخي المسلم كيف يتباهى المسلمون اليوم في تشييد المساجد والإسراف في زخرفتها وبنائها، وحُقَّ لهؤلاء صرف هذه الأموال الطائلة في إطعام جياع المسلمين، أو بناء المعاهد والمدارس والمساجد الأخرى، بدل إنفاقها على الزخرفة والزينة، وحُق للمسلمين أن يَعْمرُوا مساجدهم بالصلاة والذكر والعبادة؛ لا بالزخرفة والزينة ومضاهاة الكافرين في أماكن عبادتهم، والله المستعان، وهو الموفق والهادي سبحانه.
* * *
-
التعجيل بالصلاة والإفطار هو السُّنَّة:
358 -
عن أبي عَطِيَّةَ [الوادعي الهمداني]- قال: دخلت أنا ومسروق على عائشةَ، فقلنا:"يا أمَ المؤمنينَ؛ رجُلَانِ من أصحَاب محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ أحدُهما يُعَجِّلُ الإِفْطَارَ ويُعَجّلُ الصَّلاةَ، والآخَر يؤخِّرُ الإفْطارَ ويؤخِّرُ الصَّلَاةَ"!
قالت: "أيهُمَا الذي يُعَجِّلُ الإِفْطَارَ ويُعَجِّلُ الصَّلَاةَ"؟.
قال: قلنا: "عبدُ اللهِ" - (يعني ابنَ مَسْعُودٍ) -.
قالت: "كذلكَ كانَ يَصْنَعُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم".
أخرجه مسلم (1099) -واللفظ له- وأبو داود (2354)، والنسائي في "الكبرى"(2/ 78، 79/ رقم: 2468، 2469، 2470، 2471) - لكن في الموضحين الأولين بلفظ: " .. أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور .. "، ففيه ذكر السحور بدل الصلاة- وفي "المجتبى" (4/ 143 - 144) أو رقم:(2157، 2158، 2159، 2160 - المعرفة) - وفيه في الموضعين الأولين ما تقدم في "الكبرى"- وأخرجه الترمذي (702)، وأحمد في "المسند"(6/ 48) وغيرهم، من طرق عن أبي عطية به.
وقد ورد ذكر الصحابي الآخر عند بعض من أخرجه؛ وهو أبو موسى الأشعري.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، وأبو عطية اسمه: مالك بن أبي عامر الهمداني، ويقال: مالك بن عامر الهمداني، وابن عامر أصحّ".
* * *
359 -
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268] قال: "إنَّ للمَلَكِ لَمَّةٌ، وللشيطانِ لمَّةٌ، فلَمَّة المَلَكِ إيعادٌ بالخير، وتصديقٌ بالحقّ؛ فمن وجَدَها فليَحْمَدِ اللهَ. ولَمَّةُ الشيطانِ إيعادٌ بالشَّرِّ، وتكذيبٌ بالحقّ؛ فمن وجَدَها فليسْتَعِذْ باللهِ".
حسن. أخرجه- عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 109) ومن طريقه الطبري في "تفسيره"(3/ 106 - ط. دار إحياء التراث) عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود به.
وهذا إسناد ضعيف لإنقطاعه؛ فعبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يسمع من عمّ أبيه عبد الله بن مسعود.
لكن للأثر طرق أخرى كما سيأتي.
تنبيه:
1 -
وقع تصحيف وسقط وتحريف في إسناد الأثر في مطبوعة "التفسير" للإمام عبد الرزاق؛ فَلْيُصَحَّح.
2 -
صحَّح المعلّق على "صحيح ابن حبان"(3/ 278 - ط. مؤسسة الرسالة) - إسناد هذا الأثر! فلم يصب، بسبب الإنقطاع كما تقدم.
وأخرجه الطبري في "تفسيره"(3/ 106) من طريق: ابن حميد، ثنا الحكيم بن بشير بن سليمان، ثنا عمرو، عن عطاء بن السائب، عن مرة، عن عبد الله به.
وعمرو هو: ابن قيس الملائي.
ثم أخرجه (3/ 156) من طريق: ابن علية، ثنا عطاء، عن أبي الأحوص، أو عن مرة، عن عبد الله به.
ثم أخرجه من طريق: حماد بن سلمة، عن عطاء، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود به.
ثم أخرجه من طريق: جرير بن عبد الحميد، عن عطاء، عن مرة به.
ثم أخرجه من طريق: سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن فطر، عن المسيب بن رافع، عن عامر بن عبدة، عن عبد الله به.
وبهذه الطرق -التي لا تخلو من مقال- يكون هذا الأثر حسنًا بمجموعها.
وقد رُوي الخبر مرفوعًا:
أخرجه: النسائي في "الكبرى"(6/ 305/ رقم: 11051)، والترمذي (2988)، والطبري في "تفسيره "(3/ 106)، وابن حبان (3/ 478/ رقم: 4999)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/ 529/ رقم: 2810)، وابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص 50/ رقم: 35 - ط. دار الخير).
من طريق: أبي الأحوص، عن عطاء بن السائب، عن مرة الهمداني، عن ابن مسعود به مرفوعًا.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وهو حديث أبى الأحوص؛ لا نعرفه مرفوغا إلا من حديث أبي الأحوص".
قلت: عطاء بن السائب اختلط، وسماع أبي الأحوص منه بعد الإختلاط.
قال ابن أبي حاتم في "العلل"(2/ 244 - 245/ رقم: 2224): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه أبو الأحوص عن عطاء بن السائب، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن للملك لمَّة، وللشيطان لمَّة
…
" الحديث، فقال أبو زرعة:
الناسُ يوقفونه عن عبد الله؛ وهو الصحيح.
فقال أبي: رواه حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب، عن مرة، عن عبد الله موقوفًا.
قلت: فأيها الصحيح؟
قال: هذا من عطاء بن السائب؛ كان يرفع الحديث مرة، ويوقفه أخرى، والناس يحدثون من وجوه عن عبد الله موقوف، ورواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن مسعود موقوف. وذكر أشياء من هذا النحو موقوف" اهـ.
فالأثر يصحُّ موقوفا لا مرفوغا؛ كما قال أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان.
وقال العلّامة أحمد محمد شاكر رحمه الله في "عمدة التفسير"(2/ 181): "وكذلك رواه الطبري (6170)، وإسناده وإسناد ابن أبي حاتم صحيحان، ثم رواه الطبري بأسانيد أُخر موقوفًا (6171 - 6176)، والترمذي وابن كثير يشيران من طرف خفي إلى تعليل المرفوع بالروايات الموقوفة، وما هي بعلة بعد صحَّة الإسناد، ثم هو مما لا يعلم بالرأي ولا يدخله القياس، فالموقوف لفظًا -فيه- مرفوع حكمًا، على اليقين" اهـ.
ونحو هذا الكلام الأخير في تعليقه على "تفسير ابن جرير الطبري"(5/ 572).
قلت.: وتصحيح الشيخ لإسناد المرفوع غير دقيق لما تقدم من العلة فيه، والصواب قول من أعله.
لكنه كما قال؛ فإن الأثر له حكم المرفوع، والله أعلم.
وانظر: "صحيح موارد الظمآن"(1/ 110 - 111/ رقم: 38)، و"النصيحة بالتحذير من تخريب ابن عبد المنان لكتب الأئمة الرجيحة" (ص 108/ رقم: 34) للعلامة الألباني رحمه الله.
* * *
- صَلَاةُ ركعتين بالزَّوْجَةِ ليلةَ البناءِ والدُّخُولِ بها:
360 -
عن أبي سعيد مولى أبي أُسيد [مالك بن ربيعة الأنصاري]، قال: "تَزَوَّجْتُ وأنا مملوك، فدَعَوْتُ أصحابَ النبيّ صلى الله عليه وسلم فيهم أبو ذر،
وابن مسعود، وحُذيفة-، فتقدّمَ حُذيفةُ ليُصَلّي بهم، فقال أبو ذر -أو رجل-: ليس لك ذلك، فقدَّموني وأنا مملوك، فأممتهم، فعلَّموني؛ قالوا:"إذا أُدْخِلَ عليكَ أَهْلُكَ فَصَلِّ ركعتين، ومُرْهَا فلتُصلِّ خلفَكَ، وخُذْ بناصِيَتِهَا، وسَلِ اللهَ خيرها، وتعوَّذ باللهِ من شرِّها".
لا بأس به. أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(2/ 393 /رقم: 3821) و (6/ 191 - 192/ رقم: 15462) -واللفظ له في الموضع الثاني- وابن أبي شيبة في "مصنفه"(2/ 30 - رقم: 6153 - العلمية).
من طريق: داود بن أبي هند، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "آداب الزفاف"(ص 95 - المكتبة الإسلامية): "وسنده صحيح إلى أبي سعيد، وهو مستور، لم أجد من ذكره؛ سوى أن الحافظ أورده في "الإصابة" فيمن روى عن مولاه أبي أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري، ثم رأيته في ثقات ابن حبان؛ قال (5/ 588) هندية: "يروي عن جماعة من الصحابة، روى عنه أبو نضرة".
ثم ساق هذه القصة دون قوله: فقالوا
…
إلخ، وهو رواية لابن أبي شيبة (2/ 23/ 1) " اهـ.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(2/ 392/ رقم: 3818) عن معمر، عن قتادة:"أن أبا سعيد صنع طعامًا، ثم دعا أبا ذر، وحذيفة، وابن مسعود، فحَضَرت الصلاة، فتقدم أبو ذر ليصلي بهم، فقال له حذيفة: وراءك، رب البيت أحقُّ بالإمامة. فقال له أبو ذر: كذلك يا ابن مسعود؟ قال: نعم. قال: فتأخَّر أبو ذر".
وهذا إسناد مرسل؛ أرسلَهُ قتادة.
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط"(4/ 233/ رقم: 2587) من طريق: وهب بن جرير، ثنا هشام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد به.
فقه الأثر:
فيه: استحباب إجابة الدعوة ولو كانت من مملوك، وقد ذهب جمع من
أهل العلم إلى وجوب إجابة الدعوة إلا من عذر؛ وهو الراجح.
وفيه من الفقه: استحباب صلاة الركعتين بالزوجة عند الدخول بها والبناء ليلة العُرس.
وفيه: أن الرجل يؤمّ في سلطانه وبيته، ولا يتقدم أحد للإمامة ولو كان عالمًا وصاحب منزلة.
* * *
361 -
عن شقيق -أبي وائل- قال: جاءَ رجل يُقَالُ له (أبو حَرِيز) فقال: إني تزوَّجْتُ جاريةً شابة بِكْرًا، وإني أَخاف أن تفْرُكَني.
فقال عبدُ الله-[يعني: ابن مسعود]-: "إنَّ الإلْفَ من اللهِ، والفِرْكَ من الشيطان، يريدُ أن يُكَرّهَ إليكم ما أَحَلَّ الله لكَم، فإذا أَتَتْكَ فَأْمُرْها أن تُصَليَ وراءَكَ ركعتين".
وفي رواية زيادة: "وقل: اللَهُمَّ بَارِكْ لي في أهلي، وبَارِكْ لهم فِيَّ، اللهم ارزقني منهم، وارْزقهم منّي، اللَهمَّ اجْمَعْ بيننا ما جمعتَ بخيرٍ، وفزقْ بيننا إذا فرَقْتَ إلى خَيْرِ".
صحيح. أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(6/ 191/ رقم: 10460، 10461)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (3/ 556 / رقم: 17150 - العلمية) والطبراني في "المعجم الكبير"(9/ رقم: 8993).
من طريق: الأعمش، عن أبي وائل به.
ورواه عن الأعمش كل من: سفيان الثوري، ومعمر، وأبو معاوية.
وأخرجه الطبراني (9/ رقم: 8994) من طريق: حماد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي؛ أن رجلاً أتى ابن مسعود، فقال .... فذكره.
وقد خالف الحسين بن واقد حمادَ بن سلمة؛ فرواه عن عطاء به مرفوعًا، أخرجه الطبراني في "الأوسط"(4/ 217/ 4018 - الحرمين).