الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
443 -
قال الحافظ سعيد بن منصور: نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: في قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]- قال: "هم الأمراء".
صحيح. أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" -التفسير- (1287/ 4/ رقم: 652 - ط. الصميعي)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/ 988/ رقم: 5530)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (12/ 212 - 215/ رقم: 12577 و 12585)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(8/ 498/ رقم 9856 - شاكر)، وابن المنذر في "تفسيره" (2/ 764/ رقم: 1925 - 1926).
من طرق؛ عن الأعمش به.
ورواه عن الأعمش، وكيع، وأبو معاوية، وحفص بن غياث.
فالأثر صحيح.
وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(8/ 254)، والعلامة أحمد شاكر في تحقيقه على "جامع البيان".
وقد تقدم في الجزء الأول برقم (19 و 20) تفسير الآية عن جابر ومجاهد، بأنهم "الفقهاء والعلماء".
وكلاهما صحيح ثابت، والحمد لله.
* * *
-
قصة أبي موسى الأشعري مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في الإستئذان:
444 -
قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا محمد بن سلام، أخبرنا مَخْلَدُ بن يزيد، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن عُبيد الله بن عمير، "أن أبا موسى الأشعري استأذنَ على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -فلم يؤذَنْ له، وكأنه كان مشغولًا، فرجع أبو موسى، ففَرَغَ عمر، فقال: "ألم أسمَعْ صَوْتَ عبد الله بن قيس؟! ائذنوا له".
قيل: قد رجَعَ.
فدعاه، فقال:"كنَّا نؤمرُ بذلك".
فقال: "تأتيني على ذلك بالبينة".
فانطلق إلى مجلسِ الأنصار، فسألهم، فقالوا: لا يشهدُ لك على هذا إلا أصغرنا = أبو سعيد الخدري.
فذهب بأبي سعيد الخدري، فقال عمر:"أَخَفِيَ هذا عليَّ من أَمْرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟! ألهاني الصَّفْقُ بالأسواقِ. يعني: الخروج إلى تجارة -".
وقال في موضع آخر -ما لفظه-: حدثنا عليُّ بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا يزيد بن خُصَيفة، عن بُسْرِ بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري، قال:"كنتُ في مجلسِ من مجالسِ الأنصار؛ إِذْ جاء أبو موسى -كأنه مَذعُورٌ-، فقال: استأذنتُ على عمرَ ثلالًا، فلم يُؤْذَنْ لي، فرجعتُ، فقال: ما منعكَ؟! قلتُ: استأذنتُ ثلاثًا، فلم يؤذَنْ لي، فرجعتُ، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استاذَنَ أحدُكم ثلاثًا، فلم يؤذن له، فليرجع".
فقال: واللهِ لتُقِيمَنَّ عليه ببيِّنَةِ. أَمِنْكُمْ أحدٌ سمِعَهُ من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أُبيُّ بن كعب: واللهِ لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فكنتُ أصغر القوم، فقمتُ معه، فأخبرتُ عمرَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال ذلك".
أخرج الرواية الأولى: البخاري في "صحيحه"(2062، 7353)، وفي "الأدب المفرد"(1065)، ومسلم (2153/ 36)، وأحمد (4/ 400)، وأبو داود (5182).
من طرق؛ عن ابن جريج به.
والرواية الثانية: البخاري (6245)، ومسلم (2153/ 33، 34، 35)، ومالك في "الموطأ"(2/ 963)، وأحمد (3/ 6، 19)، و (4/ 393، 403، 410، 418)، وأبو داود (5180)، والترمذي (2690)، وابن ماجه (3706)، والطيالسي (2164)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(19423)، والدارمي (2671)، والبيهقي في "السنن الكبير"(8/ 239)، و"الآداب"(275)، وابن حبان (5810)، والحميدي (751).
من طرق؛ عن أبي سعيد الخدري به.
ورواه عن أبي سعيد كل من أبي نضرة، وبسر بن سعيد.
وللحديث طرق أخرى.
فقه الأثر:
قال الحافظ ابن عبد البرّ رحمه الله في "التمهيد"(3/ 198 - 202):
"زعم قومٌ أن في هذا الحديث دليلًا على أن مذهب عمر أن لا يقبل خبر
الواحد، وليس كما زعموا؛ لأن عمر رضي الله عنه قد ثبت عنه استعمال
خبر الواحد وقبوله، وإيجاب الحكم به؛ أليس هو الذي ناشد الناس بمنى: من
كان عنده علم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدِّيَةِ فليخبرنا. وكان رأيه أن المرأة لا تَرِثُ من دية زوجها؛ لأنها ليست من عصبته الذين يعقلون عنه، فقام الضحّاك بن سفيان الكلابي، فقال:"كتب إليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَنْ أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها".
وكذلك ناشد الناس في دية الجنين: من عنده فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فأخبره حمل بن مالك بن النابغة: "أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة عبد أو أمة"، فقضى به عمر.
ولا يشك ذو لبّ ومن له أقل منزلة في العلم، أن موضع أبي موسى من الإسلام، ومكانه من الفقه والدين، أجل من أن يُرَدَّ خبرُه، ويُقبل خبر الضحّاك بن سفيان الكلابي، وحمل بن مالك الأعرابي -وكلاهما لا يقاس به في حال- وقد قال له عمر في حديث ربيعة هذا:"أما إني لم أتهمك، ولكني خشيتُ أن يَقولَ الناسُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم". فدل على اجتهاد كان من عمر رحمه الله في ذلك الوقت لمعنى الله أعلم به.
وقد يحتمل أَنْ يكون عمر رحمه الله كان عنده في ذلك الحين من لم يصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل العراق وأهل الشام؛ لأن الله فتح عليه أبيض فارس والروم، ودخل في الإسلام كثير ممن يجوز عليهم الكذب؛ لأن الإيمان لم يستحكم في قلوب جماعة منهم، وليس هذه صفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله قد أخبر أنهم خير أمة أخرجت للناس، وأنهم أشدَّاء على الكفار، رحماء بينهم، وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه.