الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن جريج، قال: سمعتُ ابنَ أبي مُليكةَ يقول: قال ابنُ عباس- رضي الله عنهما: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110]- خفيفة- ذهب بها هناك، وتلا:{حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
فلقيتُ عُروة بن الزبير، فذكرتُ له ذلك. فقال: قالت عائشة: "معاذَ الله! واللهِ ما وعَدَ اللهُ رسولَهُ من شيءٍ قط، إلا علم أنه كائنٌ قبل أن يموتَ، ولكن لم يزلِ البلاءُ بالرُّسلِ حتى خافوا أن يكون من معهم يكذبونهم، فكانت تقرؤها:{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا} -مثقَّلة-.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(7/ 2211/ رقم: 112060)، وابن جرير الطبري في تفسيره "جامع البيان"(13/ 105).
من طريق: ابن شهاب الزهري به.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" -كتاب "التفسير"- (6/ 369/ رقم: 11255، 11256)، وابن جرير (13/ 104).
من طريق: ابن جريج به.
وأخرج النسائي (6/ 370/ 11257) من طريق: وهب بن جرير، نا أبي، عن كلثوم بن جبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه قرأ {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} -خفيفة- قال:"إذا استيأسَ الرُّسُلُ من إيمانِ قومهم، وظن قومُهم أنَّ الرُّسَلَ كذَبُوهم".
وإسناده حسن؛ رجاله رجال الشيخين، عدا كلثوم بن جبير، وهو "صدوق يخطئ"، وقد أخرج له مسلم.
وأخرجه ابن جرير (13/ 54 - 55)، وابن أبي حاتم (7/ 2211/ رقم: 12059) من طرق؛ عن ابن عباس به.
* * *
-
قصة صَبيغ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
-:
522 -
قال الحافظ أبو بكر محمد بن الحسين الآجري: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي
الحارث، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، قال:
أُتي عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه، قالوا: يا أمير المؤمنين، إنَّا لقينا رجلًا يسألُ عن تأويل القرآن!
فقال: "اللَّهُم أَمْكِنّي منه".
قال: فبينا عمر ذات يوم يغذي الناس، إِذْ جاءه رجلٌ -عليه ثياب وعمامة- يتغذى، حتى إذا فرغ قال: يا أمير المؤمنين: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2)} [الذاريات: 1، 2]؟!.
فقال عمر: "أنتَ هو"؟! فقام إليه، فحسَرَ عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته. فقال:"والذي نفسُ عمر بيده؛ لو وجدتُكَ مَحْلُوقًا لضربتُ رأسَكَ. أَلْبِسُوهُ ثيابَهُ واحملوه على قَتَبٍ، ثم أَخْرِجُوهُ حتى تقدموا به بلادَه، ثم ليقُمْ خطيبًا، ثم ليقُلْ: إنَّ صَبيغًا طلب العلمَ؛ فأخطأه".
فلم يزل وضيعًا في قومه حتى هلك، وكان سيّدَ قومِهِ.
- ثم قال الآجري؛ أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي، قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يزيد بن حازم، عن سليمان بن يسار: أنَّ رجلًا من بني تميم - يقال له: صَبيغ بن عِسْل- قَدِمَ المدينةَ، وكانت عنده كتب، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه، فبعثَ إليه- وقد أَعَدَّ له عراجين النخل-، فلما دخل عليه جلس، فقال له عمر:"من أنتَ"؟ فقال: أنا عبدُ اللهِ صَبيغُ. فقال عمر: "وأنا عبدُ اللهِ عمرُ"، ثم أهوى إليه، فجعل يضربه بتلك العراجين، فما زال يضربه حتى شجَّه، فجعل الدَّمُ يسيلُ على وجهه، فقال: حَسْبُكَ يا أميرَ المؤمنين، فقد واللهِ ذهبَ الذي كنتُ أجِدُ في رأسي".
صحيح. الرواية الأولى: أخرجها الآجري في "الشريعة" (1/ 210/ رقم:
160)، وابن بطة في "الإبانة"(335)، واللالكائي في "شرح أصول الإعتقاد"(1136)، وابن الأنباري في "المصاحف" -كما في "الإصابة"(3/ 460) - وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(25/ 280 - ط. إحياء التراث).
وإسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات.
والرواية الثانية: أخرجها الآجري (1/ 211/ رقم: 161)، والدارمي في "السنن -أو المسند" (1/ 252/ رقم: 146 - ط. الداراني)، وابن بطة في "الإبانة"(789)، واللالكائي في "شرح أصول الإعتقاد"(1137، 1138)، وابن عساكر في "تاريخه"(25/ 279 - ط. إحياء التراث)، والهروي في "ذم الكلام" (4/ 6 - 7/ رقم: 718).
من طريق: حماد بن زيد به.
وإسناده ضعيف لإنقطاعه، سليمان بن يسار لم يدرك عمر رضي الله عنه.
وأخرجه الدارمي (1/ 254/ رقم: 150)، وابن وضّاح في "البدع"(159)، وابن عساكر في "تاريخه"(25/ 279 - 280).
من طريق: الليث بن سعد، أخبرني ابن عجلان، عن نافع مولى عبد الله؛ أن صبيغًا
…
فذكره.
وإسناده ضعيف منقطع.
وأخرجه ابن بطة (329) من طريق: محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه، قال: حدثنا أبو عثمان: أن رجلًا كان من بني يربوع يقال له: صبيغ .... فذكره بنحوه.
وأخرجه ابن عساكر (25/ 280) من طريق: هوذة بن خليفة، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي به.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام"(4/ 7/ رقم: 719)، وابن عساكر (25/ 281) من طريق: يعقوب بن سفيان الفسوي، نا علي بن الحسن بن شقيق، نا عبد الله، نا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، قال: كتب إلينا عمر: "لا
تجالسوا صبيغًا"، ذلك فلو جاءنا ونحن مائة لتفرقنا عنه. ولربما قال: لما جالسناه.
وللأثر طرق أخرى، نكتفي بهذا القدر منها.
فقه الأثر:
قال الآجري رحمه الله في "الشريعة"(1/ 211):
"فإن قال قائل: فمن يسأل عن تفسير {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (2)} استحق الضرب، والتنكيل به، والهجرة؟!.
قيل له: لم يكن ضرب عمر رضي الله عنه له بسبب هذه المسألة، ولكن لما تأدّى إلى عمر ما كان يسأل عنه من متشابه القرآن، من قبل أن يراه؛ علم أنه مفتون، قد شغل نفسه بما لا يعود عليه نفعه، وعلم أن اشتغاله بطلب علم الواجبات من علم الحلال والحرام أولى به، وتطلب علم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم -أولى به، فلما علم أنه مقبل على ما لا ينفعه، سأل عمر اللهَ تعالى أن يمكنه منه، حتى ينكّل به، وحتى يحذر غيره، لأنه راعٍ يجب عليه تفقد رعيته في هذا وفي غيره، فأمكنه الله تعالى منه".
وقال الإمام أبو عبد الله عُبيد بن محمد بن بطة العكبري في "الإبانة" - الكتاب الأول، كتاب الإيمان- (1/ 415 - 417):
"وعسى الضعيف القلب، القليل العلم من الناس إذا سمع هذا الخبر، وما فيه من صنيع عمر رضي الله عنه؛ أن يتداخله من ذلك ما لا يعرف وجه المخرج عنه، فيكثر هذا من فعل الإمام الهادي العاقل -رحمة الله عليه-، فيقول: كان جزاء من سأل عن معاني آيات من كتاب الله عز وجل أحبَّ أن يعلم تأويلها - أن يُوجَعَ ضربًا، ويُنفَى، ويُهْجَرَ ويُشْهَّرَ!!.
وليس الأمر كما يظنُّ من لا علم عنده، ولكن الوجه فيه غير ما ذهب إليه الذاهب، وذلك أن الناس كانوا يهاجرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، ويَفِدُونَ إلى خلفائه بعد وفاته -رحمة الله عليهم-، ليتفقهوا في دينهم، ويزدادوا بصيرة في إيمانهم، ويتعلَّموا علم الفرائض التي فرضها الله عليهم؛ فلما بلغ