الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولعلَّ زيدًا رضي الله عنه لم يعلم الصورة التي في الستر المذكور، أو عَلِمَها، لكن استجازه لأنه لم تبلغه الأحاديث الدالة على تحريم تعليق الستور التي فيها الصور، فأخذ بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم:(إلا رقمًا في الثوب)، فيكون معذورًا لعدم علمه بها.
وأما من علم الأحاديث الصحيحة الدالة على تحريم نصب الستور التي فيها الصور؛ فلا عذر له في مخالفتها
…
".
* * *
454 -
وروى الإمام مالك، عن أبي النَّضْرِ، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبةَ بن مسعود، أنه دخل على أبي طلحة الأنصاري يَعودُهُ، قال: فوجَدَ عنده سهلَ بنَ حُنَيْفٍ، فدعا أبو طلحة إنسانًا، فنزعَ نَمَطًا من تحته، فقال له سهلُ بنُ حُنيفٍ:"لم تَنْزَعْهُ"؟!.
قال: "لأن فيها تصاوير، وقد قال فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما علِمْتَ".
فقال سهل: "ألم يقُلْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إلا ما كان رَقمًا في ثوب"؟
قال: بلى، ولكنه أطيبُ لنفسي".
أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 966/ 7) في الاستئذان، وأحمد في "المسند"(3/ 486) أو رقم (16026 - قرطبة)، والترمذي (1750)، والنسائي في "الكبرى"(9766)، وفي "المجتبى"(8/ 212)، وغيرهم.
من طريق: أبي النضر به.
وصححه الترمذي، وقال الشيخ الألباني في "غاية المرام" (ص 134):"إسناده صحيح على شرط الشيخين".
* * *
-
النهيُ عن نَعْيِ الميت:
455 -
قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا يحيى بن آدم، ثنا حبيب بن سليم العبسي، عن بلال العبسي، عن حذيفة، أنه كان إذا ماتَ له ميتٌ، قال:
"لا تؤذنوا به أحدًا، إني أخافُ أن يكونَ نَعْيًا؛ إني سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النَّعْيِ".
حسن. أخرجه أحمد في "المسند"(5/ 406) أو رقم (23562 - قرطبة)، والترمذي (986)، وابن ماجه (1476)، والبيهقي (4/ 74).
من طريق: حبيب بن سليم به.
وحسنه الحافظ ابن حجر في "الفتح"(3/ 17)، والشيخ الألباني في "أحكام الجنائز"(ص 44 - المعارف).
فقه الأثر:
فيه النهي عن نعي الميت.
والنعي المنهي عنه: هو الذي كان يفعله أهل الجاهلية، من الصياح على أبواب البيوت والأسواق، أما النعي بالإخبار، فهذا جائز لا إشكال فيه.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز"(ص 44): "والنَّعيُ لغةً: هو الإخبار بموت الميت؛ فهو يَشْتملُ كلَّ إخبار، ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدلُّ على جواز نوع من الإخبار، وقيَّدَ العلماءُ بها مُطْلَقَ النهي، وقالوا: إن المرادَ بالنعي الإعلانُ الذي يُشْبِة ما كان عليه أهلُ الجاهلية من الصياح على أبواب البيوتِ والأسواقِ، كما سيأتي، ولذلك قلت: النعيُ الجائز
…
".
ثم ذكر رحمه الله أحاديث تدل على جواز النعي بإعلان الوفاة، فانظرها في المصدر السابق.
قال ابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي"(4/ 206): "يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاثة حالات:
الأولى: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح؛ فهذا سُنَّة.
الثانية: دعوة الحفل للمفاخرة؛ فهذه تكره.
والثالثة: الإعلام بنوع آخر، كالنياحة ونحو ذلك؛ فهذا يحرم" اهـ.
456 -
قال البخاري رحمه الله: حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان، قال:"إنَّ المنافقِين اليومَ شرٌّ منهم على عهد النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كانوا يومئذٍ يُسرُّونَ، واليومَ يَجْهَرُونَ".
أخرجه البخاري (7113)، والنسائي في "الكبرى" (6/ 491/ رقم: 11595)، وأبو نعيم في "صفة النفاق"(112، 113)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب"(1/ 130)، والفريابي في "صفة النفاق"(76).
من طريق: واصل الأحدب به.
وأخرجه وكيع في "الزهد"(475)، والطيالسي في "مسنده"(410)، وأبو نعيم في "الحلية"(1/ 280)، وفي "صفة النفاق"(110، 111)، والبزار في "مسنده"(7/ 283، 284/ رقم: 2870، 2871 - البحر الزخار)، والفريابي في "صفة النفاق"(75)، وابن أبي شيبة في "مصنفه"(15/ 109)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1/ 230/ رقم: 733 - ط. الخانجي)، والخلَّال في "السُّنَّة"(1643)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (1/ 397 - 398/ رقم: 94)، وابن بطة في "الإبانة"(912)، والخطيب البغدادي في "الموضح لأوهام الجمع والتفريق"(2/ 504).
من طريق: سليمان بن مهران الأعمش، عن شقيق بن سلمة أبي وائل به.
وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق"(313) من طريق: يعلى بن عبيد، ثنا أبو عمرو، عن عاصم، عن زر، عن حذيفة به.
* * *
457 -
قال الإمام محمد بن يزيد القزويني (ابن ماجه): حدثنا عمرو بن سوَّادٍ المصريُّ، ثنا عبدُ اللهِ بن وهبٍ، عن ابنِ لهيعة، عن عُقَيْلٍ، عن ابن شهاب، حدثني خالد بن أسلم -مولى عمر بن الخطاب- قال: خرجْت مع عبد اللهِ بن عمر، فلَحِقَهُ أعرابيٌّ، فقال له: قولُ اللهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ} [التوبة: 34]؟
فقال له ابنُ عمر: "مَنْ كنزَهَا فلم يُؤَدِّ زكاتها؛ فويلٌ له، إنما كان هذا
قبلَ أن تُنَزَّلَ الزكاةُ، فلما أُنزِلَتْ جعلها اللهُ طَهُورًا للأموالِ".
ثم التفت فقال: "ما أُبالي لو كان لي أُحدٌ ذهبًا؛ أعلمُ عدَدَهُ وأزكِّيه، وأعملُ فيه بطاعةِ الله".
صحيح. أخرجه ابن ماجه (1787) أو (1814 - ط. الشيخ علي الحلبي)، والبيهقي في "السنن الكبير"(4/ 82)، وأبو داود في "الناسخ والمنسوخ" -كما في "الفتح"(3/ 320) -، وعلَّقه البخاري مجزومًا به برقم (1404، 4661) -طرفه الأول-.
من طريق ابن شهاب به.
وطريق: البيهقي وأبي داود والبخاري: عن أحمد بن شبيب بن سعيد، حدثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب به.
قال البوصيري في زوائده على "السنن" لابن ماجه: "هذا إسناد ضعيف، لضعف ابن لهيعة، ورواه البخاري من طريق: الزهري، دون قوله: "ثم التفت، فقال" .. إلى آخره.
ورواه أبو داود في "الناسخ والمنسوخ" عن يحيى بن محمد الذُّهلي، عن أحمد بن شبيب، عن أبيه، عن يونس، عن الزهري.
ورواه الحاكم من طريق أحمد بن شبيب، ومن طريق الحاكم رواه البيهقي.
ورواه ابن مردويه في "تفسيره" عن دعلج بن أحمد بن دعلج، عن أبي عبد الله بن علي بن زيد الصائغ، عن أحمد بن شبيب.
ورواه أبو نعيم في المستخرج من طريق: موسى بن سعيد الدنداني، عن أحمد بن شبيب" اهـ.
قلت: تضعيف إسناده لا يسلّم به، فهو من رواية عبد الله بن وهب عن ابن لهيعة، وهي رواية قديمة صحيحة قبل احتراق كتب ابن لهيعة.
أضف إلى ذلك متابعة طريق أحمد بن شبيب.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "الصحيحة"(2/ 102 - 103): "وإسناده صحيح، وهو وإن كان موقوفًا فهو في حكم المرفوع؛ لأنه في أسباب
النزول، وذلك لا يكون إلا بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن عمر هذا هامٌ جدًّا في تفسير آية الإنفاق هذه، فإن ظاهرها وجوب إنفاق جميع ما عند المسلم من الذهب والفضة، وقد أخذ بهذا الظاهر بعض الأحزاب الإسلامية في العصر الحاضر، ولم يلتفتوا إلى هذا الحديث المبيِّن للمراد منها، وأنها كانت قبل فرض الزكاة المطهِّرة للأموال، فلما نزلت قيدت الآية، وبينت أن المقصود منها إنفاق الجزء المفروض على الأموال من الزكاة، وعلى ذلك دلت سائر الأحاديث التي وردت في الترهيب من منع الزكاة، وكذلك سيرة السلف الصالح، فإن من المقطوع به أن عثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهما من أغنياء الصحابة لم ينفقوا أموالهم كلها، بل ماتوا وقد خلَّفوا لورثتهم أموالًا طائلة، كما هو مذكور في كتب السيرة والتراجم.
ثم قال: وقد روى مالك (1/ 256) عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعتُ عبد الله بن عمر وهو يسأل عن الكنز ما هو؟
فقال: "هو المال الذي لا تؤدَّى منه الزكاة".
وإسناده صحيح غاية" اهـ.
قلت: وانظر الأثر الذي بعده.
* * *
458 -
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن عبد العزيز، عن نافع، عن ابن عمر، قال:"ما أُدِّيَ زكاته فليس بكنز؛ وإن كان تحت سبع أرضين، وما لم تؤدِّ زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرًا".
صحيح. أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(6/ 1788 / رقم: 10081)، وابن جرير الطبري في "جامع البيان"(10/ 134 - 135).
من طرق؛ عن نافع به.
ورواه عن نافع: أيوب، وإسماعيل بن أمية، ويحيى بن سعيد، وغيرهم.
* * *
459 -
قال الإمام محمد بن إسحاق بن خزيمة: حدثنا محمد بن يحيى،
قال: ثنا سُرَيْجُ بنُ النعمان -صاحب اللؤلؤ-، عن ابن أبي الزناد، عن أبي الزناد، عن عروة بن الزبير، عن نِيَارِ بنِ مُكْرِم الأسلمي -صاحب وسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لما نزلَتْ {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)} ، خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل يقرأ:{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ
…
}.
فقال رؤساء مشركي مكة: يا ابن أبي قحافة! هذا مما أتى به صاحبك.
قال: "لا والله؛ ولكنه كلامُ اللهِ وقولُهُ".
فقالوا: فهذا بيننا وبينك إن ظهرت الروم على فارس في بضع سنين، فتعالَ نُنَاحِبُكَ -يريدون: نراهنُكَ- وذلك قبل أن ينزلَ في الرهان ما نزل.
قال: فراهنوا أبا بكر، ووضعوا رهائنهم على يدي فلان.
قال: ثم بكَّروا، فقالوا: يا أبا بكر، البضع ما بين الثلاث إلى التسع، فاقطع بيننا وبينك شيئًا ننتهي إليه".
حسن. أخرجه ابن خزيمة في "التوحيد"(1/ 504 - 405/ رقم 236)، وعبد الله بن أحمد في "السُّنَّة" (رقم: 116)، والبيهقي في "الإعتقاد"(ص 107 - 108/ ط. أبي العينين)، وفي "الأسماء والصفات" (1/ 585/ رقم: 510)، والتيمي الأصبهاني في "الحجة في بيان المحجة" (1/ 262 و 291/ رقم: 112 و 152)، والترمذي (3194) -بنحو منه- وابن بطة في "الإبانة"(2/ 483 - 484)، وابن الأثير في "أسد الغابة"(5/ 374).
وعلَّقه البخاري في "خلق أفعال العباد"(رقم: 92).
من طريق: سُريج به.
قال الحافظ البيهقي في "الأسماء والصفات": "وهذا إسناد صحيح".