الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
فضلُ الشهادة في سبيل الله:
559 -
قال الإمام مسلم رحمه الله: حدثني حسنُ بن علي الحلواني، حدثنا أبو توبة، حدثنا معاوية بن سلَّام، عن زيد بن سلَّام، أنه سمع أبا سلَّام، قال: حدَّثني النعمان بن بشير، قال: "كنتُ عند منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رجل: ما أُبالي أن لا أعملَ عملًا بعد الإسلام إلَّا أَنْ أَسْقِيَ الحاجَّ.
وقال آخرُ: ما أُبالي أن لا أعملَ عملًا بعد الإسلام إلَّا أَنْ أَعْمُرَ المسجدَ الحرامَ.
وقال آخرُ: الجهادُ في سبيل الله أفضل ممَّا قلتُم.
فزجَرَهم عمر، وقال:"لا ترفَعُوا أصواتكم عند منبرِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يوم الجمعة، ولكِنْ إذَا صلَّيتُ الجمعةَ؛ دخلتُ، فاستفتيتُه فيما اختلفتم فيه"، فأنزل الله عز وجل:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 19] الآية إلى آخرها".
أخرجه مسلم (1879)، وأحمد (4/ 269)، وابن جرير الطبري في تفسيره "جامع البيان"(10/ 95)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (6/ 1767/ رقم: 10063)، وابن حبان (4591)، والبغوي في تفسيره "معالم التنزيل"(2/ 275)، وغيرهم.
من طريق: معاوية بن سلام به.
* * *
-
من فضائل أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها
-:
560 -
قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا عبد الرزاق، قال: أنا معمر، عن (1) ابن خثيم، عن ابن أبي مليحة، عن ذكوان -مولى عائشة-: أنه استأذنَ
(1) وقع في مطبوعة "فضائل الصحابة": "أنا معمر وابن خثيم"! والصواب ما أثبتناه، خلافًا لما استصوبه محقق "فضائل الصحابة" وفقه الله.
لابن عباس على عائشة، وهي تموت، وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، فقال: "هذا ابنُ عباس يستاذِنُ عليكِ؛ وهو من خير بنيكِ.
فقالت: دعني من ابنِ عباس، ومن تزكيته.
فقال لها عبد الله بن عبد الرحمن: إنَّه قارئ لكتاب الله، فقيهٌ في دينِ الله، فَأْذني له ليسلِّمَ عليكِ، وليودِّعكِ.
قالت: فَأْذَنْ له إن شئتَ.
قال: فأذِنَ له، فدخل ابنُ عباس، ثم سلَّم وجلس، فقال: أبشري يا أم المؤمنين؛ فواللهِ ما بينكِ وبين أن يذهبَ عنكِ كل أذًى ونَصَب -أو قال: وَصَب- وتلقي الأحِبَّةَ -محمدًا وحزبَه -أو قال: وأصحابه -إلا أن يُفَارِقَ روحُكِ جسدَكِ.
قالت: وأيضًا!
فقال ابنُ عباس: كنتِ أحبَّ أزواج رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه، ولم يكن لِيُحِبَّ إلا طيِّبَا، وأنزل الله عز وجل براءتكِ من فوقِ سبع سمواتِ، فليس في الأرضِ مسجد الَّا هو يتلى فيه آناءَ الليلِ وآناءَ النهَارِ، وسقَطَتْ قلادتكِ ليلةَ الأبواءِ فاحتُبسَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنزلِ؛ والناسُ معه في ابتغائهَا، -أو قال: في طلبها- حتى أصبحَ القومُ على غير ماءِ؛ فأنزل الله عز وجل: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43]، فكان في ذلك رخصة للناس عامَّة في سببكِ؛ فوالله إنكِ لمباركة.
فقالت: دعني يا ابنَ عباس من هذا، فواللهِ لوددتُ لو أني كنتُ نسيًا منسيًّا".
صحيح. أخرجه أحمد في "المسند"(1/ 276) أو رقم: (2496 - شاكر) و (1/ 349) أو رقم (3262)، وفي "فضائل الصحابة"(1639)، وابن سعد في "الطبقات الكبير"(8/ 75)، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/ رقم:
10783)، وأبو يعلى في "مسنده" (5/ 56 - 57/ رقم: 2648)، وعثمان بن سعيد الدارمي في "نقضه على المريسي" (1/ 520 - 521 ط. الرشد) أو (رقم: 138 - ط. أضواء السلف)، وفي "الرد على الجهمية"(84).
من طرق؛ عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به.
وأخرجه أحمد في "المسند"(1/ 220) أو رقم (1905 - شاكر)، والحاكم في "المستدرك"(4/ 8 - 9)، وابن حبان في "صحيحه"(7108)، وأبو نعيم في "الحلية"(2/ 45).
من طرق؛ عن عبد الله بن عثمان بن خثيم به، -دون ذكر ذكوان- مولى أم المؤمنين رضي الله عنها.
وصحح إسناده الحاكم، والذهبي، وأحمد شاكر، والألباني في "مختصر العلو" (ص 130/ رقم: 92).
وأخرجه البخاري (4753)، وأحمد في "فضائل الصحابة"(1644)، وابن سعد في "الطبقات"(8/ 74).
من طريق: عمر بن سعيد بن أبي حسين، قال حدثني ابن أبي مليكة، قال: استأذن ابنُ عباس
…
فذكره بنحوه مختصرًا.
فقه الأثر:
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في "فتح الباري"(8/ 484):
"وفي هذه القصة دلالة على سَعَةِ علم ابنِ عباس، وعظيم منزلته بين الصحابة والتابعين، وتواضع عائشة، وفضلهَا، وتشديدها في أمرِ دينِها، وأن الصحابةَ كانوا لا يدخلون على أمَّهاتِ المؤمنين إلا بإذن، ومَشورة الصغير على الكبير إذا رآه عدَلَ إلى ما الأَوْلى خلافهُ، والتنبيه على رعاية جانب الأكابر من أهل العلم والدين، وأن لا يُتركَ ما يستحقُّونَهُ من ذلك لمعارض دون ذلك في المصلحة" اهـ.