المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التوسط في الحب والبغض: - سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين - جـ ٢

[الداني آل زهوي]

فهرس الكتاب

- ‌ أوقاتُ الغُسْل:

- ‌ النهي عن زخرفة المساجد:

- ‌ التعجيل بالصلاة والإفطار هو السُّنَّة:

- ‌ السُّنَّة في البِكْرِ والثَّيِّبِ، كم يقيم عندهما

- ‌ المعاصي سبَبٌ في نسيان العلم:

- ‌ خروج النساء إلى المسجد:

- ‌ التوسُّط في الحبّ والبغضِ:

- ‌ الصلاة على ولد الزنا إذا مات:

- ‌ من السّنَنِ المهجورة: سُنَّهُ حلّ الأزرار: [

- ‌ إكثار أبي هريرة من الرواية عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌لا يَتَعَلَّمُ العلمَ مُسْتَحْي ولا مُسْتَكْبِرٌ

- ‌ عِظَمُ حُرْمَةِ المؤمن:

- ‌ تحريم غيبة المسلم:

- ‌ ذمُّ الخوارج:

- ‌ الصلاة خلف الإمام المفتون:

- ‌أول جمعة جمعت في الإسلام:

- ‌ حفظ اللسان:

- ‌ وجوب الصلاة إلى سترة:

- ‌ القراءة في صلاة الجنازة:

- ‌السُّنَّةُ في الصلاةِ على الجنازةِ:

- ‌ الوتر سُنَّة؛ ليس بواجب:

- ‌ الأكل قبل الذهاب للصلاة يوم عيد الفطر:

- ‌ هل تصلِّي المرأة في ثوبٍ حاضت فيه

- ‌ دعاء الرجل لمولوده:

- ‌ جواز تقبيل الخد:

- ‌ ما يُقال عند العَطْسِ:

- ‌ جواز تشميت الرجل للمرأة، ولا يُشَمِّتُ من لم يَحْمَدِ الله

- ‌ لا أذان ولا إقامة لصلاة العيد:

- ‌ قصة أبي موسى الأشعري مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في الإستئذان:

- ‌ حكم من غسَّلَ ميتًا

- ‌ الإغتسال عند الإحرام وعند دخول مكة:

- ‌ الفصل بين صلاة الفرض وصلاة التطوع:

- ‌ يومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النحر:

- ‌ من فضائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌ النهيُ عن نَعْيِ الميت:

- ‌ أخذ الجزية من المجوس:

- ‌ تلطيخُ رأسِ المولود بالخَلوق:

- ‌ فضلُ أولي العزم:

- ‌ حرص التابعين على سماع حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ورحلتهم من أجله:

- ‌ فضل قراءة القرآن:

- ‌ مِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ:

- ‌ التثويبُ في أذان الفجرِ:

- ‌ إثمُ من لم يتِمَّ الصفوف:

- ‌مَوْقفُ الصحابه رضي الله عنهم ممَّن يتخلَّف عن صلاة الجماعة:

- ‌ الصلاة قبل الجمعة وبعدها:

- ‌ وصية عمرو بن العاص رضي الله عنه عند موته:

- ‌ نهيُ الَأمَةِ أن تَتَشبَّهَ في لباسِهَا بالحرائر:

- ‌ قراءة السورة فيها السجدة على المنبر يوم الجمعة:

- ‌ القرآن كلامُ الله، ليس بالمخلوق:

- ‌ الأنبياء كلهم على شريعة واحدة:

- ‌ عدم جواز تحريق الناس بالنار، وانِ ارتدُّوا:

- ‌ نجاسة الكلب:

- ‌ الطواف بالبيت قبل الوقوف بعرفة:

- ‌ الجمعة في القرى:

- ‌ القلوب أوعية؛ فاشغلوها بالقرآن:

- ‌ البول من قيام:

- ‌ المضمضة من اللبن:

- ‌ إتيان الكاهن والعرَّاف من أعمال الكفر:

- ‌ لكل أهل بلدٍ رؤيتهم:

- ‌ الوِصَايَةُ بالعلم:

- ‌ النهي عن الصلاة بين السواري:

- ‌ الزنا منافٍ للإيمان:

- ‌ إيفاء الكيل:

- ‌ من علامات آخر الزمان:

- ‌ الحلال ما أحلَّه الله، والحرامُ ما حرَّمه، وما سكت عنه فهو عفو:

- ‌ القنوت في الصلاة:

- ‌ التقوى من أهم وسائل دَفْعِ الفِتَنِ

- ‌ قصة صَبيغ مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ من علامات آخر الزمان:

- ‌ لحم الصيد للمُحْرِمِ:

- ‌ سوء مذهب الخوارج:

- ‌كان المُسْتَفْتِحَ يومَ بَدْرِ أبو جهل

- ‌ الإيمان بالغيب:

- ‌ صحَّة صوم من طلع عليه الفجر وهو جُنُب:

- ‌ حفظ اللسان:

- ‌ عددُ التكبيرات على الجنازة:

- ‌ الحَلِفُ في البيع

- ‌ الصّبْرُ على جَوْرِ السلطان:

- ‌ حقٌّ على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات

- ‌ التَّمتُع بالحجّ:

- ‌ الإغتسال والوضَوء بالماء الساخن:

- ‌ الدعاء في السعي بين الصفا والمروة:

- ‌ فضلُ الشهادة في سبيل الله:

- ‌ من فضائل أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌ الوضوء بفضل السواك:

- ‌الرياء من الشرك الأصغر:

- ‌ مداواة النساء للجرحى في الحرب:

- ‌النهي عن تمنِّي الموت:

- ‌ النهي عن البغي:

- ‌ سعة علم عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما

- ‌ الزهد في الدنيا:

- ‌ من آداب الدعاء:

- ‌ أَعَفَّ الناسِ قِتْلَةَ أهلُ الإيمانِ

- ‌ الغسل يوم الجمعة:

- ‌ كيفية نزول تحريم الخمر:

- ‌ المسجدُ الذي أسِّسَ على التقوى:

- ‌ كراهية السلف الإكثار من الفتيا:

- ‌ مواقيتُ الصلاة:

- ‌ صلة الرَّحم:

- ‌ نَهْيُ الرجلِ أن يُخْرِجَ في الصَّدَقةِ شرَّ مالِهِ:

- ‌ من وَرَعِ الصِّدِّيق رضي الله عنه

- ‌ الصلاة عند القبور:

- ‌ عدد تكبيرات صلاة العيد:

- ‌ قتل الخطأ في المعركه:

- ‌ من فاتته الركعة فقد فاتته السجدة:

- ‌ حكم الإستعانة بالمشركين في ولاية أمور المسلمين:

- ‌ هِجْرَة عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما ومبايعتهما رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ المسح على الجبائر:

- ‌ أكلُ أبي طلحة البَرَدَ وهو صائم

- ‌ الجمع بين الصلاتين في المطر:

- ‌ متى يكون الإحرامُ بالحج

- ‌ الجمع بين الأختين بملك اليمين:

- ‌ نهي الإمام أن يقفَ في الصلاة في مكان أرفع من المأمومين:

- ‌ الصوم والفطر في السَّفر:

- ‌ تزيين الجدر بالفرش والبسط:

- ‌ استحباب تعجيل الفِطر:

- ‌ صيام أيَّام التشريق:

- ‌ صيام الدَّهر:

- ‌ القرآن كلامٌ الله:

- ‌ الخطبة قبل الصلاة يوم العيد من المحدثات:

- ‌ التنفُّل بالصلاة قبل صلاة العيد وبعدها:

- ‌ ترك الوضوء ممّا مسَّت النار

- ‌ فضل العلماء:

- ‌ تفسير دلوك الشمس:

- ‌ الوطأ على العَذِرة:

- ‌ السَّفَرُ يوم الجمعة:

- ‌ الوضوء بعد الغسل:

- ‌ خروج النساء إلى صلاة العيد:

- ‌ ما جاء في المُسْتَحَاضَةِ:

- ‌ ذمّ الخصومات والأهواء:

- ‌ دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيبِ:

- ‌ ما جاء في الوسوسة:

- ‌ جواز حجّ الأجير:

- ‌ من آدابِ السَّلام:

- ‌ طعامُ العُرس والوليمة:

- ‌ الغُسل يوم الجمعة:

- ‌المؤمنُ يُطْبَعُ على الخِلالِ كُلّها؛ غير الخيانَةِ والكَذِبِ

- ‌ ما يقَالُ عند سماع الرَّعْدِ:

- ‌ قول العالم: لا أعلم:

الفصل: ‌ التوسط في الحب والبغض:

-‌

‌ التوسُّط في الحبّ والبغضِ:

370 -

عن أَسْلَم العدوي، قال: قال لي عمر بن الخطاب: "يا أسلم؛ لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفًا، ولا يكن بغضُكَ تَلَفًا".

قلت: وكيف ذلك؟

قال: "إذا أَحْبَبْتَ فلا تَكْلَفْ كما يَكْلَفُ الصَّبِيُّ بالشيءِ يُحِبُّهُ، وإذا أَبْغَضْتَ فلا تبغضْ بُغْضًا تُحِبُّ أن يَتْلَفَ صاحبُكَ ويَهْلَكَ".

صحيح. أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"(11/ 181/ رقم:20269)، والبخاري في "الأدب المفرد" (رقم: 1322)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (1/ 223 - 224/ رقم: 484، 486 - مسند عمر)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 261/ رقم 6598 - العلمية) والبغوي في "شرح السُنَّة" (3/ 65/ رقم: 3581)، والخرائطي في "اعتلال القلوب" (رقم: 370) -مختصرًا- والخطابي في "العزلة"(ص 238).

من طرق: عن زيد بن أسلم، عن أبيه به.

قال الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي رحمه الله في رسالته "الجواب الذي انضبط عن لا تكن حُلْوًا فتُسترط"(ص 64):

"ومعناه: إذا أحببتَ فلا تُفرط؛ فتكون مثل كَلَف النساء والصبيان، وإذا أبغضتَ فلا تفرط إفراطًا تود أن من تبغضه يتلفه" اهـ.

تنبيه:

استفدتُ تخريجَ الأثر من تخريج الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان -وفقه الله- في تحقيقه للرسالة المذكورة؛ فليُعْلَمْ.

* * *

371 -

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال:"أَحْبِبْ حَبيبَكَ هَوْنًا ما؛ عسى أن يكونَ بَغِيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا ما؛ عسى أن يكونَ حَبِيبَكَ يومًا ما".

رُوِيَ موقوفًا ومرفوعًا.

ص: 38

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد"(رقم: 1321)، وابن أبي شيبة في الأوائل من "مصنفه" (14/ 102/ رقم: 17725 - الهندية).

من طريق: مروان بن معاوية، ثنا محمد بن عُبيد الكِندي، عن أبيه، قال: سمعتُ عليًّا يقول لابن الكوَّاء: "هل تدري ما قال الأول "؟

ثم ذكره.

وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد والمتابعات -على ضَعْفٍ فيه-.

محمد بن عُبيد الكندي؛ أبو جابر الكوفي، روى عنه سفيان الثوري ومروان بن معاوية الفزاري. وذكره ابن حبان فى "الثقات"، وقال الحافظ فى "التقريب":"مقبول".

وأبوه عُبيد الكندي؛ روى عنه ابنه محمد، وقال عنه الذهبي فى "ميزان الإعتدال" (5/ 32/ 5458 - العلمية):"لا يُعرف؛ تفرد عنه ولده محمد".

وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": "مقبول".

وأخرجه عمر بن شبّة في "أخبار المدينة"(4/ 1266)، والبلاذري فى "أنساب الأشراف"(5/ 95).

من طريق: عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن محمد بن عُبيد الأنصاري، عن أبيه به.

[وتحرَّفت في مطبوعة "أخبار (تاريخ) المدينة" من "زيد بن أبي أُنيسة" إلى "زيد بن أبي أمية"!

وعنده أيضًا: "محمد بن عبيد الله الأنصاري"].

وعبيد الله بن عمرو؛ هو الرَّقي، أبو وهب الأسدي، وهو ثقة.

وزيد بن أبي أنيسة؛ ثقة أيضًا، وزاد الحافظ:"له أفراد".

محمد بن عُبيد [أبو عبيد الله] الأنصاري، وأبوه؛ لم يتَبَيَّنَا لي، فلينظرا.

وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة"(رقم: 484)، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" (1/ 222/ رقم: 482)، وفي مسند علي بن أبي طالب - (ص 285/ رقم: 441)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(9/ 720 و 13/ 142 - ط. المجمع العلمي بدمشق)، وعبد الله بن أحمد في "السنَّة" (2/ 588 /رقم: 1394).

ص: 39

من طريق: شهاب بن خراش، ثني الحجاج بن دينار، عن أبي معشر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن علي بن أبي طالب به؛ مطوَّلاً.

وهذا إسناد ضعيف.

شهاب بن خراش؛ حسن الحديث إن شاء الله.

والحجاج بن دينار؛ هو الواسطي، ثقة.

وأبو معشر؛ هو نجيح بن عبد الرحمن المدني، وهو ضعيف.

وأخرجه ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار"(1/ 222/ رقم: 480) و (ص 284/ رقم:440 - مسند علي) والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 260/ رقم: 6593).

من طريق: عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن علي به.

وعطاء بن السائب مختلط، وهو منقطع بين أبي البختري وعلي رضي الله عنه.

وأخرجه ابن جرير في "تهذيب الآثار"(1/ 221 - 222/ رقم: 478) و (ص 284/ رقم: 438 - مسند علي)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 260/ 6594).

من طريق: إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة [بن يريم]، عن علي به. وهذا إسناد لا بأس به.

وتابعَ إسرائيلَ سعيدُ بن أبي عروبة عند مسدد في "مسنده" -كما في "المطالب العالية"(رقم: 763)، و"إتحاف الخيرة المهرة" (6/ 106/ رقم: 5430 - الوطن).

وقال البوصيري: "هذا حديث موقوف؛ إسناده حسن، هبيرة مختلف فيه، وباقي رجال الإسناد ثقات".

وأخرجه ابن جرير في "تهذيب الآثار"(ص 184/ رقم: 439 - مسند علي)، و (1/ 222 / رقم: 479، 481 - مسند عمر).

من طريق: شعبة، عن عقيل بن طلحة، قال: سمعتُ مولى لقريظة بن كعب، قال: سمعتُ عليًّا يخطب

فذكره.

ص: 40

وأخرجه ابن جرير (ص 285/ رقم: 441) من طريق: عباد بن يعقوب الأسدي، ثنا عبد الله بن بكير وبشر بن عمارة، عن محمد بن سوقة، عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: حدثني شيخ أن عليًّا قال لرجل

فذكره.

وإسناده ضعيف.

وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 260/ رقم: 6595) من طريق: محمد بن عيسى بن السكن، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن أيوب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي به.

وقد اختُلِفَ في هذا الإسناد كما سيأتي.

هذه الطرق التي وقفتُ عليها من الروايات الموقوفة على عليّ- رضي الله عنه في هذا الأثر، وبمجموعها يكون الأثر حسنَا عن علي عليه السلام -موقوفًا.

وقد رُوي مرفوعًا؛ ولا يصح، وإليك البيان:

فقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان"(5/ 260 - 261/ رقم: 6596، 6597)، وابن جرير في "تهذيب الآثار" -مسند علي- (ص 183/ رقم: 438)، وأبو الشيخ في "الأمثال"(113)، وتمام في "الفوائد"(1541، 1542)، والخرائطي في "اعتلال القلوب" (رقم: 371).

من طريق: الحسن بن أبي جعفر، عن أيوب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي به مرفوعًا.

قال ابن حبان في "المجروحين"(1/ 347 - 348): "وهو خطأ فاحش".

قلت: وسببه أن حماد بن سلمة رواه عن أيوب، عن ابن سيرين عن أبي هريرة مرفوعًا كما سيأتي.

كما رواه حماد عن أيوب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي موقوفًا، كما تقدم عند البيهقي في "الشعب".

ورواه عن أيوب هارون بن إبراهيم الأهوازي، عن ابن سيرين، عن حميد بن عبد الرحمن، عن علي؛ مرفوعًا.

ص: 41

كما في "الفوائد" لتمام الرازي (1539، 1540)، و"الأمثال" لأبي الشيخ (112).

وقال البيهقي في "السنن الكبير"(5/ 261): "والمحفوظ الموقوف".

وانظر "العلل" للد ارقطني (4/ 33 - 34/ رقم: 419).

وقال ابن عساكر في "تاريخ دمشق "(45/ 5): "والصحيح أنه موقوف على علي".

أما حديث أبي هريرة المشار إليه آنفًا؛ فقد أخرجه الترمذي (1997)، وابن جرير فىِ "تهذيب الآثار" (1/ 223/ رقم: 483)، وتمام الرازي في "الفوائد"(1544، 1545)، وابن عدي في "الكامل"(2/ 712 - الفكر)، وابن حبان في "المجروحين"(1/ 347)، وأبو الشيخ في "الأمثال"(114)، والبيهقي في "الشعب" (5/ 260/ رقم: 6596).

من طريق: سويد بن عمرو الكلبي، عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة -أراه رفعه-.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه، وقد رُوي هذا الحديث عن أيوب بإسناد غير هذا؛ رواه الحسن بن أبي جعفر -وهو حديث ضعيف أيضا- بإسناد له عن علي، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والصحيح عن علي موقوفٌ من قوله".

وأعلَّه ابن حبان بسويد بن عمرو.

قال الشيخ الألباني رحمه الله في "غاية المرام"(ص 216/ رقم: 472): "إسناد حديث أبي هريرة عندي جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم، ليس فيهم من ينظر في حاله سوى سويد بن عمرو الكلبي، وقد قال النسائي وابن معين: "ثقة". وقال العجلي: "ثقة ثبت في الحديث، وكان رجلاً صالحًا متعبدًا". ولم يتكلم فيه غير ابن حبان كما رأيت، فلا يلتفت إليه؛ لا سيما وهو من رجال مسلم، فاتفاق الجماعة على توثيقه مما يوهن كلام ابن حبان فيه، ولقد أحسن الذهبي حين قال في "الميزان": "وأما ابن حبان؛ فأسرف واجترأ، فقال: كان يقلب الأسانيد .. " ثم نسي الذهبيُّ هذا فأورده في "الضعفاء" من أجل كلام

ص: 42

ابن حبان هذا؛ وقال الحافظ في "التقريب": "أفحش ابنُ حبان القول فيه، ولم يأتِ بدليل".

ولذلك لم يعرج الخزرجي عليه، فلم يذكر في المترجم غير توثيق الأئمة الثلاثة الذين ذكرناهم، وهذا هو الصواب إن شاء الله تعالى؛ فالإسناد صحيح، واستغراب الترمذي لا وجه له. ولذلك قال المناوي:"وقد استدرك الحافظ العراقي على الترمذي دعواه غرابته وضعفه، فقال: قلتُ: رجاله رجال مسلم، لكن الراوي تردَّدَ في رفعه، انتهى. والمصنف (يعني السيوطي) رمز لحسنه".

والتردد الذي ذكره في رفعه لم أره في شيء من طرقه عن أبي هريرة، ثم بدا لي أنه يشير إلى قوله:"أراه رفعه". والله أعلم.

وقد وجدتُ له طريقًا آخر عن ابن سيرين يرويه الحسن بن دينار عنه به.

أخرجه تمام [في الفوائد، رقم: 1543]، وأبو الحسن الحربي في "الفوائد المنتقاة"(2/ 153/ 1)، وابن عدي في "الكامل"(ق 84/ 2)[2/ 711 - الفكر] والخطيب في "تاريخ بغداد"(11/ 427).

لكن ابن دينار هذا متروك فلا يستشهد به. فالإعتماد على الطريق الأولى". انتهى كلام الشيخ الألباني.

قلت: وكلام الشيخ في إسناد رواية أبي هريرة حق؛ لولا الإختلاف الذي في السند كما تقدم، ومثل هذا الإسناد يُعَلُّ ولا يصحَّح، وهذا ما ذهب إليه جمع من الحفاظ والمحدثين: كالترمذي، والدارقطني، والبيهقي، والبغوي، وابن عساكر، والذهبي، وغيرهم.

وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط"(3/ 357/ رقم: 3395) و (6/ 200 - / 201 رقم: 6185 - الحرمين) أو (4/ 234/ رقم: 3419) و (7/ 105 - 106/ 6181 - الطحان).

من طريق: أحمد بن محمد بن ماهان بن أبي حنيفة، قال: ثنا أبي، عن عبَّادِ بن كثير، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به مرفوعًا.

وهذا إسناد ضعيف.

محمد بن ماهان بن أبي حنيفة؛ مجهول، كما قال أبو حاتم. وكذا أبوه.

ص: 43

وعباد بن كثير ضعيف.

ورُوي من حديث عبد الله بن عمر مرفوعًا.

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" -كما في "مجمع الزوائد"(8/ 88) - وفي "المعجم الأوسط"(رقم: 5119 - الحرمين) أو (رقم: 5115 - الطحان) وتمام في "الفوائد"(رقم: 1546)، وابن حبان في "المجروحين"(2/ 152)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (رقم: 739)، والقزويني في "التدوين في تاريخ قزوين"(3/ 18 - 19).

من طريق: أبي الصلّت عبد السلام بن صالح الهروي، نا عباد بن العوام، عن جميل بن زيد، عن ابن عمر به مرفوعًا.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا.

أبو الصلت الهروي؛ صدوق له مناكير.

وجميل بن زيد الطائي الكوفي؛ ضعيف جدًّا، ثم هو لم يسمع من ابن عمر.

وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص؛

فأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" -كما في "مجمع الزوائد"(8/ 91) - وفي "الأوسط"(رقم: 5120 - الحرمين).

من طريق: محمد بن هشام المستملي، نا محمد بن كثير الفهري، نا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو به مرفوعًا.

وهذا إسناد ضعيف جدًا.

محمد بن كثير الفهري: ضعيف جدًّا؛ بل متروك.

وأبو قبيل: صدوق يهم.

وابن لهيعة الكلام فيه مشهور معروف.

فالحديث لا يصح مرفوعًا، والصواب أنه موقوفٌ على عليّ رضي الله عنه، كما حكم بذلك جمع من الحفاظ كما تقدم، والله أعلم.

ص: 44

- إثباتُ صِفَة الإستواء لله تعالى:

372 -

جاء رجلٌ إلى الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال: يا أبا عبد الله؛ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} ؛ حيف استوى؛! فَأطْرَقَ مالكْ وأخذتْهُ الرُّحضَاء، ثم رفع رأسه، فقال:"الإستواءُ غير مَجْهُولِ، والكَيْفُ غير معقول، والإيمانُ به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراكَ إلا مُبْتَدِعًا". فَأمَرَ به أن يُخْرَجَ.

صحيح. ورواه عن مالك كل من:

1 -

جعفر بن عبد الله:

أخرجه: عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية"(رقم: 104)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(6/ 325 - 326)، واللالكائي في "شرح أصول الإعتقاد" (رقم: 664)، وإسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني في "عقيدة السلف وأصحاب الحديث" (رقم: 25، 26 - ط. البدر) أو (ص 181 - 184 - ط. العاصمة).

من طرق؛ عن مهدي بن جعفر، عن جعفر بن عبد الله به.

وعند الدارمي -قال: "ثنا مهدي بن جعفر، ثنا جعفر بن عبد الله- وكان من أهل الحديث -ثقة- عن رجل قد سمَّاه لي، جاء رجل إلى مالك .. " فذكره.

ولعلَّ هذا الاضطراب آتٍ من مهدي بن ميمون، والله أعلم.

وأخرجه ابن عبد البرّ في "التمهيد"(7/ 151) من طريق: مهدي بن جعفر عن مالك به، ولم يذكر واسطة.

2 -

يحيى بن يحيى التميمي:

أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 305 - 306/ رقم: 867 - الحاشدي)، وفي "الإعتقاد"(ص 119 - ط. أبي العينين).

من طريق: عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، ثنا أبو جعفر أحمد بن زيرك اليزدي، قال: سمعتُ محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري يقول: سمعتُ يحيى بن يحيى يقول:

فذكره عن مالك.

ص: 45

3 -

عبد الله بن وهب:

أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات"(2/ 304 - 305/ رقم: 866) من طريق: أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران، ثنا أبي، حدثنا أبو الربيع - ابن أخي رشدين بن سعد-، قال: سمعتُ عبدَ الله بن وهب يقول:

فذكره.

وصحَّح إسناده الحافظ الذهبي في "كتاب العرش"(2/ 181/ رقم: 156 - ط. أضواء السلف)، وجوَّد إسناده الحافظ ابن حجر في "الفتح"(13/ 406 - 407).

4 -

جعفر بن ميمون:

أخرجه الصابوني في "عقيدة السلف"(رقم: 24 - ط. البدر) أو (ص 180 - 181 ط. العاصمة).

من طريق: أبي الحسن بن أبي إسحاق المزكى بن المزكى، ثنا أحمد بن الخضر أبو الحسن الشافعي، ثنا شاذان، ثنا ابن مخلد بن يزيد القُهستاني، ثنا جعفر بن ميمون به.

هذا ما وقفتُ عليه من الأسانيد إلى الإمام مالك في هذا الأثر، وهو صحيحٌ عنه، صححه جمع من الحفَّاظ، وتلقَّوه عنه بالقبول.

ورُوِيَ عن شيخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن؛ انظر الأثر القادم.

تنبيه:

هذا الأثر ليس على شرطي في الكتاب، ولكن أوردته هنا لأهميته، فليُعْلَمْ.

* * *

373 -

عن سفيان بن عُيينة، قال: سُئِلَ ربيعةُ عن قول الله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} ؛ كيف استوى؟! قال: "الإستواءُ غير مجهول، والكيفُ غير معقول، ومِنَ اللهِ الرسَالةُ، وعلى الرسولِ البلاغ، وعلينَا التَّصْدِيقُ".

صحيح. أخرجه اللالكائي في "شرح أصول الإعتقاد"(رقم: 665) وعنه ابن قدامة في "العلو"(رقم: 90).

ص: 46

من طريق: أبي بكر أحمد بن محمود بن يحيئ النهاوندي، ثنا أحمد بن محمد بن صدقة، ثنا أحمد بن محمد، عن يحيى بن سعيد القطان، عن يحيى بن آدم، عن ابن عُيَيْنَةَ به.

وأبو بكر النهاوندي هذا ضعيف.

وتابعه أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار النحوي عند ابن بطة في "الإبانة" - الكتاب الثالث، الرد على الجهمية- (ج 3/ ص 163 - 164/ رقم: 121).

وأخرجه العجلي في "تاريخه"(ص 358/ رقم: 466)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 306/ رقم: 868)، والذهبي في "العلو" (2/ 911/ رقم: 322 - دار الوطن). من طرق أخرى.

وصححه الألباني في "مختصر العلو"(ص 132/ رقم: 111).

* * *

347 -

وعن مالكٍ، قال:"اللهُ تعالى في السماء، وعلمه في كل مكانٍ؛ لا يخلو منه شيء".

حسن. أخرجه أبو داود في "مسائل الإمام أحمد"(ص 263)، وعبد الله بن أحمد في "السُّنَّة"(1/ 106 - 107، 280/ رقم: 11، 532)، والآجري في "الشريعة" (3/ 1076 - 1077/ رقم: 652 - 653 - الوطن) أو (2/ 67 - 68/ رقم: 695 - الوليد سيف النصر)، واللالكائي في "شرح أصول الإعتقاد" (رقم: 673)، وابن منده في "التوحيد" (3/ 307/ رقم: 893)، وابن بطة في "الإبانة" -الرد على الجهمية- (3/ 163 / رقم: 110)، وابن عبد البر في "التمهيد"(7/ 138).

من طرق؛ عن عبد الله بن نافع، عن مالك به.

وصححه الألباني في "مختصر العلو"(ص 140).

تنبيه:

هذا الأثر خارج عن شرطي في الكتاب.

ص: 47