الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 -
العتق
1 - باب في المُكاتَبِ يُؤَدّي بَعْضَ كِتابَتِهِ فَيَعْجزُ أَوْ يَمُوتُ
3926 -
حَدَّثَنا هارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنا أَبُو بَدْرٍ، حَدَّثَني أَبُو عُتْبَةَ إِسْماعِيلُ ابْنُ عيّاشٍ، حَدَّثَني سلَيْمانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"المُكاتَبُ عَبْدٌ ما بَقي عَلَيْهِ مِنْ مُكاتَبَتِهِ دِرْهَمٌ"(1).
3927 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَني عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، حَدَّثَنا عَبّاسٌ الجُرَيْري، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"أيُّما عَبْدٍ كاتَبَ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدّاها إِلَّا عَشْرَةَ أَواقٍ فَهُوَ عَبْدٌ وَأيُّما عَبْدٍ كاتَبَ عَلَى مِائَةِ دِينارٍ فَأَدّاها إِلَّا عَشْرَةَ دَنانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ".
قالَ أَبُو داوُدَ: لَيْسَ هُوَ عَبّاسٌ الجُرَيْري قالُوا: هُوَ وَهَمٌ وَلَكِنَّهُ هُوَ شَيْخٌ آخَرُ (2).
3928 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ بْن مُسَرْهَدِ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ نَبْهانَ مُكاتَبِ أُمِّ سَلَمَةَ قالَ: سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ قالَ لَنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ كانَ
(1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 111، والطبراني في "مسند الشاميين" 2/ 303 (1386)، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 545.
(2)
الترمذي (1260)، ابن ماجه (2519)، وأحمد 2/ 178.
لإِحْداكُنَّ مُكاتَبٌ فَكانَ عِنْدَهُ ما يُؤَدّي فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ" (1).
* * *
بسم الله الرحمن الرحيم
أول كتاب العتاق (2)
باب في المكاتب يؤدي بعض كتابته فيعجز أو يموت
[3926]
(حدثنا هارون بن عبد اللَّه) بن مروان البغدادي شيخ مسلم (حدثنا أبو بدر)(3) شجاع بن الوليد الكوفي.
(حدثني أبو عتبة) بضم العين المهملة وسكون المثناة فوق (إسماعيل ابن عياش) بالمثناة تحت والشين المعجمة العنسي عالم الشاميين (حدثني سليمان بن سليم) مصغر، الحمصي، وثقوه.
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: المكاتب عبد) أي: تجري عليه أحكام العبودية والرق، ولهذا جاء في رواية:" المكاتب قن" وفيه دليل على جواز بيع المكاتب؛ لأن العبد مملوك، والمملوك يجوز بيعه وهبته والوصية به، وإن كان الشرع إنما ورد ببيعه؛ لأن ما كان في معنى المنصوص عليه ثبت الحكم فيه، وهو القديم من مذهب الشافعي (4)، وبه قال أحمد (5) وابن المنذر،
(1) الترمذي (1261)، ابن ماجه (2520)، وأحمد 6/ 289.
(2)
فوقها في (ح)، (ل): نسخة: العتق.
(3)
فوقها في (ح)، (ل):(ع).
(4)
انظر: "الحاوي الكبير" 18/ 248، "نهاية المطلب" 19/ 456.
(5)
"مسائل الإِمام أحمد" برواية أبي داود ص 281، وانظر:"الكافي" 4/ 174.
فقال: بيعت بريرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم وهي مكاتبة، ولم ينكر ذلك. ففي ذلك أبين البيان أن بيعه جائز، قال: ولا أعلم خبرًا يعارضه، قال: ولا أعلم دليلًا على عجزها (1). والجديد من قولي الشافعي أنه لا يجوز بيعه (2)، وهو قول مالك (3) وأصحاب الرأي (4).
وتأول الشافعي حديث بريرة على أنها كانت قد عجزت، وكان بيعها فسخًا لكتابتها (5).
وهذا التأويل يحتاج إلى دليل في غاية القوة، وعلى القول بجواز بيعه فمشتريه يقوم فيه مقام المكاتب وولاؤه لمشتريه، فإن لم يبين البائع للمشتري أنه مكاتب فهو غير بين أن يرجع بالثمن، أو يأخذ أرش ما بينه سليما ومكاتبًا، ولا خلاف أن للمكاتب أحكام المماليك في شهاداته وجناياته والجناية عليه، وفي ميراثه وحدوده وسهمه إن حضر القتال.
(ما بقي) بكسر القاف لغة القرآن (عليه من مكاتبته درهم) وهذا مقيد لرواية مالك في "الموطأ" عن ابن عمر أنه كان يقول: المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء (6). فإن (شيء) مطلق و (درهم) مقيد له.
(1)"الإقناع" 2/ 424.
(2)
"الأم" 5/ 269.
(3)
"المدونة" 2/ 478.
(4)
"الأصل" 4/ 228.
(5)
"الأم" 5/ 269.
(6)
"الموطأ" 2/ 787.
[3927]
(حدثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد (1) الصمد) بن عبد الوارث التنوري (ثنا همام، ثنا عباس)(2) بالموحدة والسين المهملة ابن فروخ (الجريري) بضم الجيم البصري (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما عبد كاتب) سيده (على مائة أوقية) لفظ ابن ماجه: "أيما عبد كوتب على مائة أوقية"(3)(فأداها إلا عشرة أواقي)(4) بتشديد الياء، وقد تخفف، جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء، وهي اسم الأربعين درهما. ورواية ابن ماجه وغيره:"إلا عشر أوقيات"(5) وهو جمع أوقية أيضًا.
(فهو عبد) قن (وأيما عبد كاتب) سيده (على مائة دينار فأداها) إلى سيده (إلا عشرة دنانير فهو عبد) فيه: حجة لما عليه الجمهور (6) أن المكاتب عبد وإن أدى أكثر ما عليه، ولا يعتق حتى يؤدي جميع ما عليه. وقال علي رضي الله عنه: يعتق منه بقدر ما أدى (7).
وذكر أبو بكر والقاضي وأبو الخطاب من الحنابلة أنه إذا أدى ثلاثة أرباع الكتابة وعجز عن ربعها يعتق؛ لأنه يجب رده إليه، فلا يرد إلى الرق لعجزه عنه (8)، واستدلوا بحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا أصاب المكاتب حدًّا أو ميراثًا ورث بحساب ما عتق منه، ويؤدي
(1) و (2) فوقها في (ح، ل): (ع).
(3)
"سنن ابن ماجه"(2519).
(4)
في حاشية (ح) وصلب (ل، م): نسخة: أواق.
(5)
"سنن ابن ماجه"(2519).
(6)
انظر: "المبسوط" 7/ 210، "البيان والتحصيل" 11/ 176، "نهاية المطلب" 19/ 378، "الجامع لعلوم الإِمام أحمد" 10/ 448.
(7)
رواه البيهقي في "الكبرى" 10/ 326.
(8)
انظر: "المغني" 9/ 124 - 125.
المكاتب بحصة ما أدى دية حر، وما بقي دية عبد" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن (1).
وروي عن عمر وعلي أنه إذا أدى الشطر فلا رق عليه (2).
وروي ذلك عن النخعي (3)، وقال عبد اللَّه بن مسعود: إذا أدى قدر قيمته فهو غريم (4). وقضى به شريح، وقال الحسن في المكاتب: إذا عجز استسعي بعد العجز سنتين (5).
(ثنا عباس)(6) قال (ليس هو عباس الجريري. قالوا: هو وهم) بين.
[3928]
(حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن نبهان) بفتح النون وسكون الباء الموحدة وبعد الألف نون، كنيته أبو يحيى، وهو ثقةٌ، وهو (مكاتب لأم سلمة) هند زوج النبي صلى الله عليه وسلم. (قال: سمعت أم سلمة رضي الله عنها تقول: قال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) قال الشافعي في القديم: لم أحفظ عن سفيان أن الزهري سمعه من نبهان، ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبت واحدًا من هذين الحديثين. قال البيهقي: أراد هذا وحديث عمرو بن شعيب في المكاتب (7).
(1) بعدها في (م): صحيح، وانظر:"سنن الترمذي"(1259).
(2)
رواه عبد الرزاق في "المصنف" 8/ 410 - 411 (15736)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 4/ 323 (20570) عن عمر.
ورواه ابن أبي شيبة 8/ 410 (15734) عن علي بنحوه.
(3)
رواه ابن أبي شيبة 4/ 323 (20574، 20576).
(4)
رواه ابن أبي شيبة 4/ 323 (20567 - 20568).
(5)
انظر: "الأوسط" 11/ 517.
(6)
من (م).
(7)
"السنن الكبرى" 10/ 327.
قال المنذري: وحديث عمرو بن شعيب قد رويناه موصولًا، وحديث نبهان قال الترمذي فيه: حسن صحيح. وذكر فيه معمر سماع الزهري من نبهان، وقد ذكر عبد الرحمن ابن أبي حاتم في موضعين من كتابه أن محمد بن عبد الرحمن مولى طلحة روى عن نبهان. ومحمد بن عبد الرحمن هذا ثقة احتج به مسلم في "صحيحه"(1).
(إذا كان لإحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي) به كتابته (فلتحتجب منه) هذا الأمر محمول على الندب.
قال الشافعي: يجوز أن يكون أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم سلمة إذا كان أمرها بالحجاب من مكاتبها إذا كان عنده ما يؤدي، على ما عظم اللَّه به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين من حبهن اللَّه وخصهن به، وفرق بينهن وبين النساء:{إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} ثم تلا الآيات في اختصاصهن بأن جعل عليهن الحجاب من المؤمنين ولم يجعل على امرأة سواهن أن تحتجب ممن يحرم عليه نكاحها، ثم ساق الكلام إلى أن قال: ومع هذا إن احتجاب المرأة ممن له أن يراها واسع لها، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم-يعني سودة- أن تحتجب من رجل قضى أنه أخوها، وذلك يشبه أن يكون للاحتياط، وأن الاحتجاب ممن له أن يراها مباح (2). واللَّه أعلم.
* * *
(1)"مختصر سنن أبي داود" 5/ 389.
(2)
نقله عن الشافعي البيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 327.