الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
36 - باب فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}
4111 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ المَرْوَزي، حَدَّثَنا عَلي بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ واقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ {وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ} الآيَةَ فَنُسِخَ واسْتُثْني مِنْ ذَلِكَ {والقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتي لا يَرْجُونَ نِكاحًا} الآيَةَ (1).
4112 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنا ابن المُبارَكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْري، قالَ: حَدَّثَني نَبْهانُ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ فَأَقْبَلَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أُمِرْنَا بِالحِجابِ فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "احْتَجِبا مِنْهُ". فَقُلْنا يا رَسُولَ اللَّهِ أَليْسَ أَعْمَى لا يُبْصِرُنا وَلا يَعْرِفُنا فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "أَفَعَمْياوانِ أَنْتُما، أَلَسْتُما تُبْصِرانِهِ؟ ".
قالَ أَبُو داوْدَ: هذا لأَزْواجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم خاصَّةً أَلَا تَرى إِلَى اعْتِدادِ فاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ عِنْدَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ قَدْ قالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم لِفاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: "اعْتَدّي عِنْدَ ابن أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيابَكِ عِنْدَهُ"(2).
4113 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المَيْمُونِ، حَدَّثَنا الوَليدُ، عَنِ الأَوْزاعي، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِذا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى عَوْرَتِها"(3).
(1) رواه البيهقي في "الكبرى" 7/ 93، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن"(ص 409).
وحسنه الألباني.
(2)
رواه الترمذي (2778)، والنسائي في "الكبرى"(9241)، وأحمد 6/ 296.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وصححه ابن حبان (5575)، وابن الملقن في "البدر" 7/ 512، وإلى هذا جنح الحافظ في "التلخيص" 3/ 308. وضعفه الألباني في "الإرواء" (1806).
(3)
سبق، وانظر ما بعده.
4114 -
حَدَّثَنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، حَدَّثَني داوُدُ بْنُ سَوّارٍ المُزَني، عَنْ عَمْرٍو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِذا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خادِمَهُ عَبْدَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلا يَنْظُرْ إِلَى ما دُونَ السُّرَّةِ وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ".
قالَ أَبُو داوُدَ: صَوابُهُ سَوّارُ بْنُ داوُدَ المُزَني الصَّيْرَفي وَهِمَ فِيهِ وَكِيعٌ (1).
* * *
باب قوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}
[4111]
(حدثنا أحمد) بن ثابت (2)(المروزي) بفتح الميم والواو، من كبار الأئمة (قال: حدثني علي بن حسين بن واقد) المروزي، قواه جماعة (3)(عن أبيه) حسين بن واقد قاضي مرو (عن يزيد) بن أبي سعيد (النحوي) المروزي (4)، متقن (عن عكرمة، عن ابن عباس) رضي الله عنهما في قوله تعالى: ({وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ}) أي: قل يا محمد لمن آمن بك من المؤمنات ({يَغْضُضْنَ}) هو خبر بمعنى الأمر، كقوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} (5) إذ لو كان خبرًا محضًا لما وجد من لا يغض؛ لأن الخبر من الصادق لا يدخله الخلف، وقد وجد من لا يغض؛ فتعين أذ المراد به الأمر، وهذا من باب الأمر بالأمر، وفيه خلاف للأصوليين هل هو أمر ({مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}) أي. من نظرهن.
(1) سبق برقم (496) وهو حديث حسن.
(2)
كذا في الأصول، وهو خطأ، والصواب: محمد. كما في "السنن".
(3)
"الثقات" لابن حبان 8/ 460، "تهذيب الكمال" 20/ 407، 408 (4002).
(4)
في (ل، م): المرادي.
(5)
البقرة: 233.
قيل: إن (من) هنا لابتداء الغاية؛ لأن البصر باب القلب، فابتدئ بذكره من البصر. وقيل:(من) للتبعيض، والمراد غض البصر عما يحرم دون ما لا يحرم.
وعلى قول الأخفش يجوز أن تكون زائدة (1). وقيل: لبيان الجنس، كأنه لما قال:{يَغْضُضْنَ} أي: ينقصن، احتمل أن يريد من بصرك، ومن كلامك بلسانك، ومن صوتك بخفضه، وفي الآية حذف تقديره: يغضضن من أبصارهن عما لا يحل لهن نظره.
(الآية)(2) بكمالها (فنسخ) بضم النون وكسر السين من هذِه الآية، يعني: من غض بصر المؤمنين وغض بصر المؤمنات جواز النظر إلى القواعد من النساء.
(واستثني من ذلك) النظر إلى ({وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}) قال البخاري: القواعد من النساء واحدها قاعد، والقواعد من البيت أساسه، واحدتها قاعدة (3). والمراد بـ {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}: اللاتي قعدن عن الحيض والولد؛ لكبرها ({اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا}) لا يطمعن فيه من الكبر. {فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ} . يعني: الثياب الظاهرة كالملصفة والجلباب الذي فوق الخمار {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ} . أي: قاصدات بوضع الثياب التبرج، ولكن التخفف إذا احتجن إليه، والمعنى المجوِّز في الآية النظر إلى ما يظهر غالبًا من العجوز التي لا
(1) انظر: "الكشاف" للزمخشري 3/ 229.
(2)
النور: 31.
(3)
"صحيح البخاري" قبل حديث (4484).
تشتهى، وفي معنى ذلك الشابة الشوهاء التي لا تشتهى، فيجوز للمؤمنين والمؤمنات أن لا يغضوا أبصارهم عن رؤيتها؛ فإن الفتنة أمنت في حقها، ولو لبست هذِه حليًّا كان عليها وبالًا، فان الحلي إنما يحسن على حسن العضو الحامل له، ففي عنق الحسناء يستحسن العقد، وحمل الشوهاء العقد في عنقها غير مستحسن، فإن الأولى لها ستر عنقها بغير كشف، وكذلك خضاب المعصم. قال بعضهم: لما كان الغالب أن ذوات الكبر المفرط لا مذهب لرجال فيهن أرحن من عناء الستر، وأزيلت عنهن كلفة التحفظ (الآية)(1).
[4112]
(حدثنا محمد بن العلاء) بن كريب الكوفي (أنا) عبد اللَّه (ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري، حدثني نبهان) بفتح النون وسكون الموحدة (مولى أم سلمة) وهو ثقة (عن) مولاته (أم سلمة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
(قالت: كنت عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة) بنت الحارث خالة ابن عباس. فيه الجمع بين الزوجتين أو الزوجات عند الزوج برضاهن للتحدث وللتعلم منه إن كان عالمًا، فإن الاجتماع لاستماع فوائد العالم أولى من أخذ كل واحدة بمفردها.
(فأقبل) عبد اللَّه (ابن أم مكتوم) الأعمى، واسم أمه أم مكتوم عاتكة، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة يستخلفه عليها في أكثر غزواته في ثلاث عشرة مرة، وهو ابن خال زوجته خديجة بنت خويلد أخي أمها.
(وذلك بعد أن أمرنا) مبني للمفعول، أي: أمر (2) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1) النور: 60.
(2)
في هامش (ح) وصلب (ل، م): روي: أَمَرَنَا.
(بالحجاب) في آية الحجاب، وهي قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (1)(فدخل علينا فقال) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وميمونة (احتجبا منه) أي: أرخيا على صدوركما الجلباب.
(فقلنا) أي: قالت أم سلمة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها قبل ميمونة، فهي أقدم منها وأحق بالكلام.
(يا رسول اللَّه، أليس) هو (أعمى) لا يبصرنا فيه جواز مراجعة الزوج والعالم؛ لتفهم الحكمة في الاحتجاب من الأعمى الذي لا يبصر (لا يبصرنا) بضم أوله (ولا يعرفنا)(2) فيه أن معرفة الآدمي برؤيته لا بصوته؛ ولهذا منع الشافعي شهادة الأعمى.
(قال أفعمياوان أنتما؟ ! ) فيه شاهد للنحاة على أن الممدود الذي همزته زائدة للتأنيث تقلب واوًا في التثنية، كما تقول في تثنية حمراء وصحراء حمراوان وصحراوان.
(ألستما تبصرانه؟ ! ) أنتما. ونظير هذا الحديث ما رواه مالك في "الموطأ" عن عائشة أنها احتجبت من أعمى، فقيل لها: إنه لا ينظر إليك؟ قالت: لكني أنظر إليه (3).
(1) الأحزاب: 59.
(2)
بعدها في (ل): بضم أوله.
(3)
لم أجده في المطبوع من "موطأ مالك"، وانظر تعليق الألباني في "السلسلة الضعيفة" 12/ 907 - 908.
وفي هذين الحديثين حجة لأحد قولي الشافعي وأحمد على أن المرأة لا يجوز لها النظر من الرجل إلا إلى مثل ما يُنظر إليه منها (1).
قال النووي: وهو الأصح (2)؛ ولقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (3)، ولأن النساء أحد نوعي الآدميين، فحرم عليهن النظر إلى النوع الآخر قياسًا على الرجال (4). ويحققه أن المعنى المحرم للنظر خوف الفتنة، وهذا في المرأة أبلغ؛ فإنها أشد شهوة وأقل عقلًا، فتسارع الفتنة إليها أكثر من الرجل.
والذي تقتضيه الأدلة ترجيح القول الثاني للشافعي، وهو جواز نظر المرأة إلى بدن الأجنبي سوى ما بين سرته وركبته؛ للحديث المتفق عليه من حديث عائشة أنها نظرت إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد (5)، وحديث فاطمة بنت قيس المتفق عليه (6)، وقوله صلى الله عليه وسلم لها: "اعتدي في
(1) انظر: "نهاية المطلب" 12/ 34، "الوسيط" 5/ 37، "البيان" 9/ 126، "الروايتين والوجهين" 2/ 77 - 78.
(2)
"روضة الطالبين" 7/ 25، وقال: وهو الأصح عند جماعة وليس على إطلاقه كما ساق المصنف هنا، فقد ذكر النووي رحمه الله أوجه نظر المرأة للرجل وقال: أصحها: لها النظر إلى جميع بدنه إلَّا ما بين السرة والركبة، وهو ما صححه الغزالي، وقال الإمام: وهو القياس المحقق. انظر: "نهاية المطلب" 12/ 34، "الوسيط" 5/ 37.
(3)
النور: 31.
(4)
انظر: "شرح مسلم" 10/ 96.
(5)
"صحيح البخاري"(454)، "صحيح مسلم"(892)(17، 18).
(6)
رواه مسلم (1480)، وفي "صحيح البخاري" من حديث عائشة برقم (5323، 5324) وفيه بعض قصة فاطمة بنت قيس دون قصة اعتدادها في بيت ابن أم مكتوم.
بيت ابن أم مكتوم؛ فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده" (1)، وللحديث الصحيح في مضي النبي صلى الله عليه وسلم إلى النساء في يوم العيد عند الخطبة فذكرهن ومعه بلال فأمرهن بالصدقة (2)، وضعفوا هذا الحديث بقول الإمام أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين (3). يعني هذا الحديث وحديث: "إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه" (4)، وكأنه أشار إلى ضعف حديثه؛ لأنه لم يرو إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول؛ ولما تعارضت الأحاديث عند أبي داود المصنف جمع بين الأحاديث؛ فإن الجمع بين الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، فقال في هذا الحديث أنه في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة؛ بدليل حديث فاطمة فإنه لجميع النساء.
وحمل بعضهم آية {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ} (5) وهذا الحديث على خوف الفتنة وحديث فاطمة على حالة الأمن، ولأن الآية فيها (من) التبعيضية فتحمل على خوف الفتنة.
(قال أبو داود: هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم، فقد قال النبي: اعتدي عنده فإنه
(1)"صحيح مسلم"(1480).
(2)
رواه البخاري (964) من حديث ابن عباس.
(3)
انظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 15/ 39 - 40.
(4)
سبق برقم (3928)، ورواه أيضًا الترمذي (1261)، وابن ماجه (2520)، وأحمد 6/ 289، والنسائي في "السنن الكبرى" 5/ 389 (9228) من حديث أم سلمة مرفوعًا. قال الترمذي: حسن صحيح. وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(650).
(5)
النور: 31.
رجل أعمى، تضعين ثيابك عنده) (1).
[4113]
(حدثنا محمد بن عبد اللَّه بن ميمون) الإسكندري، قال ابن أبي حاتم، ثقة، صدوق (2). وقال ابن يونس: ثقة، خرج إلى الإسكندرية، فأقام بها، وبها توفي (3).
(ثنا الوليد)(4) بن مسلم عالم أهل الشام (ثنا) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) تقدم مرات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا زوج أحدكم عبده أمته) التي يملكها أو بعضها (أو) زوج أحدكم (أجيره) أو أجنبيًّا أمته (5).
(فلا ينظرن (6) الى عورتها) وهي ما بين السرة والركبة -كما سيأتي في الحديث الذي يأتي بعده- وفيه أن من زوج عبده بأمته فليس له أن يستمتع منها بالنظر وإذا لم يستمتع منها بالنظر فبالأولى أن لا يستمتع باللمس والقبلة بشهوة، وإذا لم يستمتع باللمس فأولى أن لا يستمتع بالوطء ولا بما دون الفرج.
وإذا لم يجز للسيد أن ينظر إلى عورة أمته المزوجة، فبالأولى أن لا ينظر الأجنبي إلى عورتها، وكما لا يجوز للسيد أن ينظر إلى عورة أمته
(1) سبق تخريجه قريبًا.
(2)
"الجرح والتعديل" 7/ 304 (1651).
(3)
"تاريخ ابن يونس" 2/ 215 (569)، وانظر:"تهذيب الكمال" 25/ 565 (5378).
(4)
فوقها في (ح، ل): (ع).
(5)
ساقطة من (ل، م).
(6)
في حاشية (ح)، وصلب (ل): نسخة: ينظر.
المزوجة لا يجوز لها أن تبدي عورتها له، كما لا يجوز أن تظهرها للأجانب، ويدل على ذلك قوله تعالى:{قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (1) وهي آية الحجاب، وليس فيها تخصيص للحرائر؛ إذ نساء المؤمنين بلا ريب يعم الحرائر والإماء، فإن المؤمنين منهم العبيد ولهم الأزواج، ومن الأحرار من له الأمة المزوجة، ومن هو متزوج بأمة، وإن كان لم يتحقق وجود ذلك في ذلك الزمان، فإنه جائز بشرطيه المذكورين في الآية التي في النساء. وإذا تقرر أن آية الحجاب شاملة للأمة المزوجة ففيها إشارة إلى منع نظر السيد إلى عورة أمته المزوجة كما في الحديث.
[4114]
(حدثنا زهير بن حرب، أنا وكيع، حدثني داود بن سوَّار) بفتح السين المهملة، والواو المشددة، أبو حمرة الصيرفي (المزني عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا زوج أحدكم خادمه) هذِه اللغة الفصحى في إطلاق الخادم على الجارية، وأما تسميتها خادمة بالهاء فقليل (عبده) هذِه على اللغة الفصحى، وهي تعدي (زوج) إلى مفعولين، ومعلوم أن المراد بهذا التزويج العقد لا الوطء.
قال الأخفش: يجوز زيادة الباء -يعني: على المفعول الثاني، فيقال: زوجته بامرأة فتزوج بها، وقد ذكروا أن أزد شنوءة تُعديه بالباء.
وإطلاق التزويج قد يؤخذ منه أن له أن يزوجها برضاها، وله أن
(1) الأحزاب: 59.
يجبرها على الزواج بلا إذن- كما هو مذهب الشافعي وغيره (1)، وقد يؤخذ منه أن السيد إذا زوج أمته بعبده لم يجب مهر؛ لأن السيد لا يثبت له على عبده دين (أو) زوج (أجيره) أمته (فلا ينظرن (2) إلى عورتها) وهي (ما دون) أي: تحت (السُّرّة وفوق الركبة) وظاهره أن السيد إذا زوج أمته يصير نظره إليها كنظر الأجنبي، فلا ينظر إلى ما بين السرة والركبة، ومفهومه جواز نظره إلى ما فوق السرة وتحت الركبة كالأجنبي، وهذا مشهور مذهب الشافعي (3)، وهل يجوز للسيد أن يخلو بها؟ لم أجده مسطورًا، وفيه نظر. قال البيهقي: أصحابنا يحملون هذا على عورة الأمة (4).
(قال: ) المصنف وتبعه المزي والذهبي وغيرهم (5)(صوابه سوار بن داود) المزني الصيرفي و (وهم فيه وكيع) الجراح، فقلب اسمه.
قال أبو طالب عن ابن حنبل: هو شيخ لا بأس به، لم يرو عنه غير
(1) واحتجوا على ذلك: بأن منافعها مملوكة للسيد، والنكاح تعد على منفعتها فأشبه عقد الإجارة. انظر:"مختصر الطحاوي"(ص 174)، "تبيين الحقائق" 2/ 164، "المدونة" 2/ 100، "النوادر والزيادات" 4/ 411، "الأم" 6/ 318، "الأوسط" 8/ 592، "الكافي" لابن قدامة 4/ 242.
(2)
في هامش (ح) ينظر، وصلب (ل): نسخة ينظر.
(3)
انظر: "اللباب"(ص 421)، "البيان" 2/ 119، "تقويم النظر" لابن الدهان 1/ 326.
(4)
"معرفة السنن والآثار" 3/ 146.
(5)
"علل الإمام أحمد" 1/ 149، "الثقات" لابن حبان 6/ 422، "تهذيب الكمال" 12/ 236 (2636)، "الكاشف" 1/ 472 (2190)، 1/ 379 عقب ترجمة (1440).
هذا الحديث. يعني: حديثه عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده و"علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع سنين"(1).
قال إسحاق بن منصوو عن يحيى بن معين: هو ثقة (2).
وذكره ابن حبان في "الثقات"(3).
* * *
(1)"الجرح والتعديل" 4/ 272 (1176)، "تهذيب الكمال" 12/ 236، 237 (2636)، وانظر:"الجامع لعلوم الإمام أحمد" 17/ 274.
(2)
"الجرح والتعديل" 4/ 272 - 273 (1176)، "تهذيب الكمال" 12/ 237 (2636).
(3)
6/ 422.