الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - باب في الحُمْرَةِ
4066 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنا هِشامُ بْنُ الغازِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قالَ: هَبَطْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ثَنِيَّةٍ فالتَفَتَ إِلَي وَعَلَيَّ رَيْطَةٌ مُضَرَّجَةٌ بِالعُصْفُرِ فَقالَ: "ما هذِه الرَّيْطَةُ عَلَيْكَ؟ ". فَعَرَفْتُ ما كَرِهَ فَأَتَيْتُ أَهْلي وَهُمْ يَسْجُرُونَ تَنُّورًا لَهُمْ فَقَذَفْتُها فِيهِ ثُمَّ أَتَيتُهُ مِنَ الغَدِ فَقالَ: "يا عَبْدَ اللَّهِ ما فَعَلَتِ الرَّيْطَةُ". فَأَخْبَرْتُهُ فَقالَ: "أَلا كَسَوْتَها بَعْضَ أَهْلِكَ فَإِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ لِلنِّساءِ"(1).
4067 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عُثْمانَ الحِمْصي، حَدَّثَنا الوَلِيدُ قالَ: قالَ هِشامٌ -يَعْني: ابن الغازِ- المُضَرَّجَةُ التي لَيْسَتْ بِمُشَبَّعَةٍ وَلا المُوَرَّدَةُ (2).
4068 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمانَ الدِّمَشْقي، حَدَّثَنا إِسْماعِيلُ بْنُ عيّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ شُفْعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ، قالَ: رَآني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ أَبُو عَلي اللُّؤْلُؤي: أُراهُ- وَعَلَي ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ مُوَرَّدٍ فَقالَ: "ما هذا؟ ". فانْطَلَقْتُ فَأَحْرَقْتُهُ فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "ما صَنَعْتَ بِثَوْبِكَ". فَقُلْتُ: أَحْرَقْتُهُ. قالَ: "أَفَلا كَسَوْتَهُ بَعْضَ أَهْلِكَ".
قالَ أَبُو داوُدَ: رَواهُ ثَوْرٌ، عَنْ خالِدٍ فَقالَ: مُوَرَّدٌ. وَطاوُسٌ قالَ: مُعَصْفَرٌ (3).
4069 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ حُزابَةَ، حَدَّثَنا إِسْحاقُ -يَعْني: ابن مَنْصُورٍ- حَدَّثَنا إِسْرائِيلُ، عَنْ أَبي يَحْيَى، عَنْ مُجاهِدٍ، عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍو قال: مَرَّ عَلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ عَلَيْهِ ثَوْبانِ أَحْمَرانِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ ليَرُدَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ (4).
(1) رواه ابن ماجه (3603)، وأحمد 2/ 196. وحسنه الألباني.
(2)
قال الألباني: صحيح مقطوع.
(3)
سبق برقم (4066).
(4)
رواه الترمذي (2807)، والبزار (6/ 366)(2381).
وضعفه الألباني في "المشكاة"(4353).
4070 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، أَخْبَرَنا أَبُو أُسامَةَ، عَنِ الوَلِيدِ -يَعْني: ابن كَثِيرٍ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَني حارِثَةَ، عَنْ رافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قالَ: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سَفَرٍ فَرَأى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم علَى رَواحِلِنا وَعَلَى إِبِلِنا أَكْسِيَةٌ فِيها خُيُوطُ عِهْنٍ حُمْرٌ فَقالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا أَرى هذِه الحُمْرَةَ قَدْ عَلَتْكُمْ". فَقُمْنا سِراعًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَفَرَ بَعْضُ إِبِلِنا فَأَخَذْنا الأَكْسِيَةَ فَنَزَعْناها عَنْها (1).
4071 -
حَدَّثَنا ابن عَوْفٍ الطّائي، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَني أَبي -قالَ ابن عَوْفٍ الطّائي: وَقَرَأْتُ في أَصْلِ إِسْماعِيلَ-، قالَ: حَدَّثَني ضَمْضَمٌ -يَعْني: ابن زُرْعَةَ- عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ حُرَيْثِ بْنِ الأَبَحِّ السَّلِيحي أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَني أَسَدٍ قالَتْ: كُنْتُ يَوْمًا عِنْدَ زَيْنَبَ امْرَأَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَصْبُغُ ثِيابًا لَها بِمَغْرَةٍ، فَبَيْنا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَينا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمّا رَأى المَغْرَةَ رَجَعَ فَلَمّا رَأَتْ ذَلِكَ زَيْنَبُ عَلِمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَرِهَ ما فَعَلَتْ فَأَخَذَتْ فَغَسَلَتْ ثِيابَها وَوارَتْ كُلَّ حُمْرَةٍ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَعَ فاطَّلَعَ فَلَمّا لَمْ يَرَ شَيْئًا دَخَلَ (2).
* * *
باب في الحمرة
[4066]
(حدثنا مسدد، ثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق (حدثنا
(1) رواه أحمد 3/ 463، وابن أبي شيبة في "المسند"(72)، والطبراني في "الكبير" 4/ 288 (4449).
وقال الألباني: ضعيف الإسناد.
(2)
رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" 5/ 431 و 6/ 227، والطبراني في "الكبير" 24/ 57 و 25/ 185، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 6/ 3229، 3594.
وقال الألباني: ضعيف الإسناد.
هشام (1) بن الغاز) بتخفيف الغين المعجمة، ابن ربيعة الجرشي، صدوق عابد (عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) تقدم مرات الاحتجاج به، والظاهر أن الحديث هنا مسند، وروايته عن جده الأعلى، وهو عبد اللَّه بن عمرو بن العاص؛ لأنه ما (قال) يعني: عبد اللَّه بن عمرو ابن العاص (هبطنا مع رسول اللَّه من ثنية) وهي الطريق في الجبل، لفظ ابن ماجه: أقبلنا مع النبي من ثنية أذاخر (2). بفتح الهمزة والذال المعجمة المخففة وبعد الألف خاء معجمة، كما تقدم ضبطها في باب سترة الإمام، وهي على وزن أفاعل: ثنية بين مكة والمدينة، وكأنه جمع إذخر. قال البكري: ثم حكى ابن إسحاق قال: حدثني ابن أبي نجيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر خالد بن الوليد يوم الفتح، فدخل من الليط أسفل مكة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة (3).
(فالتفت إلي وعلي ريطة) بفتح الراء المهملة وسكون المثناة تحت ثم طاء مهملة، ويقال: رائطة.
قال المنذري: جاءت الرواية بهما، وهي كل ملاءة ليست بلفقين، إنما هي نسج واحد (4). ويقال: كل ثوب رقيق لين، والجمع ريط ورياط (مضرجة) بفتح الراء المشددة، أي: ملطخة (بالعصفر، فقال) يا عبد اللَّه
(1) ساقطة من (م).
(2)
"سنن ابن ماجه"(3603).
(3)
"معجم ما استعجم" 1/ 129.
(4)
لم أقف على هذا القول للمنذري، وإنما وجدته للخطابي في "معالم السنن" 4/ 179.
(ما هذِه الريطة) التي (عليك؟ فعرفت ما كره) مني (فأتيت أهلي وهم يسجرون) أي: يوقدون (تنورًا لهم، فقذفتها فيه، ثم أتيته من الغد، فقال: يا عبد اللَّه ما فعلت الريطة؟ ) التي كانت عليك (فأخبرته) بذلك.
(فقال: ألا كسوتها بعض أهلك) يعني: زوجته، أو بعض نساء محارمه وأقاربه (فإنه لا بأس به)(1)، لفظ ابن ماجه:"لا بأس بذلك"(2)(للنساء) فيه نهي الرجال عن لبس المزعفر والمعصفر، أما المزعفر؛ فللحديث المتفق عليه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزعفر (3). وأما المعصفر؛ فلرواية مسلم عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص قال: رأى النبي ثوبين معصفرين، فقال:"إن هذِه من ثياب الكفار فلا تلبسها"(4).
وفيه: الإنكار على إحراق الثوب المنتفع به لبعض الناس دون بعض في النار؛ لورود النهي عن إضاعة المال.
وفيه: فضيلة اتخاذ التنور في الدار ليخبز فيه، ولا يخرج به إلى الفرن؛ لما يتأتى في ذلك من الفساد في اختلاط خبزهم وطحينهم وغير ذلك.
وفيه: جواز لبس المعصفر للنساء دون الرجال.
[4067]
(ثنا عمرو بن عثمان) بن سعيد (الحمصي) صدوق، حافظ
(1) في هامش (ح)، وصلب (ل، م): بها. وفوقها: (خ).
(2)
"سنن ابن ماجه"(3603).
(3)
"صحيح البخاري"(5846)، ومسلم (2101) من حديث أنس.
(4)
"صحيح مسلم"(2077).
(حدثنا الوليد)[بن مسلم](1)(قال: قال (2) هشام بن الغاز: المضرجة) هي الملطخة (التي ليست بمشبعة) بفتح الموحدة: الصبغ الشديدة الحمرة (ولا) هي (الموردة) بالحمرة، وقال غير هشام: ضرجت الثوب إذا صبغته بالحمرة، وهو دون المشبع، وفوق المورد (3).
[4068]
(حدثنا محمد بن عثمان) بن أبي صفوان (4)(الدمشقي) الفقيه، وثقه أبو حاتم (5)(ثنا إسماعيل بن عياش) بالمثناة والشين المعجمة، ابن سليم الحمصي، عالم الشام (عن شرحبيل بن مسلم) ابن حامد الخولاني الشامي، قال ابن حنبل: من ثقات الشاميين (6).
(عن شفعة) بضم الشين المعجمة، وسكون الفاء، الشامي الحمصي السمعي، بكسر السين المهملة، وسكون الميم، وهو في حمير، ذكره ابن حبان في "الثقات"(7)، ليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث.
(عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال: رآني رسول اللَّه. قال أبو علي) محمد بن أحمد بن عمرو (اللؤلؤي) البصري
(1) مكانها بياض في النسخ، والمثبت من ترجمة عمرو بن عثمان.
(2)
ساقطة من (ح).
(3)
انظر: "الصحاح" 1/ 326.
(4)
كذا في الأصول: بن أبي صفوان. وهو خطأ، والصواب: أبو المهاجر التنوخي. وانظر: "تهذيب الكمال" 26/ 97.
(5)
"الجرح والتعديل" 8/ 25 (110).
(6)
انظر: "تهذيب الكمال" 12/ 431 (1721)، "بحر الدم"(434)، "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 17/ 293 (1213).
(7)
4/ 371.
راوي هذا الكتاب عن المصنف، وهو آخر من روى هذا الكتاب؛ حكاه السمعاني (1)(أراه) بضم الهمزة، أي: أظنه.
قال (وعلي ثوب مصبوغ) وقال غيره: رأى عليَّ رسول اللَّه ثوبًا مصبوغًا (2). (بعصفر مورد) بتشديد الراء، ليس بالشديد الحمرة (فقال: ما هذا؟ ) الثوب وهذا استفهام إنكار (فانطلقت فأحرقته) في التنور (فقال النبي: ما صنعت بثوبك؟ ) المصبوغ (قلت: أحرقته. قال: أفلا كسوته بعض أهلك؟ ! ) فإنه لا بأس به للنساء (قال) المصنف (رواه ثور) بن يزيد الحمصي، أخرج له البخاري (عن خالد) بن معدان الكلاعي (فقال) ثور (مصبوغ) بعصفر (وطاوس قال: معصفر) والمعنى متقارب (3).
[4069]
(حدثنا محمود (4) بن حُزابة) بضم الحاء المهملة، وتخفيف الزاي، وبعد الألف موحدة، المروزي ثم البغدادي العابد، وثقه الخطيب (5)(حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي الكوفي (حدثنا إسرائيل) بن يونس الكوفي (عن أبي يحيى) عبد الرحمن بن دينار، وقيل: زاذان القتات، بفتح القاف، نسبة إلى بيع القت.
(عن مجاهد، عن عبد اللَّه بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما
(1) في "الأنساب" 11/ 233 (3558).
(2)
رواه بهذا اللفظ الطبراني 13/ 636 - 637 (14560).
(3)
في (م): متفاوت.
(4)
كذا في (ل، م): محمود. وهو خطأ، والصواب: محمد. كما في مصادر ترجمته، انظر:"تهذيب الكمال" 25/ 48 (5140).
(5)
في "تاريخ بغداد" 2/ 295 (782).
(قال: مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل عليه ثوبان أحمران فسلم) على النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه أن المستحب في السلام أن يسلم الماشي على القاعد، كما في الصحيحين (1)، زاد البخاري:"ويسلم الصغير على الكبير"(2) قال القرطبي: ولا نقول أن هذا نُصبَ نَصْبَ العلل الواجبة الاعتبار، حتى لا يجوز أن يعدل عنها، بل يجوز أن يسلم الواقف على الماشي (3).
قلت (4): ويشهد لهذا قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} (5)(فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم) عليه السلام. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ومعنى هذا الحديث عند أهل الحديث أنه كره لبس المعصفر، وأراد أن ما صبغ بالحمرة لا بأس به إذا لم يكن معصفرًا (6).
وفيه أن من سلم وهو مرتكب لمنهي عنه في حالة تسليمه لا يستحق جواب السلام؛ ردعًا له وزجرًا عن معصيته.
ويستحب أن يقول المسلَّم عليه: إنما لم أرد عليك السلام؛ لأنك مرتكب لمنهي عنه، وكذا يستحب ترك السلام على أهل البدع
(1)"صحيح البخاري"(6231، 6232، 6233)، "صحيح مسلم"(2160) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(2)
"صحيح البخاري"(6231).
(3)
"المفهم" 5/ 484.
(4)
ساقطة من (م).
(5)
الأنعام: 54.
(6)
"سنن الترمذي"(2807). وضعف هذا الحديث الألباني في "المشكاة"(4353) وقال: إسناده ضعيف، ولا يصح في النهي عن الأحمر حديث.
والمعاصي الظاهرة تحقيرًا لهم وزجرًا؛ ولذلك قال كعب بن مالك: فسلمت عليه، فواللَّه ما رد السلام علي.
[4070]
(حدثنا محمد (1) بن العلاء) بن كريب الهمداني الكوفي (أنا أبو (2) أسامة) حماد بن أسامة الكوفي (عن الوليد (3) بن كثير) المدني، بالكوفة (عن محمد (4) بن عمرو بن عطاء) بن عياش القرشي المدني (عن رجل من بني حارثة) بن الخزرج، بطن من الأنصار، منهم رافع ابن خديج (عن رافع بن خديج) بن رافع الأوسي الحارثي، استصغر يوم بدر، وشهد أحدًا، وأصابه يومئذٍ سهم.
(قال: خرجنا مع رسول اللَّه في سفر) غزوة أحد أو غيرها (فرأى رسول اللَّه على رواحلنا) جمع راحلة، وهي من الإبل القوي على الأسفار والأحمال، الذكر والأنثى فيه سواء، والهاء فيه للمبالغة، وهي النجيبة التامة الخلق الحسنة المنظر، يختارها الرجل لركوبه وحمل رحله (وعلى إبلنا أكسية فيها خيوط) جمع خيط (عهن) هو الصوف مطلقًا، وقيل: الملون منه خاصة، وقيل: الأحمر خاصة. ولو كان العهن الأحمر خاصة (5) لما قيد بقوله: (حمر) بسكون الميم.
(فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا) بالتخفيف (أرى هذِه الحمرة) التي في
(1) فوقها في (ح، ل): (ع).
(2)
ساقطة من (م).
(3)
فوقها في (ح، ل): (ع).
(4)
فوقها في (ح، ل): (ع).
(5)
ساقطة من (ل، م).
الأكسية (قد علتكم)(1) أي: علت على رواحلكم وإبلكم، ولعل هذا السفر كان سفر غزو أو حج، وهما -لا سيما الحج- ينبغي أن يكون الحاج (2) تاركًا لتزين الرواحل والملابس وزي المترفهين والمتكبرين، فقد حج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على راحلة، وكان تحته رحل رث، وقطيفة خلقة، قيمته أربعة دراهم (3)، ذكره الترمذي في "الشمائل"(4)، وفي رواية لغير المصنف: كان رسول اللَّه في سفر فنزل أصحابه منزلًا، فسرحت الإبل، فنظر إلى أكسية حمر على الأقتاب، فقال:"أرى هذِه الحمرة قد غلبت عليكم"(5). فيحتمل أن تكون الأكسية مركبة كالخياطة في الرحل والقتب الذي هو كالإكاف لغير الإبل، ويحتمل أن يكون مغطًّى بها، وكلاهما من التزين والترفه المنافي للحاج.
قال الغزالي في كتاب الحج: ينبغي للحاج أن يجتنب الحمرة في زيه على الخصوص، والشهرة كيفما كانت على العموم (6)، ثم استدل بهذا الحديث، وهذا يدل على أن هذا السفر كان سفر حج، واللَّه أعلم.
(1) في (م): غلبتكم.
(2)
ساقطة من (م).
(3)
رواه ابن ماجه (2890) من حديث أنس.
(4)
رواه الترمذي في "الشمائل"(335)، (341) من حديث أنس أيضًا.
(5)
رواه عبد الرزاق 3/ 430 (6204) من حديث أبي سعيد الخدري دون ذكر قصة سفر النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "ألا إن الحمرة غلبت عليكم". رواها أحمد 3/ 463 من حديث الباب، وذكر فيها قصة نزول الصحابة منزلًا في سفر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وقول النبي بنفس لفظ حديث الباب.
(6)
"إحياء علوم الدين" 1/ 345.
(فقمنا سراعًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم) فقوله: (فقمنا) يدل على أنهم كانوا نازلين والإبل تسرح (حتى نفر بعض إبلنا) يعني: نفرت الإبل (1) لشدة حركتهم ومبادرتهم وشدة جريهم، لما أمر به صلى الله عليه وسلم وكرهه منهم، وفيه فضيلة سرعة المبادرة لما أمر به الأمير والشيخ المربي لمريده (فنزعناها عنها) في الحال.
[4071]
(حدثنا) أبو عبد اللَّه، محمد (ابن عوف الطائي) الحمصي، وثقه النسائي (2). ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثله.
(حدثنا محمد بن إسماعيل) قال المصنف: ليس بذاك (3).
(قال: حدثني أبي) إسماعيل بن عياش العنسي الحمصي، قال البخاري: إذا حدث عن أهل حمص فصحيح (4)، وقد حدث هنا عن حمصي (قال) محمد (ابن عوف) الطائي (قرأت في أصل إسماعيل) الذي يحدث منه.
(قال: حدثني ضمضم) بفتح الضادين المعجمتين (ابن زرعة) بن ثور الحمصي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(5).
(عن شريح) بضم الشين المعجمة (ابن عبيد) مصغر، المقرائي
(1) ساقطة من (ل)، (م).
(2)
انظر: "المعجم المشتمل" لابن عساكر (930)، و"تهذيب الكمال" 26/ 239 (5527).
(3)
"سؤالات الآجري لأبي داود"(1691).
(4)
"التاريخ الكبير" 1/ 369 - 370 (1169) ولفظه: ما روى عن الشاميين فهو أصح.
(5)
6/ 485.
الحضرمي بحمص (1)، قال النسائي وغيره: ثقة (2).
(عن حبيب بن عبيد) مصغر الرحبي، أخرج له مسلم في غير موضع.
(عن حريث) بضم الحاء، وفتح الراء المهملتين، وبعد ياء التصغير ثاء مثلثة (ابن الأبح) بفتح الهمزة والباء، ثم حاء (3) الشامي (السليحي) بفتح السين المهملة، وكسر اللام، وسكون المثناة تحت، ثم حاء مهملة، نسبة إلى سليح: بطن من قضاعة، كذا ضبطه المنذري (4).
وقال ابن الأثير: وهو الصحيح، خلافًا لما ضبطه السمعاني بفتح اللام قبل (5) التحتانية (6).
(أن امرأة من بني أسد) صحابية (قالت: كنت يومًا عند زينب) بنت جحش الأسدية، التي نزلت آية الحجاب فيها (امرأة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ونحن نصبغ) بفتح الباء وضمها (ثيابًا لها (7) بمغرة) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة، وهي الطين الأحمر تصبغ به الثياب وغيرها.
(فبينا نحن كذلك) نصبغ بها (إذ طلع علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما رأى المغرة) التي نصبغ بها (رجع) في الحال (فلما رأت ذلك زينب علمت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد كره ما فعلت) بالصبغ بالمغرة.
(1) ساقطة من (ل، م).
(2)
"معرفة الثقات" 1/ 452 (724)، "تهذيب الكمال" 12/ 447 (2726).
(3)
في النسخ الخطية: جيم. والصواب أنه بالحاء.
(4)
في "مختصر سنن أبي داود" 6/ 42.
(5)
في الأصول: بعد. وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.
(6)
"الأنساب" 7/ 193 (2135).
(7)
في (ل) إشارة أن في نسخة: ثيابها.
قال بعضهم: النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صبغ غزله ثم نسج فغير داخل في النهي المذكور.
(فأخذت فغسلت ثيابها) مما أصابها من المغرة (ووارت) أي: غطت وسترت (كل حمرة) كانت عندها، وفي هذا من حسن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم في رجوعه حين رأى ما يكره، تأديبًا لها وزجرًا، إذ لم يعنفها، ولا سبها، ولا أسمعها شيئًا يكره، وحسن أدب زوجاته صلى الله عليه وسلم، إذ بادرت بسرعة إزالة ما عرفت كراهته له، وإن لم يقل لها شيئًا، وهذا من المعاشرة بالمعروف الذي أمر اللَّه تعالى به.
(ثم إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجع) في وقت آخر (فاطلع) بتشديد الطاء ليرى شيئا مما كرهه (فلما لم ير) عندها (شيئًا) مما كان رآه (دخل) عليها على عادته.
* * *