المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٦

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌1 - باب في المُكاتَبِ يُؤَدّي بَعْضَ كِتابَتِهِ فَيَعْجزُ أَوْ يَمُوتُ

- ‌2 - باب فِي بَيْعِ المُكاتَبِ إِذا فُسِخَتِ الكتابَةُ

- ‌3 - باب فِي العِتْقِ عَلَى الشَّرْطِ

- ‌4 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ

- ‌5 - باب مَنْ ذَكرَ السِّعايَةَ في هذا الحَدِيثِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ رَوى أَنَّهُ لا يَسْتَسْعَي

- ‌7 - باب فِيمَنْ مَلَك ذا رَحمٍ مَحْرَمٍ

- ‌8 - باب فِي عتْقِ أُمَّهاتِ الأَوْلادِ

- ‌9 - باب فِي بَيْعِ المُدَبَّرِ

- ‌10 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ

- ‌11 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مالٌ

- ‌12 - باب في عِتْقِ وَلَدِ الزِّنا

- ‌13 - باب في ثَوابِ العِتْقِ

- ‌14 - باب أي الرِّقابِ أَفْضَلُ

- ‌15 - باب فِي فَضْلِ العِتْقِ في الصِّحَّةِ

- ‌كتاب الحروف والقراءات

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الحمام

- ‌1 - باب الدُّخُولِ في الحَمّامِ

- ‌2 - باب النَّهْي عَنِ التَّعَرِّي

- ‌3 - باب ما جاءَ في التَّعَرِّي

- ‌كتاب اللباس

- ‌1 - باب ما يَقُولُ إِذا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌2 - باب فِيما يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌3 - باب ما جَاءَ في القَمِيصِ

- ‌4 - باب ما جَاءَ في الأَقْبِيَةِ

- ‌5 - باب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ

- ‌6 - باب فِي لُبْس الصُّوفِ والشَّعْرِ

- ‌7 - باب لِباسِ الغَلِيظِ

- ‌8 - باب ما جاءَ في الخَزِّ

- ‌9 - باب ما جاءَ في لُبْسِ الحَرِيرِ

- ‌10 - باب منْ كَرِهَهُ

- ‌11 - باب الرُّخْصَةِ في العَلَمِ وَخَيْطِ الحَريرِ

- ‌12 - باب فِي لُبْس الحَرِيرِ لِعُذْرٍ

- ‌13 - باب فِي الحَرِيرِ لِلنِّساءِ

- ‌14 - باب فِي لُبْسِ الحِبَرَةِ

- ‌15 - باب فِي البَياضِ

- ‌16 - باب فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَفي الخُلْقانِ

- ‌17 - باب فِي المَصْبُوغِ بالصُّفْرَةِ

- ‌18 - باب فِي الخُضْرَةِ

- ‌19 - باب في الحُمْرَةِ

- ‌20 - باب فِي الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌21 - باب فِي السَّوادِ

- ‌22 - باب فِي الهُدْبِ

- ‌23 - باب فِي العَمائِمِ

- ‌24 - باب فِي لِبْسَةِ الصَّمّاءِ

- ‌25 - باب فِي حَلِّ الأَزْرارِ

- ‌26 - باب في التَّقَنُّعِ

- ‌27 - باب ما جاءَ في إِسْبالِ الإِزارِ

- ‌28 - باب ما جَاءَ في الكِبْرِ

- ‌29 - باب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الإِزارِ

- ‌30 - باب لباسِ النِّساءِ

- ‌31 - باب فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌32 - باب فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

- ‌33 - باب فِيما تُبْدي المَرْأَةُ مِنْ زِينَتِها

- ‌34 - باب فِي العَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلاتِهِ

- ‌35 - باب فِي قَوْلِهِ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}

- ‌36 - باب فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}

- ‌37 - باب فِي الاخْتِمارِ

- ‌38 - باب فِي لُبْسِ القَباطي لِلنِّساءِ

- ‌39 - باب فِي قَدْر الذَّيْلِ

- ‌40 - باب في أُهُبِ المَيْتَةِ

- ‌41 - باب مَنْ رَوى أَنْ لا يُنْتَفَع بِإِهابِ المَيْتَةِ

- ‌42 - باب فِي جُلُودِ النُّمُورِ والسِّباعِ

- ‌43 - باب فِي الانْتِعالِ

- ‌44 - باب فِي الفُرُشِ

- ‌45 - باب في اتِّخاذِ السُّتُورِ

- ‌46 - باب فِي الصَّلِيبِ في الثَّوْبِ

- ‌47 - باب فِي الصُّوَرِ

- ‌كتاب الترجل

- ‌1 - باب النَّهْي عَنْ كَثِيرٍ منَ الإِرْفاهِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في اسْتِحْبابِ الطِّيبِ

- ‌3 - باب فِي إِصْلاحِ الشَّعْرِ

- ‌4 - باب فِي الخِضابِ للنِّساءِ

- ‌5 - باب في صِلَةِ الشَّعْرِ

- ‌6 - باب فِي رَدِّ الطِّيبِ

- ‌7 - باب ما جاءَ في المَرْأَةِ تَتَطيَّبُ لِلْخُرُوجِ

- ‌8 - باب فِي الخَلُوقِ للرِّجالِ

- ‌9 - باب ما جاءَ في الشَّعَرِ

- ‌10 - باب ما جاءَ في الفَرْقِ

- ‌11 - باب فِي تَطْوِيلِ الجُمَّةِ

- ‌12 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْقِصُ شَعْرَهُ

- ‌13 - باب فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌14 - باب فِي الذُّؤابَةِ

- ‌15 - باب ما جاءَ في الرُّخْصَةِ

- ‌16 - باب فِي أَخْذِ الشّارِبِ

- ‌17 - باب فِي نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌18 - باب فِي الخِضابِ

- ‌19 - باب ما جاءَ في خِضابِ الصُّفْرَةِ

- ‌20 - باب ما جاءَ في خِضابِ السَّوادِ

- ‌21 - باب ما جاءَ في الانْتِفاع بِالعاجِ

- ‌كتاب الخاتم

- ‌1 - باب ما جاءَ في اتِّخاذِ الخاتَمِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في تَرْكِ الخاتَمِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في خاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌4 - باب ما جاءَ في خاتَمِ الحَدِيدِ

- ‌5 - باب ما جاءَ في التَّخَتُّمِ في اليَمِينِ أوِ اليَسارِ

- ‌6 - باب ما جاءَ في الجَلاجِلِ

- ‌7 - باب ما جاءَ في رَبْطِ الأَسْنانِ بِالذَّهَبِ

- ‌8 - باب ما جاءَ في الذَّهَبِ لِلنِّساءِ

- ‌كتاب الفتن

- ‌1 - باب ذكْرِ الفِتَنِ وَدَلائِلِها

الفصل: ‌2 - باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة

‌2 - باب فِي بَيْعِ المُكاتَبِ إِذا فُسِخَتِ الكتابَةُ

3929 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قالا: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ جاءَتْ عائِشَةَ تَسْتَعِينُها في كِتابَتِها، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ مِنْ كِتابَتِها شَيْئًا فَقالَتْ لَها عائِشَة: ارْجِعي إِلَى أَهْلِكِ فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضي عَنْكِ كِتابَتَكِ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لي فَعَلْتُ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لأَهُلِها فَأَبَوْا وَقالُوا إِنْ شاءَتْ أَنْ تَحْتَسِبَ عَلَيْكِ فَلْتَفْعَلْ وَيَكُونَ لَنا وَلاؤُكِ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ لَها رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ابْتاعي فَأَعْتِقي فَإِنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ". ثُمَّ قامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "ما بالُ أُناسٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ في كِتابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ في كِتابِ اللَّهِ فَلَيْسَ لَهُ وَإِنْ شَرَطَهُ مِائَةَ مَرَّةٍ شَرْطُ اللَّهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ"(1).

3930 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: جاءَتْ بَرِيرَةُ لِتَسْتَعِينَ في كِتابَتِها فَقالَتْ إِنّي كاتَبْتُ أَهْلي عَلَى تِسْعِ أَواقٍ في كُلِّ عامٍ أُوقيَّةٌ فَأَعِينِينَي. فَقالَتْ: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّها عَدَّةً واحِدَةً وَأُعْتِقَكِ وَيَكُونَ وَلاؤُكِ لي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ إِلَى أَهْلِها وَساقَ الحَدِيثَ نَحْوَ الزُّهْري زادَ في كَلامِ النَّبي صلى الله عليه وسلم في آخِرِهِ: "ما بالُ رِجالٍ يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يا فُلانُ والوَلاءُ لي إِنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ"(2).

3931 -

حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيَى أَبُو الأَصْبَغِ الحَرّاني حَدَّثَني مُحَمَّدٌ -يَعْني ابن سَلَمَةَ- عَنِ ابن إِسْحاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الحارِثِ بْنِ المُصْطَلِقِ في سَهْمِ ثابِتِ ابْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ أَوِ ابن عَمٍّ لَهُ فَكاتَبَتْ عَلَى نَفْسِها وَكانَتِ امْرَأَةً مَلَّاحَةً تَأْخُذُها

(1) رواه البخاري (456)، ومسلم (1504).

(2)

رواه البخاري (2168)، ومسلم (1504).

ص: 13

العَيْنُ. قالَتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: فَجاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في كِتابَتِها، فَلَمّا قامَتْ عَلَى البابِ فَرَأَيْتُها كَرِهْتُ مَكانَها، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيَرى مِنْها مِثْلَ الذي رَأَيْتُ، فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللَّهِ أَنا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الحارِثِ وِإِنَّما كانَ مِنْ أَمْري ما لا يَخْفَى عَلَيْكَ، وإِنّي وَقَعْتُ في سَهْمِ ثابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ، وِإِنّي كاتَبْتُ عَلَى نَفْسي فَجِئْتُكَ أَسْأَلُكَ في كِتابَتي.

فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَهَلْ لَكِ إلى ما هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ". قالَتْ: وَما هُوَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: "أُؤَدّي عَنْكِ كِتابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ". قالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ قالَتْ: فَتَسامَعَ -تَعْني النَّاسَ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيةَ فَأَرْسَلُوا ما في أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْى فَأَعْتَقُوهُمْ وَقالُوا: أَصْهارُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَما رَأَيْنا امْرَأَهَ كانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِها مِنْها أُعْتِقَ في سَبَبِها مِائَةُ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَني المُصْطَلِقِ.

قالَ أَبُو داوُدَ: هذا حُجَّةٌ في أَنَّ الوَلي هُوَ يُزَوِّجُ نَفْسَهُ (1).

* * *

باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة

[3929]

(حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة) القعنبي (وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا الليث عن ابن شهاب) الزهري (عن عروة) بن الزبير.

(أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن بريرة) وفي اسمها سؤال، وهو أنه ثبت في "الصحيح" أن جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمها برة فغير النبي

(1) رواه أحمد 6/ 277، وابن سعد في "طبقاته" 8/ 116، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 2/ 216 (725)، وأبو يعلى في "مسنده" 8/ 373 (4963)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 21، وابن حبان في "صحيحه"(4054) و (4055)، والطبراني في "الكبير" 24/ 60 (159)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 26، والبيهقي في "السنن" 9/ 74 - 75.

ص: 14

-صلى الله عليه وسلم اسمها إلى جويرية (1). وكذلك غير أيضًا اسم برة بنت أبي سلمة (2)، وبرة بنت جحش (3)، فسمى كل واحدة منهما زينب.

وقال: "لا تزكوا أنفسكم، اللَّه أعلم بأهل البر منكم"(4) ولم يغير عليه السلام اسم بريرة مع أنها على بنية من أبنية المبالغة، وهي فعيلة بخلاف برة، فكانت على هذا المعنى بالتغيير أولى، وجوابه أن يقال: هذا السؤال مغالطة، وقائله يخدع بها من ليس له اعتناء باللغة، فإن لفظ بريرة ليس مما نحن (5) بصدده؛ لأنه اسم جامد في الأصل غير صفة، وهي واحدة البرير، والبرير ثمر الأراك، فليس من اللغة في شيء، فلذلك لم يغيره عليه السلام (6).

(جاءت عائشة رضي الله عنها تستعينها) أي: تستعين بها (في كتابتها) والكتابة هي: العقد المشهور بين العبد وسيده، فإما أن يكون مأخوذًا من كتابة الخط؛ لوجودها عند العقد، وإما من معنى الإلزام كما في قوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (7) لإلزام كل واحد من السيد والعبد بما شرط من العتق والأداء اللذين تكاتبا عليه (ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا) ورواية الصحيحين عن عائشة:

(1) رواه مسلم (2140) من حديث ابن عباس.

(2)

رواه مسلم (2142).

(3)

رواه البخاري (6192)، ومسلم (2141).

(4)

مسلم (2142/ 19).

(5)

بعدها في (ح): فيه.

(6)

انظر: "فتح الباري" 5/ 188.

(7)

النساء: 103.

ص: 15

جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية، فأعينيني (1). وسيأتي.

(فقالت لها عائشة: ارجعي إلى أهلك) المراد هنا بأهلها مواليها، وللأهل إطلاقات كثيرة، كما يقال: أهل القرآن، أي: حفظته، وأهل الرجل زوجته وعياله، وأهل اللَّه المشغولون بعبادته كما يشتغل الرجل بأهله عمن سواهم.

(فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك) مَنْ منع بيعَ المكاتب، كما تقدم عن الشافعي وغيره يحتاج إلى تأويل بيع بريرة، وهي مكاتبة، ومن أجاز بيعه للعتق لا للخدمة يقول: إن عائشة اشترت بريرة للعتق، ومن يجيز بيع كتابة المكاتب يقول: لعلها اشترت كتابتها. ويحتج بقول عائشة: (فإن أحبوا أن أقضي عنك كتابتك) فإن هذا ظاهر في أنها لم تشتر الرقبة، ومن يمنع بيع المكاتب وكتابته، يقول: عجزت ورضيت بالبيع. فلهذا اشترتها عائشة.

(ويكون ولاؤك لي فعلت) والولاء بفتح الواو والمد، مأخوذ من الولي، بسكون اللام مع فتح الواو، وهو القرب، والمراد به هنا: وصف حكمي ثبت عنه ثبوت حق الإرث من العتيق الذي لا وارث له من جهة نسب أو زوجية أو الفاضل عن ذلك، وقد كانت العرب تبيع هذا الحق وتهبه، فنهى الشرع عنه كما سيأتي.

(فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا) من ذلك (وقالوا: إن شاءت أن

(1)"صحيح البخاري"(2168)، "صحيح مسلم"(1504/ 8).

ص: 16

تحتسب عليك) الاحتساب هنا كناية عن الصدقة، والمعنى أنها تحتسب بأجرها عند اللَّه تعالى (فلتفعل) ذلك ويسقط ولاؤها (ويكون لنا ولاؤك) كانت العرب تسقط الولاء وتبيعه وتهبه، فنهى الشرع عنه؛ لأن الولاء كالنسب ولحمته كلمة النسب (1)، فلا يقبل الزوال بالإزالة. (فذكرت ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ابتاعي) منهم الجارية (فأعتقي)(2) بفتح الهمزة (فإنما) كلمة (إنما) تقتضي الحصر. أي: حصر ثبوت (الولاء) للمعتق (لمن أعتق) ونفيه عن غيره، والحصر في (إنما) فائدة جليلة عند معظم أهل الأصول في الحصر بالحكم، وإذا ثبت أنها للحصر اقتضى ذلك أمرين: أحدهما: ثبوت الولاء في سائر العتق كالكتابة والتدبير والتعليق بالصفة، ونحو ذلك. والثاني: بطلان الولاء بالحلف والموالاة، وإسلام الرجل على يد الرجل، والتقاط اللقيط.

(1) وهو حديث رواه ابن حبان (4950)، والطبراني في "الأوسط" 2/ 82، والحاكم 4/ 341، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 292، جميعهم من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب".

قال الحاكم: صحيح الإسناد لم يخرجاه.

وقال البيهقي 6/ 240 بعد روايته عن الحسن مرسلًا: وروي هذا موصولًا عن ابن عمر وليس بصحيح، ورواه عبد الرزاق 9/ 5 (16149) عن ابن المسيب مرسلًا، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 240 عن الحسن مرسلًا، وابن أبي شيبة 10/ 597 (20845) عنهما -محمد والحسن- قال البيهقي في "الكبرى" 10/ 292: وقد روي من أوجه أخر كلها ضعيفة.

(2)

في حاشية (ح) وصلب (ل)، (م): رواية، وأعتقي.

ص: 17

(ثم قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ) فيه: القيام للخطبة (ما بال أناس) أي: ما حالهم. والبال من الألفاظ المشتركة تفسر في كل موضع بما يليق به (يشترطون شروطًا) الشروط جمع شرط، والشرط لغة مخفف من الشرط بفتح الراء وهوالعلامة [وجمعه أشراط](1)، وأما في الاصطلاح فله إطلاقات: أحدها: الشرط المعنوي، وهو ما يلزم من عدمه عدم مشروطه، ولا يلزم من وجوده وجوده ولا عدمه. والثاني: الشرط اللغوي، وهو ما يؤتى فيه بصيغ التعليق نحو (إن) و (إذا) وغيرهما. قال القرافي وغيره: الشروط اللغوية أسباب بوضع المعلق يلزم وجودها الوجود ومن عدمها العدم (2).

والثالث: جعل شيء قيدًا لآخر كشرط عليه في بيعه كذا وفي إجارته كذا ونحو ذلك، وهو المراد هنا.

(ليست في كتاب اللَّه [من اشترط شرطا ليس في كتاب اللَّه])(3) أي: في حكم اللَّه الذي كتبه على عباده وشرعه لهم. وقيل: المراد بكتاب اللَّه القرآن (فليس له) به حق (وإن شرطه مائة شرط) كأنه من باب قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} (4) ومعناه -واللَّه أعلم- أنه لو شرط مائة شرط كان باطلًا، وهو تأكيد لما قبله (شرط اللَّه أحق و) كتاب اللَّه (أوثق) معناه شرط اللَّه الذي شرعه وجعله شرطًا هو أحق أن يتبع من

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ل)، (م)، وبعدها في (ح): وهو العلامة.

(2)

"شرح تنقيح الفصول" 1/ 85.

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ح).

(4)

التوبة: 80.

ص: 18

الشروط الباطلة، وكتاب اللَّه تعالى الذي أنزله أوثق، أي: أقوى، والمراد أنه قوي وما سواه واهٍ، فأفعل التفضيل فيه وفيما قبله ليست على بابها.

[3930]

(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب، عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت بريرة) مولاتها (لتستعين) بما تدفعه إليها (في كتابتها فقالت: إني كاتبت أهلي) أي: مواليَّ، وهم بعض بني هلال كانوا كاتبوها ثم باعوها لعائشة ثم عتقت تحت زوجها مغيث، فخيرها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(على تسع أواقي)(1) جمع أوقية، وهي أربعون درهمًا كما تقدم، قال في "الصحاح": فأما اليوم فيما يتعارفه الناس ويقدر عليه الأطباء بوزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم، وهو إستار وثلثا إستار (2). انتهى. فالإستار على هذا ستة دراهم وثلاثة أسباع درهم.

واعلم أن البخاري أخرج رواية تعليقًا أن بريرة دخلت عليها تستعينها في كتابتها وعليها خمس أواق نجمت عليها في خمس سنين (3). ورجح القرطبي رواية تسع التي ذكرها المصنف؛ لأن هشامًا أثبت في حديث أبيه وجدته من الأجانب (4).

قال: ويحتمل أن تكون هذِه الخمس الأواقي هي التي استحقت

(1) في حاشية (ح) وصلب (ل)، (م): نسخة أواقٍ.

(2)

"الصحاح" 6/ 2528.

(3)

البخاري (2560).

(4)

في (ل)، (م): الأحاديث.

ص: 19

عليها بحلول نجومها من جملة التسع (1). وقال غيره: لولا ما روي أنها لم تكن أدت من كتابتها شيئًا كما تقدم في رواية المصنف يجمع بينهما بأن يكون أصل الكتابة تسعًا، ولكن الباقي وقت استعانتها بعائشة خمس.

(في كل عام أوقية) بضم الهمزة، ووقع في بعض نسخ مسلم المعتمدة: وقية (2). بغير ألف وهي لغة، وإثبات الألف أفصح. (فأعينيني) على كتابتي (فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها) لهم (عدة واحدة) فيه: جواز الكتابة على الدراهم المعلومة بالعدد، وأن الدراهم كانت معاملة الناس بها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالعدد دون الوزن (وأعتقك) بضم الهمزة، أجاز بعضهم بيع المكاتب للعتق لا للاستخدام، وفي بيع العبد القن بشرط العتق من مشتريه اختلاف بين العلماء، أجازه مالك (3) والشافعي (4) ومنعه أبو حنيفة (5).

(ويكون ولاؤك لي) كما كان (فعلت. فذهبت إلى أهلها) وذكرت ذلك لأهلها، فأبوا (وساق الحديث) المذكور (نحو) حديث (الزهري).

و(زاد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم في آخره: ما بال رجال يقول أحدهم: أعتق) بفتح الهمزة، (يا فلان) هذا الرقيق (والولاء لي) الظاهر أن هذا يقوله

(1)"المفهم" 4/ 321.

(2)

"صحيح مسلم"(715/ 113) كتاب الطلاق، باب بيع البعير واستثناء ركوبه، و"صحيح البخاري"(2168، 2563). وانظر: "شرح النووي على مسلم" 10/ 145.

(3)

"البيان والتحصيل" 7/ 259.

(4)

انظر: "نهاية المطلب" 5/ 377.

(5)

انظر: "المبسوط" 13/ 141.

ص: 20

البائع للمشتري الذي يدفع الثمن: أعتق ما اشتريته مني ويبقى الولاء مستمر لي.

فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: (إنما الولاء لمن أعتق) أجمع المسلمون على ثبوت الولاء لمن أعتق عبده أو أمته عن نفسه، وأنه يرث به (1). وأما العتيق فلا يرث سيده عند الجماهير. وقال جماعة من التابعين: يرثه. كعكسه.

وفي حصر الحديث دلالة على أنه لا ولاء لمن أسلم على يديه، ولا لملتقط اللقيط ولا بالمخالفة.

[3931]

(حدثنا عبد العزيز بن يحيى أبو الأصبغ) بالباء الموحدة والغين المعجمة (الحراني) بالحاء المهملة وبعد الألف نون، ثقة، توفي سنة خمس وثلاثين ومائتين.

(حدثني محمد بن سلمة، عن) محمد (ابن إسحاق) صاحب "المغازي"(عن محمد (2) بن جعفر بن الزبير) بن العوام الأسدي (عن) عمه (عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها قالت: وقعت جويرية) بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة، وجذيمة هو (المصطلق) بفتح الطاء وكسر اللام من خزاعة.

(في سهم ثابت بن قيس بن شماس) بفتح الشين المعجمة والميم المشددة، وكان خطيب النبي صلى الله عليه وسلم، استشهد باليمامة سنة إحدى عشرة،

(1)"الإجماع" لابن المنذر 1/ 75، "الأوسط" 7/ 538.

(2)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

ص: 21

وكانت قبل أن تسبى (1) تحت ابن عم لها يقال له مسافع بن صفوان بن [ذي](2) الشفر بن أبي السرح بن مالك بن جذيمة بن المصطلق (أو) في سهم (ابن عم له) والمشهور أنه ثابت، واقتصر عليه جماعة.

(فكاتبت) ثابتًا (على نفسها وكانت) جويرية (امرأة ملاحة) بضم الميم وتشديد اللام. أي: كثيرة الملاحة والحسن، وفعال بضم الفاء وتشديد اللام، مبالغة في فعيل نحو كريم وكرام، وكبير وكبار، قال اللَّه تعالى:{وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22)} (3) وقال الشماخ:

يا ظبية عطلا حسانة الجيد (4)

أي: كانت مليحة حلوة لا يكاد يراها أحد إلا وقعت في قلبه وأخذت بنفسه (تأخذها العين) أي: تحب العين دوام النظر إليها، وتكره انقطاع رؤيتها (قالت عائشة رضي الله عنها: فجاءت تسأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) أن يعينها (في كتابتها) التي كاتبت ثابتًا (5) عليها (فلما قامت على الباب فرأيتها كرهت) بسكون الهاء وضم تاء المتكلم (مكانها) وفي رواية ذكرها ابن عبد البر: قالت: فواللَّه ما هو إلا أن رأيتها على باب الحجرة فكرهتها (6).

(1) بياض في (م).

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من النسخ، والمثبت من كتب السير.

(3)

نوح: 22.

(4)

نسبه له الخليل في "العين" 2/ 9، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 116، 264، والجوهري في "الصحاح" 5/ 2099. وانظر:"معالم السنن" 4/ 62.

(5)

في النسخ الخطية: (ثابت) والمثبت هو الصواب.

(6)

"الاستيعاب" 4/ 367.

ص: 22

(وعرفت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سيرى منها) أي: من ملاحتها وحسنها (مثل الذي رأيت) منها (فقالت: يا رسول اللَّه، إني أنا جويرية بنت الحارث) المصطلقية (وإني كان من أمري) من الاسترقاق (ما لا يخفى عليك (1) وإنا كان من أمرنا وإني وقعت في سهم) أي: نصيب (ثابت بن قيس بن شماس) خطيب العرب، أو لابن عم له، وقد أصابني كان الأمر ما لم يخف عليك (وإني كاتبت) ثابتًا (على نفسي) فيه: دليل على جواز كتابة الأنثى وذات الزوج من الإماء ودخولهن في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} (2) وإنه لا حق للزوج في منعها كما في قضية بريرة.

(فجئت أسألك) أن تعيينني بشيء (في كتابتي) لثابت بن قيس (فقال) لها (رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ) عندما رآها ورأى منها ما رأته عائشة منها (فهل لك إلى) فعل (ما هو خير) لك من هذا الذي ذكرت، وأنفع لك (منه؟ قالت: وما هو يا رسول اللَّه؟ قال: أؤدي عنك) أي: أقضي عنك لثابت مال (كتابتك وأتزوجك) وهذا هو الذي كرهته عائشة وخافت من وقوعه.

وفيه: دليل على جواز كتابة الأمة (3). وفيه: أن مال الكتابة يكون في الذمة. وفيه: جواز أداء دين المديون بإذنه، وأن الدين ينتقل إلى المؤدي، يطالب به ويتعوض عنه عرضًا أو غيره، وأنه يجوز أن يكون صداقًا للدافع

(1) بعدها في النسخ الخطية: نسخة: وإنا كان من أمرنا.

(2)

النور: 33.

(3)

انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال 7/ 84، "التمهيد" 22/ 162، "فتح الباري" 5/ 192.

ص: 23

على المكاتبة، وأن الزوجة إذا كان في ذمتها مال يجوز أن يتزوجها ويقاصها بصداقها عما في ذمتها (قالت: قد فعلت) قد يؤخذ منه أنه يجوز نكاحه صلى الله عليه وسلم، وينعقد بلا ولي ولا شهود، إذ لو كان هنا ولي وشهود لنقل.

ويحتمل أنه دفع عنها مال كتابتها تبرعًا، وأنه تزوجها بلا مهر، إذ لو كان مال الكتابة صداقًا لقال: جعلت مال كتابتك صداقًا لك.

(قالت) عائشة (فتسامع الناس) وخرج الخبر إليهم [(أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية).

فيه: إشاعة خبر النكاح وإظهاره ولو بالدف والصوت] (1)؛ لرواية الترمذي عن محمد بن حاطب: "فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت"(2)، (فأرسلوا) يعني الناس (ما في أيديهم من السبي) أي: من سبايا بني المصطلق (فأعتقوهم وقالوا) لأنهم قد صاروا (أصهار) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هم أصهار (رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) قال الخليل: الصهر: أهل بيت الزوجة (3). وقال غيره: الصهر: ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها التزويج (4).

(فما رأينا) هذا من قول عائشة رضي الله عنها (امرأة) تزوجت

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(2)

"سنن الترمذي"(1088) ورواه أيضًا النسائي 6/ 127، وأحمد 4/ 259. وانظر:"البدر المنير" 9/ 644.

(3)

انظر: "العين" 4/ 238.

(4)

انظر: "الفائق في غريب الحديث" 2/ 323، "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 323.

ص: 24

و (كانت أعظم) بالنصب (بركة على قومها منها أعتق) بضم الهمزة وكسر التاء (في سبيها)(1) أي: في السبي التي كانت فيه بسبب تزويج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إياها (مائة أهل) بالإضافة (بيت) ورواية "جامع الأصول" عن أبي داود: أكثر من مائة أهل بيت (2). وأهل بيت الرجل أولاده وأقاربه وأتباعه وزوجاته.

قال الزمخشري في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} (3) ففي الآية دليل بين على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته.

وذكر ابن سعد أن النبي كان مائتي بيت (4)(من بني المصطلق) بكسر اللام كما تقدم، والمصطلق هو: جذيمة بن كعب من خزاعة، وتسمى غزوة المريسيع، والمريسيع ماء لهم بينه وبين الفرع نحو من يوم، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد.

(قال) المصنف: و (هذا) الحديث (حجة في) أن (الولي هو يزوج نفسه) إذا أراد نكاح من لا ولي لها، وهو وجه عند الشافعية، نقله البلخي (5). واختاره ابن المنذر من أصحابنا (6)، وهو قول مالك (7)

(1) في حاشية (ح) وصلب (ل)، (م): نسخة: بسبيها.

(2)

"جامع الأصول" 11/ 419.

(3)

الأحزاب: 33.

(4)

"الطبقات الكبرى" 8/ 116 وفيه: مائة أهل.

(5)

انظر: "روضة الطالبين" 7/ 71.

(6)

"الأوسط" 8/ 301.

(7)

"المدونة" 2/ 108.

ص: 25

وأبي حنيفة (1)، ورواية عن أحمد (2).

ووجه الدليل أنه تزوج جويرية بغير ولي، ولما روى البخاري قال عبد الرحمن بن عوف لأم حكيم ابنة قارظ: أتجعلين أمرك إليَّ؟ قالت: نعم. قال: قد تزوجتك (3). ولحديث صفية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها (4).

والمذهب عند الشافعي (5)، وهو رواية عن أحمد (6) أنه يوكل رجلًا يزوجه إياها بإذنها، والذي يوكله أن يزوجه من فوقه من الولاة، أو من هو مثله، وأجيب عن حديث الباب وما معه أن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم.

* * *

(1) انظر: "المبسوط" 5/ 9.

(2)

انظر: "الكافي" 4/ 236.

(3)

"صحيح البخاري" معلقا بصيغة الجزم قبل حديث (5131).

(4)

رواه البخاري (371، 4200)، ومسلم (1365).

(5)

انظر: "الروضة" 7/ 71.

(6)

انظر: "المغني" 9/ 374 - 375.

ص: 26