الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَفي الخُلْقانِ
4062 -
حَدَّثَنا النُّفَيْلي، حَدَّثَنا مِسْكِينٌ عَنِ الأَوْزاعي، ح، وَحَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الأَوْزاعي نَحْوَهُ، عَنْ حَسّانَ بْنِ عَطَيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ قالَ: أَتانا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ فَقالَ: "أَما كانَ يَجِدُ هذا ما يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ". وَرَأى رَجُلًا آخَرَ وَعَلَيهِ ثِيابٌ وَسِخَةٌ فَقالَ: "أَما كانَ هذا يَجِدُ ماءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ"(1).
4063 -
حَدَّثَنا النُّفَيْلي، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحاقَ، عَنْ أَبي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: أَتَيْتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم في ثَوْبٍ دُونٍ فَقالَ: "أَلَكَ مالٌ؟ ". قالَ: نَعَمْ. قالَ: "مِنْ أي المالِ؟ ". قالَ قَدْ أتاني اللَّهُ مِنَ الإِبِلِ والغَنَمِ والخَيْلِ والرَّقِيقِ. قالَ: "فَإِذا آتاكَ اللَّهُ مالًا فَلْيُرَ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ وَكَرامَتِهِ"(2).
* * *
باب في غسل الثوب وفي الخلقان
والخلقان بضم الخاء، وسكون اللام، جمع خلق كذكر وذكران، وجذع وجذعان، والخلق هو الثوب الذي بلي من اللبس.
[4062]
(حدثنا) عبد اللَّه بن محمد (النفيلي، حدثنا مسكين) بن بكير الحراني، أخرج له الشيخان (عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي، وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، عن وكيع، عن الأوزاعي نحوه) بنصب
(1) رواه النسائي 8/ 183، وأحمد 3/ 357.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(1333).
(2)
رواه الترمذي (2006)، والنسائي 8/ 181، وأحمد 4/ 137.
وصححه الألباني في "المشكاة"(4352).
الواو (عن حسان (1) بن عطية) المحاربي، مولاهم الدمشقي، كان إذا صلى العصر يذكر اللَّه في المسجد حتى تغيب الشمس، ومن دعائه: اللهم إني أعوذ بك أن أتعزز بشيء من معصيتك، وأعوذ بك أن أتزين بشيء يحجبني عنك، وأعوذ بك أن أقول قولًا أبتغي به وجه غيرك.
(عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرأى رجلًا شعثًا) بكسر العين، أي: متغبر الشعر منتشره؛ لقلة تعهده بالدهن والتسريح (قد تفرق شعره) من رأسه ولحيته من قلة تعهده، فهو غير متلبد، ولفظ النسائي: أتانا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرأى رجلًا ثائر الرأس (2). أي: منتشر شعر الرأس قائمه، فحذف المضاف (فقال: أما) بتخفيف الميم (كان يجد هذا ما يسكن) بضم أوله، وتشديد الكاف المكسورة (به شعره) أي: يضم بعضه على بعض ويلينه بالدهن والزيت والغسل وغير ذلك.
فيه: استحباب تنظيف شعر الرأس بالغسل والترجيل والتدهين بالزيت ونحوه؛ لإزالة التفث، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدهن الشعر ويرجله غبًّا ويأمر به. وروى النسائي عن محمد بن المنكدر، عن أبي قتادة. وكانت له جمة ضخمة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يحسن إليها (3).
وروى المصنف: "من كان له شعر فليكرمه"(4)(ورأى) رسول اللَّه
(1) فوقها في (ح، ل): (ع).
(2)
"المجتبى" 8/ 183 - 184.
(3)
"المجتبى" 8/ 184.
(4)
سيأتي برقم (4163) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
-صلى الله عليه وسلم (رجلًا آخر (1) عليه ثياب وسخة) الوسخ هو ما يعلق بالثوب وغيره؛ من قلة التعهد بالغسل ونحوه (فقال: أما كان هذا يجد ماء) بالمد والتنوين (يغسل به ثوبه) فيه النظافة من الأوساخ الظاهرة على الثوب والبدن، فقد تقدم عن الشافعي: من نظف ثوبه قل همه (2).
وفيه الأمر بغسل الثوب إذا كثر وسخه، ولو بماء فقط، فإن في غسله إزالة الوسخ والنجاسة إن كانت، ولو لم ينو إزالة النجاسة فإنها ليست بشرط على المذهب؛ فإن المقصود الأعظم طهارة الثوب؛ فإنها شرط لصحة الصلاة. قيل لبعضهم: ثوبك مخرق. قال: ولكنه من وجه حلال. قيل له: وهو وسخ. قال: ولكنه طاهر من النجاسة. فمعظم الاعتبار في الثوب أن يكون حلالًا طاهرًا.
[4063]
(حدثنا) عبد اللَّه (النفيلي، ثنا زهير، ثنا أبو إسحاق)(3) عمرو بن عبد اللَّه السبيعي (عن أبي الأحوص) عوف بن مالك الجشمي، أخرج له مسلم (عن أبيه) مالك بن ثعلبة. وقيل: مالك بن عوف بن نضلة الجشمي، له وفادة (قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب) بالتنوين (دون) بضم الدال وتنوين النون، أي: خَلِق. لرواية [أحمد](4): رآني النبي صلى الله عليه وسلم وعليَّ أطمار (5). وهو جمع طمر، وهو
(1) ساقطة من (م، ل).
(2)
سبق تخريجه.
(3)
فوقها في (ح، ل): (ع).
(4)
بياض في جميع النسخ، ولعل المثبت هو الصواب.
(5)
رواه أحمد 3/ 473.
الخلق، ورواية النسائي: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فرآني سيئ الهيئة (1). (فقال: ألك مال؟ قال: نعم. قال: من أي المال؟ قال: آتاني اللَّه) لفظ النسائي: من كل المال قد آتاني اللَّه (2)(من الإبل والغنم والخيل والرقيق) يشمل الذكور والإناث.
(قال: فإذا آتاك) بمد الهمزة، أي: أعطاك (اللَّه مالًا) تجب الزكاة فيه، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وصف إتيان المال بعد سماعه، مع أمره بإظهاره النعمة عليه، يدل بالإيماء على أنه عِلَّةٌ بالإيماء؛ لأنه لو لم يكن للتعليل لما كان لإعادة ذكره فائدة، وكان ذكره عبثًا، وكلام الشارع منزه عنه.
(فلْيُرِ) بسكون لام الأمر والياء المثناة تحت مضمومة، ويجوز بالمثناة فوق؛ لإضافة المذكر إلى المؤنث في (أثر نعمة اللَّه عليك وكرامته) التي أكرمك بها من المال؛ ليمتحنك: هل تقوم لشكرها أم لا؟ .
وفيه استحباب ثياب تليق بحال الغني ليعرف الفقراء وذوو الحاجات أنه غني، فيقصدونه، وقد حسن الترمذي حديث:"إن اللَّه يحب أن يرى أثر نعمته بالخير على عبده"(3) فمن أنعم اللَّه عليه بنعمة في الدنيا فليظهرها على نفسه في اللبس وغيره، ما لم يكن محرمًا ولا مكروهًا، ولا سرف فيه، بل يليق بحاله، ولتكن نيته في لبس (4) ذلك إظهار نعمة
(1)"المجتبى" 8/ 196.
(2)
السابق.
(3)
"سنن الترمذي"(2819) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا.
(4)
ساقطة من (م، ل).
اللَّه تعالى عليه؛ ليقصده المحتاجون لطلب الزكاة والصدقات، وكذلك العلماء يلبسون من الثياب ما يليق بهم، من غير إسراف؛ ليعرفهم المستفتون وطلبة العلم؛ فيستفيدوا منهم، ولا [يكون الملبوس](1) من رقيق الثياب الذي يلبس للتفاخر، فمن رق ثوبه رق دينه، ومن ملك نفسه بتزكيتها لا يضره شيء من ذلك، فإن اللَّه جميل يحب الجمال.
* * *
(1) في (ل، م): يلبسون.