الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
35 - باب فِي قَوْلِهِ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}
4107 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْري وَهِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَ يَدْخُلُ عَلَى أَزْواجِ النَّبي صلى الله عليه وسلم مُخَنَّثٌ فَكانُوا يَعُدُّونَهُ مِنْ غَيْرِ أُولي الإِرْبَةِ فَدَخَلَ عَلَيْنا النَّبي صلى الله عليه وسلم يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسائِهِ وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً فَقالَ: إِنَّها إِذا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ وَإِذا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمانٍ. فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "أَلا أَرى هذا يَعْلَمُ ما ها هُنا لا يَدْخُلَنَّ عَلَيْكُنَّ هذا". فَحَجَبُوهُ (1).
4108 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ داوُدَ بْنِ سُفْيانَ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ بِمَعْناهُ (2).
4109 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ، أَخْبَرَني يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ بهذا الحَدِيثِ، زادَ وَأَخْرَجَهُ فَكانَ بِالبَيْداءِ يَدْخلُ كُلَّ جُمُعَةٍ يَسْتَطْعِمُ (3).
4110 -
حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا عُمَرُ، عَنِ الأَوْزاعي في هذِه القِصَّةِ فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ إِذًا يَمُوتُ مِنَ الجُوعِ، فَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ في كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ فَيَسْأَلَ ثُمَّ يَرْجِعَ (4).
* * *
باب في قوله تعالى: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}
[4107]
(حدثنا محمد بن عبيد) بن حساب الغبري البصري، شيخ
(1) رواه البخاري (4324)، ومسلم (2180).
(2)
رواه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 57، ومن طريقه مسلم (2181).
(3)
رواه ابن حبان (4488)، وانظر سابقَيْه.
(4)
انظر الأحاديث الثلاثة السابقة.
مسلم (ثنا محمد بن ثور) بالثاء المثلثة الصنعاني العابد الصادق الفاضل (1)، وثقه ابن معين والنسائي (2).
(عن معمر، عن الزهري، عن عروة) بن الزبير (و) عن (هشام بن عروة، عن)[أبيه](3)(عروة) بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنَّث) بفتح النون وكسرها، فتح النون للقياس، والفتح المشهور، وهو الذي يلين في قوله ويتكسر في مشيه وينثني فيها كالنساء، وقد يكون خلقة، وقد يكون تصنعًا من الفسقة، ومن كان ذلك فيه خلقة فالغالب من حاله أنه لا أرب له في النساء، ولذلك كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يعدون هذا المخنث من غير أولي الإربة، فكانوا لا يحجبونه إلى أن ظهر منه ما ظهر من الكلام فحجبوه.
واختلف في اسم هذا المخنث، فقال القاضي عياض (4): الأشهر أن اسمه: هيت بكسر الهاء، ثم مثناة تحت ساكنة، ثم مثناة فوق، وقيل: صوابه هنب بالنون والباء الموحدة. قاله ابن درستويه: وأن ما سواه تصحيف، وأن الهنب هو الأحمق. وقيل: اسمه ماتع بالمثناة فوق، مولى فاختة المخزومية (5). وهي بنت عمرو بن عائذ.
(1) ساقطة من (ل، م).
(2)
"سؤالات ابن الجنيد لابن معين"(780)، "تهذيب الكمال" 24/ 562 (5108).
(3)
في جميع النسخ: عمه. والمثبت هو الصواب.
(4)
ساقطة من (ح).
(5)
"إكمال المعلم" 7/ 73.
(فكانوا يعدونه) فيما بينهم (من غير أولي الإربة) والإربة والإرب: الحاجة والشهوة، ويحتمل أنهم التابعون (1) الذين يتبعون الرجل ليصيبوا من طعامه ولا حاجة لهم إلى النساء؛ لكبر أو تخنيث أو عنَّة أو جبٍّ ونحو ذلك.
(فدخل علينا) لفظ مسلم: فدخل (2)(النبي صلى الله عليه وسلم) بدون: علينا (وهو عند بعض نسائه) وهي أم سلمة. ولفظ البخاري: أن زينب بنت أبي سلمة [أخبرته أن أم سلمة](3) أخبرتها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندها وفي البيت مخنث (4).
(وهو ينعت امرأة) ولفظ الصحيحين: فإني أدلك على ابنة غيلان (5). وللواقدي والكلبي: إن افتتحتم الطائف فعليك ببادية بنت غيلان بن سلمة الثقفي (6). وبادية بالباء الموحدة وبعد الدال مثناة تحت بنت غيلان، تزوجها عبد الرحمن بن عوف، فولدت له في قول الكلبي (7)، وهي وأبوها صحابيان، أسلم أبوها وتحته عشر نسوة، وهو غيلان بن سلمة ابن معتب الثقفي، أسلم بعد الطائف، وكان شاعرًا.
(1) في النسخ الخطية: التابعين. والمثبت هو الجادة.
(2)
"صحيح مسلم"(2181).
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"صحيح البخاري"(5887).
(5)
"صحيح البخاري"(5887)، "صحيح مسلم"(2180).
(6)
انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر 23/ 63، وفيه:(ابن الكلبي) بدل (الكلبي).
(7)
السابق.
(فقال: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع) عكن، تقبل بهن من كل ناحية اثنتان، ولكل واحدة طرفان (وإذا أدبرت أدبرت بثمان) صارت أطراف العكن ثمانية، والعكنة هي الطية التي تكون في البطن من كثرة السمن، يقال: تعكن البطن إذا صار ذلك فيه. وإنما قال: (بثمان) ولم يقل: بثمانية. [والعكن مؤنث](1) مع أن الأطراف مذكر؛ لأن المميز إذا لم يكن مذكورًا وحذف جاز فيه التذكير والتأنيث، كقوله عليه السلام:"وأتبعه بستٍّ من شوال" الحديث، وتمام كلام المخنث: مع ثغر كالأقحوان، إن جلست تثنت، وإن تكلمت تغنت، بين رجليها كالإناء المكفوء.
(فقال النبي صلى الله عليه وسلم) لقد غلغلت النظر إليها يا عدو اللَّه (ألا) بتخفيف اللام للتوبيخ (أرى)(2) بفتح الهمزة والراء، وبضمها في مسلم (3)، ويدل على أنه بفتح الهمزة قوله بعده:(هذا يعلم ما هاهنا) ورواية مسلم: "ألا أرى"(4) بضم الهمزة، أي: أظن، كذا رأيته مضبوطًا.
قال القرطبي: هذا يدل على أنهم كانوا يظنون أنه كان لا يعرف شيئًا من أحوال النساء، ولا يخطرن له ببال، وسببه أن التخنيث كان فيه خلقة وطبيعة، ولم يكن يعرف منه إلا ذلك؛ ولهذا كانوا يعدونه من غير أولي الإربة (5).
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ل، م).
(2)
في حاشية (ح) وصلب (ل، م): رواية: لا أرى.
(3)
"صحيح مسلم"(2181).
(4)
السابق.
(5)
"المفهم" 5/ 515.
ثم قال (لا يدخلن عليكم) كذا رواية لمسلم، وفي بعض النسخ:"عليكن"(1). كما في الصحيحين، وهي رواية اللؤلؤي، والأولى للخطيب.
(فحجبوه) عن الدخول عليهن، ولفظ الصحيحين:"هؤلاء عليكن"(2) بزيادة: هؤلاء؛ إشارة إلى جميع المخنثين، وروى البيهقي: كان المخنثون على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثلاثة (3). وفيه من الفقه منع المخنث من الدخول على النساء.
[4108]
(حدثنا محمد (4) بن داود بن سفيان، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها بمعناه) المذكور.
[4109]
(حدثنا أحمد بن صالح) المصري، شيخ البخاري (ثنا) عبد اللَّه (ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها بهذا) و (زاد: فأخرجه) وقال البخاري: "أخرجوهن من بيوتكم" قال: فأخرج فلانًا وفلانًا (5).
(1)"صحيح مسلم"(2181).
(2)
"صحيح البخاري"(4324)، (5887) من حديث أم سلمة، ولم أقف على هذا اللفظ في "صحيح مسلم".
(3)
"السنن الكبرى" 8/ 224 رواية موسى بن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة.
(4)
فوقها في (ل، ح): (د).
(5)
"صحيح البخاري"(5886)، (6834) من حديث ابن عباس مرفوعًا بلفظ:"أخرجوهم" بدل لفظ: "أخرجوهن". وفيه: فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلانًا وأخرج عمر فلانًا.
ورواه البيهقي، وزاد: وأخرج عمر مخنثًا (1). وفي رواية: وأخرج أبو بكر آخر (2).
وروى البيهقي: كان ماتع لفاختة بنت عمرو بن عائذ، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من الدخول على نسائه ومن الدخول إلى المدينة، وبقي معه صاحبه هدم (3).
قال العلماء: إخراج المخنث ونفيه كان لثلاثة معان، أحدها: المعنى المذكور في الحديث أنه كان يظن أنه من غير أولي الإربة.
والثاني: وصفه النساء ومحاسنهن وعوراتهن بحضرة الرجال، وقد نهي أن تصف المرأة المرأة (4) لزوجها، فكيف إذا وصفها الرجل للرجال.
والثالث: أنه ظهر له منه أنه كان يطلع (5) من النساء وأجسامهن وعوراتهن على ما لا يطلع عليه كثير من النساء، لا سيما على ما تقدم أنه وصف ما بين رجليها، وهو الفرج (6).
(فكان بالبيداء) بالمد، وهي القفر، وكل صحراء فهي بيداء كأنها تبيد سالكها، أي: تكاد (7) تهلكه (يدخل في كل جمعة) إلى المدينة (يستطعم) أي: يسأل أن يطعموه فيطعموه.
(1)"السنن الكبرى" 8/ 224.
(2)
"السنن الكبرى" 8/ 224 من حديث عكرمة موقوفًا.
(3)
"السنن الكبرى" 8/ 224 من رواية موسى بن عبد الرحمن بن عياش بن أبي ربيعة.
(4)
ساقطة من (ح).
(5)
ساقطة من (م).
(6)
نقلها الشوكاني في "نيل الأوطار" 6/ 139.
(7)
ساقطة من (ل)، (م).
[4110]
(حدثنا محمود بن خالد) بن يزيد السلمي الدمشقي، قال أبو حاتم: كان ثقة رضًا، وثقه النسائي (1)(ثنا عمر بن عبد الواحد) السلمي الدمشقي، عمَّر تسعين سنة (عن الأوزاعي في هذِه لقصة) المذكورة، وزاد (فقيل: يا رسول اللَّه، إنه إذًا يموت من الجوع) إذا استمر في البادية (فأذن له أن يدخل في كل جمعة) إلى المدينة (مرتين فيسأل) الناس شيئًا يأكله (ثم يرجع) إلى البادية، وبقي معه صاحبه هدم.
وفي الحديث دليل على جواز العقوبة بالنفي (2) عن الوطن لما يخاف من الفساد والفسق، وجواز دخوله في بعض الأوقات ليسأل الناس شيئًا يتقوت به، وأما لغير حاجة فلا يدخل.
* * *
(1)"الجرح والتعديل" 8/ 292 (1342)، وانظر:"تهذيب الكمال" 27/ 297 (5813).
(2)
في جميع النسخ: بالنهي.