الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب ما جاءَ في الفَرْقِ
4188 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَني ابن شِهابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: كانَ أَهْلُ الكِتابِ يَعْني: يَسْدِلُونَ أَشْعارَهُمْ وَكانَ المُشْرِكونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُعْجِبُهُ مُوافَقَةُ أَهْلِ الكِتابِ فِيما لَمْ يؤْمَرْ بِهِ فَسَدَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ناصِيَتَهُ ثُمَّ فَرَقَ بَعْدُ (1).
4189 -
حَدَّثَنا يَحْيَى بن خَلَفٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدٍ -يَعْني: ابن إِسْحاقَ-، قالَ: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كنْتُ إِذا أَرَدْتُ أَنْ أَفْرِقَ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدَعْتُ الفَرْقَ مِنْ يافُوخِهِ وَأُرسِلُ ناصِيَتَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (2).
* * *
باب ما جاء في الفرق
[4188]
(حدثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي (ثنا إبراهيم (3) بن سعد) بن إبراهيم المدني.
(أخبرني ابن شهاب) الزهري (عن عُبَيد (4) اللَّه) بالتصغير، ابن عبد اللَّه ابن عتبة بن مسعود الفقيه الأعمى.
(عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل الكتاب) من اليهود
(1) رواه البخاري (3558)، ومسلم (2336).
(2)
رواه ابن ماجه (3633)، وأحمد 6/ 90، 275.
(3)
فوقها في (ح): (ع).
(4)
فوقها في (ح): (ع).
والنصارى (يعني: يسدُلون) بضم الدال على الأفصح، ويجوز الكسر (أشعارهم) أي: يرسلونها، والمراد هنا عند العلماء إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة، يقال: سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه (1).
(وكان المشركون) عباد الأوثان وغيرهم ممن ليس له كتاب (يفرقون) بضم الراء يعني: شعر (رؤوسهم) والفرق تفريق الشعر بعضه من بعض (2).
(وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به) استئلافًا لقلوبهم [إلى الإسلام](3) وموافقة لهم، وهذا في أول الإسلام ليخالف عبدة الأوثان، فلما أعفاه اللَّه عن استئلافهم وأظهر الإسلام على الدين كله صرح بمخالفتهم في غير شيء، كصبغ الشيب.
(فسدل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ناصيته) وهي شعر مقدم الرأس موافقة لهم (ثم فرق) شعره بتشديد الراء وفرق بتخفيف الراء، أي: جعل شعر رأسه فرقتين على يمين رأسه ويساره، ولم يبق منه شيء على جبينه (بعدُ) بضم الدال أي: بعد ذلك. والفرق سنة في الشعر؛ لأنه الذي رجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم، والظاهر أنه بوحي (4)؛ لقول أنس: كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، فسدل ثم فرق (5)، وظاهره أنه بأمر
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 15/ 90.
(2)
في (ح)، (ل): بعضهم.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ل)، (م).
(4)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 15/ 90.
(5)
قوله: كان يجب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء. لم نجد من عزاه لأنس مسندًا أو غيره سوى القرطبي في "المفهم" 6/ 124. =
من اللَّه تعالى حتى جعله نسخًا، وعلى هذا لا يجوز السدل ولا اتخاذ الناصية والجمة، وروي أن عمر بن عبد العزيز كان إذا انصرف من الجمعة أقام على باب المسجد حرسًا يجرون كل من لم يفرق شعره (1).
[4189]
(حدثنا يحيى بن خلف) الباهلي، شيخ مسلم في الإيمان والنذور.
(ثنا عبد (2) الأعلى) بن عبد الأعلى السامي.
(عن محمد بن إسحاق) صاحب "المغازي"(حدثني محمد بن جعفر ابن الزبير) بن العوام (عن عروة) بن الزبير.
(عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنت إذا أردت أن أفرق شعر رأس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صدعت) بفتح الدال (الفرق) أي: فرقت شعره، ومنه: تصدع السحاب: تفرق، وتصدع القوم: تفرقوا، ومنه حديث:"إن المصدق يجعل الغنم صدعين ثم يأخذ منهما الصدقة"(3). أي: فرقتين (من يافوخه)، وهو وسط رأسه. أي: جعلته فرقتين من على يمين رأسه ومن على يساره (وأرسل ناصيته) وهي شعر مقدم رأسه (بين عينيه) وهذا كله على الجواز. وغاية ما روي عن الصحابة أنه كان
= وإنما هذا كلام ابن عباس كما في حديث الباب.
أما قوله: فسدل ثم فرق. فهو من قول أنس، ورواه عنه الحاكم في "المستدرك" 2/ 663، وتمام في "الفوائد" 1/ 102، وغيرهما.
(1)
رواه ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 76 - 77.
(2)
فوقها في (ل)، (ح):(ع).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 3/ 27 عن عمر موقوفًا. ورُوي عن غيره.
انظر: "المصنف" لعبد الرزاق 4/ 12، و"الأموال" لابن زنجويه 2/ 875.
منهم من فرق، ومنهم من سدل، فلم يعب السادل على الفارق، ولا الفارق على السادل، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان له لمة، فإن انفرقت فرقها، وإلا تركها (1)، وقد قيل: إن الفرق كان من ملة إبراهيم عليه السلام.
* * *
(1) انظر: "إكمال المعلم" 7/ 302، "المفهم" 6/ 125، "شرح النووي على مسلم" 15/ 90.