المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب النهي عن كثير من الإرفاه - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٦

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العتق

- ‌1 - باب في المُكاتَبِ يُؤَدّي بَعْضَ كِتابَتِهِ فَيَعْجزُ أَوْ يَمُوتُ

- ‌2 - باب فِي بَيْعِ المُكاتَبِ إِذا فُسِخَتِ الكتابَةُ

- ‌3 - باب فِي العِتْقِ عَلَى الشَّرْطِ

- ‌4 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ

- ‌5 - باب مَنْ ذَكرَ السِّعايَةَ في هذا الحَدِيثِ

- ‌6 - باب فِيمَنْ رَوى أَنَّهُ لا يَسْتَسْعَي

- ‌7 - باب فِيمَنْ مَلَك ذا رَحمٍ مَحْرَمٍ

- ‌8 - باب فِي عتْقِ أُمَّهاتِ الأَوْلادِ

- ‌9 - باب فِي بَيْعِ المُدَبَّرِ

- ‌10 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا لَهُ لَمْ يَبْلُغْهُمُ الثُّلُثُ

- ‌11 - باب فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مالٌ

- ‌12 - باب في عِتْقِ وَلَدِ الزِّنا

- ‌13 - باب في ثَوابِ العِتْقِ

- ‌14 - باب أي الرِّقابِ أَفْضَلُ

- ‌15 - باب فِي فَضْلِ العِتْقِ في الصِّحَّةِ

- ‌كتاب الحروف والقراءات

- ‌1 - باب

- ‌كتاب الحمام

- ‌1 - باب الدُّخُولِ في الحَمّامِ

- ‌2 - باب النَّهْي عَنِ التَّعَرِّي

- ‌3 - باب ما جاءَ في التَّعَرِّي

- ‌كتاب اللباس

- ‌1 - باب ما يَقُولُ إِذا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌2 - باب فِيما يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا

- ‌3 - باب ما جَاءَ في القَمِيصِ

- ‌4 - باب ما جَاءَ في الأَقْبِيَةِ

- ‌5 - باب فِي لُبْسِ الشُّهْرَةِ

- ‌6 - باب فِي لُبْس الصُّوفِ والشَّعْرِ

- ‌7 - باب لِباسِ الغَلِيظِ

- ‌8 - باب ما جاءَ في الخَزِّ

- ‌9 - باب ما جاءَ في لُبْسِ الحَرِيرِ

- ‌10 - باب منْ كَرِهَهُ

- ‌11 - باب الرُّخْصَةِ في العَلَمِ وَخَيْطِ الحَريرِ

- ‌12 - باب فِي لُبْس الحَرِيرِ لِعُذْرٍ

- ‌13 - باب فِي الحَرِيرِ لِلنِّساءِ

- ‌14 - باب فِي لُبْسِ الحِبَرَةِ

- ‌15 - باب فِي البَياضِ

- ‌16 - باب فِي غَسْلِ الثَّوْبِ وَفي الخُلْقانِ

- ‌17 - باب فِي المَصْبُوغِ بالصُّفْرَةِ

- ‌18 - باب فِي الخُضْرَةِ

- ‌19 - باب في الحُمْرَةِ

- ‌20 - باب فِي الرُّخْصَةِ في ذَلِكَ

- ‌21 - باب فِي السَّوادِ

- ‌22 - باب فِي الهُدْبِ

- ‌23 - باب فِي العَمائِمِ

- ‌24 - باب فِي لِبْسَةِ الصَّمّاءِ

- ‌25 - باب فِي حَلِّ الأَزْرارِ

- ‌26 - باب في التَّقَنُّعِ

- ‌27 - باب ما جاءَ في إِسْبالِ الإِزارِ

- ‌28 - باب ما جَاءَ في الكِبْرِ

- ‌29 - باب فِي قَدْرِ مَوْضِعِ الإِزارِ

- ‌30 - باب لباسِ النِّساءِ

- ‌31 - باب فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}

- ‌32 - باب فِي قَوْلِهِ تَعالَى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

- ‌33 - باب فِيما تُبْدي المَرْأَةُ مِنْ زِينَتِها

- ‌34 - باب فِي العَبْدِ يَنْظُرُ إِلَى شَعْرِ مَوْلاتِهِ

- ‌35 - باب فِي قَوْلِهِ: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ}

- ‌36 - باب فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}

- ‌37 - باب فِي الاخْتِمارِ

- ‌38 - باب فِي لُبْسِ القَباطي لِلنِّساءِ

- ‌39 - باب فِي قَدْر الذَّيْلِ

- ‌40 - باب في أُهُبِ المَيْتَةِ

- ‌41 - باب مَنْ رَوى أَنْ لا يُنْتَفَع بِإِهابِ المَيْتَةِ

- ‌42 - باب فِي جُلُودِ النُّمُورِ والسِّباعِ

- ‌43 - باب فِي الانْتِعالِ

- ‌44 - باب فِي الفُرُشِ

- ‌45 - باب في اتِّخاذِ السُّتُورِ

- ‌46 - باب فِي الصَّلِيبِ في الثَّوْبِ

- ‌47 - باب فِي الصُّوَرِ

- ‌كتاب الترجل

- ‌1 - باب النَّهْي عَنْ كَثِيرٍ منَ الإِرْفاهِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في اسْتِحْبابِ الطِّيبِ

- ‌3 - باب فِي إِصْلاحِ الشَّعْرِ

- ‌4 - باب فِي الخِضابِ للنِّساءِ

- ‌5 - باب في صِلَةِ الشَّعْرِ

- ‌6 - باب فِي رَدِّ الطِّيبِ

- ‌7 - باب ما جاءَ في المَرْأَةِ تَتَطيَّبُ لِلْخُرُوجِ

- ‌8 - باب فِي الخَلُوقِ للرِّجالِ

- ‌9 - باب ما جاءَ في الشَّعَرِ

- ‌10 - باب ما جاءَ في الفَرْقِ

- ‌11 - باب فِي تَطْوِيلِ الجُمَّةِ

- ‌12 - باب فِي الرَّجُلِ يَعْقِصُ شَعْرَهُ

- ‌13 - باب فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌14 - باب فِي الذُّؤابَةِ

- ‌15 - باب ما جاءَ في الرُّخْصَةِ

- ‌16 - باب فِي أَخْذِ الشّارِبِ

- ‌17 - باب فِي نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌18 - باب فِي الخِضابِ

- ‌19 - باب ما جاءَ في خِضابِ الصُّفْرَةِ

- ‌20 - باب ما جاءَ في خِضابِ السَّوادِ

- ‌21 - باب ما جاءَ في الانْتِفاع بِالعاجِ

- ‌كتاب الخاتم

- ‌1 - باب ما جاءَ في اتِّخاذِ الخاتَمِ

- ‌2 - باب ما جاءَ في تَرْكِ الخاتَمِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في خاتَمِ الذَّهَبِ

- ‌4 - باب ما جاءَ في خاتَمِ الحَدِيدِ

- ‌5 - باب ما جاءَ في التَّخَتُّمِ في اليَمِينِ أوِ اليَسارِ

- ‌6 - باب ما جاءَ في الجَلاجِلِ

- ‌7 - باب ما جاءَ في رَبْطِ الأَسْنانِ بِالذَّهَبِ

- ‌8 - باب ما جاءَ في الذَّهَبِ لِلنِّساءِ

- ‌كتاب الفتن

- ‌1 - باب ذكْرِ الفِتَنِ وَدَلائِلِها

الفصل: ‌1 - باب النهي عن كثير من الإرفاه

34 -

الترجل

‌1 - باب النَّهْي عَنْ كَثِيرٍ منَ الإِرْفاهِ

4159 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ هِشامِ بْنِ حَسّانَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مغَفَّلٍ قالَ: نَهَى رَسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنِ التَّرَجُّلِ إِلا غِبًّا (1).

4160 -

حَدَّثَنا الحَسَنُ بْن عَلي، حَدَّثَنا يَزِيدُ المازِني، أَخْبَرَنا الجُرَيْري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابنِ بُريدَةَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم رَحَلَ إِلَى فَضالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَقالَ: أَما إِنّي لَمْ آتِكَ زائِرًا وَلَكِنّي سَمِعْتُ أَنا وَأَنْتَ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجَوتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ. قالَ: وَما هُوَ؟ قالَ: كَذا وَكَذا، قالَ: فَما لي أَراكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرٌ الأَرْضِ قالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَنْهانا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الإِرْفاهِ. قالَ: فَما لي لا أَرى عَلَيْكَ حِذاءً قالَ: كانَ النَّبي صلى الله عليه وسلم يأْمُرُنا أَنْ نَحْتَفي أَحْيانًا (2).

(1) رواه الترمذي (1756)، والنسائي 8/ 132، وأحمد 4/ 86، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(501).

(2)

رواه النسائي 8/ 185، وأحمد 6/ 22، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(502).

ص: 475

4161 -

حَدَّثَنا النُّفَيْلي، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبي أُمامَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، عَنْ أَبي أُمامَةَ قالَ: ذَكَرَ أَصْحابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يومًا عِنْدَهُ الدُّنْيا فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلا تَسْمَعُونَ أَلا تَسْمَعُونَ إِنَّ البَذاذَةَ مِنَ الإِيمانِ إِنَّ البَذاذَةَ مِنَ الإِيمانِ". يَعْني التَّقَحُّلَ.

قالَ أَبُو داوُدَ: هُوَ أَبُو أُمامَةَ بْنُ ثَعْلَبَةَ الأَنْصاري (1).

* * *

بسم الله الرحمن الرحيم

أول كتاب الترجل

[4159]

(حدثنا مسدد، ثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن هشام (2) بن حسَّان) الأزدي مولاهم الحافظ (عن الحسن) البصري (عن عبد اللَّه بن مغفل) بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء، المزني، له ولأبيه صحبة، وعبد اللَّه شهد الحديبية (3) (قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الترجل) وترجيل الشعر مَشْطُهُ وتسريحه.

وفيه النهي عن تسريح الشعر ودهنه كل وقت؛ لما يحصل منه من الفساد، وفيه تنظيف الشعر من القمل والدرن وغيره كل يوم لإزالة التفث؛ ولما روى الترمذي عن أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يكثر دهن

(1) رواه ابن ماجه (4118)، والحاكم 1/ 9، والبيهقي في "الشعب"(6470)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(341).

(2)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

(3)

انظر ترجمتهما في "أسد الغابة" 3/ 409، 5/ 255، و"الإصابة" 4/ 242، 6/ 194.

ص: 476

رأسه وتسريح لحيته. ذكره في "الشمائل"(1).

(إلا غبًّا) وأصل الغب في أوراد الإبل أن ترد الماء يومًا وتدعه يومًا ثم تعود، فنقله إلى الترجل وإلى الزيارة في قوله:"زر غبًّا تزدد حبًّا" وهو أن يجيء بعد أيام، [يقال: غب الرجل: إذا جاء زائرًا بعد أيام] (2). قال الحسن: في كل أسبوع (3).

ومنه الحديث: "أغبوا في عيادة المريض"(4) لا تعودوه في كل يوم؛ لما يجد من ثقل العواد.

وفسر الإمام أحمد الغب بأن يسرحه يومًا ويدعه يومًا (5)، وتبعه غيره، وقيل: المراد به في وقت دون وقت.

[4160]

(حدثنا الحسن بن علي) الهذلي الحلواني، شيخ الشيخين (ثنا يزيد) بن هارون السلمي (أبنا) سعيد بن إياس (الجريري) بضم الجيم (عن عبد اللَّه بن بريدة) قاضي مرو، وعالمها، التابعي (أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى فضالة بن عبيد) بن نافذ بن قيس

(1)"الشمائل"(33)، وضعفه الألباني في "مختصر الشمائل"(26).

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(3)

انظر "النهاية" لابن الأثير 3/ 629، ولم أجده مسندًا عن الحسن.

(4)

أخرجه ابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات"(212)، ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" 6/ 542، وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 334 كلهم بلفظ:"أغبوا في العيادة".

والحديث ضعفه العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 1/ 518 - 519، والألباني في "الضعيفة"(1644).

(5)

انظر: "كتاب الترجل" للخلال ص 10.

ص: 477

الأنصاري، شهد الخندق (1) وما بعدها، ثم انتقل إلى الشام، فسكن دمشق (2)، وبنى بها دارًا، وكان قاضيها لمعاوية، وقبره بها معروف، وكان معاوية استقضاه في خروجه إلى صفين، وذلك أن أبا الدرداء لما حضرته الوفاة قال له معاوية: من ترى لهذا الأمر؟ فقال فضالة (3). (وهو بمصر فقدم عليه، فقال: أما إني: لم آتك زائرًا، ولكني سمعت أنا وأنت حديثًا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) و (رجوت أن يكون عندك منه علم) فيه: الرحلة في طلب العلم وتحقيق ما أشكل من سماعه ممن عنده منه علم، وفي معناه الرحلة لقراءة الحديث على المشايخ وتصحيحه عليهم وضبطه منهم إذا وجدوا، وهذا من إحياء السنة النبوية، "ومن أحيا سُنة قد أميتت فله من الأجر مثل أجور من عمل بها". رواه الترمذي وابن ماجه (4).

(قال: وما هو؟ ) الحديث (قال: كذا وكذا قال) الرجل للصحابي (فما لي أراك شعِثا) بكسر العين أي: متفرق الشعر، ومنه حديث عمر أنه كان يغتسل وهو محرم وقال: إن الماء لا يزيده إلا شعثا (5). أي: تفرقًا، فلا

(1) كذا قال، والصواب: شهد أحدًا وما بعدها: انظر ترجمته في "أسد الغابة" 4/ 363، "الإصابة" 8/ 548.

(2)

في جميع النسخ: دمشقًا. والصواب ما أثبتناه.

(3)

انظر: "الاستيعاب" 3/ 327.

(4)

"سنن الترمذي"(2677)، "سنن ابن ماجه"(209، 210).

(5)

رواه مالك في "الموطأ" 1/ 323، ومسدد كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري، وقال: رجاله ثقات.

وصححه الألباني في "الإرواء"(1020).

ص: 478

يكون ملبدًا. وفي حديث الدعاء: "أسألك رحمة تلم بها شعثي"(1). أي: تجمع بها ما تفرق من أمري.

وفيه دليل على أن اتخاذ الشعر للرجل أفضل من حلقه. وسئل أبو عبد اللَّه عن الرجل يتخذ الشعر، فقال: سنة حسنة، لو أمكننا اتخذناه (2).

(وأنت أمير الأرض) وكان معاوية اتخذه أميرًا على الغزو.

(قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه) بكسر الهمزة، وسكون الراء، [وتخفيف الفاء](3) وبعد الألف المقصورة هاء، وهذا هو المشهور، وفي بعض النسخ المعتمدة: الإرفة. بكسر الهمزة وضمها، وسكون الراء، وتخفيف الفاء أيضًا، لكن بحذف الألف اختصارًا، والإرفاه: التدهن والتنعم، وقيل: التوسع في المطعم والمشرب والملبس والادهان دائمًا، وهو من الرفه، وهو ورد الإبل، وذلك أن ترد الماء متى شاءت في أي وقت أرادت، والمراد بالحديث: ترك التنعم والدعة ولين العيش والترفه في معيشته؛ لأنه من زي الأعاجم والمترفين في الدنيا.

(قال) الرجل (فما لي لا أرى عليك حِذاءً) بكسر الحاء المهملة،

(1) رواه الترمذي (3419)، وابن قتيبة في "غريب الحديث"(ص 316)، وابن أبي الدنيا في (التهجد وقيام الليل)(46)، وابن خزيمة 2/ 165 (1119)، والطبراني في "الكبير" 10/ 283 (10668)، وفي "الأوسط" 4/ 15 (3696)، وفي "الدعاء"(482)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 209 من حديث ابن عباس مرفوعًا، وضعفه الألباني في "الضعيفة"(2916).

(2)

انظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 13/ 338 تصنيفنا (دار الفلاح).

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ل).

ص: 479

وتخفيف الذال المعجمة، مع المد، وهي النعل التي تلبس في الرجل.

(قال) فضالة (كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نحتفي) أي: يمشي أحدنا حافي الرجلين غير منتعلهما (أحيانًا) وهذا من تسهيلات المبعوث بالحنيفية السمحة بالمشي حافيًا في الطرقات، ثم يصلي ولا يغسل رجليه، فقد قال أبو الشعثاء: كان ابن عمر يمشي (1) بمنًى في الفروث والدماء اليابسة حافيًا، ثم يدخل المسجد فيصلي ولا يغسل قدميه، وقد كان الناس في عصر الصحابة ومن بعدهم من التابعين وبعدهم يأتون المساجد حفاة في الطين.

قال يحيى بن وثاب: قلت لابن عباس: الرجل يتوضأ يخرج إلى المسجد حافيًا؟ قال: لا بأس (2).

وقال إبراهيم النخعي: كانوا يخوضون الماء والطين إلى المسجد يصلون (3). روى هذِه الروايات سعيد بن منصور في "سننه".

قال ابن المنذر: وطئ ابن عمر بمنًى وهو حاف في ماءٍ وطينٍ، ثم صلى ولم يتوضأ. قال: وممن رأى ذلك: علقمة، وعبد اللَّه بن مغفل، وسعيد بن المسيب، والشعبي (4)، وأبو حنيفة (5)، ومالك (6)،

(1) ساقطة من (م).

(2)

رواه البيهقي في "الكبرى" 2/ 434.

(3)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 1/ 222.

(4)

انظر بعض هذِه الآثار في "مصنف عبد الرزاق" 1/ 28 (83) وما بعدها.

(5)

"الأصل" لمحمد بن الحسن 1/ 67.

(6)

"المدونة" 1/ 127.

ص: 480

وأحمد (1)، وأحد الوجهين للشافعية (2). قال: وهو قول عامة أهل العلم (3).

ولأن تنجيسها فيه مشقة عظيمة منتفية بالشرع كما في أطعمة الكفار وثيابهم وثياب الفساق شربة الخمر وغيرهم، وترى كثيرًا من الموسوسين لا يطيب قلبه بالمشي حافيًا في دار ولا سوق ولا في ساحة مسجد يدخل فيه (4) بالنعال الجامدة، وهي سنة ثابتة كما في هذا الحديث وغيره بالأمر بالاحتفاء، ولم يقيده بما إذا كانت الأرض [متيقنة الطهارة](5) ولا بغيرها، وهذا من وساوس اللعين، وتنطع الهالكين.

[4161]

(حدثنا) عبد اللَّه بن محمد (النفيلي، ثنا محمد بن سلمة)(6) الباهلي، أخرج له مسلم في "صحيحه"(عن محمد بن إسحاق) صاحب "المغازي"(عن عبد اللَّه بن أبي أمامة) الأنصاري، ذكره ابن حبان في "الثقات"(7)(عن عبد اللَّه بن كعب بن مالك) السلمي، أخرج له الشيخان (عن أبي أمامة) إياس بن ثعلبة الأنصاري.

(قال: ذكر أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا عنده) زينة (الدنيا) والترفع فيها بالملبس وغيره (فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا) بالتخفيف (تسمعون،

(1) انظر: "المغني" 2/ 501.

(2)

انظر: "المجموع" 2/ 569.

(3)

"الأوسط" 2/ 296، 297.

(4)

ساقطة من (ل)، (م).

(5)

في (ل)، (م): طاهرة، والمثبت من (ح).

(6)

في (ل)، (م): سليمان.

(7)

"الثقات" 7/ 18.

ص: 481

ألا تسمعون؟ ! ) في هذا الكلام أنواع من التأكيدات أحدها: أنه أتى بـ (ألا) الدالة على العرض والتحضيض على الاستماع، كقوله تعالى:{أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} ، والثاني: التأكيد بتكرير الكلمة. والثالث: التصريح بالإصغاء بالإسماع سماع فهم وانتفاع، مع أنه صلى الله عليه وسلم عالم بأنهم يسمعون لما يقوله، ويبادرون إلى امتثاله، لكن ليكون أبلغ في الموعظة، والرابع: الإتيان بلفظ (إنَّ) التي للتأكيد، وهي عوض عن إعادة الكلام مرتين.

(البذاذة) بفتح الباء (1) الموحَّدة، والذالين المعجمتين المخففتين، وهي رثاثة الهيئة والتواضع في اللباس، [يقال: فلان بَذُّ الهيئة، وباذ الهيئة. أي: رث اللبسة، أراد التواضع في] (2) اللباس وترك التبجح به، قال هارون الرشيد: سألت معنًا عن البذاذة، فقال: هو الدون من اللباس.

وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم (من) كمال (الإيمان) الراسخ في القلب؛ ولهذا قال زيد بن وهب: رأيت عمر بن الخطاب خرج إلى السوق وبيده الدرة، وعليه إزار فيه أربع عشرة (3) رقعة، بعضها من أدم (4)، يعني: من جلد. وعوتب علي رضي الله عنه في إزار مرقوع، فقال: يقتدي به المؤمن، ويخشع له

(1) ساقطة من (ح).

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(3)

في جميع النسخ: أربعة عشر. والجادة ما أثبتناه.

(4)

رواه ابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير" 3/ 178 (1363)، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(382)، وفي "التواضع والخمول"(130)، والبيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى"(552).

ص: 482

القلب (1). وقال عيسى عليه السلام: جودة الثياب خيلاء القلب (2). وقال طاوس: إني لأغسل ثوبي هذين، فأنكر قلبي ما داما نقيين (3).

وإنما كان البذاذة من الإيمان؛ لأنه يؤدي إلى كسر النفس والتواضع، ولكن ليس ذلك عند كل أحد؛ بل يورث عند بعض الناس كما أن الثياب النفيسة توجب الكبر عند بعض الناس، وعلى هذا فالمحبوب الوسط من اللباس. ولهذا جاء في رواية النسائي وابن ماجه عن عمرو بن شعيب (4):"كلوا واشربوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة"(5) وتقدم رواية الترمذي: "إن اللَّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"(6)، (إن البذاذة من الإيمان) وفي بعض النسخ تكرار ذلك ثلاث مرات.

والتَّفَحُل، بالفاء والحاء المهملة، هو: التبذل دون تزين، ومنه حديث عمر لما قدم الشَّام. تفحل له أمراء الشَّام. مأخوذ من الفحل ضد الأنثى؛ لأن التزين للإناث.

(قال) المصنف: البذاذة (يعني: التَّقَحُّل) بفتح التاء والقاف والحاء المهملة المشددة، وهو: يبس الجلد لسوء الحال، وقد قحل الرجل

(1) رواه الإمام أحمد في "فضائل الصحابة"(923) وهناد في "الزهد"(705)، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال"(394)، وفي "التواضع والخمول"(133).

(2)

رواه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول"(145).

(3)

رواه ابن أبي الدنيا في "التواضع والخمول"(146).

(4)

أي عن أبيه عن جده وهو عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.

(5)

"سنن النسائي"(2559)، "سنن ابن ماجه"(3605).

(6)

"سنن الترمذي"(2819) وقال: حديث حسن.

ص: 483

قحلًا إذا التزق جلده بعظمه من الهزال. وفي حديث الاستسقاء: قحل -هو بالقاف- (1) الناس على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، أي: يبسوا من شدة القحط (2). وفي الحديث: "لأن يعصب أحدكم -الذكر- بقِدٍّ حتى يَقْحَل خير من أن يسأل الناس في نكاح"(3)، يعني: حتى ييبس الذكر.

و(قال) المصنف: الراوي (هو أبو أمامة) إياس (بن ثعلبة الأنصاري) كما تقدم.

* * *

(1) في الأصول: بالفاء.

(2)

انظر: "النهاية" لابن الأثير 4/ 18.

(3)

رواه ابن أبي خيثمة في "التاريخ الكبير" 1/ 514 (2101) والخطابي في "غريب الحديث" 2/ 175.

ص: 484