الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب فِي أَخْذِ الشّارِبِ
4198 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبي صلى الله عليه وسلم:"الفِطْرَةُ خَمْسٌ أَوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ الخِتانُ والاسْتِحْدادُ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَتَقْلِيمُ الأَظْفارِ وَقَصُّ الشّارِبِ"(1).
4199 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبي، عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ نافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِإِحْفاءِ الشَّوارِبِ وَاعْفاءِ اللِّحَى (2).
4200 -
حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا صَدَقَةُ الدَّقِيقي، حَدَّثَنا أَبُو عِمْرانَ الجَوْني، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: وَقَّتَ لَنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَلْقَ العانَةِ وَتَقْلِيمَ الأَظْفارِ وَقَصَّ الشّارِبِ وَنَتْفَ الإِبْطِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا مَرَّةً. قالَ أَبُو داوُدَ: رَواهُ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنْ أَبي عِمْرانَ، عَنْ أَنَسٍ لَمْ يَذْكُرِ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ وُقِّتَ لَنا وهذا أَصَحُّ (3).
4201 -
حَدَّثَنا ابن نُفَيْلٍ، حَدَّثَنا زُهَيْرٌ قَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ المَلِكِ بْنِ أَبي سُلَيْمانَ وَقَرَأَهُ عَبْدُ المَلِكِ عَلَى أَبي الزُّبَيْرِ وَرَواهُ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: كُنّا نُعْفي السِّبالَ إِلا في حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ. قالَ أَبُو داوُدَ: الاسْتِحْدادُ حَلْقُ العانَةِ (4).
* * *
باب في أخذ الشارب
[4198]
(حدثنا مسدد، ثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد) بن
(1) رواه البخاري (5889)، ومسلم (257).
(2)
رواه البخاري (5892)، ومسلم (259).
(3)
رواه مسلم (258).
(4)
رواه ابن عدي في "الكامل" 6/ 526، والبيهقي 5/ 33، والخطيب في "الكفاية"(ص 265)، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود".
المسيب (عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) هكذا حكمه حكم المرفوع (1)، ولفظ البخاري: عن أبي هريرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (2): (الفطرة) يعني: من الفطرة بدليل ما بعده (خمس، أو خمس من الفطرة) قال الشيخ أبو إسحاق والماوردي: هي الدين (3). قال أكثر العلماء: هي السنة بدليل رواية البخاري: "من السنة قص الشارب"(4). وأصح ما فسر به غريب الحديث ما جاء في رواية الصحيحين أو غيرهما.
(الختان) وهو واجب على الرجال والنساء، هذا هو الصحيح في المذهب (5)، وقال مالك (6) وأبو حنيفة (7): سنة، وذكر الختان الواجب
(1) قال ابن الصلاح في "مقدمته" ص 50: من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في أسانيدها عند ذكر الصحابي: يرفعُ الحديثَ، أو يبُلغُ به، أو يُنْمِيه، أو روايةً. اهـ.
(2)
"صحيح البخاري"(5891).
(3)
"الحاوي الكبير" 13/ 432، وانظر:"شرح السيوطي على سنن النسائي" 1/ 14، فقد عزا هذا القول لأبي إسحاق الشيرازي في "الخلاف"، ولعله يقصد كتابه "النكت في الخلافيات".
(4)
لم أقف عليه عند البخاري بلفظ "السنة"، وإنما وقفت عليه بلفظ:"الفطرة"، رواه البخاري (5888) من حديث ابن عمر مرفوعًا، ووقفت على هذا اللفظ "من السنة" - عند البيهقي في "سننه" 1/ 149 من حديث ابن عمر مرفوعًا أيضًا. وانظر:"فتح الباري" 10/ 339.
(5)
انظر: "نهاية المطلب" 17/ 354، "المجموع" 1/ 348، ومذهب الحنابلة أنه واجب على الرجال ومكرمة في حق النساء. انظر:"المغني" 1/ 115.
(6)
انظر: "الرسالة" لابن أبي زيد القيرواني ص 156، "التمهيد" 21/ 59.
(7)
انظر: "المبسوط" 10/ 156، "تحفة الملوك" ص 240، "العناية شرح الهداية" 1/ 57، 7/ 421.
مع كون الباقي سنة غير ممتنع، وهو كقوله تعالى:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ} (1) فإن: الأكل مباح والإتيان واجب، والواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة بحيث تنكشف الحشفة كلها، فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانيًا، صرح به إمام الحرمين (2) وغيره. والواجب في المرأة قطع ما ينطلق عليه الاسم من الجلدة التي كعرف الديك فوق مخرج البول اتفق عليه أصحابنا، قالوا: ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير، ولا يبالغ في القطع (3).
(والاستحداد) هو استعمال الحديدة، وصار كناية عن حلق العانة، وهو متَّفقٌ على أنه سنة (4)، وهل يجب على المرأة إذا أمرها زوجها؟ فيه قولان، أصحهما الوجوب (5). والسنة فيه استعماله بالحديد كما تقدم، فلو نتفها أو قصها أو أزالها بالنورة جاز وكان تاركًا للأفضل، وهو الحلق.
(ونتف الإبط) اتفق على أنه سنة بالنتف (6)(7) كما صرح به في
(1) سورة الأنعام: 141.
(2)
"نهاية المطلب" 17/ 354.
(3)
انظر: "الحاوي الكبير" 12/ 293، "المجموع" 1/ 349، 2/ 148، 149.
(4)
انظر: "معالم السنن" 2/ 240، "شرح النووي على مسلم" 3/ 148، "فتح الباري" 10/ 343.
(5)
انظر: "الأم" 6/ 20.
(6)
ساقطة من (ل)، (م).
(7)
انظر تخريجات المواضع السابقة.
الحديث، فلو حلقه جاز.
وحكي عن يونس بن عبد الأعلى قال: دخلت على الشافعي وعنده الذي يحلق إبطه، فقال الشافعي: قد علمت أن السنة النتف، ولكن لا أقوى على الوجع (1).
(وتقليم الأظفار) مجمع على أنه سنة، سواء فيه الرجل والمرأة، واليدان والرجلان، ويستحب أن يبدأ باليد اليمنى قبل اليسرى، فيبدأ بمسبحة اليمنى، ثم الوسطى، ثم البنصر، ثم الخنصر، ثم الإبهام، ثم خنصر اليد اليسرى، ثم بنصرها إلى آخره، ثم خنصر الرجل اليمنى إلى أن يختم بخنصر اليسرى. كذا جزم به النووي في "شرح مسلم"(2).
وقال العراقي في "شرح المهذب": إنه الأحسن، وإنه في رواية، وإن لم تصح فالمعنى يساعدها؛ لأن التيمن سنة، والمسبحة لأنها أشرف الأصابع؛ لكونها يشار بها إلى التوحيد، ثم الذي يليها هو الأيمن فالأيمن. قال: وأما الرجل فلا نقل فيها، فنزل على ما هو المستحب في تخليلها في الوضوء.
وفي "المغني" للموفق الحنبلي حديث: "من قص أظفاره مخالفًا لم ير في عينيه رمدًا"(3) وفسره ابن بطة بأن يبدأ بخنصر اليمنى، ثم
(1) انظر: "آداب الشافعي ومناقبه" لابن أبي حاتم 1/ 210.
(2)
3/ 149.
(3)
ذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة"(1163) وقال: هو في كلام غير واحد من الأئمة منهم ابن قدامة في "المغني" والشيخ عبد القادر في "الغنية"، ولم أجده، لكن الحافظ الشرف الدمياطي يأثر ذلك عن بعض مشايخه، ونص الإمام أحمد على استحبابه وقال الملا علي القاري في "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" =
الوسطى، ثم الإبهام، ثم البنصر، ثم المسبحة، ثم بإبهام اليسرى، ثم وسطاها، ثم خنصرها، ثم السبابة، ثم البنصر (1).
قال ابن الرفعة: وهذِه الكيفية هي الأولى. وعن الحافظ شرف الدين الدمياطي أنه كان يفعلها في اليدين والرجلين وقال (2) إن هذا أمان من الرمد قال: فعلته من خمسين سنة فلم أرمد، وكان يفعله يوم الخميس، وتمسك له بسند ضعيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"يا علي، قص الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة يوم الخميس والغسل والطيب يوم الجمعة"(3).
وفي "زيادات العبادي": كان سفيان الثوري يقلم أظفاره يوم الخميس فقيل له: غدًا يوم الجمعة فقال: إن السنة لا تؤخر (4).
قال: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد أن يأتيه الغني فليقلم أظفاره يوم الخميس"(5) وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قلم أظفاره يوم السبت،
= ص 475 بعد أن ذكر هذا الحديث: من أقبح الموضوعات.
(1)
"المغني" 1/ 118 - 119.
(2)
كلمة غير واضحة في الأصول، ولعل المثبت موافق للسياق.
(3)
رواه الديلمي في "الفردوس" 5/ 333 (8350)، والتيمي في "مسلسلاته" كما في "كنز العمال" 6/ 681 (17384) من حديث علي وضعفه الألباني في "الضعيفة"(3239)، قال: منكر.
(4)
رواه ابن المقرئ في "معجمه"(695).
(5)
ذكره الملا القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" 7/ 2815 وعزا روايته للنووي والعبادي، وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 346: ولم يثبت أيضًا في استحباب قص الظفر يوم الخميس حديث.
وذلك في حجة الوداع؛ لأن عرفة كان يوم الجمعة، ويوم الجمعة الذي تحلل فيه بالحلق والتقليم كان يوم السبت، وهو من حديث عبد اللَّه بن زيد بن عبد ربه.
(وقص الشارب) أي: قص ما نبت على الشفة العليا وقبل الإطار الذي يباشر به الشرب، وهو بكسر الهمزة وتخفيف الطاء المهملة، وإطار كل شيء ما أحاط به.
والمختار في قصه أن يكون بحيث يبدو طرف الشفة ولا يحفه من أصله، فقد قال مالك وجماعة: إن استئصاله مثلة (1). وسيأتي له تتمة.
[4199]
(حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن أبي بكر) ذكره ابن عبد البر فيمن لم يذكر له سوى كنيته (2)(بن نافع عن أبيه) نافع مولى عبد اللَّه بن عمر.
(عن عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر بإحفاء) بالحاء المهملة والفاء (الشوارب)(3) تقدم عن مالك أن استئصاله مثلة، وخالف الكوفيون استدلالا برواية "الصحيح":"انهكوا الشوارب"(4).
ولفظ مسلم: "أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى"(5) وأول على أن المراد إحفاء ما طال عن الشفتين؛ لأن المعنى في قص الشارب
(1) انظر: "التمهيد" 24/ 143.
(2)
"التمهيد" 24/ 141.
(3)
بعدها في (ل)، (م): نسخة: الشارب.
(4)
"صحيح البخاري"(5893).
(5)
"صحيح مسلم"(259).
موجود بلا إنهاك، والحكمة في الإحفاء مخالفة الأعاجم؛ لرواية مسلم:"خالفوا المشركين؛ أحفوا الشَّوارب وأعفوا اللحى"(1).
وقيل: المراد بالإحفاء مخالطة الشعر المأكل والمشرب مما يؤدي إلى الاستقذار.
قال الطحاوي: لم نجد عن الشافعي في هذا شيئًا منصوصًا، وأصحابه الذين رأيناهم المزني والربيع كانا يحفيان شواربهما وذلك يدل على أنهما أخذا ذلك عن الشافعي (2). وقد ذكر ابن خويز منداد من المالكية موافقة الشافعي للكوفيين وقال الأثرم: رأيت أحمد بن حنبل يحفي شاربه شديدًا، وسمعته يقول -وقد سئل عن الإحفاء-: إنه السنة. وجمع بعضهم بين الأحاديث فقال: يقص الشارب ويحفى الإطار (3).
وقال القاضي عياض: الحف من الأضداد، ويطلق على التوفير وعلى الحلق (4).
(وإعفاء اللحية) أي: توفيرها بعدم الأخذ منها، وكان من عادة الفرس قص اللحية، فنهى الشارع عن ذلك.
قال الغزالي: اختلف السلف فيما زاد من اللحية فقيل: لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة كان ابن عمر يفعله، ثم جماعة من
(1)"صحيح مسلم" 259/ 54.
(2)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 4/ 382.
(3)
انظر: "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 13/ 382.
(4)
"إكمال المعلم" 2/ 63.
التابعين، واستحسنه الشعبي وابن سيرين والحسن وقتادة قالوا: يتركها عافية؛ لقوله: "وأعفوا (1) اللحى". قال الغزالي: والأمر في هذا قريب؛ لأن الطول المفرط قد يشوه الخلقة (2).
قال النووي: والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقًا، ويتركها على حالها كيف كانت؛ لحديث:"أعفوا اللحى" وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. فرواه الترمذي (3) بإسناد ضعيف لا يحتج به، وأما الأخذ من الحاجبين إذا طالا فكان أحمد بن حنبل يفعله، وحكي أيضًا عن الحسن البصري، وقال أحمد: لا بأس بحلق ما تحت الحلق من اللحية (4).
[4200]
(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الأزدي.
(ثنا صدقة) بن موسى السلمي البصري (الدقيقي) بفتح الدال وكسر القافين نسبة إلى الدقيق وبيعه وطحنه، قال في "التهذيب": قال مسلم بن إبراهيم: حدثنا صدقة الدقيقي وكان صدوقًا (5). وروي له البخاري في "الأدب"، وله في الكتب الستة هذا الحديث، وحديث:"خصلتان [لا يجتمعان] (6) في جوف مسلم البخل وسوء الخلق" رواه البخاري
(1) في (ل): واتركوا.
(2)
"إحياء علوم الدين" 1/ 192.
(3)
"سنن الترمذي"(2762).
(4)
"المجموع" 1/ 343.
(5)
"تهذيب الكمال" 13/ 150 (2870).
(6)
في جميع النسخ: تدخل، والمثبت من "الأدب المفرد".
في "الأدب"(1)، وحديث:"لا يدخل الجنة خبٌّ ولا بخيل ولا منان ولا سيِّئ الملكة، وأول من يدخل الجنة المملوك إذا أطاع اللَّه وأطاع سيده" رواه الترمذي (2)، وله عن أنس: سئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أي الصيام أفضل؟ قال: "صيام شعبان تعظيمًا لرمضان"(3) هذا جميع ما له.
(حدثنا أبو عمران)(4) عبد الملك بن حبيب (الجوني) بفتح الجيم (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقت لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم) وفي هذِه الرِّواية بيان المرفوع في رواية مسلم: وقت لنا في قص الشارب (5). والتوقيت
(1)"الأدب المفرد"(282)، ورواه أيضًا الترمذي (1962) كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا.
(2)
"سنن الترمذي"(1963)، ورواه أحمد 1/ 7، والطيالسي 1/ 10 (8)، وأبو يعلى 1/ 94، 95 (93، 95) جميعهم من طريق صدقة بن موسى عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر رضي الله عنه. (مختصرًا وبعضهم مطولًا).
- قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع"(6339)، والشيخ شعيب في "تحقيق المسند" 1/ 209.
(3)
رواه ابن أبي شيبة 2/ 346 (9763)، والبزار 13/ 301 (6890)، وأبو يعلى 6/ 154 (3421)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 83، والبيهقي 4/ 305 - 306.
قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 65، 66 بعد أن أخرج هذا الحديث من طريق أبي يعلى الموصلي: وهذا حديث لا يصح، قال يحيى بن معين: صدقة بن موسى ليس بشيء، وقال ابن حبان: لم يكن الحديث من صناعته فكان إذا روى قلب الأخبار فخرج عن حد الاحتجاج به.
(4)
فوقها في (ل)، (ح):(ع).
(5)
"صحيح مسلم"(258).
والتأقيت أن يجعل للشيء وقت يختص به، وهو بيان مقدار المدة كما سيأتي في (حلق العانة) وفي معناه الإزالة بالنتف والنورة وغيرهما، إلا أنه بالحديد للرجل أفضل بخلاف المرأة، فالسنة في حقها النتف، واستشكله الفاكهي بأن فيه ضررًا على الزوج باسترخاء المحل باتفاق الأطباء.
وفي "الصحيح": "إذا دخلت ليلًا فلا تدخل على أهلك حتى تستحد المغيبة"(1) والاستحداد: استعمال الحديد وهو الموسى، والمراد بالعانة ما فوق الفرج وحواليه من الرجل والمرأة، وفي معنى ذلك كما قال ابن سريج: ما حول حلقة الدبر (2). وأغرب من قال: لا يجوز حلق ما حول الدبر. حكاه الفاكهي (3).
(وتقليم الأظفار) وهو قطع ما طال منها عن اللحم، قال الجوهري: قَلَمت ظفري بالتخفيف، وقلَّمت أظفاري أي: بالتشديد للتكثير والمبالغة (4)، وفي مسلم من حديث عائشة:"وقص الأظفار (5) "، وهو تفسير للتقليم، وفي معنى ذلك الإزالة بكل شيء من الآلات من مقص وسكين ونحوهما، نعم يكره بالأسنان، وقص الشارب يعني: بالمقص، ويوضحه:"أحفوا الشوارب"(6) بألف القطع رباعيا، وهو
(1)"صحيح البخاري"(5246)، "صحيح مسلم"(715) من حديث جابر مرفوعًا.
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 3/ 148.
(3)
في "شرح العمدة" كما قال ابن حجر في "الفتح" 10/ 343.
(4)
"الصحاح" 5/ 2014.
(5)
"صحيح مسلم"(261).
(6)
رواه مسلم (259) من حديث ابن عمر مرفوعًا.
المبالغة في استقصاء الأخذ، ومنه: الإحفاء في المسألة إذا أكثر منها.
(ونتف الإبط) وفي معناه الحلق لحصول النظافة به في كل أربعين يومًا مرة. لفظ مسلم: ألا نترك أكثر من أربعين ليلة (1). وهذا تحديد لأكثر المدة، ويستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة، وإلا فلا تحديد فيه للعلماء إلا بهذا الحديث، بل كلما كثر أزاله، ويختلف ذلك باختلاف الناس.
(قال) المصنف (رواه جعفر بن سليمان) الضبعي، أخرج له مسلم هذا الحديث (2)، ويكفي احتجاج مسلم مع من تابعه عليه (عن أبي عمران) الجوني (عن أنس) بن مالك (لم يذكر النبي) بالنصب (صلى الله عليه وسلم) كما تقدم لمسلم (3)، بل (قال: وُقّت) بضم الواو وتشديد القاف المكسورة مبني للمفعول (لنا) في قص الشارب.
[4201]
(حدثنا) عبد اللَّه (ابن نفيل، ثنا زهير، قال: قرأت على عبد الملك بن أبي سليمان) الفزاري الكوفي، واسم أبي سليمان ميسرة عم محمد بن عبيد اللَّه مولى فزارة، أخرج له مسلم في مواضع.
(وقرأه عبد الملك) بن أبي سليمان (على أبي الزبير) محمد بن مسلم المكي (ورواه أبو الزبير، عن جابر) بن عبد اللَّه رضي الله عنهما.
(قال: كنا نُعْفِي) بضم النون، وسكون العين، أي: نوفر ونترك (السبال) بكسر السين وتخفيف الموحدة، أي: ندعهما على ما خلقهما
(1)"صحيح مسلم"(258).
(2)
السابق.
(3)
"صحيح مسلم"(258).
اللَّه تعالى عليه من طول وقصر؛ لكونهما متصلين باللحية فأعطيا حكمها، والظاهر أن السبال جمع سبَلة، وهي: طرف الشارب. كرقاب جمع رقبة، وهذا من الجمع المراد به التثنية، لأن من المعلوم أن الإنسان ليس له إلا سبالان، فهو كقوله تعالى:{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (1) لأن الحكمة في قص الشارب لمخالطة المأكل والمشرب، وهذان لا يخالطان المأكل والمشرب، فكانا كاللحية لا يزاد منها ولا ينقص.
قال ابن الأثير: وفي الحديث أنه كان وافر السَّبَلة بالتحريك، يعني: الشارب، والجمع السبال، قاله الجوهري (2). وقال الهروي: هي الشعرات التي تحت الحنك الأسفل، والسبلة عند العرب: مقدم اللحية، وما أسبل منها على الصدر (3). قال: حديث أبي هريرة: "من جر سبَله من الخيلاء لم ينظر اللَّه إليه يوم القيامة" والسبَل بالتحريك الثياب المسبلة (4).
قال الغزالي في "الإحياء": ولا بأس بترك سباليه -يعني: على ما خلقهما اللَّه تعالى- وهما طرفا الشارب (5).
(إلا في حج أو عمرة) يعني: كنا نوفر السبلتين إلا إذا كنا في حج أو
(1) سورة التحريم: 4.
(2)
في "الصحاح" 5/ 1724.
(3)
"تهذيب اللغة" 12/ 437 - 438، "الغريبين" 3/ 863. "النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 339.
(4)
السابق.
(5)
1/ 189.
عمرة، فكنا نأخذ منهما، وكان ابن عمر إذا قصر من لحيته في حج أو عمرة يقبض على لحيته ويأخذ من طرفها ما خرج عن القبضة (1)، وابن عمر روى:"أعفوا اللحى"(2). وفهم من معناه ما يأخذ من لحيته، وإذا كان هذا في اللحية فالسبال أولى بالأخذ؛ لكونه متصلًا بالشارب. وقيل في قوله تعالى:{لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} (3) قال محمد بن كعب: هو رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وحلق الرأس، والأخذ من الشارب واللحية والأظفار (4).
* * *
(1) رواه البخاري (5892) من حديث ابن عمر.
(2)
رواه البخاري (5893)، ومسلم (259) من حديث ابن عمر مرفوعًا.
(3)
سورة الحج: 29.
(4)
رواه الطبري في "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" 17/ 149.